إيطاليا …. كيفية مواجهة الجماعات المتطرفة على اراضيها؟
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات – وحدة الدراسات والتقارير “2”
بعد أن أقفلت إيطاليا ومالطا موانئهما بوجهها، قررت اسبانيا استقبال سفينة مهاجرين تقل 629 مهاجرا تم إنقاذهم قبالة السواحل الليبية، الأمر الذي وصفه ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء الإيطالي على تويتر بـ “النصر!”. وبعد إعلان الحكومة الإسبانية قرارها كتب وزير الداخلية الايطالي وزعيم حزب الرابطة (يمين متطرف) ماتيو سالفيني يوم 11 يونيو 2018 على تويتر “انتصار”. وتابع سالفيني “أنها المرة الأولى التي ترسو فيها سفينة أنقذت مهاجرين قبالة ليبيا في مرفأ غير إيطالي، انه مؤشر على أن شيئا بدأ يتغير”.
تبذل إيطاليا جهودا متنوعة لمكافحة الإرهاب ، خاصة في ظل تزايد التهديدات الإرهابية التي تجتاح القارة الأوروبية في الآونة الأخيرة ، وتتعدد وسائل إيطاليا لمكافحة الإرهاب ما بين الجانب الأمني والثقافي بل ومساعدة دول اخري في هذا الإطار، بالإضافة لمواجهة الإرهاب والتصدي له في منابعه.
يكشف تقرير فرانس 24 ،في فبراير 2017، أن ممثلين عن نحو سبعين في المئة من مسلمي إيطاليا وقعوا مع وزير الداخلية الإيطالي ميثاقا يتعهدون فيه خصوصا بـ”رفض أي شكل من أشكال العنف والإرهاب” وإلقاء الخطب في المساجد بالإيطالية.ويقول وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي “إنها وثيقة بالغة الأهمية تشمل حاضر ومستقبل بلادنا عبر الحوار بين الأديان، انطلاقا من مسلمة بديهية: يمكن أن ننتمي إلى ديانات مختلفة لكننا جميعا إيطاليون”.
من جهتها، تصف إحدى المنظمات الموقعة للميثاق النص بأنه “مرحلة تاريخية”، ويوضح وزير الداخلية الإيطالي أن “أحد البنود الأساسية هو التزام جميع الموقعين رفض أي شكل من أشكال العنف والإرهاب”، معتبرا أن الاتفاق سيتيح “تطوير وبناء عمليات اندماج” ، كذلك، يلتزم المسلمون الموقعون أن تلقى خطبة الجمعة في كل المساجد بالإيطالية أو أن تترجم إليها، ولفت وزير الداخلية إثر حفل التوقيع إلى أن الميثاق وقعته “جمعيات تمثل على الأقل سبعين في المئة من المسلمين الإيطاليين”، وتفيد التقديرات أن إيطاليا تضم ما بين مليون ومليوني مسلم، معظمهم مهاجرون.
ويعتقد مسئولون في الداخلية الايطالية: “ أن المعادلة القائلة إن الهجرة تساوي الإرهاب تشكل خطأ خطيرا، ولكن لا يمكن القول أن ليس ثمة صلة بين الاندماج والإرهاب: كما ثبت منذ اعتداء يناير 2015 على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية، فإن مستويات غير كافية من الاندماج تولد ثقافة” ضارة.
ويتحدث الاتحاد الإسلامي الإيطالي عن “مرحلة تاريخية من أجل إرساء إسلام إيطالي يعبر عن مجتمع منفتح ومندمج”، ويشدد على أهمية هذا الميثاق في مرحلة “صعبة تطبعها أفكار مسبقة مناهضة للإسلام ووهم صدام الحضارات وعدم انسجام الثقافة الغربية مع العقيدة الإسلامية”.
مكافحة الإرهاب أمنيا
تشهد إيطاليا تهديدا إرهابيا منخفض إلى متوسط ، لكنها لم تشهد عمليات إرهابية على أراضيها على غرار ما شهدته عدة دول أوروبية أخري وتحديدا ألمانيا وفرنسا ، وتتميز بإجراءاتها الواسعة في مجال مكافحة الإرهاب ، لكنها تعتبر نقطة عبور مهمة للإرهابيين نحو أوروبا ، ضمن حشود المهاجرين غير الشرعيين ، حيث طردت إيطاليا أكثر من 133 مشتبها فيهم على خلفيات إرهابية خلال أعوام (2015 ، 2016).
ويرصد تقرير للعرب اللندنية أن السلطات الإيطالية نفذت 36 حالة إبعاد في عام 2017، لأسباب تتعلق بالأمن العام، فيما بلغ المجموع 168 منذ عام 2015، فعلى سبيل المثال طردت السلطات الإيطالية عددا من التونسيين من أراضيها خلال أعوام (2015 ، 2016)، وذلك نتيجة شبهات إرهابية أو تورطهم في التحريض على العنف والدعاية لتنظيم داعش على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفيد بعض الإحصائيات غير الرسمية أن عدد التونسيين المبعدين من إيطاليا لأسباب أمنية بلغ حوالي 150 شخصا.
أشكال الإجراءات الإيطالية لمكافحة الإرهاب
• اجراءات الإعتقال والترحيل ( الاجرءات الأمنية الداخلية).
• إدخال تعديلات تشريعية على قانون مكافحة الإرهاب ، منذ فبراير 2015 ، تشمل تشديد العقوبات ، ومنع السفر للخارج للقتال في منظمات إرهابية ، وطرد الأجانب المتورطين في الإرهاب ، وسحب جوازات سفر المشبوهين غير محددي الجنسية.
• محاربة التطرف والتشدد داخل السجون وعبر الإنترنت ، حيث أصبحت السجون الإيطالية أرض خصبة للمتشددين لتجنيد أشخاص أضعف للقتال لحسابهم ، وفق نقابة العاملين بالسجون الإيطالية ، على أن غالبيتهم لم يظهروا ميولا للعنف قبل سجنهم.
• تدريب قوات عربية على مكافحة الإرهاب ، حيث أشرفت إيطاليا ، في نوفمبر 2016 ، على تدريب عناصر من الشرطة السعودية لمكافحة الإرهاب ، في إطار تعاون مشترك ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو).
• التباحث مع الدول التي تمثل معبر للمهاجرين إلي إيطاليا ، أو قاعدة إنطلاق للمتطرفين على غرار تونس التي تجمع الأمرين ، بهدف إستعادة أبناءها مقابل دفع تعويضات.
إيطاليا و تهديدات داعش
تكشف وثائق منسوبة لتنظيم داعش نشرتها مؤسسة “كويليام quilliam” لمكافحة التطرف وصفت ليبيا بالبوابة الاستراتيجية لدخول أوروبا، هؤلاء هم سلاح داعش النفسي الجديد ضد أوروبا ، نصف مليون مهاجر هدد التنظيم بإرسالهم من ليبيا إلى إيطاليا إذا تدخلت الأخيرة في ليبيا، وتفضح مكالمات هاتفية رصدتها الشرطة الإيطالية كشفت عزم داعش إرسال آلاف القوارب المليئة بالمهاجرين عبر ما سمي البوابة الاستراتيجية لغزو أوروبا.
ما بين الدولتين ثلاث مئة وخمسين كيلومترا، ما يجعل إيطاليا في الجبهة الأمامية ، وتقول وثائق الكترونية نسبت لمسؤول في داعش نشرتها مؤسسة “كويليام” لمكافحة التطرف إن التنظيم أرسل مقاتلين من سوريا والعراق إلى ليبيا ليبحروا تجاه أوروبا ويبدأوا بشن هجمات هناك ، ويضيف تقرير للميادين أن الوثائق تشير إلى طول الشواطئ الليبية وسهولة بلوغ الدول المقابلة لها.
إيطاليا أعربت عن استعدادها لقيادة تحالف دولي من جنود أوروبا وشمال افريقيا وحشد خمسة آلاف جندي لمحاربة داعش في ليبيا، كذلك دعت المجتمع الدولي إلى تسريع الوتيرة لإيجاد حل قبل فوات الأوان، العاصمة الإيطالية ذكرت أكثر من مرة على لسان عناصر التنظيم في فيديو قتل للأقباط المصريين بليبيا عام 2015.
“شيطنة” اللاجئين
تكشف صحيفة الغارديان البريطانية عن وثيقة استخبارية إيطالية تؤكد تسلل عناصر تنتمي لداعش إلى أوروبا عبر برنامج صحي تشرف عليه حكومة الوفاق الوطني الليبية لعلاج الجنود ، وتقول الصحيفة في تقرير لها نشرته ، في ابريل 2017 ، تحت عنوان “مخاوف إيطالية من تسلل عناصر داعش إلى أوروبا متنكرين ضمن جرحى ليبيين”، إنها اطلعت على وثيقة استخباراتية إيطالية، تكشف عن وجود شبكة معقدة قام فيها أفراد من داعش وآخرون إرهابيون منذ عام 2015، بالتسلل إلى أوروبا بعد تظاهرهم بأنهم جرحى من الجنود الليبين تقدموا للمستشفيات بجوازات سفر ووثائق مزورة.
لتقوم تلك المستشفيات والمراكز الطبية والتي تشرف عليها حكومة الوفاق الوطني بإرسالهم للخارج للعلاج، وتركز وثيقة الاستخبارات الإيطالية على مشروع صحي مدعوم من الغرب لتأهيل ورعاية الليبيين المصابين خلال الحرب، وتشرف عليه حكومة الوفاق الوطني.
أشارت الاستخبارات الإيطالية إلى أن عددا غير معروف من مقاتلي داعش قد تسللوا بهذه الطريقة وقد ساعدهم بذلك مجموعة من مسؤولين فاسدين وشبكة إجرامية، فضلا عن أن داعش سيطر عام 2016 على مكتب جوازات في سرت وسرق ما يصل إلى 2000 وثيقة ، وتعد مصراتة في الواقع موقع تهريب هؤلاء الرجال من ليبيا إلى بلدان أخرى، كما أنها هي المكان الذي يحدث فيه الاتجار بجوازات سفر مزورة عندما تكون هناك حاجة إلى هوية مزيفة لتغطية الهوية الحقيقية لهؤلاء المقاتلين ، وتقول الغارديان إن الدول الرئيسة التي حددتها الوثيقة الاستخباراتية، هي تركيا ورومانيا وصربيا والبوسنة، مشيرة إلى أن المصابين من داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، يُعتقد أنهم بقوا فى فرنسا وألمانيا وسويسرا.
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-90l
*حقوق النشر والطبع محفوظة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات