إعداد: الدكتور محمد الصالح جمال ـ باحث في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ ألمانيا و هولندا
تبذل بلجيكا جهودا لتحسين أمنها القومي منذ هجمات بروكسل، بالرغم من ذلك ، لا تزال البلاد تعاني من هجمات إرهابية للذئاب المنفردة. يشير تقرير ” لمشروع مكافحة الإرهاب ” نشره على موقعه الخاص حول التطرف والإرهاب في بلجييكا، أنه في 7 أغسطس 2016، تبنى تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً أدى فيه رجل يحمل السواطير إلى إصابة شرطيتين بلجيكيتين في مدينة شارلروا. في 22 آب / أغسطس 2016، هاجمت امرأة تحمل المنجل ركاب حافلة في بروكسل، مما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص. في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2016، طعن مهاجم يحمل سكيناً شرطيين في بروكسل. في 23 مارس/آذار 2017، تم اعتراض رجل بينما كان يقود سيارته بسرعة عالية في شارع دي مائير، وهو شارع التسوق الرئيسي في أنتويرب. وكان الحادث – على الرغم من أنه لم يسفر عن إصابات أو إصابات – يحمل بصمات هجمات مماثلة على المركبات في نيس وأوهايو وألمانيا ولندن.
أنشأت السلطات البلجيكية، في سبيل مكافحة التطرف والإرهاب، أجهزة ومؤسسات أمنية واستخباراتية منذ التسعينيات، لكن جهاز استخبارات خاص كان الإستثناء في بلجيكا، و ذلك نظرا للتقنيات والاستراتيجيات الخاصة التي يوظفها من أجل تنفيذ مهامه و أنشطته. يتعلق الأمر ب ” وحدة التنسيق لتحليل التهديدات CUTA “.
المقاربة البلجيكية لمكافحة الإرهاب
يشير التقرير الصادر عم ” مشروع أخلاقيات مكافحة الإرهاب ” حول ” مكافحة الإرهاب الإرهاب في بلجيكا ” أنه على الرغم من أن السلطات البلجيكية لم تعلن عن استراتيجية رسمية لمكافحة الإرهاب، فإن الردود البلجيكية على الإرهاب يمكن وصفها بأنها مزيج من الوقاية والحماية والقمع. ومع ذلك، يبدو أن الوقاية تأخذ مركز الصدارة في مكافحة الإرهاب. أصبحت الوقاية أمرا مهما في أعقاب الإصلاحات التي قامت بها الشرطة البلجيكية عندما اعتمدت استراتيجية رسمية جديدة، وهي استراتيجية الشرطة المجتمعية. يضيف التقرير أن المقاربة البلجيكية لمكافحة تمثلت في تدابير محددة هدفها الحالي خاصة هو وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب والتعامل مع العائدين من سوريا والعراق. و تشمل المقاربة البلجيكية فيما يسمى ” 30 إجراء لمكافحة الإرهاب في بلجيكا ” تنقسم إلى:
- التعامل مع المقاتلين العائدين
أعلنت الحكومة البلجيكية بالفعل عزمها على حرمان العائدين من حريتهم بصورة منهجية عند وصولهم. وحتى الآن، عالجت السلطات البلجيكية مشكلة العائدين على أساس كل حالة على حدة بإجراء تقييم دقيق للمخاطر بالنسبة لكل مقاتل أجنبي. ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي ارتفاع عدد العائدين إلى استنفاد الموارد المتاحة. وقد حُكم على العديد من العائدين بالسجن، ومن المرجح أن ينضم إليهم المزيد. ومع ذلك، ليس من الواضح بوجه عام كيف ستتعامل السلطات البلجيكية مع مسألة التطرف في السجون، وهي مشكلة قائمة بالفعل تفاقمت مع تدفق العائدين.
- جهود القضاء على التطرف
من بين الإجراءات، يركز “مخطط القناة” التابع لوزارة الداخلية البلجيكية على ثماني بلديات في بروكسل وضواحيها لرصد المجتمعات المحلية المعرضة للتطرف. يجري تنفيذ “مخطط القناة” جنبا إلى جنب مع “خطة العمل الوطنية لمكافحة التطرف” التي تم استعراضها في عام 2005. وتهدف خطة العمل الأخيرة إلى تعزيز التعاون بين الدولة الاتحادية والكيانات الاتحادية. وتسمح كلتا الخطتين باحتجاز دعاة الكراهية، بالإضافة إلى فرض الإقامة الجبرية والترحيل. بالإضافة إلى المساجد، تهدف الخطط أيضاً إلى الكشف عن أماكن العبادة غير المعترف بها والخفية التي تنشر أفكاراً متطرفة أو جهادية وتفكيكها. وقد حظيت العلاقة بين السجن والتطرف باهتمام كبير في بلجيكا. وأنشئت أقسام جديدة للسجون لإيواء المحتجزين المتطرفين حتى يُمنعوا من نشر أفكارهم.
- التدابير الأمنية
ترتبط بعض التدابير الثلاثين التي اتخذتها بلجيكا ارتباطا مباشرا بالأمن. وتشمل هذه التدابير استخدام الجيش للقيام بمهام أمنية منذ كانون الثاني/يناير 2015. وقد تجلى ذلك في “إغلاق بروكسل” في الفترة من 21 إلى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وتم تعزيزه بشكل كبير بعد تفجيرات بروكسل الإرهابية في آذار/مارس 2016؛ وتم نشر أكثر من 1800 جندي في المدن الكبرى.
تستخدم التدابير الأمنية أيضا لتجميد الأصول المستخدمة في تمويل الإرهاب. وبالإضافة إلى ذلك، قامت الشرطة البلجيكية بعدة مئات من المداهمات والاعتقالات والتوقفات وعمليات التفتيش، لا سيما في مولينبيك، حي بروكسل الذي كان ملجأ و محطة للعديد من المهاجمين في باريس وبروكسل.
وسّعت بلجيكا نطاق تعاونها مع عدة بلدان أخرى. على سبيل المثال، في عام 2015، عملت بلجيكا بشكل وثيق مع دول شنغن الأخرى وتركيا لتحسين تبادل المعلومات ومنع المقاتلين الأجانب المحتملين المسافرين إلى سوريا. وعلاوة على ذلك، فإن جميع جوازات السفر البلجيكية الجديدة تحتوي الآن على بيانات بيومترية.
- التعاون الدولي
تشارك بلجيكا في مختلف المبادرات الدولية والأوروبية لمكافحة الإرهاب. وشدد مسؤولون مختلفون على نواياهم لمواصلة المشاركة في هذه المبادرات المختلفة.
وحدة التنسيق لتحليل التهديدات الإرهابية CUTA
يذكر الموقع الرسمي البلجيكي ” للجنة الدائمة لمراقبة أجهزة الإستخبارات والأمن ” ، أن ” وحدة التنسيق لتحليل التهديدات ” باشرت أداء مهامها و أنشطتها منذ الفاتح من ديسمبر 2006 . وهذه الوحدة، حلت محل ” الفريق المختلط لمكافحة الإرهاب ” ، حيث تقوم بوضع تقييمات محددة و استراتيجية للتهديدات الإرهابية والمتطرفة في بلجيكا. تعتمد مهام وحدة التنسيق لتحليل التهديدات على المعلومات الإستخباراتية التي يتم الحصول عليها من مختلف الأجهزة الأمنية التالية:
-جهاز أمن الدولة
-دائرة الاستخبارات العسكرية
-دائرة الشرطة المتكاملة
-جهاز الخدمة العامة الاتحادية للشؤون الداخلية
-جهاز العامة الاتحادية للشؤون الخارجية
-جهاز الخدمة العامة الاتحادية للتنقل والنقل
-جهاز الخدمة العامة الاتحادية للمالية
يعنى تقييم التهديدات إلى مختلف السلطات السياسية والإدارية والقضائية التي تضطلع ببعض المسؤولية عن الأمن. ويتعين على السلطات المذكورة أعلاه في نهاية المطاف أن تتخذ التدابير المناسبة لدرء أي تهديدات يتم الكشف عنها. وتخضع الوحدة لسلطة مشتركة من وزيري الداخلية والعدل.
مهام و أنشطة وحدة التنسيق لتحليل التهديدات الإرهابية CUTA
تشرح دراسة أكاديمية حول ” المركز المشترك لتحليل الإرهاب و وحدة التنسيق لتحليل التهديدات: دراسة مقارنة ” ، التي نشرت على موقع ” جرايد فيكسار ” في 14 مايو 2019 ، أن تتمثل الاختصاصات الرئيسية الأربعة لوحدة تنسيق تحليل التهديدات فيما يلي: التحليل، التنسيق، اقتراح التدابير الإدارية للسلطات المعنية، إدارة بنك البيانات الديناميكية.
- التحليل
تتولى وحدة التنسيق لتحليل التهديدات، كما يوحي الاسم، مسؤولية تحليل كل تهديد محتمل يتصل بالإرهاب والتطرف قد تكون له عواقب على أمن الدولة على الصعيدين الوطني والدولي على حد سواء. ويمكن تقسيم هذه المهمة الأولى إلى ثلاثة مستويات:
- التحليل المتزامن والاستراتيجي للتهديدات
- التهديدات المتصلة بالأشخاص أو المنظمات أو الأحداث
- التهديدات المباشرة للمصالح البلجيكية أو السكان البلجيكيين أو أي بلجيكي ينشط ضمن المؤسسات الحكومية في البلدان الأجنبية.
تتولى وحدة التنسيق لتحليل التهديدات أيضا مسؤولية تقييم التهديدات للهياكل الأساسية الوطنية البالغة الأهمية. كما أنها تتأكد من أن هناك تبادلا للمعلومات مع نظيرتها من أجهزة الأمن والإستخبارات الأجنبية ، وأن يتم نقل المعلومات ذات الصلة إلى جميع الأجهزة البلجيكية ذات الصلة.
- التنسيق
وحدة التنسيق لتحليل التهديدات مسؤولة أيضا عن تنسيق ” مخطط R ” ، والذي يشير إلى”Actieplan Radicalisme” التي وضعت في عام 2005 وتم إعادة مراجعتها في عام 2015. كان ” مخطط R ” يسمى ” مخطط موسكي ” ويعمل على المستويين المحلي والوطني. الفلسفة الكامنة وراء ” مخطط R ” هي الكشف الوقائي عن التطرف، قبل وقوع أي جرائم. مخطط العمل هذا لمكافحة التطرف العنيف يتضمن أربعة أهداف رئيسية:
- رسم خرائط لتيارات عنيفة ومتطرفة في المجتمع
- الحد من تأثير تطرف الكيانات من خلال التدابير الإدارية
- تنسيق فرقة العمل الوطنية
- تعزيز فرق العمل المحلية النشطة
- اقتراح التدابير الإدارية للسلطات المعنية
يمكن للوحدة أن تقترح تدابير إدارية لمساعدة السلطات على مكافحة التطرف والإرهاب. ويمكن أن تشمل هذه التدابير الإدارية إلغاء بطاقة هوية أو جواز سفر وتجميد الأصول.
- إدارة بنك البيانات الديناميكية
تعمل وحدة التنسيق لتحليل التهديدات حالياً على ما يسمى بـ “بنك البيانات الديناميكي”. ومن المفترض أن تكون هذه قاعدة بيانات يتم فيها حفظ المعلومات المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمقاتلين الإرهابيين المحليين والأشخاص الذين يدعون للكراهية، ويمكن استردادها بسرعة من قبل مؤسسات مختلفة تحارب التطرف. ويُسمح للوحدة بتخزين المعلومات عن هذه الأنواع الثلاثة الذين سبق ذكرهم لمدة 30 عاماً، وبعد ذلك تكون ملزمة بموجب القانون بمحوها من النظام.
مقاييس ومستويات وحدة CUTA لتقييم التهديدات الإرهابية
يوضح تقرير بياني خاص أعدته ” وحدة التنسيق لتحليل التهديدات CUTA ” لتقديمه في الندوة الدولية للتنسيق الوطني والدولي يومي 23-24 أكتوبر 2013 بإسطنبول-تركيا، أنها تستخدم المقاييس والمستويات التالية بهدف تقييم التهديدات الإرهابية في بلجيكا :
مستوى التهديد مستوى التهديد التهديد يكون
مستوى عال جدا 4 خطير جدا و وشيك
مستوى عال 3 ممكن ومحتمل
المستوى المتوسط 2 محتمل قليلا
مستوى منخفض 1 غير محتمل أو غير موجود
الخلاصة
تعتبر وحدة التنسيق لتحليل التهديدات مركزا استخباراتيا خضع للعديد من المراجعات وإعادة الهيكلة في مجال مكافحة الإرهاب منذ عام 2006 ، و أسهمت الوحدة في تجميع المعلومات الاستخباراتية حول مكافحة الإرهاب وتنسيقها ،من خلال الاعتماد على التعاون مع أجهزة أمنية داخلية . سعت وحدة التنسيق لتحليل التهديدات لتعزيز أدائها بشكل اخترافي من خلال الإعتماد على عنصر ” التحليل ” باستخدام تقنيات متطورة تساعد على ” قراءة ” المخاطر والتهديدات الارهابية. نجحت وحدة التنسيق لتحليل التهديدات في ضبط مجموعة من مستويات التهديد زما يقابلها من وصف لدرجاته، في سبيل توقع و احتواء أي خطر أو هجوم إرهابي قد يهدد بلجيكا.
التوصيات
- توسيع أطر التعاون و التبادل الاستخباراتي بين وحدة CUTA و الأجهزة الأمنية المحلية من جهة، و بين الوحدة و الوكالات الأوروبية المختصة في مكافحة الارهاب.
- إنشاء فرقة خاصة داخل وحدة CUTA مهمتها ” إدارة الأزمات والطوارىء ” التي ترتبط بالتطرف العنيف والإرهاب.
- ضرورة توحيد أجهزة الأمن والاستخبارات بالشكل الكافي لتعمل مع وحدة CUTA.
- إنفتاخ وحدة CUTA على القنوات المحلية و قنوات المجتمع المدني البلجيكي و اعتبارهم شريكا مهما في مكافحة الإرهاب.
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر…https://www.europarabct.com/?p=54132&preview=true
الدكتور محمد الصالح جمال
الهوامش
CT OVERVIEW: BELGIUM
Belgian Standing Intelligence Agencies Review Committee
JTAC and CUTA: a comparative study
INTERNATIONAL CONFERENCE ON NATIONAL AND INTERNATIONAL
COORDINATION IN COUNTERTERRORISM
Extremism and Terrorism in Belgium