الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة الإرهاب ـ عوامل الحد من اِنخراط الفصائل العراقية في سوريا

الحرس الثوري الإيراني
ديسمبر 18, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (27)

تعتمد إيران بشكل رئيسي على الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها كأدوات إقليمية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. منذ بداية الصراع السوري عام 2011. برزت هذه الفصائل كقوة عسكرية هامة تحت قيادة طهران، حيث تم توظيفها لخدمة المشروع الإيراني الداعم للنظام السوري بقيادة بشار الأسد. هذه الفصائل لا تمثل مجرد حلفاء، بل هي امتداد مباشر للنفوذ الإيراني، حيث تعمل وفق توجيهات من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها وتأمين مصالحها في المنطقة.

كيف دعمت الفصائل الإيرانية النظام السوري؟

تاريخيًا، لعبت هذه الفصائل أدوارًا محورية في دعم النظام السوري، لا سيما في معارك كبرى مثل استعادة مدينة حلب والبادية السورية. هذه التجارب أكسبتها خبرة ميدانية كبيرة وقدرة على التعامل مع تكتيكات الفصائل المعارضة المختلفة، وهو ما يجعلها خيارًا جاهزًا لإيران إذا ما تطلب الوضع تدخلًا عسكريًا جديدًا. ومع تصاعد التهديدات المحتملة من جبهة تحرير الشام التي تسيطر على البلاد فعليًا منذ ديسمبر 2024، يبدو أن إيران قد تجد في هذه الفصائل أداة فعالة للتصدي لأي هجمات تهدد النظام السوري أو مصالحها الاستراتيجية.

المصالح الإيرانية في سوريا ليست مقتصرة على دعم النظام فحسب، بل تشمل تأمين خطوط الإمداد إلى حزب الله في لبنان، وهو أحد أبرز حلفائها في المنطقة. سوريا تُعتبر بمثابة جسر بري يربط بين طهران وبيروت، ما يفسر حرص إيران الشديد على بقاء النظام السوري مستقرًا. إذا تعرضت مناطق استراتيجية مثل دمشق أو حلب لتهديد جدي من جبهة تحرير الشام أو غيرها من القوى المعارضة، ويٌفترض أن تعبئ إيران هذه الفصائل للتدخل. بناءً على ذلك، خاصة إذا ارتبطت المعارك بمناطق تعتبرها إيران محورية لمصالحها الإقليمية. لكن التطورات السريعة على الأرض في سوريا في اعقاب اجتياح “جبهة تحرير الشام” للمدن السورية وسيطرتها على العاصمة دمشق ، لم تعطي إيران الفرصةلإعادة تموضع الفصائل الموالية لها.  مكافحة الإرهاب ـ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق النفوذ

ما طبيعة الضغوط الإيرانية لانخراط الفصائل؟

تمارس إيران نفوذًا كبيرًا على الفصائل المسلحة العراقية التي تدعمها ماليًا وتسليحيًا، مما يجعلها قادرة على توجيه قرارات هذه الفصائل وحتى زجها في صراعات تخدم مصالحها الإقليمية. هذا النفوذ الإيراني المباشر يعتمد على شبكة من العلاقات المعقدة التي أنشأتها طهران مع هذه الفصائل منذ سنوات، حيث أصبحت هذه القوى المسلحة جزءًا من مشروع إيران الاستراتيجي الأوسع في المنطقة. أحد أبرز أشكال النفوذ الإيراني يتمثل في الدعم المالي الذي تقدمه طهران لهذه الفصائل. تعتمد غالبية هذه الجماعات على التمويل الإيراني لتغطية تكاليفها التشغيلية وشراء الأسلحة والمعدات. في ظل غياب مصادر تمويل مستقلة، تصبح هذه الفصائل خاضعة بشكل كبير لإملاءات طهران. بالإضافة إلى التمويل، توفر إيران لهذه الفصائل دعمًا لوجستيًا كبيرًا، بما في ذلك التدريب العسكري المتقدم والتخطيط الاستراتيجي الذي يتم بإشراف الحرس الثوري الإيراني.

علاوة على ذلك، تنتمي هذه الفصائل إلى منظومة أكبر يديرها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو المسؤول عن تنسيق العمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية. في سوريا، تعمل هذه الفصائل ضمن هيكل عسكري متكامل تشرف عليه إيران، ما يجعلها جزءًا من شبكة نفوذ إقليمية تمتد من العراق إلى سوريا ولبنان. هذا التنسيق يجعل من الصعب على هذه الفصائل اتخاذ قرارات مستقلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في الصراعات التي تؤثر على مصالح إيران.مكافحة الإرهاب ـ هل يستطيع الاتحاد الأوروبي التعامل مع هيئة تحرير الشام؟

ما قدرة الحكومة العراقية على ضبط الفصائل؟

رغم محاولات الحكومة العراقية للسيطرة على الفصائل المسلحة، تظل هذه المحاولات محدودة النتائج، حيث تواجه بغداد تحديات معقدة تجعل من الصعب عليها فرض إرادتها على هذه القوى التي تعمل في كثير من الأحيان بشكل شبه مستقل. منذ تأسيس الحشد الشعبي كقوة لمواجهة تنظيم “داعش”، أصبحت الفصائل المنضوية تحته قوة سياسية وعسكرية لها نفوذ كبير في الساحة العراقية. هذا النفوذ يمنحها استقلالية نسبية عن قرارات الحكومة المركزية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاركتها في صراعات خارج الحدود العراقية. أحد الأسباب الرئيسية لضعف قدرة الحكومة العراقية على ضبط هذه الفصائل هو غياب السيطرة الكاملة على الحشد الشعبي، حيث تنتمي بعض الفصائل الموالية لإيران إلى الحشد لكنها تعمل وفق أجندات منفصلة تمليها طهران. هذه الفصائل تمتلك هياكل تنظيمية خاصة بها وتمويلًا مستقلًا يعتمد بشكل أساسي على الدعم الإيراني، مما يجعل ولاءها لطهران أقوى من ولائها للحكومة العراقية.

النظام القانوني والسياسي في العراق يواجه أيضًا صعوبات كبيرة في التعامل مع هذه الفصائل. لا توجد أدوات قانونية فعالة لمحاسبتها أو منعها من اتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح العراق الوطنية. علاوة على ذلك، فإن الوضع السياسي المعقد، حيث تتمتع هذه الفصائل بتمثيل سياسي داخل البرلمان، يجعل من الصعب على الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة ضدها دون إثارة أزمات سياسية داخلية. ومع ذلك، قد تحاول الحكومة العراقية استخدام وسائل أخرى لضبط هذه الفصائل، مثل الضغط الدبلوماسي على إيران للحد من تدخلاتها أو إشراك الفصائل في قضايا داخلية تشتت انتباهها عن الصراعات الخارجية. لكن يبقى هذا النهج محدود الفاعلية، حيث تظل الفصائل خاضعة بشكل كبير للنفوذ الإيراني الذي يحدد أولوياتها وقراراتها.مكافحة الإرهاب ـ هل لدى حكومة سوريا الجديدة مساعدون جهاديون ألمان؟

ما العوامل التي قد تحد من انخراط الفصائل؟

رغم النفوذ الإيراني الكبير على الفصائل العراقية، هناك عوامل عدة قد تسهم في تقليص احتمالية انخراطها في الصراع السوري. هذه العوامل ترتبط في الأساس بالأولويات المحلية لهذه الفصائل داخل العراق، وكذلك بالتداعيات الأمنية والسياسية التي قد تترتب على تدخلها في سوريا. أحد العوامل المهمة هو التركيز على الأولويات الداخلية. تواجه الفصائل المسلحة في العراق تحديات عديدة، مثل تأمين مناطق نفوذها ومواجهة التوترات الداخلية الناتجة عن الاحتجاجات الشعبية ضد النفوذ الإيراني.

هذه التحديات تجعل من الصعب على الفصائل أن تخصص مواردها وطاقاتها للتدخل في سوريا دون التأثير على أوضاعها المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التداعيات الأمنية لتدخل الفصائل في سوريا قد تكون عاملاً رئيسيًا في تقليص انخراطها. أي تدخل عسكري قد يؤدي إلى تصعيد داخلي في العراق أو إثارة ردود فعل دولية، لا سيما من الولايات المتحدة التي تراقب عن كثب تحركات هذه الفصائل. التدخل في سوريا قد يعرض الفصائل إلى عقوبات أمريكية جديدة أو ضربات عسكرية تستهدف مواقعها. قد تلعب الضغوط الدبلوماسية دورًا في تقليص انخراط الفصائل. قد تحاول الحكومة العراقية استخدام علاقاتها مع إيران لإقناعها بتجنب تصعيد الموقف في سوريا. كما قد تسهم الضغوط الدولية في الحد من التدخل، حيث تسعى أطراف دولية عدة للحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي تصعيد قد يؤدي إلى تعقيد الأزمة السورية بشكل أكبر.

واجهت الفصائل ضغوطًا محلية ودولية كبيرة،  من اجل الامتناع عن التدخل في سوريا لتجنب التصعيد مع الحكومة العراقية أو المجتمع الدولي. هذا السيناريو يعتمد على قدرة الحكومة العراقية والدبلوماسية الدولية على إدارة الموقف.

تقييم وقراءة مستقبلية

إيران ستواصل استخدام الفصائل المسلحة العراقية كأدوات أساسية لتحقيق أهدافها الإقليمية، مستغلة اعتماد هذه الفصائل على التمويل والتوجيه الإيراني. ورغم التحديات التي تواجهها إيران نتيجة العقوبات الاقتصادية وتنامي المعارضة الداخلية، فإنها ما زالت تمتلك القدرة على الإبقاء على هذه الفصائل كجزء من مشروعها التوسعي.

في المستقبل القريب، قد تسعى إيران إلى تعزيز قدرات الفصائل العراقية لضمان جاهزيتها لأي مهام محتملة، خاصة في سوريا، مما يعني استمرار الهيمنة الإيرانية عليها في غياب بدائل مستقلة لهذه الفصائل.

إذا دفعت إيران الفصائل العراقية للمشاركة في صراعات جديدة في سوريا، فمن المتوقع أن تتزايد حدة التوترات الإقليمية. وجود هذه الفصائل في معارك ضد جبهة تحرير الشام أو قوى معارضة أخرى قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، خاصة مع ردود فعل محتملة من الأطراف الدولية، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. التدخل العسكري سيزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويُرجح أن يثير موجة جديدة من الانتقادات والضغوط الدولية على إيران والفصائل المرتبطة بها.

الأوضاع الداخلية في العراق ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد مدى انخراط الفصائل في الصراعات الخارجية. الاحتجاجات الشعبية ضد النفوذ الإيراني والضغوط السياسية المحلية قد تُجبر بعض الفصائل على التركيز على قضايا العراق الداخلية لتجنب فقدان شرعيتها. كما أن الانقسامات داخل الحشد الشعبي قد تُضعف قدرة طهران على توحيد هذه الفصائل خلف أجندتها الإقليمية، مما يجعل من الصعب تحقيق انخراط واسع النطاق في سوريا.

قد تسعى الحكومة العراقية، في ظل تصاعد الضغط الدولي والمحلي، لتقليل النفوذ الإيراني على الفصائل المسلحة عبر خطوات إصلاحية تشمل تعزيز سيطرة الدولة على الحشد الشعبي. إذا تمكنت بغداد من استعادة بعض النفوذ على هذه الفصائل، فقد يقلّ احتمال استخدامها في صراعات خارجية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا قويًا بالإضافة إلى جهود داخلية لإضعاف القبضة الإيرانية على هذه الجماعات.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=99447

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

Conflict in Syria

https://bit.ly/3OVyLpp

Factbox: Iranian influence and presence in Syria

https://bit.ly/4ggcles

Why Did Iran Allow Bashar al-Assad’s Downfall?

https://bit.ly/3OYWUva

The Russia-Iran-Assad ‘axis of the vulnerable’ is cracking in Syria

https://bit.ly/3DcKtZW

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...