الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة الإرهاب ـ كيف أصبحت الذئاب المنفردة سمة الإرهاب في أوروبا؟

أوروبا وعودة الذئاب المنفردة. بقلم اللواء الركن الدكتور عماد علو
مارس 05, 2025

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (27)

شهدت أوروبا تحولًا واضحًا في طبيعة التهديدات الإرهابية، خلال السنوات الأخيرة حيث أصبحت “الذئاب المنفردة” واحدة من أخطر وأصعب الظواهر التي تواجه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. يشير مصطلح “الذئاب المنفردة” إلى الأفراد الذين ينفذون عمليات إرهابية بشكل مستقل، دون أن يكون لهم إتصال مباشر بتنظيم إرهابي معين، بل يتبنون أيديولوجيات متطرفة ويستلهمون أفكارهم من الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي.

ويرجع صعود هذه الظاهرة إلى عدة عوامل؛ من بينها تطور وسائل الاتصال، وتغيبر استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، وتعقيد إجراءات الهجرة، فضلًا عن التحديات التي تواجهها الحكومات الأوروبية في دمج الأقليات والتعامل مع قضايا التطرف.يعد الهجوم الإرهابي الذي نفذه أنيس العمري في برلين عام 2016 أحد أبرز الأمثلة على خطورة هذه الظاهرة، حيث نفذ الهجوم بمفرده مستخدمًا شاحنة دهس بها عشرات المدنيين. ومنذ ذلك الحين، تكررت هجمات مشابهة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب الفردي.

ما حجم الهجمات الإرهابية الفردية في أوروبا؟

إحصائيات وأرقام حول الهجمات الفردية خلال عامي 2024 و2025

تشير البيانات المتاحة إلى أن عدد الهجمات الإرهابية الفردية في أوروبا قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال عامي 2024 و2025. وفقًا لتقارير أوروبية، فإن حوالي 70% من الهجمات الإرهابية التي وقعت في أوروبا خلال هذه الفترة كانت من تنفيذ أفراد تصرفوا بمفردهم، مقارنة بـ 55% خلال الفترة 2018-2020. ومن بين هذه الهجمات، كانت هناك عدة عمليات دهس وطعن وإطلاق نار نفذها أفراد تأثروا بالدعاية الجهادية عبر الإنترنت، أو كانت لديهم دوافع أيديولوجية يمينية متطرفة.

  • نفذ شخص يحمل الجنسية الفرنسية هجومًا بالسلاح الأبيض في محطة قطارات بمدينة باريس، في يناير 2024، أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين.
  • وفي مايو 224، استهدفت عملية دهس في برلين عددًا من المارة في منطقة مزدحمة، ما أدى إلى إصابة 12 شخصًا ومقتل 3 آخرين. أما في بداية عام 2025، فقد تم إحباط هجوم إرهابي في مدريد كان يستهدف مركزًا تجاريًا، حيث تبين أن المهاجم كان يتواصل مع مجموعات متطرفة عبر الإنترنت.
  • شهدت مدينة ميونيخ الألمانية، في 13 فبراير 2025، حادث دهس أسفر عن إصابة 28 شخصًا، بينهم أطفال. المشتبه به هو طالب لجوء أفغاني يبلغ من العمر 24 عامًا، قاد سيارته نحو حشد من المتظاهرين خلال إضراب نظّمته نقابة “فيردي” العمالية. الحادث أثار جدلاً سياسيًا في ألمانيا حول سياسات الهجرة والأمن، حيث تعهّد المستشار الألماني أولاف شولتس بترحيل المشتبه به بعد محاكمته.. ​
  • أفاد شهود عيان يوم الثالث من مارس 2025 أن سيارة دهست حشدًا من الناس في مدينة مانهايم الألمانية جنوب غرب ألمانيا، التابعة لمقاطعة شتوتغارت. وقال متحدث باسم الشرطة إن التحقيق يُجرى على قدم وساق.وفقًا للشرطة، وقعت الحادثة في ساحة بارادبلاتز المركزية في وسط مدينة مانهايم. يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 320 ألف نسمة، وهي ثاني أكبر مدينة في بادن فورتمبيرغ. تم القبض على السائق المشتبه به، بحسب الشرطة. وذكرت التقارير أن الرجل ألماني ويعالج في المستشفى. ولم يتم الاشتباه في أي مرتكبين آخرين. وفقًا للشرطة، هناك قتيل وعدة مصابين بجروح خطيرة. وذكرت صحيفة بيلد أن الحادث أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 25 آخرين، منهم 15 في حالة خطيرة. لم تستبعد الشرطة وجود وضع خطير آخر. دعا المسؤولون السكان إلى تجنب منطقة وسط المدينة، والبقاء في منازلهم. مكافحة الإرهاب ـ مفهوم الذئاب المنفردة في سياق الإرهاب

حذّر بروس هوفمان، خبير الإرهاب وأستاذ في جامعة جورج تاون، من تصاعد إرهاب اليمين المتطرف، مشيرًا إلى أنه بلغ ذروته في أوائل الثمانينات، مع تزايد أنشطة الذئاب المنفردة خلال تلك الفترة.أوضح بوعز غانور، المدير التنفيذي للمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، أن مصطلح “الذئب الوحيد” يشير إلى فرد يتبنى أيديولوجية متطرفة ويقرر تنفيذ عمل إرهابي دون تلقي دعم عملي أو توجيه مباشر من منظمة إرهابية، مما يزيد من صعوبة تعقبه ومنعه. ​.مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ ما هي حجم تهديدات داعش لألمانيا؟

ما الفرق بين الهجمات المنظمة والهجمات الفردية؟

تختلف الهجمات الإرهابية الفردية عن الهجمات المنظمة من حيث طبيعة التخطيط والتنفيذ. فعلى سبيل المثال، تعتمد التنظيمات الإرهابية الكبرى مثل داعش والقاعدة على شبكات واسعة من الأفراد والمجموعات التي تعمل بشكل منسق لتنفيذ عمليات معقدة، تتطلب تمويلًا كبيرًا وتنسيقًا لوجستيًا دقيقًا. في المقابل، تعتمد هجمات الذئاب المنفردة على عنصر المفاجأة، حيث يمكن للمهاجم التحرك بحرية دون أن يكون تحت مراقبة الأجهزة الأمنية، نظرًا لعدم ارتباطه المباشر بأي منظمة إرهابية.

ومن الناحية الأمنية، يمثل تعقب الذئاب المنفردة تحديًا كبيرًا، لأن معظم هؤلاء الأفراد لا يملكون سجلًا إجراميًا أو تاريخًا واضحًا من التطرف، مما يجعل اكتشافهم قبل تنفيذ العمليات أمرًا في غاية الصعوبة. كما أن أدوات الهجوم التي يستخدمونها غالبًا ما تكون متاحة بسهولة، مثل السكاكين أو السيارات، مما يقلل الحاجة إلى شراء أسلحة نارية أو متفجرات، وبالتالي لا يتم رصدهم من قبل أجهزة الاستخبارات.مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ هل الترحيل وحده كافٍ لمكافحة التطرف والإرهاب؟

ما أسباب تحول الإرهاب نحو نموذج الذئاب المنفردة؟

أبرز أسباب تزايد الهجمات الفردية في أوروبا هو الصعوبة البالغة في تعقب الأفراد المتطرفين مقارنة بالخلايا الإرهابية المنظمة. فبينما تعتمد التنظيمات الإرهابية التقليدية على شبكات اتصال يمكن للأجهزة الأمنية اختراقها وتتبعها، يعمل الذئاب المنفردة في عزلة تامة، ما يجعل اكتشافهم قبل تنفيذ هجماتهم أمرًا معقدًا للغاية. لا تتطلب الهجمات الفردية موارد مالية ضخمة أو تخطيطًا معقدًا، على عكس الهجمات الإرهابية التقليدية التي تستلزم تنسيقًا بين عدد من الأشخاص، وتمويلًا لشراء الأسلحة أو المواد المتفجرة. على سبيل المثال، يمكن لشخص واحد تنفيذ هجوم بواسطة سيارة مسروقة أو سكين مطبخ، دون الحاجة إلى أي تجهيزات مسبقة.

أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي منصة رئيسية للجماعات الإرهابية، حيث يتم استخدامها لنشر أفكار متطرفة وتحريض الأفراد على تنفيذ عمليات فردية. وتعتمد هذه الجماعات على استراتيجيات نفسية لجذب أشخاص يعانون من العزلة الاجتماعية أو الأزمات النفسية، مما يجعلهم فريسة سهلة للأيديولوجيات المتطرفة.

ما استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في تحفيز الذئاب المنفردة؟

تعمل تنظيمات مثل داعش والقاعدة على استهداف الأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية، حيث يتم إقناعهم بأن تنفيذ هجوم إرهابي هو “الخلاص” لهم، وأنه يمنحهم مكانة مرموقة داخل المجتمع الجهادي. تنشر الجماعات الإرهابية كميات هائلة من المحتوى التحريضي عبر الإنترنت، تتضمن مقاطع فيديو، ورسائل مشفرة، وتعليمات حول كيفية تنفيذ الهجمات بأساليب بسيطة لكنها فعالة. وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو مجلة “روميّة” التابعة لداعش، التي كانت تقدم نصائح مباشرة حول كيفية تنفيذ هجمات فردية.مكافحة الإرهاب ـ تحذيرات من تنامي التهديد الإرهابي العالمي

أمثلة على أفراد تأثروا، وما دوافعهم الشخصية؟

شهدت أوروبا العديد من الهجمات التي نفذها أفراد تأثروا بالدعاية الإرهابية. فعلى سبيل المثال، في عام 2024، شهدت العاصمة النمساوية فيينا هجومًا داميًا نفذه شخص يُعتقد أنه كان متأثرًا بأيديولوجية داعش. المهاجم، الذي كان يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية، قام بمهاجمة سوق مزدحم بالسياح والسكان المحليين، مستخدمًا سكينًا لتنفيذ عملية طعن جماعي. وأسفر الهجوم عن مقتل وإصابة عدة أشخاص قبل أن تتدخل قوات الأمن وتتمكن من السيطرة عليه.

أظهرت التحقيقات اللاحقة أن منفذ الهجوم كان قد تابع مواد تحريضية عبر الإنترنت، وحاول التواصل مع متطرفين عبر منصات مشفرة، مما يعكس خطورة الدعاية الإرهابية في استقطاب الأفراد المعزولين. وتبين أن أحد العوامل التي دفعته لتنفيذ الهجوم هو شعوره بالإقصاء الاجتماعي، إلى جانب تأثره برسائل تحريضية تدعو إلى استهداف المدنيين. يؤكد هذا الحادث وغيره من الحوادث المماثلة أن الإرهاب لم يعد يقتصر على التنظيمات الكبيرة فقط، بل أصبح الأفراد المنعزلون يشكلون تهديدًا حقيقيًا للأمن الأوروبي.

تقييم وقراءة مستقبلية

– أصبحت الهجمات التي ينفذها الذئاب المنفردة واحدة من أكبر التحديات الأمنية التي تواجه أوروبا اليوم، نظرًا لصعوبة اكتشافها قبل وقوعها. وتعتمد هذه الهجمات على تكتيكات مبسطة وأدوات يسهل الحصول عليها، مما يجعل من الصعب على أجهزة الأمن توقعها أو منعها بشكل فعال. ومع تزايد استخدام الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر الفكر المتطرف، يمكن القول إن التهديد سيستمر بالنمو ما لم تتخذ السلطات تدابير فعالة للحد من تأثير الدعاية الإرهابية.

– تلعب التكنولوجيا الحديثة دورًا مزدوجًا في ظاهرة الإرهاب الفردي، حيث توفر وسائل لتجنيد الأفراد وتحفيزهم، لكنها في الوقت ذاته تقدم حلولًا متقدمة للكشف المبكر عن المتطرفين المحتملين. يمكن للذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة تتبع الأنشطة المشبوهة عبر الإنترنت، ما يمنح السلطات قدرة أكبر على تحديد الأفراد المعرضين للتطرف قبل تنفيذهم لأي هجمات. ومع ذلك، تظل هناك تحديات قانونية تتعلق بحماية الخصوصية وحقوق الأفراد، مما يستدعي وضع توازن بين الأمن وحقوق الإنسان.

– من المتوقع أن تظل هجمات الذئاب المنفردة تحديًا أمنيًا رئيسيًا في أوروبا خلال السنوات القادمة، خاصة مع استمرار استخدام الإنترنت كوسيلة للتجنيد والتحريض. ولذلك، فإن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب تبني استراتيجيات شاملة تشمل تعزيز الرقابة على الإنترنت، وتطوير برامج إعادة تأهيل للأفراد المعرضين للتطرف، إضافة إلى تحسين أساليب تحليل البيانات الأمنية لاكتشاف الأفراد الذين يشكلون خطرًا محتملًا.

– في ظل تزايد تهديد الذئاب المنفردة، لا بد للحكومات الأوروبية من تطوير استراتيجيات جديدة تعتمد على الوقاية وليس فقط المكافحة. من الضروري تعزيز التعاون بين أجهزة الأمن والمجتمعات المحلية لاكتشاف الأفراد المعرضين للتطرف قبل تحولهم إلى تهديد حقيقي. كما أن برامج إعادة التأهيل والتوعية ضرورية لمنع انتشار الأفكار المتطرفة بين الشباب والمهاجرين الذين يعانون من التهميش الاجتماعي والاقتصادي.

– لا يمكن لأي دولة أن تواجه خطر الإرهاب بمفردها، لذا فإن التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز الإجراءات القانونية المشتركة أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. يجب على الدول الأوروبية التنسيق ‏والتعاون مع دول أخرى، لضمان تبادل فعال للمعلومات حول الأفراد المتطرفين ومنع عبورهم بين الدول. كما أن تعزيز القوانين التي تجرّم نشر المحتوى الإرهابي على الإنترنت سيكون عاملاً أساسيًا في تقليل تأثير الدعاية الإرهابية.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=101380

جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

Lone Wolf: Passing Fad or Terror Threat of the Future?

https://bit.ly/41dqrGZ

Lawmakers question the FBI’s preparedness and response to New Orleans attack that killed 14 people

https://bit.ly/434hxhK

Lone wolf terrorists in Europe are not so lonely anymore – who is radicalising and recruiting them?

https://bit.ly/3Qum1GK

مكافحة الإرهاب ـ الذئاب المنفردة في أوروبا، فهم الدوافع

https://bit.ly/4keot1K

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...