المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
بقلم : علي الطالقاني ـ كاتب وصحفي متخصص بشؤون الإرهاب،
رئيس ملتقى النبأ للحوار.. العراق
مكافحة الإرهاب في العراق.. نجاحات و مخاطر غير منظورة
Ω منذ عقود ولازالت الحركات الإرهابية تسجل حضورها. العراق أحد هذه البلدان التي شارفت على بلوغ عقدين من الزمن في مواجهة الارهاب الذي يحاول الولوج عبر مسارات عديدة . ومع التحديات الأمنية العالمية أصبح بيئة الحرب متقاربة من حيث الايديولوجيا والتكتيك، وهنا نشير إلى مجموعة من المخاطر التي ترتبط بالحركات الإرهابية.
النزوح نحو التطرف عبر الانترنت والمخاوف البيولوجية
ـ تعزيز المهارات الفنية: التنظيم يسعى الى تعزيز المهارات الفنية من اجل عدم كشف أنصاره ومن خلال الدعاية عبر فيسبوك وعلى تويتر وتيلجرام.
ـ بحث تجارب بنشر أوبئة : أثارت جائحة كورونا الرعب لكنها بنفس الوقت جعلته شائعاً في استخدام الأسلحة البيولوجية مثل الجدري والجمرة الخبيثة لكن لا يستبعد أن التنظيم يقوم بفحص تجارب في نشر الطاعون كسلاح من خلال مهاجمة مختبرات علمية عالية الأمان. فقد استخدم التنظيم من قبل غاز الكلور وفي سوريا كانت هناك اتهامات باستخدامه السارين و غاز الأعصاب VX أو غازات أقل تعقيدا مثل الخردل، وكلاهما استخدمهما من قبل.
الحلول التقليدية لمحاربة التطرف والإرهاب
لازالت الحلول التقليدية مهمة فالأجهزة الأمنية بحاجة لتحديث نظام الاجراءات الدقيقة من خلال تجميد الأصول وفرض حظر السفر الأسلحة وتحديد معايير الإدراج في القوام الخاصة بإدراج الشخصيات والكيانات المرتبطة بالتنظيم ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة.
القوات الأمنية اكتسبت خبرات عالية من خلال نهجها العسكري الذي تضمن الرد على أي عنف.
القوة الذكية في مكافحة الإرهاب والتطرف
تعتبر القوة الذكية خيارا متقدما يتمثل باستخدام القوة الذكية وهي خلطة القوة الناعمة والقوة الوقائية وذلك لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف والإرهاب اضافة الى نهج اصطياد الفلول والرؤوس وتعزيز ثقة تبادل المعلومات الدولية والاقليمية من جانب وتعزيز الثقة مع المجتمعات والأفراد من جانب آخر.
إن الجهود لا ينبغي ان تضيع في مواجهة التهديد الإرهابي، الذي لا يزال معقداً وله أوجه مختلفة، يجب أن تتواصل تعبئة الجهود في مكافحة الدعاية والتطرف، وتجفيف مصادر التمويل، والاستعداد لعودة الإرهابيين للبلاد. على أن لا ننظر بشكل كامل الى الذين ينشرون العنف على الإنترنت سيصبحون عنيفين وأنهم متجهون الى إرتكاب هجمات بدوافع ما، لذا يمكن دراسة العلاقة بين الأفكار المتطرفة والجرائم. فنحن بحاجة الى نظام محسن من خلال جمع البيانات حول التطرف العالمي ودراسة حالات ميدانية تراعي البيئة المحيطة.
مخاطر إغلاق المؤسسات الحكومية، الامن والدفاع
متلازمة كورونا وداعش تجعل المقاتلين أمام اختبار نفسي معقد وعلمياً تفتقر الحكومة العراقية الى بحوث ودراسات حول التجربة النفسية للمقاتلين الذين يقومون بواجباتهم الأمنية مع تنامي أو ظهور الإرهاب من جانب وتفشي فيروس كورونا من جانب آخر.
لعبت المشاعر السلبية والايجابية أنماطاً من التكيف وهذا يؤثر بطبيعة الحال على الصحة العقلية بشكل عام. مع ارتفاع أعداد المرضى المصابين والوفيات، والان نحن أمام درجات حرارة طقس قاسية تصل الى 50 درجة وأكثر في وقت لازالت الإجراءات الوقائية للسيطرة على انتشار الفيروس غير كافية حيث يعاني العديد من الأشخاص، وخاصة المرضى والأطباء الذين يحاربون الفيروس على خط المواجهة من مشاكل نفسية باتت واضحة من خلال ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال السلوك. كيف بعشرات الالاف من القوات الأمنية في الخط الأمامي هم الأكثر حاجة إلى الاستشارة النفسية، وحمايتهم أيضا من الفيروس.
يفرض الوضع المعقد المزيد من الحذر ونحن أمام عدو شرس متمثل بالتنظيمات الارهابية التي تمكنت من استغلال الوباء لصالح خياراتها في مرات عديدة. وتحاول ان تنشط دولياً أيضا في البلدان التي تعاني من ضعف السيطر. وقد فرض هذا الوضع المزيد من الضغط الإضافي على تلك الحكومات.
يأتي أيضا دور المنظمات الصحية والطب النفسي بأن يأخذ كل دوره في دراسة بواعث المشاعر السلبية التي تنبع من الإجهاد وعدم الراحة والعجز بسبب العمل المكثف والقلق والخوف والاهتمام بأمن المجتمع وأفراده. أضف الى ذلك أساليب التأقلم والتكيف النفسي وتقويم نمط الحياة، والأفعال، ودعم الوحدات العسكرية.
هناك حاجة الى تقديم فهم شامل وعميق للتجربة النفسية من خلال نهج ظاهري فقد أدت الحرب التي طال أمدها ضد فيروس كرورونا إلى مشاكل اجتماعية ونفسية حادة، ولدت في كثير من الأحيان حالات انهيار عقلي وهذا ما يتوضح من خلال الزيادة الحاصلة في نسبة الجرائم بشكل عام.
مسارات مفقودة وقرارات سياسية
لازالت مناطق غرب نهر الفرات موضع جدل وخلاف حول معنى الاستقرار وطبيعة العلاقة بين كل من القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) وروسيا وسوريا، هذا الخلاف يمتد أيضاً حتى على مستوى العلاقات بين واشنطن وطالبان التي أجرت مؤخرا حواراً يفضي إلى سحب الجنود الأمريكان من أفغانستان وفيما بعد اتهمت الإدارة الأمريكية روسيا بأنها عرضت مكافآت على طالبان مقابل تهديد أفراد الخدمة الأمريكيين. بمعنى أن عودة التنظيمات الإرهابية لازالت ورقة رابحة لهذه السياسة.
العقبة التي تواجه العراق نتيجة هذا الصراع، إقناع الولايات المتحدة بتحديد مسار العلاقات حيث من المرتقب هناك جولة ثانية لحوار بغداد واشنطن بعد أن أجرى الطرفان في وقت سابق الجولة الأولى.
بات متوقعا، إن هذه المفاوضات ستكون نتائجها مشروطة ويمكن أن تحرج العراق لأنها تتعلق بسياسة إيران التي تحث على إخراج الولايات المتحدة من المسرح العراقي. فمن المتوقع ستكون هناك مساعدات أمنية تعتقد الإدارة الأمريكية إنها مهمة وذات قيمة للعراقيين.
ومايدعم هذه الفكرة، اتضح من خلال ما تم الترويج له من خلال خطاب القيادة المركزية الأمريكية التي تدفع تجاه الإحساس بأن العراقيين استعادوا جزء من القوة المفقودة وهذا سيمنح واشنطن فرصة للحد من النفوذ الإيراني. بمعنى أن القرارات الحكومية في العراق ستكون بعيدة عن التأثير.
لقد انجزت القوات الأمنية العراقية مهام عظيمة ونجحت من خلال التركيز على المناطق التي تسيطر عليها. أما المناطق الرخوة فهناك مسارات مهمة من خلالها يمكن السيطرة أيضاً في المستقبل برغم وجود الكثير من العقبات على الطريق.
التوصيات
إنشاء حكومات محلية وبناء أجهزة أمنية موثقة قادرة على التعامل مع أي نشاط يهدد الأمن، وتكون القوات الأمنية الأخرى مساندة وتقدم الدعم القليل بدلا من الجهد الكبير الذي تبذله الآن. ذلك سيكون قراراً سياسياً أكثر مما هو عسكرياً. وبالتالي يفرض رسم سياسات مستقبلية طموحة، وطن أو أوطان خالية من أي وجود أجنبي فهذا يستدعي أن يهيئ العراق الظروف المناسبة والمضي قدماً في انخفاض العنف والتحقق من عدم وجود ملاذ آمن للتنظيمات الارهابية.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=70529
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات