المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : حازم سعيد باحث اقدم في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
مكافحة الارهاب في أوروبا ـ معايير تصنيف العمليات الارهابية. بقلم حازم سعيد
شهدت الدول الأوروبية سلسلة من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير. وكشفت استخبارات الدول الأوروبية أن أغلب منفذي الهجمات الإرهابية لديهم سجل جنائي وأن منهم من تطرف داخل السجون الأوروبية. هذا مادفع الحكومات الأوروبية إلى أتهاذ إجراءات وتدابير كثير منها ربط سجل الإرهاب بالسجل الجنائي.
تعريف الإرهاب
الإرهاب : هو ترجمة الى التطرف العنيف ، ليتحول من أفكار الى أفعال ، الإرهاب هو اي عمل يهدف الى ترهيب أفراد او مجموعات بدوافع سياسية او ايدلوجية أو عرقية.
لكن كيف يختلف الإرهاب عن التطرف؟ تقول استراتيجية مكافحة التطرف البريطانية لعام 2015 وفق موقع الثقافة ضد التطرف: “التطرف هو المعارضة الصريحة أو النشطة للقيم الأساسية ، بما في ذلك الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية واحترام الأديان والمعتقدات المختلفة والتسامح معها” . وتعتبر الدعوات إلى قتل أفراد من قوات حكومية نوع من انواع التطرف . إن إرتكاب الأعمال ، او ترهيب مجموعة أو أفراد بدوافع ايدلوجية متطرفة، يعني “ترجمة” التطرف الى أفعال.
الإرهاب: هو اي عمل مخطط مسبقًا أو محاولة فعل عنف كبير من قبل جهة فاعلة أو أكثر من غير الدول من أجل تعزيز قضية إيديولوجية أو اجتماعية أو دينية أو عرقية، أو إلحاق الضرر بالمعارضين المتصورين لهذه الأسباب. يمكن أن تشمل أعمال العنف الجسيمة التفجيرات أو استخدام أسلحة الدمار الشامل الأخرى ، والاغتيالات والقتل المستهدف ، وإطلاق النار ، وإشعال الحرائق والقنابل الحارقة ، والاختطاف وحالات أخذ الرهائن ، وفي بعض الحالات ، السطو المسلح. يتكون الإرهاب المحلي من أعمال أو محاولات لأعمال إرهابية يكون مرتكبوها مواطنين أو مقيمين دائمين في البلد الذي يقع فيه الفعل وليسوا أعضاء أو عملاء لمنظمات إرهابية أجنبية أو دولية. المقاتلون الأجانب في بلجيكا ـ تحديات العودة
معايير تصنيف العمليات الإرهابية في أوروبا-مكافحة الإرهاب
يعتمد الاتحاد الأوروبي معايير لتصنيف الحماعات الإرهابية على مستوى الدول الأعضاء وفقا للموقف المشترك (CFSP) 2016/1693) يحدد الأعمال التي تشكل أعمالا إرهابية لهذه الأغراض. عبر الحصول على معلومات دقيقة تشير إلى أن قرارًا قد تم اتخاذه من قبل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أو القضائية مختصة لإدراج الأشخاص والجماعات والكيانات كجماعة إرهابية . كذلك الجماعات التي حدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أنها مرتبطة بالإرهاب والذين أمر بفرض عقوبات عليهم. فأي فرد أو جماعة تقوم بتنفيذ هجمات إرهابية داخل دول التكتل وتنتمي لجماعات تم إدراجها كتنظيم إرهابي يتم تصنيف العملية كعملية إرهابية.
معيار الدوافع : تتردد الحكومات الأوروبية في تصنيف الاعتداءات على أنه “إرهابية” وتنتظر إلى حين استكمال التحقيقات والحصول على بيانات ومعلومات والبحث في عدة معايير دفعت للاشتباه بوجود دوافع إرهابية، من بينها إفادات شهود العيان أثناء تنفيذ العملية كذلك يبحث الإدعاء والمحققون على سجلات منفذ العملية الجنائية قبل التوصل إلى استنتاجات.
يرتكز تصنيف الهجمات في أوروبا ما إذا كانت إرهابية أم غير إرهابية على عدة معايير أبرزها:
معيار الاعتراف : تبنى تنظيم “داعش” العديد من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير منها هجمات باريس 2016 وضاحيتها الشمالية سان دوني، التي شملت إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، وأيضا عملية دهس “يوم الباستيل”.. كذلك سلسلة تفجيرات في مطار بروكسل ومحطة القطارات “مالبيك” في عام 2016. وفي ألمانيا تبنى “داعش” الهجوم الدامي في سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين. وفي بريطانيا عام 2017أعلن داعش تبنيه علملية دهس على جسر وستمنستر في ساحة البرلمان و تفجير انتحاري في مدينة مانشستر البريطانية، ضرب إستاد “مانشيتر أرينا”. كذلك سلسلة هجمات في عاصمة إقليم كتالونيا الإسباني، مدينة برشلونة.
يؤكد منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي “جيل دي كيرشوف” في 17 يوليو 2021 إن تنظيم “داعش” “لم يعد لديه القدرة على إرسال الإرهابيين إلى الأراضي الأوروبية” بفضل “الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي”. “التهديد لا يزال معقدًا” بما في ذلك من خلال “جهات فاعلة منعزلة ، دون ارتباط مباشر بالمنظمة”.
الانتماء لجماعات وتنظيمات إرهابية : أعلن الاتحاد الأوروبي في 18 أكتوبر 2021 تمديده فرض العقوبات ضد تنظيمي داعش والقاعدة حتى 31 تشرين أكتوبر 2022. موضحاً أن “الإجراءات التقييدية الحالية تستهدف تنظيمي داعش و القاعدة والأشخاص والجماعات والشركات والكيانات المرتبطة بهما”. ولطالما كرّر الاتحاد الأوروبي منذ سبتمبر 2016، أنه تمكّن من اعتماد تدابير تقييدية بشكل مستقل ضد تنظيمي داعش والقاعدة والأشخاص والجماعات والمشاريع والكيانات المرتبطة بهما.
معايير تصنيف العناصر الخطرة-مكافحة الإرهاب
تعد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا قوائم لأفراد وجماعات يفترض أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي فعلى سبيل المثال ففي فرنسا، تحتوي الـ”قائمة أس” أسماء أشخاص يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1969. ضمت حوالي نحو (400) ألف اسم يتوزعون على فئات اجتماعية وتوجهات سياسية مختلفة. من جميع شرائح المجتمع المنتمون إلى اليمين المتطرف أو اليسار المتشدد وأضيف لهذه القائمة شريحة اجتماعية جديدة وهي المتطرفون دينيا وكل الذين يشكلون خطرا على الأمن الوطني. وإدراج شخص ما في هذه القائمة من قبل الأجهزة الأمنية لا يعني حتما وجوب توقيفه، بقدر ما يعني مراقبته بشكل مكثف للحيلولة دون تنفيذ أي هجمة أو اعتداء. حوالي (26) ألف ممن يرجح أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي هم حاليا ضمن “قائمة أس”. (10) آلاف منهم لأسباب تتعلق بالتطرف الديني، سواء عن طريق بعض المساجد المتطرفة أو عن طريق الإنترنت، أو داخل السجون.
طورت السلطات الألمانية نظام تصنيف معدل الخطر لدى المتطرفين أبرزها تطوير نظام (iTE) ـ رادار داعش ـ ويقسم من خلاله الخطرين إلى (3) أقسام خطورة مرتفعة باللون الأحمر، خطورة معتدلة باللون الأصفر، خطورة ملحوظة باللون البرتقالي. يشمل المقياس (73) سؤالا من خلاله يتم تحديد الخطورها وأبرزها:
- هل تلقى الشخص تدريبًا عسكريا؟
- هل شارك في أنشطة جهادية بإحدى مناطق الصراع المختلفة؟
- هل حاول الانتحار من قبل؟، وما هي درجة سلامة صحته العقلية؟
- هل يمتلك سجل للسلوك العدواني والعنيف؟
- هل يتعاون الشخص مع سلطات إنفاذ القانون بسلاسة أم لا؟
- هل سبق سجنه وكم كانت الفترة وكيف مرت؟
ربط السجل الجنائي بسجل الإرهاب
أنشأت يوروجست سجلاً قضائيًا أوروبيًا لمكافحة الإرهاب لجمع المعلومات حول الإجراءات القضائية لمكافحة الإرهاب من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتحديد الروابط المحتملة. وتطوير استراتيجيات لمعالجة قضايا محددة ، مثل عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوروبا. ومن خلال التعاون القضائي وبمساعدة يوروجست ، يمكن للسلطات الوطنية أيضًا ضمان دعم وحماية ضحايا الأعمال الإرهابية وضمان حقوقهم. باتت دول الاتحاد الأوروبي ملزمة منذ عام 2018 بإدراج بلاغ في “نظام شنغن للبيانات” لكل القضايا المرتبطة بالإرهاب للسماح بتوقيف الأشخاص الذين يشكّلون تهديداً عند الحدود. المقاتلون الأجانب ـ تشريعات وقوانين جديدة للاتحاد الأوروبي
أجرى “إدوين باكر” بحثًا عن الإرهابيين الجهاديين في أوروبا ، خلص إلى أن حوالي (25%) من الإرهابيين الذين تم أخذ عيناتهم في دراسة عام 2006 لديهم سجل إجرامي. ارتكب العديد منهم جرائم لكنهم لم يقضوا عقوبة من أي نوع. وجدت دراسة حديثة أجرتها جمعية “هنري جاكسون” ، والتي ركزت بشكل صارم على تنظيم “داعش” ، أن (22%) من أولئك المرتبطين بأكثر من (30) عملية إرهابية في الغرب بين يوليو 2014 وأغسطس 2015 لديهم سجل إجرامي سابق. جيث تورط العديد من الإرهابيين في أشكال مختلفة من الإجرام قبل أن يصبحوا جهاديين ، بما في ذلك “عبد الحميد أباعود”، و”أحمد كوليبالي” ، و”محمد لحويج بوهليل”.
التقييم
أصبحت الجماعات الإرهابية شديدة التنظيم وتعمل عبر الحدود، مما يمثل تحديات متزايدة للسلطات االحكومية الأوروبية وأيضا تشكلالعمليات الإرهابية غير المتوقعة لـ”الذئاب المنفرد” تحديًا إضافيًا للسلطات الوطنية. ما دفع الحكومات الأوروبية لإدراج قوائم تدرج فيها العديد من الأشخاص الخطرين للحيلولة دون وقوع اعتداءات إرهابية.
أظهر العديد من المهاجمين المتورطين في هجمات إرهابية في جميع أنحاء أوروبا نشاطًا إجراميًا قبل العمليات ، بما في ذلك صلاح عبد السلام تشير التقديرات إلى أن غالبية المقاتلين الأجانب الجهاديين في أوروبا لديهم خلفيات إجرامية. ولديهم سجلات جنائية قبل السفر إلى مناطق الصراعات ، وبعضهم محكوم عليهم بإدانات جنائية.
يعد التعاون القضائي الفعال بين الدول الأعضاء داخل التكتل الأوروبي ضروري لمنع الهجمات الإرهابية. حيث بات واضحا أن هناك تنسيقا للتحقيقات والملاحقات القضائية وتسهيل التعاون القضائي في عدد متزايد من قضايا الإرهاب. ينبغي على الأجهزة الأمنية الأوروبية تشديد المراقبة على من لديهم سجل جنائي والمدرجين غلى قوائم الإرهاب. كذلك يجب عدم الفصل بين الأنشطة الإرهابية والجريمة، وجود قائمة أوروبية بالمتطرفين المشتبه بهم.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=77992
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
أعنف الهجمات الإرهابية التي هزت أوروبا في العقد الأخير
ألمانيا: التحقيقات الأولية تشير إلى أن عملية الطعن في فورتسبورغ نفذت بدوافع إسلاموية
Domestic Terrorism
فرنسا: ماذا نعني بقائمة “أس” الأمنية؟
الاتحاد الأوروبي يمدّد العقوبات على تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة