مكافحة الإرهاب في أوروبا ـ ماجدوى مراقبة فضاء الشنغن للحد من العمليات الإرهابية ؟
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : جاسم محمد، باحث في قضايا الإرهاب و الإستخبارات ـ بون
مازالت دول أوروبا تشهد نقاشاً حاداً حول فضاء “الشنغن”، بفرض رقابة على حدود الدول الاعضاء، وهذا مايعتبر تحدياً وفي نفس الوقت ربما مخالفاً الى قوانين المفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي. و تطالب بعض دول أوروبا ابرزها فرنسا والمانيا لاعادة قواعد “الشنغن”، ربما محاولة منهم لتعزيز الامن وفرض الرقابة، لكن رغم مطالب فرنسا والمانيا، فان اعادة قواعد الشنغن من المرجح كثيرا ان تقابل بالرفض من قبل المفوضية الأوروبية.
يبقى السؤال قائما، هل تنجح فرنسا وربما المانيا ودول اخرى باقناع المفوضية الاوروبية، باعاد قواعد “الشنغن” ؟ اتفاقية الشنغن جملة تحديات
اتفق وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، يوم 13 نوفمبر 2020، على تبادل المعلومات بشأن مكافحة الإرهاب، مؤكدين أن الحرب ضده ليست موجهة ضد أي معتقد ديني أو سياسي جاء ذلك خلال مؤتمر عبر الفيديو عقده وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي . ودعا وزراء داخلية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد إلى “تعزيز أمن فضاء شينجن والحدود الخارجية للاتحاد. قامت بعض دول الاعضاء في اتقاقية” شنغن” بمراقبة الحدود لفترات محددة يتم تمديدها في اعقاب موجات الهجرة التي ضربت اوروبا عام 2015. وهذا غير قانوني ويهدد اتفاقية شنغن، حسب خبراء.
فضاء الشنغن
هو عبارة عن منطقة تنقل حر لا وجود بين دولها لمراقبة حدودية في الحالات الطبيعية. ويضم فضاء شنغن حاليا 26 دولة بينها 22 من دول الإتحاد الاوروبي. وكانت فرنسا من بين الدول التي أعادت عمليات التدقيق على حدودها في أعقاب حصول اعتداءات الثالث عشر من نوفمبر 2015. ويتم تجديد هذا الاجراء كل ستة أشهر بسبب المخاوف من التهديد الارهابي. وتسمح انفاقية الشنغن حرية حركة الأشخاص والبضائع عبر الحدود. وهذا الاتفاق المبرم بين 26 دولة عضو في “اتفاقية شنغن” والذي يشمل غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي من شأنه خدمة الاقتصاد والأشخاص في التنقل بين هذه الدول.
المادة 29 من أتقاق” الشنغن”
أشارت المفوضية الأوروبية إلى المادتين 25 و 26 من اتفاقية شنغن دون تفسير كيفية تطبيقهما على الوضع الحالي. فالمادتان المذكورتان تشكلان الإطار الأساسي لإعادة إدراج المراقبة، إذ أنه فقط تحت ظروف غير عادية حتى 30 يوما يمكن تمديدها حتى 6 أشهر إلا إذا ظهر وضع حسب المادة 29. والمادة 29 في اتفاقية شنغن هي الأساس القانوني لإدراج مراقبة تتجاوز الشهرين، وذلك عندما يكون هناك خلل كبير ومستمر في مراقبة الحدود الخارجية، يهدد عمل المنطقة بدون مراقبة الحدود الداخلية.
وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الرابع من مارس 2019 نداء متحمسا لإصلاح الاتحاد الأوروبي، والان يعيد ماكرون ذلك النداء في اعقاب العمليات الارهابية التي ضربة فرنسا خلال شهر اكتوبر ونوفمبر 2020.
ويطالب دوما وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر تعليق العمل باتفاقية شنغن ومواصلة الرقابة، التي تم إدخالها على الحدود بعد موجة اللاجئين في عام 2015، لأجل غير مسمى وتوسيع نطاقها أيضاً.الوزير البافاري، كان احد ابرز المهام التي يقوم بها منذ توليه منصبه هو مسك الحدود مع ولايته بافارية بالاشتراك مع النمسا.
وقال زيهوفر في تصريحات خاصة لصحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية في وقت سابق لابد من تطبيق الرقابة على الحدود الداخلية لفترة طويلة، طالما أن الاتحاد الأوروبي لا يقوم بحماية الحدود الخارجية ومراقبتها بشكل فعال. لا أرى حالياً أنه (أن الاتحاد) سينجح في ذلك في المستقبل المنظور”.
وتطالب أجهزة الإستخبارات الأوروبية بتحسين تبادل المعلومات بضرورة المراجعة المنهجية لـنظام شينغن للمعلومات، وتزويده بشكل متجانس من دول الاتحاد الأوروبي كافة، كذلك الإسراع في تبني البرلمان الأوروبي أداة أخرى لمشاركة البيانات وتقاسم المعلومات. هل يبقى الاتحاد الاوروبي متماسكا؟
النتائج :
ـ إن دول الأتحاد الأوروبي تجد نفسها امام تحدي كبير في حفظ الامن وان فضاء الشنغن يعتبر “ثغرة أمنية” يصعب السيطرة عليها، ممكن ان تسهل عملية تنقل الاشخاص داخل هذا الفضاء مابين دولة واخرى بهدف الافلات من الرقابة. يذكر ان الحدود الخارجية لدول الاتحاد الاوروبي الخارجية تقع ضمن مهمة وكالة فرونتيكس.
ـ إن مهمة المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب في لاهاي، مازالت ربما محدودة، يحتاج الى توسيع اعماله على مستوى الاتحاد الاوروبي، وربما يكون هناك وكالة لمرافبة الحدود الداخلية بين الاتحاد ـ فضاء الشنغن عند الازمات، بدل من تركها ضمن مسؤولية الدول الاعضاء في الاتحاد. يذكر ان المركز الأوروبي في لاهاي يقوم في مهام تغذية الدول الاعضاء بالمعلومات الامنية وتقديم التحذيرات بين فترة واخرى.
ـ المراقبة داخل فضاء الشنغن خاصة في غرب اوروبا ، لايعني بالضرورة ان تكون نقاط او مفارز ثابته، فرغم المراقبة على الحدود على سبيل المثال بين هولندا والمانيا وبلجيكا وفرنسا، تكون الحركة طبيعية، لكن هناك مراقبة الكترونية ومتحركة، لاتعرقل سير المركبات والقطارات والاشخاص بين الحدود، لكن تقوم بتتبع الاشخاص والمركبات المطلوبة.
ـ هناك تقارب في الرؤية الفرنسية والالمانية ،في مراقبة فضاء الشنغن، وهذا ما يدعم اي مبادرة او طلب من الدول الاعضاء في مراجعة اتفاقية الشنغن، رغم ان ذلك يعتبر ضعيفا جدا، بسبب تمسك المفوضية الاوروبية والاتحاد الاوروبي بالاتفاقيات الاساسية لهذا الاتحاد، والذي يعتبر الشنغن ابرز مايميز هذا الاتحاد.
ـ التهديدات الارهابية مازالت قائمة، وهي لم تعد تهديدات عابرة للحدود او مستوردة، بقدر ماهي تهديدات محلية وهذا يعني ان اوروبا ستبقى تشهد عمليات ارهابية محلية من الداخل رغم مسك حدودها الخارجية او فضاء الشنغن. ضرب دعائم الاتحاد الاوروبي
ـ تبقى مهمة رصد وتعقب الافراد والمجموعات المطلوبة ، الخطرة عبر فضاء الشنغن هي الافضل، اي تركيز الجهود عل المتابعة المعلوماتية الاستخباراتية، اكثر من نشر القوات وعسكرة الامن، وربما فرنسا من اكثر الدول التي استخدمت نشر القوات على اراضيها ومراقبة الشنغن.
ـ إن الدول الأوروبية،تمشي بالاتجاه الصحيح في فرض الامن وجعل اوروبا نظيفة نسبيا من الارهاب وربما التطرف نسبيا خلال الثلاث سنوات الاخيرة، والان هي في الاتجاه الصحيح و وضع “اريح بكثير” لتعزيز الامن داخل أوروبا، وهذا يعني ، ان ما تشهده اوروبا الان او في المستقبل القريب هي عمليات محدودة. بات ضروريا إعتماد الرصد والمتابعة للعناصر الخطرة عبر فضاء الشنغن اكثر من نشر القوات والمراقبة .
نشر في رؤية الأخبارية
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=72920
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
جدل وخلاف حول شرعية مراقبة الحدود بين “دول شنغن”
ماكرون يقدم مقترحات لأوروبا جديدة وإعادة النظر بفضاء بشنغن
وزير الداخلية الألماني يدعو لتعليق العمل باتفاقية شنغن