الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة الإرهاب ـ واقع الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق وسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد (ملف)

CT-Iraq1
فبراير 18, 2025

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

مكافحة الإرهاب ـ واقع الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق وسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد  (ملف)

1 ـ  مكافحة الإرهاب ـ واقع الجماعات المسلحة الموالية لإيران بعد سقوط نظام الأسد

شهدت سوريا في ديسمبر 2024 تحولًا كبيرا في موازين القوى بعد انهيار النظام السوري السابق، مما أدى إلى انسحاب القوات الإيرانية والجماعات المسلحة الموالية لها بشكل كبير من الأراضي السورية. هذا التراجع العسكري الإيراني يعكس خسارة استراتيجية كبيرة لطهران، التي كانت تعتمد على سوريا كحليف رئيسي في سياستها الإقليمية. تتنامي المخاوف الإقليمبة والدولية من تداعيات هذا الانسحاب على الوضع في المنطقة، بما في ذلك السبل التي قد تتبعها طهران للحفاظ على مصالحها في ظل المتغيرات السياسية.

كم يبلغ حجم التواجد الإيراني قبل انهيار النظام السابق؟

أفاد تقرير في السابع من يناير 2025 أن إيران كان لديها ما يصل إلى (10) آلاف جندي من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، و(5) آلاف جندي آخر من الجيش، بالإضافة إلى آلاف أخرى من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران. امتلكت إيران (55) قاعدة عسكرية في سوريا بالإضافة إلى (515) نقطة عسكرية.

كان على الأراضي السورية ما يقرب من (830) موقعا عسكريا أجنبيا، (70%) منها تابعة لإيران، أي (570). شنت الجماعات المدعومة من إيران في سوريا هجمات على القوات الأمريكية وساعدت في شن هجمات على إسرائيل في ظل وجود النظام السوري السابق. ففي العام 2020، أنفقت إيران ما يقرب من 30 مليار دولار (حوالي 28 مليار يورو) لإبقاء النظام السوري السابق في السلطة.

يوضح “ماركوس شنايدر”، مدير مشروع “السلام والأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” من مؤسسة “فريدريش إيبرت”، أن “سقوط النظام السوري السابق من المرجح أن يكون له تداعيات على مصداقية إيران داخل ما يعرف بـ “محور المقاومة” برمته”. لهذا السبب يرى شنايدر “أن في هزيمة طهران في سوريا تكرارا لسيناريو مماثل لهزيمة السوفييت في أفغانستان. ويمكن أن تبشر أيضًا بنهاية النظام في طهران نفسها”. أمن دولي ـ البلطيق منطقة توتر بعد حرب أوكرانيا

كيف انهارت البنية التحتية الإيرانية العسكرية في سوريا؟

انهارت البنية التحتية الإيرانية العسكرية الواسعة في سوريا مع انهيار النظام السوري السابق. حيث انسحبت القوات الإيرانية إلى حد كبير من سوريا بعد انهيار النظام في ديسمبر 2024، وفقا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين، ويمثل هذا التراجع الإيراني ضربة قوية لاستراتيجية طهران لفرض قوتها في الشرق الأوسط. فقد سحبت إيران كل أفراد الحرس الثوري الإيراني من سوريا، كما سحبت مقاتلي الجماعات المسلحة “الباكستانيين والأفغانيين والعراقيين واللبنانيين والسوريين”.

تراجعت تلك الجماعات، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، إلى “القائم”، وهي بلدة حدودية على الجانب العراقي. كما أن بعض العناصر الإيرانية المتمركزة في دمشق سافرت إلى طهران، بينما فر مقاتلو حزب الله في غرب سوريا برا إلى لبنان. وأُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات العسكرية والأسلحة، والتي دُمر الكثير منها لاحقًا في غارات جوية إسرائيلية أو استولى عليها تنظيم “هيئة تحرير الشام” ومجموعات أخرى.

وصفت “باربرا ليف”، المسؤولة الكبيرة في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، الانسحاب الإيراني بأنه “استثنائي”، وأشارت إلى أن التضاريس الاستراتيجية في سوريا أصبحت الآن معادية للغاية لعودة وجود عسكري إيراني كبير. وأضافت: “هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا إعادة إدخال أنفسهم، لكنها أرض معادية للغاية”.

ما هي تداعيات تراجع النفوذ الإيراني في سوريا؟

يمثل الانسحاب الإيراني نهاية جهد دام سنوات استخدمت فيه طهران سوريا كمحور لاستراتيجيتها الإقليمية الأوسع المتمثلة في الشراكة مع الأنظمة والميليشيات المتحالفة معها لنشر النفوذ وشن حرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وقطع الطريق الذي استخدمته لتزويد حزب الله بالأسلحة والدعم.

يقول العميد الإيراني “بهروز أسبتي”: “إنه يتناقض مع الخط الرسمي الذي اتخذه زعماء إيران بشأن السقوط المفاجئ للنظام السوري السابق، فقد قلل هؤلاء القادة من حجم الخسارة الاستراتيجية التي تكبدتها إيران في سوريا”. وأضاف: “تلقينا ضربة قوية للغاية وكان الأمر صعبًا للغاية”. وكشف الجنرال أن “علاقات إيران مع النظام السوري السابق كانت متوترة مما أدى إلى الإطاحة به، حيث رفضإن النظام السوري طلبات متعددة للجماعات المدعومة من إيران لفتح جبهة ضد إسرائيل من سوريا، في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر 2023”.

يرى مراقبون أن خروج انهيار النظام السوري قد قلص قدرة طهران على إظهار قوتها والحفاظ على شبكتها من الجماعات المسلحة في أنحاء المنطقة. وأضاف المراقبون أن إيران ستواصل دعم وكلائها في الشرق الأوسط، إلا أن هذا لا يخفي حقيقة مفادها أن قدرة طهران المالية والعسكرية قد تقلصت بشكل كبير.

تخشى إيران من تداعيات داخلية فضلا عن فقدان نفوذها في سوريا، بحسب “أنييس لوفالوا” من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط، التي ترى أن “سقوط النظام قد يقلق النظام الإيراني الذي يواجه معارضة داخلية والذي تم إضعافه جراء القصف الإسرائيلي”. ترى لوفالوا أن “الحرس الثوري صامد” حتى الآن، لكن ما حدث يمكن أن يعيد الزخم إلى حركة الاحتجاج الشعبية في إيران. أمن دولي ـ هل من ضغوطات أوروبية على إيران بعد تغيير النظام في سوريا؟

هل يمكن لإيران مستقبلا أن تجد فرصا لاستعادة نفوذها في سوريا؟

لا يزال موقف إيران في مستقبل سوريا غير مؤكد. إن موقف سوريا السابق في “محور المقاومة” ودورها المهم في عقيدة “الدفاع الأمامي” في السياسة الخارجية الإيرانية يفسر سبب قيام إيران بتوجيه عشرات المليارات من الدولارات إلى الجهود الرامية إلى دعم النظام السوري السابق منذ عام 2011.

يواجه النظام الإيراني أيضًا حقيقة مفادها أن دولًا إقليمية كانت وراء التطورات في سوريا وسوف تصبح الطرف المهيمن في مستقبل سوريا. وفي هذه المرحلة، قد تتبنى إيران نهج الانتظار والترقب، معتمدة على سيناريوهات عدم الاستقرار في سوريا التي قد توفر فرصا للتحالف مع المعارضة للنظام الجديد.

لن تتخلى إيران عن طموحاتها في الهيمنة الإقليمية، ويبدو أنها قد تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الجماعات الجهادية في سوريا التي تنوي مواصلة الأنشطة الجهادية ضد إسرائيل من الأراضي السورية. وتشمل هذه الجماعات نشطاء جهاديين سلفيين، وقد تتلقى هذه المجموعات الدعم من إيران. ويمكن الافتراض أن إيران ستسعى إلى استعادة قنوات نفوذها في سوريا من خلال استغلال علاقاتها مع قيادة تنظيم القاعدة.

ستسعى إيران لتغيير استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها عبر منع إنشاء نظام جديد ومستقر في سوريا، حيث دعمت في السابق قوى عمدت إلى زعزعة الاستقرار في العراق وأفغانستان لمواجهة النفوذ الأمريكي وفرض قوتها.

لماذا هناك مخاوف من مستقبل الأقليات في سوريا؟

تنامت مخاوف الأقليات من المستقبل في سوريا، على الرغم من تعهد النظام الجديد باحترام الحريات. تمارس الولايات المتحدة والدول الأوروبية ضغوطات على النظام السوري الجديد، حيث لا تزال تفرض عقوبات على سوريا كدولة وتحتفظ بإجراءات منفصلة ضد الجماعات التي تهيمن على الحكومة الجديدة.

تخشى الأقلية التي ينتمي إليها بشار الأسد أن يوصفوا بكونهم من أتباع النظام السابق، ويراقبون بخوف ما يحدث منذ سقوط النظام في الثامن من ديسمبر 2024. فهناك تخوّف من أن يُحسبوا على النظام السابق، وأن يتعرضوا للتمييز والعنصرية، حسب وصفهم.

يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال تخفيف العقوبات على دمشق إلى تمكين سوريا من إعادة بناء نفسها، مع الاحتفاظ بوسيلة ضغط في حال لم تلتزم الحكومة السورية الجديدة بحقوق الأقليات. يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، “برتران بادي”: “أن دمشق لن تتمكن من فرض نفسها على الساحة الدولية دون تقديم ضمانات لتحقيق قدر من التعددية السياسية، وهذا يعني إعادة تشكيل مجتمع سياسي وطني، عبر التفاوض مع الأكراد والعلويين”. أمن قومي ـ أهم التهديدات الأمنية الحالية لدول الاتحاد الأوروبي

يوضح جيمس دورسي، الخبير في الشأن السوري من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن حقيقة عدم وقوع أعمال عنف ضد الأقليات حتى الآن هي “علامة تبعث على الأمل”. غير أن السفير الألماني السابق في دمشق “أندرياس راينيكه” يبدو أكثر تشككا، فهو يرى أن أيديولوجية تنظيم القاعدة لا تزال متجذرة في “هيئة تحرير الشام”. وأضاف “أن مستقبل الأقليات في سوريا معرض للخطر”.

**

2 ـ مكافحة الإرهاب ـ دور الجماعات المسلحة في معادلات القوة الإقليمية بعد سقوط الأسد

شهدت المنطقة العربية تحولات كبرى خلال العقد الأخير، حيث لعبت الجماعات المسلحة دورًا محوريًا في معادلات القوة الإقليمية، خاصة في ظل الأزمات التي اجتاحت سوريا والعراق واليمن. ومع سقوط نظام بشار الأسد، يتوقع أن تدخل هذه الجماعات في مرحلة جديدة من إعادة التموضع والبحث عن حلفاء وموارد جديدة للبقاء والتأثير. في الوقت نفسه، ستشهد المنطقة إعادة توزيع للنفوذ الإقليمي، حيث ستسعى دول مثل إيران وتركيا إلى إعادة ضبط استراتيجياتها بناءً على المستجدات. في هذا السياق، يبرز السؤال الرئيسي: كيف ستؤثر هذه التغيرات على معادلات القوة الإقليمية، وما هو الدور المستقبلي للجماعات المسلحة في هذه المعادلة؟

ما علاقات الجماعات المسلحة في سوريا بإيران؟

شكلت إيران العمود الفقري لدعم العديد من الجماعات المسلحة في سوريا والعراق منذ عام 2011، معتبرة ذلك جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية لمواجهة النفوذ الأمريكي والعربي في المنطقة. ومع سقوط الأسد، ستواجه إيران تحديات جمة في استمرار دعم هذه المجموعات، سواء بسبب الضغط الدولي المتزايد أو بفعل التغيرات الداخلية التي قد تطرأ على النظام الإيراني نفسه. من المحتمل أن تعتمد إيران على أساليب غير مباشرة في الدعم، مثل تهريب الأسلحة عبر العراق ولبنان، أو تمويل العمليات عبر شبكات اقتصادية معقدة تشمل تجارة المخدرات وعمليات غسل الأموال. كما قد تلجأ إلى إعادة توجيه الدعم نحو الجماعات الأكثر ولاءً لها، مثل حزب الله، الذي يمتلك بنية تنظيمية أقوى وقدرة على البقاء والاستمرار بمعزل عن الدولة السورية.مكافحة الإرهاب ـ واقع الجماعات المسلحة الموالية لإيران بعد سقوط نظام الأسد

ما طرق التمويل والتسليح البديلة؟

مع تضاؤل الدعم الإيراني المحتمل، ستجد الجماعات المسلحة نفسها في حاجة ملحة إلى مصادر تمويل وتسليح بديلة. في هذا الإطار، قد تلجأ هذه الجماعات إلى عدد من الوسائل، أبرزها:

الاقتصاد الموازي والجريمة المنظمة: مثل تهريب المخدرات، وتجارة النفط غير المشروعة، وفرض الإتاوات في المناطق التي تسيطر عليها.

التعاون مع قوى إقليمية أخرى: مثل بعض الدول التي قد تسعى لاستقطاب بعض الفصائل المسلحة السنية لخدمة مصالحها في سوريا والعراق.

الدعم الشعبي والجمعيات الخيرية: عبر استغلال التبرعات القادمة من أفراد أو منظمات مدنية متعاطفة مع أيديولوجياتها.

التحالفات مع جماعات دولية: حيث يمكن لبعض المجموعات أن تنسج علاقات مع تنظيمات خارجية تتقاطع مصالحها مع أهدافها.

يقول آرون لوند، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، إن “تفكك النظام السوري قد يفتح الباب أمام صراعات داخلية جديدة بين الفصائل المسلحة، حيث ستتنافس الجماعات المدعومة من جهات إقليمية مختلفة على السيطرة”. في المقابل، يشير تشارلز ليستر، الخبير في الحركات الجهادية، إلى أن “غياب سلطة مركزية قوية في سوريا قد يمنح الجماعات المتطرفة فرصة لإعادة التموضع، خاصة في المناطق الحدودية مع العراق ولبنان”. من جانبه، يرى فابريس بالونش، الباحث في الجغرافيا السياسية، أن “تركيا وإيران ستكونان أكثر الأطراف تأثرًا بسقوط الأسد، إذ ستسعى كل منهما إلى تأمين مصالحها عبر وكلائها المحليين، مما قد يؤدي إلى تصاعد المواجهات على الأرض”. ويرى محللون آخرون أن إعادة الاستقرار إلى سوريا ستتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا، حيث ستلعب واشنطن وموسكو دورًا رئيسيًا في تحديد شكل النظام الجديد ومستقبل الجماعات المسلحة.

ما تأثير الجماعات على الوضع الأمني في العراق؟

العراق كان ولا يزال ساحة رئيسية لنشاط الجماعات المسلحة، خاصة تلك المدعومة من إيران. ومع سقوط الأسد، قد تجد بعض الجماعات المسلحة داخل العراق، مثل الحشد الشعبي، نفسها في وضع معقد، حيث سيتعين عليها إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية والسياسية. فإما أن تنخرط في الداخل العراقي بصورة أعمق، أو تسعى للحفاظ على نفوذها في سوريا لمنع تمدد قوى أخرى مثل داعش أو الجماعات المدعومة من تركيا.

يضاف إلى ذلك احتمال نشوب صراعات داخلية بين الفصائل المسلحة المختلفة على النفوذ والمناطق الاستراتيجية، مما سيؤدي إلى موجة جديدة من الاضطرابات الأمنية داخل العراق. كما أن الحكومة العراقية، التي تحاول تحقيق توازن بين واشنطن وطهران، قد تجد نفسها أمام تحدٍ صعب في التعامل مع هذه الجماعات.مكافحة الإرهاب ـ كيف يشكل المقاتلون الأجانب في سوريا تهديدا لأوروبا؟

ما التحركات العسكرية والسياسية في سوريا بعد الأسد؟

مع تغير المعادلة السياسية في سوريا، تواجه الجماعات المسلحة تحديات كبيرة في الحفاظ على نفوذها. بعضها قد يحاول التكيف مع الحكومة الجديدة عبر الاندماج في مؤسسات الدولة أو إعادة تشكيل نفسه ككيانات سياسية شرعية، بينما قد تلجأ جماعات أخرى إلى تصعيد العمل العسكري لتعويض خسائرها. الفصائل التي كانت تعتمد على الدعم الإيراني قد تجد نفسها في موقف صعب إذا ما قررت طهران تقليص تمويلها أو إعادة توجيه دعمها إلى ساحات أخرى مثل العراق واليمن. على المدى المتوسط، قد تصبح بعض الفصائل المسلحة أدوات في صراعات إقليمية بين القوى الكبرى، مما يطيل أمد عدم الاستقرار داخل سوريا. في المقابل، ستسعى الحكومة السورية الجديدة إلى استيعاب بعض الفصائل المعتدلة ضمن الجيش الوطني أو الأجهزة الأمنية، في محاولة لخلق توازن جديد يمنع حدوث فراغ أمني قد تستغله الجماعات المتطرفة مثل داعش أو تنظيمات أخرى.

بعد سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع رئاسة سوريا، بدأت معادلات القوة تتغير بسرعة على الأرض، حيث توزعت السيطرة بين الفصائل المسلحة والقوى الإقليمية. من أبرز التطورات:

تصاعد الصراعات الداخلية: تشهد سوريا مواجهات بين الفصائل المسلحة المختلفة، سواء تلك المدعومة من إيران، أو دول أخرى، أو حتى الفصائل الجهادية، حيث تسعى كل منها إلى فرض سيطرتها على بعض المناطق الاستراتيجية.

تعزيز النفوذ الكردي: تحاول قوات سوريا الديمقراطية استغلال الفراغ السياسي لتوسيع نطاق سيطرتها، ما قد يؤدي إلى صدامات مع الفصائل العربية أو القوات التركية.

بروز مناطق حكم ذاتي: بدأت بعض الفصائل المسلحة في إدارة مناطقها بشكل مستقل، وهو سيناريو قد يؤدي إلى مزيد من التفكك في بنية الدولة السورية.

تدخلات إقليمية ودولية مكثفة: تسعى كل من روسيا، وتركيا، وإيران إلى توسيع نفوذها لضمان حماية مصالحها في سوريا ما بعد الأسد، وهو ما قد يؤدي إلى صراعات بالوكالة بين هذه القوى.

ما دور التحالفات الإقليمية في احتواء نفوذ هذه الجماعات؟

مع سقوط نظام الأسد، تلعب التحالفات الإقليمية دورًا محوريًا في الحد من نفوذ الجماعات المسلحة التي استغلت الفوضى السياسية والعسكرية خلال السنوات الماضية. تسعى الدول العربية، إلى إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية عبر تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة الجديدة، مع تعزيز التعاون الأمني لضبط الحدود ومنع تدفق السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري.

تحاول تركيا، التي دعمت فصائل معارضة في الشمال، التفاوض على تسوية تضمن مصالحها الأمنية، خاصة فيما يتعلق بالحد من النفوذ الكردي. من جهة أخرى، تعمل إيران على الحفاظ على نفوذها عبر الفصائل المسلحة التي دعمتها خلال الحرب، مما يدفع القوى العربية إلى تعزيز التنسيق الأمني والعسكري للحد من هذا التأثير.

الدور الروسي يظل مؤثرًا، حيث تحاول موسكو دفع الفصائل الموالية لها إلى الاندماج في الجيش السوري الجديد لضمان توازن القوى. على المستوى الدولي، يمكن للتحالفات الإقليمية أن تلعب دور الوسيط في صفقات نزع السلاح وتسريح المقاتلين، مما يسهم في استقرار البلاد على المدى الطويل. نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى توافق القوى الإقليمية على رؤية مشتركة لمنع سوريا من التحول إلى ساحة صراع دائم بين الميليشيات المتنافسة.مكافحة الإرهاب ـ ما موقف أوروبا تجاه تغيير ديناميات الجماعات المسلحة في سوريا؟

ما طبيعة المواقف الدولية؟

واشنطن وبروكسل ستنظران إلى مرحلة ما بعد الأسد من زاوية مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي. ستحاول الولايات المتحدة دعم القوى التي تتماشى مع استراتيجيتها في محاربة الجماعات المتطرفة، بينما سيظل الاتحاد الأوروبي مهتمًا بملف اللاجئين ومنع تصدير الإرهاب إلى أراضيه. كما أن الطرفين سيعتمدان على فرض عقوبات اقتصادية لمحاصرة مصادر تمويل هذه الجماعات.

أشارت  كاي كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في 27 يناير 2025 إلى توقعها التوصل إلى اتفاق لتخفيف العقوبات عن سوريا، قائلة: “نتوقع التوصل إلى اتفاق اليوم لتخفيف العقوبات عن سوريا”. والي أدييمو، نائب وزيرة الخزانة الأمريكية: عند الإعلان عن تخفيف بعض العقوبات على سوريا، في 7 يناير 2025 صرح قائلاً: “نهاية حكم بشار الأسد الوحشي والقمعي، المدعوم من روسيا وإيران، توفر فرصة فريدة لسوريا وشعبها لإعادة البناء”.

**

3 ـ مكافحة الإرهاب ـ ما وضع الجماعات المسلحة في سوريا والعراق بعد سقوط الأسد؟

لم تقتصر تداعيات سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، على الداخل السوري فقط، بل امتدت للعراق نظراً للحدود المشتركة بينهما، وتشابه المشهد السياسي لوجود جماعات مسلحة موالية لإيران بالبلدين، إضافة إلى قضية الأكراد، وبقاء خلايا تنظيم “داعش” على الحدود بينهما. وبات مصير نفوذ إيران في سوريا والعراق مرهوناً، بقدرة الجماعات المسلحة التابعة لها على التأقلم مع المتغيرات المحلية بالدولتين والإقليمية في الشرق الأوسط، خاصة وأن التحول السياسي بسوريا تزامن مع تطورات المشهد في غزة ولبنان، والتصعيد الإسرائيلي في أكثر من جبهة واستهدافه لقيادات بحزب الله اللبناني وحركة حماس.

ما نقاط القوة والضعف للجماعات المسلحة بسوريا بعد سقوط الأسد؟

الجماعات المدعومة من إيران: فقدت جماعات “حزب الله اللبناني” و”لواء فاطميون الأفغاني” و”لواء زينبيون الباكستاني” و”الحشد الشعبي العراقي” قوتها بعد سقوط نظام الأسد، وتتمثل نقاط ضعفهم بأنهم أكبر الخاسرين بسوريا وسط خسائر متتالية لإيران بالمنطقة، ما يجعل تواجدهم مهمة مستحيلة، في ظل رفض هيئة “تحرير الشام” المسيطرة على زمام الأمور بسوريا، أن تعيد إيران تأسيس هذه الجماعات.

تظل نقاط القوة التي ستركز عليها، حالة الفوضى المنتشرة بسوريا على المستويين الأمني والسياسي، واستغلال حوادث العنف وهجمات تنظيم “داعش” للظهور مجدداً في مناطق نفوذ النظام السوري السابق.

الجماعات المدعومة من تركيا: تصاعد نفوذ “الجيش السوري الحر” المدعوم من تركيا بسقوط نظام الأسد، ونجح في السيطرة على منطقة تل رفعت ومدينة منبج بريف حلب في ديسمبر 2024، وتسببت الاشتباكات بين هذه الفصائل وقوات سوريا الديمقراطية في سقوط مئات القتلى في شمال شرق سوريا، لحصولها على دعم غير مسبوق من جانب تركيا، الأمر الذي يعد نقطة قوة لها.

تتمثل نقاط ضعفها، في الانتقادات الدولية لممارساتها التي تنتهك حقوق الإنسان، والضغط الغربي على أنقرة بفرض عقوبات عليها، بجانب طرح الحكومة الانتقالية مسألة حصر السلاح في يد الدولة السورية فقط.

الأكراد: تواجه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الجناح العسكري للأكراد تحديات، كالهجمات المتكررة على مناطق نفوذها من قبل فصائل موالية لتركيا، ومعارضة الأخيرة لوجود الأكراد في شمال وشمال شرقي سوريا، ومشاركتهم بالمرحلة الانتقالية، والضغط لحل قسد وتسليمها للسلاح. بجانب الخلاف بين “المجلس الوطني الكردي” و”حزب الاتحاد الديمقراطي”.

يظل الدعم الأمريكي والفرنسي لقسد نقطة قوة لها، ويربط الغرب بين مشاركة الأكراد في الإدارة الجديدة ورفع العقوبات عن سوريا، نظراً لدور قسد في مكافحة داعش.

تنظيم داعش: يستغل داعش التواجد الإسرائيلي بهضبة الجولان السورية، للتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشن هجمات. ويسعى لإعادة بناء صفوفه، في ظل تواجد عناصر للتنظيم بسجون في شمال شرقي سوريا. لكن الخلاف بين داعش وهيئة تحرير الشام يظل عائقاً أمام هذه التحركات، كما أن داعش لم يعد يمتلك قوة كافية، ما يدفعه لشن هجمات مباغتة ضد أهداف صغيرة، لإثبات فشل الهيئة في إدارة المرحلة.مكافحة الإرهاب ـ ما موقف أوروبا تجاه تغيير ديناميات الجماعات المسلحة في سوريا؟

ما قدرة الجماعات المسلحة بسوريا على البقاء في ظل التحولات الجديدة؟

الجماعات الموالية لإيران: يصبح تأقلم الفصائل الموالية لإيران صعب، بعد مغادرة “لواء فاطميون” سوريا، وربما تلجأ طهران لإعادة توظيفهم في نزاعات إقليمية أخرى، لدعم حزب الله بلبنان والفصائل بالعراق والحوثيين باليمن. ولكن رغبة إيران للتواجد في سوريا، يدفعها لإبقاء هذه الفصائل كخلايا نائمة لا تمارس أي نشاط عسكري أو سياسي، بل تندمج داخل المجتمع السوري، لاستقطاب عناصر جديدة لصفوفها، وأن تصبح في حالة تأهب لاستعادة نفوذها تدريجياً في ضوء الغموض السياسي الراهن.

الجماعات الموالية لتركيا: في 30 ديسمبر 2024 توسعت المعارك بين الجيش السوري الحر الموالي لتركيا وقوات قسد في شمال سوريا وشرقها. واستهدفت الفصائل محور سد تشرين بشرق حلب، وقرية التروازية بريف الرقة بالمدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة، وشنت هجوماً على الأمن الداخلي لقسد “الأسايش” شمال الرقة. وأكدت وزارة الدفاع التركية، استمرار عملياتها غير التقليدية ضد الأكراد بشمال العراق وسوريا.

بحث الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 4 فبراير 2025، مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، إيجاد أرضية مشتركة لإيقاف أنشطة قسد، الأمر الذي يشير إلى احتمالية حصول الجماعات الموالية لأنقرة على نفوذ أكبر .

الأكراد: يرتبط بقاء قوات قسد باستمرار الدعم الأمريكي، وفي 30 يناير 2025 توقف التمويل الأمريكي لأيام، ما أدي لعدم حضور الحراس المحليين لتأمين السجون والمخيمات التي تضم عناصر وعائلات داعش، وسرعان ما عاد التمويل لمدة أسبوعين، دون معرفة الخطة بعد انتهاء هذه المدة، الأمر الذي سينعكس على رواتب الحراس وتأمين مناطق شمال شرق سوريا وتوفير المساعدات للمخيمات.

أشار مسؤولون أمريكيون في 5 فبراير 2025، إلى أن البنتاغون يخطط لسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، في غضون (30) أو  (60) أو (90) يوماً.

تنظيم داعش: أعدم داعش (54) عنصراً من قوات النظام السوري السابق في بادية حمص وسط سوريا في 10 ديسمبر 2024، وخلال ديسمبر 2024 شن (7) هجمات، سقط فيها (72) قتيلاً مدنياً وعسكرياً. وفي 11 يناير 2025 أحبط جهاز الاستخبارات العامة محاولة لداعش، لاستهدف مقام السيدة زينب جنوب دمشق، كـأول ظهور علني للتنظيم بالعاصمة السورية منذ 2018. وفي حال انسحاب القوات الأمريكية، سيتمدد داعش بصورة ملحوظة تتيح له شن هجمات نوعية ضد السجون والمخيمات التي تضم عناصره. مكافحة الإرهاب ـ قراءة لواقع الأمن في سوريا بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على دمشق

ما احتمالية إعادة الجماعات المسلحة تنظيم صفوفها بالعراق؟

الجماعات الموالية لإيران: تسيطر إيران على جماعات “حزب الله العراقي” و”حركة النجباء” و”حركة أنصار الله الأوفياء” و”كتائب سيد الشهداء” و”الحشد الشعبي”. وشنت بعض الفصائل هجمات على القوات الأمريكية في 2023 و2024 لإظهار قدراتها.

تتجه أنظار إيران للجماعات بالعراق لتعزيز نفوذها وتعويض خسائرها بسوريا، خاصة وأن بعض أعضاء “لواء فاطميون وزينبيون” فروا للعراق عبر مدينة القائم، حيث تتواجد قوات الحشد الشعبي. وحذرت حركة “النجباء” الفصيل المقرب لإيران، من عواقب ما حدث في سوريا.

يرى المحرر في منتدى آفاق للشرق الأوسط أرمان محموديان، أن قوات الحشد الشعبي تتمتع بمرونة لاستمرار الدعم الإيراني لها، خاصة وأنها أظهرت قوة تحالفها الإيديولوجي والسياسي مع إيران الفترة الماضية، منوهاً إلى أنها تعول على انسحاب القوات الأمريكية من العراق لتعزيز نفوذها.

تسعى هذه الفصائل إعادة تموضعها لضمان البقاء في ظل المتغيرات الإقليمية، عبر تصدير أن الوضع بسوريا يشكل تهديداً لأمن واستقرار العراق، بانتشار الإرهاب وتقويض الحكم.

تنظر طهران للجماعات العراقية بأنها بوابة لاستعادة نفوذها بسوريا، وفي ديسمبر 2024، نوه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إلى احتمالية ظهور مجموعات سورية تابعة لبلاده، وألمح وزير الخارجية الإيراني عباس قراجي، إلى حدوث تطورات بالمستقبل، ما يعني أن الفصائل العراقية سيكون لها دوراً محورياً في أي سيناريو في هذا الإطار.

الأكراد: تأزم وضع قوات “قسد” بسوريا، يعقد وضع أكراد العراق، خاصة بعد الضغوط التركية لطرد الأكراد المسلحين في شمال العراق، وفي 26 يناير 2025 أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان محادثات مع المسؤولين العراقيين، حول هذا الأمر. وأعلنت تركيا مقتل مسلحين من أكراد العراق في 28 يناير 2025.

مصير أكراد العراق بات مرتبطاً، بتسوية الخلافات بين قسد والإدارة السورية الجديدة وتحركات تركيا، وفي حالة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق، يعني دخولهم في مواجهة مباشرة مع النفوذ التركي، وجر أحزاب كردستان العراق في مواجهة مباشرة معه.

تنظيم داعش: احتمالية عودة التنظيم في البادية السورية المحاذية للحدود العراقية، يمنح الخلايا المتواجدة على الحدود السورية العراقية فرصة للتنامي مرة أخرى، وحذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، من ترتيب داعش صفوفه في حال الاستيلاء على أسلحة من مخازن النظام السوري السابق.

يحشد العراق أعداد كبيرة من القوات الأمنية، على الشريط الحدودي مع سوريا، منذ نوفمبر 2024. وشنت القوات العراقية عمليات نوعية في 29 يناير 2025، أسفرت عن اعتقال (4) عناصر تنتمي لداعش في محافظة كركوك، بعد رصد تحركاتهم لنقل أسلحة، ورفع علم التنظيم على إحدى القرى بكركوك.

ما فرص اندلاع صراعات داخلية بين الفصائل الموالية لإيران بالعراق؟

تواجه فصائل إيران بالعراق تحديات، كخطاب الإدارة السورية الجديدة الذي يتضمن تطمينات لمنع أي أنشطة جهادية بسوريا، ما يخالف توقعات هذه الفصائل بشأن لجوء الإدارة السورية إلى خطاب متطرف، يمكن استغلاله لصالح أنشطتها المسلحة بالعراق.

تراقب الأطراف الدولية نشاط هذه الفصائل، لمنع تدخلها في المرحلة الانتقالية بسوريا، فأي انخراط في أنشطة مسلحة بسوريا، سيضعها في مأزق. وتتخوف من سياسة إدارة دونالد ترامب، خاصة وأنه في ولايته الأولى كان يعتبر العراق امتداداً للنفوذ الإيراني بالمنطقة، وتتجه التوقعات إلى احتمالية فرض عقوبات على الفصائل الإيرانية، وتوجيه ضربات لأهدافها ومواقعها العسكرية، باعتبارها الركيزة الرئيسية لنفوذ إيران الآن.

الضغوط الخارجية تثير خلافات بين الفصائل العراقية، وفي 4 نوفمبر 2024، أكد المرجع الشيعي الأعلى بالعراق علي السيستاني، على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة العراقية، وتحكيم سلطة القانون ومنع كل التدخلات الخارجية. التصريحات تعد استكمالاً للانقسام بين الفصائل حول الانخراط في الصراع الدائر بالمنطقة، بشن هجمات ضد القوات الأمريكية بالعراق. في يناير 2025 شددت الحكومة العراقية على أهمية جمع السلاح وجعل قرار الحرب والسلم بيدها، ما أدى لزيادة الفجوة بين الفصائل بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.

ما دور الحكومة العراقية في تقويض نفوذ الجماعات المسلحة؟

أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في 4 يناير 2025، أن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقاً للعدوان على أي من جيرانها، مشدداً على عدم الانحياز لأي جهة بسوريا.

يحرص العراق على منع أي محاولات تجعله ساحة للصراع بين إيران وسوريا، فالأولى لم تتمكن من تكرار نموذج حزب الله في العراق عبر “منظمة بدر”، فالحكومة العراقية سعت لاحتواء هذه الجماعات، ما دفع طهران للتركيز على الفصائل الأقل ثقلاً.

تجدد الحديث في 17 يناير 2025، عن إقناع الفصائل لتسليم السلاح أو الانضمام للجيش العراقي، ونفت “حركة النجباء” وجود أي حوار مع الحكومة العراقية بشأن هذه النقطة.

يضع العراق خطة بديلة لتحجيم نفوذ الفصائل الإيرانية، بأن يصبح الوسيط بين واشنطن وطهران لتهدئة التوترات بينهما، والداعم لسوريا بتقديم النفط والحبوب بشرط أن تصبح العملية السياسية شاملة جميع السوريين.مكافحة الإرهاب ـ هل يستطيع “داعش” استغلال الفراغ السياسي والأمني في سوريا؟

ما طبيعة التعاون الإقليمي والدولي لإضعاف الجماعات المسلحة؟

تركز الجهود الدولية والإقليمية على أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية، لمنع تمدد نفوذ الجماعات المسلحة بسوريا والعراق. ورغم أنه من المقرر انسحاب القوات الأمريكية من القواعد بالعراق بحلول 2026، فمن المرجح أن تعيد بغداد وواشنطن التفكير في الاتفاقية الأمنية التي أعلنت في سبتمبر 2024، حتى لا تستغل الجماعات المسلحة هذا الفراغ الأمني وتعزز من وجودها بالعراق وسوريا.

استعادة الاقتصاد السوري عافيته ورفع العقوبات عنه، تعد وسيلة لمواجهة الجماعات المسلحة، وتضمنت زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لتركيا، مناقشة لفتح آفاقاً استثمارية، لإعادة بناء البنية التحتية وإعادة إعمار سوريا، ما يخلق فرص عمل ويرفع من مستوى المعيشة.

على المستوى الأمني، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، إن داعش يسعى لإخراج (8) آلاف عنصر من سجون سوريا، مؤكداً عدم السماح لداعش بإعادة تشكيل نفسه. ومنذ سقوط نظام الأسد، استهدفت غارات للبنتاغون أكثر من (75) هدفاً لداعش بسوريا، لضمان عدم استغلال الوضع لإعادة تشكيل صفوفه، ما يمنع الفصائل الإيرانية من توظيف الوضع لصالح أنشطتها بسوريا والعراق.

 **

تقييم وقراءة مستقبلية

ـ تكبدت إيران خسارة كبيرة نتيجة الانسحاب العسكري من سوريا، وهو ما يضعف قدرتها على تنفيذ استراتيجيتها الإقليمية التي كانت تعتمد على سوريا كمركز نفوذ ومحور أساسي في “محور المقاومة”. وكانت إيران قد أسست وجودًا عسكريًا جعلها عنصرًا حاسمًا في الصراع السوري، ووسيلة رئيسية لنقل نفوذها إلى المنطقة.

– يمكن القول أن الانسحاب الإيراني المفاجئ أظهر فشلًا في استراتيجيتها في سوريا، الأمر الذي يحمل تداعيات ليس فقط على إيران وإنما على توازنات المنطقة، ما قد يشهد تحولات في طبيعة الحروب بالوكالة في المنطقة.

– يبدو أن سوريا ستظل ساحة صراع معقدة بين القوى الإقليمية والدولية، حيث بات متوقعا استمرار إيران في محاولاتها لاستعادة نفوذها، ولكن بتكتيك مغاير واتخاذ نهجًا أكثر سرية، مع التركيز على دعم الحوثيين في اليمن، والجماعات الجهادية في المنطقة، مثل تنظيم القاعدة.

– إن الانسحاب الاستراتيجي في سوريا قد يضع إيران أمام خيارين إما دعم نظام سوري جديد يتبنى موقفًا أقل تماشيًا مع مصالحها، و تبني سياسة “الانتظار والترقب”، أو توثيق علاقاتها مع دول إقليمية أخرى من خلال تدخلات في صراعات جديدة، لا سيما في العراق ولبنان.

– من غير المرجح أن تسمح “هيئة تحرير الشام” للحرس الثوري الإيراني بتجديد وجوده العسكري في سوريا في القريب العاجل. وهذا يدل على وجود توتر أو معارضة من “هيئة تحرير الشام” لوجود إيران العسكري في المنطقة.

– يشكل التعامل مع الأقليات عنصرًا حاسمًا لضمان الاستقرار في سوريا في المستقبل، خاصة في ظل الضغوط الغربية التي تسعى إلى ضمان التعددية السياسية.

**

– بعد سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع الحكم، تمر سوريا بمرحلة تحول حاسمة في توازنات القوى الإقليمية. كان النظام السابق يمثل حليفًا استراتيجيًا لإيران، ولكن مع تغير القيادة، تعيد الدول الإقليمية ترتيب سياساتها وفقًا للواقع الجديد.

–  من المحتمل أن تسعى إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا من خلال دعم الفصائل المسلحة الموالية لها، لكنها ستواجه تحديات كبيرة، خاصة مع محاولات الحكومة الجديدة تقليل الاعتماد على النفوذ الإيراني.

–  تركيا ترى سقوط الأسد فرصة لتعزيز دورها في الشمال السوري، حيث تحاول بسط نفوذها عبر دعم فصائل موالية لها والتوسع عسكريًا تحت ذريعة حماية أمنها القومي. أما الدول العربية، فتتجه نحو استعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، مما قد يؤدي إلى تحجيم دور الجماعات المسلحة وتدعيم استقرار النظام الجديد.

– المشهد الإقليمي بعد سقوط الأسد سيظل معقدًا، حيث ستتنافس القوى الكبرى على إعادة صياغة معادلات القوة. ستواجه الجماعات المسلحة تحديات كبيرة، سواء في تأمين الدعم أو في الحفاظ على نفوذها، بينما ستسعى الدول الإقليمية والدولية إلى ضبط التوازنات لمنع تمدد الفوضى.

– على المدى الطويل، قد تتضاءل قوة بعض الفصائل المسلحة نتيجة فقدان الدعم، فيما قد تنجح أخرى في التحول إلى لاعبين سياسيين ضمن ترتيبات جديدة. ولكن في كل الأحوال، فإن المنطقة مقبلة على مرحلة من عدم الاستقرار قد تستمر لسنوات، ما لم يتم التوصل إلى حلول سياسية شاملة تضمن إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة.

– سوريا ما بعد الأسد ليست بمنأى عن التحديات الأمنية، حيث أن انهيار النظام السابق ترك فراغًا سياسيًا وعسكريًا تستغله الجماعات المسلحة لزيادة نفوذها في بعض المناطق. رغم أن الحكومة الجديدة تسعى إلى فرض سيطرتها الكاملة، إلا أن استمرار وجود الجماعات المسلحة المدعومة خارجيًا، سواء، قد يؤدي إلى اندلاع موجات جديدة من العنف. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال أن تقوم الجماعات الجهادية، بتوسيع عملياتها في بعض المناطق مستغلة ضعف التنسيق الأمني في المرحلة الانتقالية.

– يشكل ملف اللاجئين العائدين تحديًا كبيرًا، حيث أن إعادة إدماجهم تحتاج إلى استقرار أمني واقتصادي لم يتحقق بعد. في الوقت نفسه، تتخوف بعض المجتمعات المحلية من انتقام الفصائل المتصارعة، مما قد يؤدي إلى نزوح داخلي جديد داخل البلاد. تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا الجديدة سيتطلب جهودًا كبيرة من الحكومة، بدعم إقليمي ودولي، لضبط الوضع الأمني وإعادة بناء المؤسسات الأمنية على أسس أكثر شمولية ومهنية.

**

– خسائر إيران لنفوذها في لبنان وسوريا في 2024، يجعلها تفكر في آليات للحفاظ على وجودها في العراق، عبر الفصائل المسلحة وفي مقدمتهم الحشد الشعبي، ما يضع العراق أمام معضلة لتحجيم نفوذ هذه الفصائل، ومنع دخوله في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة من جانب، وتوترات مع الإدارة السورية الجديدة، التي تتخوف من عودة الفصائل الإيرانية التي فرت إلى العراق.

– يتحدد حجم نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا المرحلة المقبلة، بناءً على قدرة الإدارة الجديدة على التعامل مع التحديات الأمنية، المتعلقة ببناء جيش سوري موحد وجمع الأسلحة من جميع الفصائل، ومنع داعش من السيطرة على أراضي والظهور مجدداً.

– نظراً لأن سوريا كانت تمثل حلقة وصل برية لوكلاء إيران بالمنطقة، لإيصال الإمدادات اللوجستية، فإن خسارتها ستمثل نقطة تحول في رؤية طهران بالمنطقة، لذا ستعيد حساباتها في العراق والتعامل مع الفصائل هناك بشكل لا يلفت الأنظار، وستركز على نقاط الضعف بالعراق كالخلافات بين القوى السياسية، والوضع الأمني على الحدود ونشاط داعش، لتعزيز وجودها بشكل أكبر في العراق.

–  احتمالية توقف الدعم الأمريكي لقسد، ترتبط بتفكير واشنطن في الانسحاب من سوريا، ووقف المساعدات المقدمة لحماية سجون ومخيمات شمال سوريا، الأمر الذي سيضع مكافحة داعش على المحك، وستصبح الظروف مهيأة للتنظيم لشن هجمات على هذه السجون والمخيمات، خاصة وأن أوروبا لا تستطيع أن تحل محل واشنطن في التوقيت الراهن، لتقديم هذا الدعم المالي لقسد.

– من المتوقع وفقاً للدور التركي في سوريا، أن يتمدد نفوذ “الجيش السوري الحر” بمناطق تواجد الأكراد، فتركيا تعتمد عليه كعنصر رئيسي لإنهاء التواجد الكردي بالقرب من حدودها، ما يرجح بقاء السلاح في أيدي هذه العناصر، ما يعرض الإدارة السورية لانتقادات في الداخل، ويجعلها في موضع مساءلة أمام الغرب.

– يسعى العراق النأي بنفسه عن أي صراعات محتملة، فسيتعرض لضغوط اقتصادية وسياسية من قبل إيران والفصائل الموالية لها، لتأجيج الوضع في سوريا، وكمحاولة من إيران لإثبات وجودها بالمنطقة، لذا أكدت الحكومة العراقية التزامها بالجهود الدولية لتحقيق الاستقرار بسوريا، وأرسلت وفداً أمنياً في 26 ديسمبر 2024 لسوريا، للتأكيد على نية العمل المشترك لحماية الحدود والحرب على داعش.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=100982

حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

هوامش 

Iran Was ‘Defeated Very Badly’ in Syria, a Top General Admits.
https://tinyurl.com/mvvz29e3

Iran Pulls Most Forces From Syria, in Blow to Tehran’s Regional Ambitions
https://tinyurl.com/4tzkz8kr

Iran Struggles with Assad’s Collapse
https://tinyurl.com/bwsfycj8

سيناريوهات ما بعد سقوط الأسد.. أي مستقبل ينتظر سوريا؟
https://tinyurl.com/3phf8yj2

** 

?Who controls Syria after Assad
https://bit.ly/4gzAU5i

?After Assad, what lies ahead for Syria
https://bit.ly/4hLAIl7

Syria: Assad’s armed forces must face accountability, says rights probe
https://bit.ly/42R1ofj

Fighting between Syria’s new army and Lebanese militias rages on border
https://bit.ly/4gvRkLX

**

Iran’s ‘Axis of Resistance’ Weakened But Still Dangerous
https://bit.ly/42LDFxi

Iran in 2025: How strong does it remain in the Middle East?
https://bit.ly/4gr0WaU

THE FALL OF SYRIA AND THE FUTURE OF THE IRAN THREAT
https://bit.ly/42O4pgy

سدود وأبراج وخطوط صد.. العراق يتأهب لما بعد الأسد
bit.ly/3Qhp70Q

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...