بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات 1
شهد تنظيم داعش الكثير من التراجع بعد القضاء على مايسمى ” دولة الخلافة “في الموصل عام 2017 ومقتل زعيمه ابو بكر البغدادي في إدلب” ليتخذ التنظيم خارطة تواجد جديدة تركزت في إفريقيا وكذلك في افغانستان ـ “ولاية خراسان”. تقارير وتحليلات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبعض حكومات دول المنطقة اجمعت إن تنظيم داعش فقد الكثير من قدراته وغير قادر على تنفيذ عمليات إرهابية واسعة في أوروبا والغرب تحديداُ وحتى في دول الخليج وبعض الدول العربية، لكن يبقى التنظيم موجوداً في الدول الهشة أمنياً.
التحذيرات الأمنية من تنظيم داعش واجب تقليدي للاستخبارات تطلقها بين فترة وأخرى، لكن بعض التقارير حتى تقارير البنتاغون والاستخبارات المركزية احيانا فيها تناقض حول قدرة تنظيم داعش، فبعد عملية موسكو، هناك تحول كبير في تقديرات الحكومت حول تهديدات داعش وهذا مايحتاج الكثير من المراجعة لكن في نفس الوقت مهنياً لايمكن ترك اي تهديد.
أثارت العملية الإرهابية في أحدى متاجر موسكو يوم 22 مارس 2024، الكثير من الشكوك، بتحول داعش إلى ورقة ضاغطة ضد الحكومات، وفي سياق الأحداث دوماً يطل داعش برأسه مع التطورات السياسية، وهذا ما يثير الشكوك حول الجهات التي تقف وراء تنفيذ هذه العملية وغيرها من العمليات واحتمالات ان تأتي العملية ضمن سياق التطورات الميدانية في حرب غزة والتطورات الجيوسياسية مابين موسكو والناتو، ضمن فرضية “المؤامرة”. تنظيم داعش في العراق وسوريا، كان نموذجاً “لأستثمار داعش” في المنطقة. الاستخبارات ـ ماهو الدور الذي تلعبه خلال الحروب والنزاعات الدولية. ملف؟
وهنا يجدر الإشارة إلى إن تنظيم القاعدة وداعش خرجا من تحت سراديب الاستخبارات المركزية والبريطانية على سبيل المثال، حرب أفغانستان والمقاتلين العرب الأفغان 1989 وسجن بوكا في العراق 2003 والحرب البارد وتجنيد بريطانيا “الجهاديين” ضد الاتحاد السوفياتي السابق، هذه جميعها يمكن ان تدعم “فرضية المؤامرة”.
ايديولوجية داعش
تقوم ايديولوجية داعش على اساس “السلفية الجهادية” لكنها تزيد عليها لتكون أكثر دموية، يعتمد داعش على فكرة أن “عدم العذر بالجهل”. يروج داعش لأيديولوجية سياسية ونظرة عالمية تجرم المسلمين. وحتى داخل التنظيم نفسه يكفر بعضهم البعض. فالجماعة بارعة في تنمية واستغلال الانقسامات الطائفية الموجودة مسبقاً في الشرق الأوسط. ويستغل التنظيم الكراهية الطائفية والمفاهيم الدينية لتجنيد وتبرير أفعاله، أو لتعزيز التعاطف وتحييد القوى التي ترفضه بشدة. وقد أثبتت قوتها بشكل خاص في المزايدة على تنظيم القاعدة لتجنيد المجندين. يقدم التنظيم فتاوى ومبررات لوحشيته، ويستشهد التنظيم بقصص من التاريخ الإسلامي المبكر لتبرير ممارساته الوحشية أمام المجندين الجدد. وتٌعتبر”إدارة التوحش” الفكر الأيديولوجي لتنظيم القاعدة، ويصنفه البعض على أنه “دستور” تنظيم “داعش”، الذي ينهل منه جوانب عديدة من معتقداته المتشددة، والتي تقوم على نشر الفوضى. وتقوم استراتيجة التنظيم على ثلاث مراحل: شوكة النكاية والإنهاك ، إدارة التوحش و مرحلة التمكين وقيام الدولة.
ولاية “خراسان”
أعلن تنظيم داعش رسميًا عن تشكيل ولاية “خراسان” في يناير 2015، وعيّن حافظ سعيد خان أميرًا أولًا لداعش في ولاية خراسان. وقد ركز تنظيم داعش في ولاية خراسان بشكل متزايد على تقويض نظام طالبان، حيث استهدفت الهجمات الأخيرة “حلفاء” طالبان بما في ذلك روسيا وباكستان والصين وبعض المنظمات. وأفادت التقارير أن عناصر من شبكة حقاني، التي تم دمجها في حركة طالبان، قد نسقت سابقًا مع تنظيم داعش في ولاية خراسان بين عامي 2019 و2021. [1]
تم تشكيل داعش خراسان في عام 2014 كمجموعة من المنشقين عن الجماعات بما في ذلك تنظيم القاعدة وحركة طالبان ومقاتلي طالبان السابقين من أفغانستان وباكستان. أعلن تنظيم داعش عن توسعه إلى محافظة خراسان في يناير 2015، . تشير التقديرات إلى أن عدد أعضاء ISKP يتراوح بين 4000 عضو. وليس من الواضح من يقود تنظيم ولاية خراسان، حيث قُتل زعيمهم السابق سناء الله غفاري في عام 2023 على يد حركة طالبان. وقد وُصفت الروابط بين أعضاء تنظيم داعش في ولاية خراسان وجماعات أخرى مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية بأنها “ضبابية”[2]
وفي هذا السياق حذر المراقبون في المنطقة من أن تنظيم داعش في خراسان بدأ أيضًا يتطلع إلى ما هو أبعد من أفغانستان نفسها ويحاول الحصول على موطئ قدم في كازاخستان وقيرغيزستان وأجزاء من طاجيكستان. [3]
الحركات الإسلاموية في آسيا الوسطى
يشكل المتطرفون من آسيا الوسطى حصة ملحوظة من المؤامرات والهجمات الأخيرة التي ألهمها أو وجهها تنظيم داعش في الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا وإيران. يتولى المسلحون في آسيا الوسطى دورًا واضحًا بشكل متزايد في أنشطة التنظيم. وضمن شبكة داعش الأوسع، زاد المقاتلون من آسيا الوسطى – الذين ينحدر معظمهم من أوزبكستان وطاجيكستان. تأسست الحركة الإسلامية في أوزبكستان في عام 1994 على يد طاهر يولداشيف، وهو أوزبكي وعضو سابق في حركة النهضة الإسلامية الطاجيكية التي حظرتها حكومة طاجيكستان ما بعد الاتحاد السوفيتي وأجبرت على العيش في المنفى في أفغانستان.
ترتبط التهديدات القادمة من المتشددين في آسيا الوسطى ارتباطًا مباشرًا بالجاذبية التي يتمتع بها تنظيم داعش في ولاية خراسان في المنطقة. وبما أن تنظيم ولاية خراسان يمثل المنصة الطبيعية لأولئك الذين يكنون مشاعر مناهضة للدولة تجاه طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان والصين . ويعتبر “الجهاديون” أن تنظيم ولاية خراسان هو أقرب قطب” للجهاد” وأكثره سهولة في الوصول إليه من قبل مواطني آسيا الوسطى. ويعتبر تنظيم ولاية خراسان هو التنظيم “الجهادي” الوحيد الذي أيد مرارًا وتكرارًا مفهوم إنشاء مقاطعة في آسيا الوسطى، تُعرف باسم موفاروناهر، وبالتالي يستجيب لنداء “الجهاديين” الذين يهدفون إلى قتال وسط آسيا.[4]
وتعتبر روسيا هي واحدة من عدد قليل من الدول في العالم التي تسعى بنشاط إلى تعزيز علاقتها مع إمارة أفغانستان الإسلامية. وفي حين أن حكام أفغانستان، حركة طالبان، لا يزالون مصنفين رسميًا كمنظمة إرهابية محظورة في روسيا، فإن ذلك لم يمنع موسكو من دعوتهم إلى المنتديات الاقتصادية ومناقشة المشاريع المشتركة الطموحة. ورغم أن فرص توثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية محدودة، فإن الكرملين يأمل في تحقيق مكاسب جدية.[5]
وقد اكتسبت آسيا الوسطى أهمية جديدة في موسكو بسبب وصول القيم الغربية ونفوذها إلى أوروبا الشرقية. اكتسبت فكرة الإمبراطورية الأوراسية، التي تدار من موسكو، جاذبية في الأوساط الأكاديمية في روسيا، لقد تبنى بوتين نفسه القيم الأوراسية المفترضة باعتبارها المعارضة الإيديولوجية الروسية للقيم الغربية المفترضة.[6]
ويقدر المسؤولون الروس أنه منذ عام 2016، ذهب حوالي 3500 مواطن روسي إلى سوريا أو العراق للقتال في صفوف داعش. ويقدر نشطاء حقوق الإنسان أن أكثر من 700 امرأة وطفل من أصول شيشانية عالقون في سوريا والعراق. ومن المحتمل أن يكون هناك الكثير من الجمهوريات الروسية الأخرى. [7]
النتائج
ـ شهدت موسكو يوم 22 مارس 2024، عملية إرهابية، اقتحام مسلحين بزي عسكري لينفذو عملية قتل وحشي ضد المدنيين. أعلن تنظيم داعش على حساب “تلغرام” مسؤوليته عن الحادث، لكن النص والمنشور كان يٌثير الكثير من الشكوك. أعتقلت روسيا منفذي العملية وهم بطريقهم إلى أوكرانيا، واعترف بعضهم انه تم تجنيه من خلال حساب “تلغرام” لتنفيذ العملية وانه استلم يعض المبالغ مقابل ذلك.
ـ إن طريقة التجنيد، ليس بالضرورة تعكس طرق عمل داعش، هي طريقة تجنيد عبر وسائل التواصل الأجتماعي اشتهرت بها اجهزة الاستخبارات وربما حتى المنظمات المتطرفة، وهذا مايثير الشكوك . وإن كان تنظيم داعش بالفعل من قام بهذه العملية، فهذا يعكس إن تنظيم داعش منظمة إرهابية مدفوعة الثمن، يمكن استثمارها نأخذ في الحسابات هنا إن عدد كبير من المجموعات والأشخاص المتطرفين تم استقطابهم في حرب غزة، والكثير منهم موجودين في أوكرانيا. الاستخبارات ودورها بدعم صناع القرار خلال الحروب والنزاعات.
ـ كشفت تسريبات الصحافة الأمريكية قبل أسابيع وجود الاستخبارات المركزية في أوكرانيا وهي تديرشبكة من العملاء والجواسيس.
ـ هناك حقيقة يجب ان تكون في الحسابات وهي : إن زعزعة الجبهة الداخلية لروسيا ولأي دولة تدخل حرب، هي سياسة وربما استراتيجية تعتمدها الاستخبارات خلال الحروب، بالتوازي مع الحرب على الجبهات.
ـ إن توقيت العملية يثير الكثير من الشكوك حول الجهة التي تبنت العملية وهي داعش، وتزيد من “فرضية المؤامرة” بتورط الاستخبارات المركزية أو البريطانية الموجودة على الأراضي الأوكرانية بإستثمار تنظيم داعش، وما يدعم هذه الفرضية هو تحذيرات الولايات المتحدة لرعاياها من التردد الى الأسواق وحفلات الموسيقى. إن عدم إبلاغ الولايات المتحدة بأي معلومات حول احتمال حدوث عمليات إرهابية، يتنافى مع اخلاقيات وقواعد مكافحة الإرهاب رغم توتر العلاقات مابين روسيا والناتو.
ـ يبقى تنظيم داعش ضعيفاً في سوريا والعراق، لكن تتزايد خطورته في غرب إفريقيا وخراسان. ـ الاستخبارات الأوروبية ايضا صعدت تدابيرها الأمنية ومن المستبعد ان تشهد أووربا عمليات إرهابية نوعية وتبقى العمليات المحتملة هي محدودة مثل الطعن بالسكين والذئاب المنفردة.
ـ إن وقوع عمليات إرهابية واغتيالات داخل روسيا مرجح، بسبب حرب أوكرانيا، إن وقوع مثل هذا النوع من العمليات في روسيا، يعتمد على مدى قدرة الاستخبارات الروسية تعزيز الأمن الداخلي والمجتمعي بتنفيذ عمليا مكافحة الإرهاب اعتماد العمليات الوقائية والاستباقية.
ـ تلعب الأنشطة الاستخباراتية دوراً هاماً في عملية جمع المعلومات ودعم صناع القرار لحسم الصراعات والحروب وحماية الأمن القومي للدول من التهديدات الداخلية والخارجية. أدت الاستخبارات تقليديًا وظائف واسعة النطاق وحاسمة في مجالات الأمن والدبلوماسية وفن الحوكمة، وتوسع دور الاستخبارات في حل النزاعات في السنوات الأخيرة ويشكل الآن عنصرًا أساسيًا في سياسات واستراتيجيات إدارة الصراع. وهذا يعني هناك حاجة إلى فهم ومعرفة أعمق لأدوار المخابرات في الديمقراطية وآليات الرقابة البرلمانية والمساءلة والمسؤولية الاجتماعية ، فضلاً عن إمكانات الاستخبارات في حل النزاع. داعش ـ الهيكل التنظيمي من الداخل ( ملف)
ـ من المتوقع ان تصعد كل من روسيا ودول الغرب من أنشطتها الاستخباراتية مع حرب أوكرانيا، وهذا متوقع جدا خلال الحروب والنزاعات، لكن الأهم عند وكالات الاستخبارات خلال الحروب، هو دقة وحجم المعلومات التي تستطيع الحصول عليها وتقديمها الى صناع القرار، وهذا مايمثل تحديا كبيرا والسبب يعود الى قدرات وكالات الاستخبارات لجميع الأطراف والتي اختبرت بعضها البعض في حروب سابقة.
ـ بدون شك الحروب والنزاعات تصعد من عمليات الإرهاب والتطرف، وهذا مايتوجب العمل على تخفيف حدة الصراعات والنزاعات الدولية وإيجاد مخرج سياسي للحروب.
مطلوب اعتماد قواعد مكافحة الإرهاب والتطرف على مستوى دولي وإقليمي التي تقوم على تبادل المعلومات والبيانات، كون الإرهاب لم يعد يعرف حدود جغرافية وسط العولمة.
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=93238
هوامش
[1]Islamic State Khorasan Province
[2]Islamic Khorasan Province
[3]A Look at IS-Khorasan — Group Believed to Be Behind Moscow Attack
[4]The Islamic State’s Central Asian Contingents and Their International Threat | Hudson
[5]Russia’s Growing Ties With Afghanistan Are More Symbolism Than Substance
bit.ly/43zAYx8
[6]Central Asia And The War In Ukraine | Hoover Institution Central Asia And The War In Ukraine
[7]ISIS Returnees Bring Both Hope and Fear to Chechnya | Crisis Group