خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
ما نعرفه عن المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
قُتل أربعة أشخاص وأصيب العشرات عندما اندفعت سيارة نحو المحتفلين في سوق عيد الميلاد في ألمانيا. وتم احتجاز رجل في موقع الحادث يُقال إنه منتقد للإسلام ومؤيد لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD).مع استمرار حالة الصدمة في ألمانيا بعد الهجوم المميت بسيارة في ماغديبورغ يوم 20 ديسمبر 2024، تُثار تساؤلات حول هوية المشتبه به ودوافعه. قالت الشرطة إن أربعة أشخاص قُتلوا وأُصيب العشرات بجروح خطيرة عندما قاد رجل سيارته نحو المحتفلين في سوق عيد الميلاد في ولاية ساكسونيا-أنهالت شرقي البلاد مساء الجمعة. وذكرت وسائل إعلام محلية أن السيارة سارت لأكثر من 400 متر عبر منطقة السوق، تاركة وراءها دمارًا واسعًا.
تم القبض على رجل من اصول عربية مهاجرة يبلغ من العمر 50 عامًا بالقرب من موقع الهجوم بعد وقت قصير من وقوع الحادث. قالت السلطات إن المشتبه به يعيش في ألمانيا منذ 18 عامًا ويحمل إقامة دائمة ويمارس مهنة الطب. وذكرت عدة وسائل إعلام ألمانية أن الرجل يعمل كمتخصص في الطب النفسي والعلاج النفسي وكان يمارس مهنته في مدينة بيرنبورغ، على بُعد حوالي 40 كيلومترًا جنوب ماغديبورغ.
وصف المشتبه به نفسه بأنه “مسلم سابق”، وشارك يوميًا في نشر وإعادة تغريد عشرات المنشورات التي تركز على موضوعات معادية للإسلام. وغالبًا ما انتقد الدين الإسلامي وهنأ المسلمين الذين تركوا الإسلام. كما اتهم السلطات الألمانية بعدم اتخاذ خطوات كافية لمواجهة ما وصفه بـ”إسلاموية أوروبا”.
ووفقًا لما أوردته مجلة “دير شبيغل”، فقد أبدى المشتبه به دعمه لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) اليميني المتطرف والمناهض للمهاجرين.
وفي الآونة الأخيرة، ادّعى المشتبه به عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن السلطات الألمانية تستهدف طالبي اللجوء السعوديين وتسعى “لتدمير نشاطهم المناهض للإسلام”. وأفاد مصدر سعودي لوكالة “رويترز” أن السعودية حذرت السلطات الألمانية بشأن المهاجم بعدما نشر آراء متطرفة على حسابه الشخصي في منصة “إكس” (تويتر سابقًا) تهدد السلم والأمن.
يُذكر أن هجوم الجمعة لم يكن الأول الذي يستهدف سوق عيد الميلاد في ألمانيا. ففي ديسمبر 2016، قاد التونسي أنيس العمري شاحنة إلى سوق عيد الميلاد في برلين، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا. ومنذ ذلك الهجوم، قامت المدن الألمانية بوضع حواجز قوية في أسواق عيد الميلاد وغيرها من الفعاليات الخارجية لحمايتها من حوادث مشابهة.
يثير هذا الهجوم تساؤلات عميقة حول تصاعد موجات التطرف التي لا تقتصر على فئة معينة. تشير هوية المشتبه به وسجله كناشط معادٍ للإسلام وداعم لحزب يميني متطرف إلى تحديات معقدة تواجه المجتمعات الأوروبية، حيث تتشابك الدوافع الشخصية مع التوترات السياسية والاجتماعية.يُظهر الحادث أهمية تعزيز الجهود لمكافحة التطرف بجميع أشكاله، سواء كان دينيًا، أو قوميًا، أو سياسيًا. كما يُبرز ضرورة التعامل بحذر مع الخطابات المعادية التي قد تؤجج العنف وتخلق بيئة خطرة.
من الضروري أن تستمر السلطات الألمانية في تحقيقاتها لكشف كافة ملابسات الحادث وضمان العدالة للضحايا، مع إعادة النظر في استراتيجيات الأمن ومنع التطرف لضمان أمن المواطنين وسلامتهم.
**
بعد الهجوم: شولتس وفيسر يصلان إلى ماغديبورغ
بعد يوم من المشاهد الدرامية في سوق عيد الميلاد بولاية ساكسونيا-أنهالت، من المقرر إقامة مراسم تأبين. ووفقًا لمصادر أمنية، ارتفع عدد القتلى إلى أربعة، بينما تجاوز عدد الجرحى 200 شخص.وصل المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فيسر (كلاهما من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) يوم 21 ديسمبر 2024إلى مدينة ماغديبورغ، عاصمة ولاية ساكسونيا-أنهالت. ومن المقرر إقامة قدّاس تأبيني في كاتدرائية المدينة مساءً.وأفادت تقارير أمنية بأن عدد القتلى ارتفع إلى أربعة، وأن أكثر من 40 شخصًا أصيبوا بجروح خطيرة، فيما تشير التقديرات إلى إصابة أكثر من 200 شخص. وحتى الآن، لا تزال العديد من الأسئلة مطروحة حول دوافع المشتبه به الذي تم توقيفه عقب الحادث.
أسباب الهجوم لا تزال غير واضحة
قالت متحدثة باسم الشرطة: “لا نزال نجهل خلفيات الحادث، ونأخذ كل الاحتمالات بعين الاعتبار.” وتشير التحقيقات الأولية إلى أن المشتبه به تصرّف بمفرده. المشتبه به، وهو سعودي يبلغ من العمر 50 عامًا، تم توقيفه في موقع الحادث. ووفقًا لرئيس وزراء ولاية ساكسونيا-أنهالت، راينر هازيلوف، فإن المشتبه به طبيب يقيم ويعمل في مدينة بيرنبورغ. وذكرت السلطات أنه لم يكن معروفًا لديها كإسلامي متطرف.وأوضح هازيلوف أن المشتبه به استخدم سيارة مستأجرة لتنفيذ الهجوم ودهس الناس في سوق عيد الميلاد. وبحسب صحيفة “بيلد”، امتدت السيارة لمسافة 400 متر في منطقة السوق. وصف هازيلوف الحادث بأنه “كارثة لمدينة ماغديبورغ، وللولاية، ولألمانيا عمومًا”.
ردود فعل داخلية ودولية
كتب المستشار أولاف شولتس على منصة “إكس”: “أفكاري مع الضحايا وأسرهم. نقف إلى جانبهم وإلى جانب سكان ماغديبورغ. شكري العميق لفرق الإنقاذ على جهودهم في هذه الساعات العصيبة.”وأعرب نائب المستشار روبرت هابيك عن صدمته ووصف الحادث بأنه “هجوم جبان.” كما شكر الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير فرق الإنقاذ وكتب: “تم كسر فرحة الاحتفال بعيد الميلاد بسبب هذا الهجوم في ماغديبورغ.”
أما الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، فقد أعرب عن تعازيه خلال تواصله مع المستشار شولتس، مؤكدًا أن “الناتو يقف إلى جانب ألمانيا.” كما عبّرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا عن تضامنهم مع الشعب الألماني.وأصدرت السعودية بيانًا يدين الهجوم القاتل وأعربت فيه عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا، دون أن تشير إلى جنسية المشتبه به.الهجوم المروع على سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ يسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة التي تواجه المجتمعات الأوروبية. رغم أن دوافع المشتبه به لا تزال غير واضحة، إلا أن مثل هذه الحوادث تُبرز أهمية تعزيز التدابير الوقائية والاستباقية، سواء على المستوى الأمني أو المجتمعي.
تصريحات المسؤولين وردود الفعل الدولية تعكس تضامنًا واسعًا، ولكنها أيضًا تدعو إلى مزيد من اليقظة والحذر. يجب أن تكون هذه الكارثة فرصة لإعادة تقييم سياسات مكافحة التطرف بجميع أشكاله والعمل على تعزيز ثقافة التسامح والتعايش في مواجهة كل أشكال العنف.