بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (2)
شهدت ألمانيا العديد من جرائم الكراهية المتعلقة بتصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتزايد القلق داخل الطبقات السياسية الألمانية بشأن هجمات إرهابية محتملة على خلفية تصعيد الصراع، كذلك ارتفعت الحوادث المعادية للسامية والإسلاموفوبيا، وتنامي العنف داخل المؤسسات التعليمية، ماقد يهدد الأمن المجتمعي داخل ألمانيا، مادفغ السلطات الألمانية إلى تعزيز الإجراءات والتدابيرالأمنية.
مخاوف من هجمات إرهابية محتملة
سجلت السلطات الألمانية في برلين (1199) جريمة تتعلق بالصراع في العاشر من نوفمبر 2023، وأحصت السلطات الألمانية (386) واقعة إضرار بالممتلكات، كما وقعت (345) جريمة عنف، من بينها (201) واقعة مقاومة ضد السلطات، و(50) إصابة. رصدت الشرطة (93) واقعة إثارة فتن أثناء المظاهرات، وسجلت (21) حالة إكراه وتهديد، بالإضافة إلى عدد غير محدد من جرائم أخرى. سجل المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية أكثر من (2600) جريمة على مستوى ألمانيا وتتعلق الجرائم بشكل رئيسي بالإضرار بالممتلكات والتحريض على الكراهية.
كشف استطلاع للرأي في 12 نوفمبر 2023 أن غالبية الألمان تتخوف من حدوث هجمات إرهابية في البلاد. فـ(59%) ممن شملهم الاستطلاع صرحوا بأنهم يعتبرون حدوث هجمات يعد أمرا محتملا للغاية أو محتمل نوعا ما، فيما عارض (27%) فقط هذا الرأي. أظهر الاستطلاع أن المخاوف من حدوث هجمات إرهابية محتملة تعد أكثر ما يثير القلق كعواقب محتملة خلفية تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالنسبة لـ (25%) من الألمان الذين شملهم الاستطلاع. وصف (17%) فقط من الألمان معاداة السامية المتزايدة في ألمانيا على أنها مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لهم.
اليمين المتطرف يستغل الصراع لتحقيق نجاحات
حقق اليمين المتطرف في ألمانيا بعض النجاحات في الدفع برواية جديدة عن التاريخ، تسعى الرواية إلى تحرير ألمانيا من العبء التاريخي المتمثل في كونها الدولة التي قتلت (6) ملايين يهودي في المحرقة (الهولوكوست) في السابع من نوفمبر 2023. تعد أبرز حالات معاداة السامية تسجّل في تحركات يحضرها متطرفون يمينيون ويساريون في السابع من نوفمبر 2023. أمن دولي ـ حرب غزة، تداعيات النزوح والهجرة إقليمياً ودولياً
تنامي معاداة السامية منذ بدء الصراع
شهدت ألمانيا منذ السابع من أكتوبر2023، حالات لمعاداة السامية، منها رسم نجمة داود على المباني، وإلقاء زجاجات حارقة على المعابد اليهودية وتدنيس القبور اليهودية. أظهر (5.7%) من الألمان مواقف معادية للسامية، بما يعادل (3) أضعاف المستوى الذي كان في العام 2021. أبلغت هيئة مراقبة الحوادث المعادية للسامية في ألمانيا عن أكثر من (200) حادث منذ بداية الصراع، أي بارتفاع بنسبة تقارب الـ (25%) عن العام 2022. كما أن الألمان غير راضين عن الجهود المبذولة لمكافحة معاداة السامية، فهناك (56%) ، يرون أن الجهود المبذولة لمكافحة معاداة السامية في ألمانيا ليست كافية. ويعتقد (23%) أن ذلك كاف، ويعتقد (9%) أنه يذهب أبعد من اللازم.
قلق من تنامي الإسلاموفوبيا ومخاوف داخل المؤسسات التعليمية
تَعرُّض (81) مسجداً في ألمانيا لاعتداءات مختلفة منذ بداية العام 2023. (50%) من هذه الهجمات وقعت منذ السابع من أكتوبر 2023 مع بداية تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. من بين هذه الاعتداءات رسم شعارات النازية على جدران المساجد. أظهرت دراسة نُشرت في السابع من نوفمبر 2023 أن أكثر من (40%) من المسلمين في ألمانيا يتعرضون للتمييز بسبب ديانتهم في حياتهم اليومية. سلّطت الدراسة الضوء على العنصرية التي يتعرض لها الرجال المسلمون من جانب الشرطة وخلال تعاملاتهم مع الإدارات الرسمية.
تزايد الفلق في 13 نوفمبر 2023 داخل المؤسسات التعليمية في ألمانيا مع تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فعلى سبيل المثال اندلع شجار بين مدرّس وتلميذ جلب معه العلم الفلسطيني. وعقب تلك الواقعة، سمح لمدارس برلين بحظر الرموز الفلسطينية إذا استخدمت لتمجيد أعمال “حماس”
تأثير الصراع على الائتلاف الحاكم
أظهِر استبيان في 11 نوفمبر 2023 مدى استياء المواطنين في واقع الائتلاف الحاكم. يطالب (41%) ممن شملهم الاستبيان بإجراء انتخابات مبكرة، وبنسبة (32%) أيد استمرار ائتلاف الحكومة الحالي حتى الانتخابات الفيدرالية المقبلة في عام 2025، وبنسبة (68%) المؤيدين لإجراء انتخابات فيدرالية مبكرة وهي الأكبر بين مؤيدي حزب البديل من أجل ألمانيا. يحصل حزب الخضر على (15%)، وحزب البديل من أجل ألمانياعلى (21%)، وسيمثل الحزب الديمقراطي الحر في البوندستاغ “البرلمان” مرة أخرى بنسبة (5%)، وينتهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي عند (15%)
تدابير حكومية للحد من تداعيات الصراع
حظرت وزارة الداخلية الألمانية حركة حماس الفلسطينية وشبكة صامدون المؤيدة للفلسطينيين في الثاني من نوفمبر 2023، ومصادرة أي أصول ويتم حظر التواجد على الإنترنت وأنشطة وسائل التواصل الاجتماعي. تعتزم ألمانيا ترحيل أنصار حماس من البلاد حيثما أمكن ذلك، كذلك مراقبة التهديدات المحتملة الناشئة عن الصراع. عززت الأجهزة الأمنية الألمانية من حماية المؤسسات اليهودية كالمعابد والمدارس والمعالم الأثرية اليهودية في العاصمة برلين في الثامن من أكتوبر 2023. . أمن دولي ـ واقع علاقات وتعاون دول أوروبا مع فلسطين
اقترح البرلمان الألماني على المدرّسين تدريبا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 13 نوفمبر 2023، وحول طريقة حصول الشباب على المعلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وزّعت السلطات الألمانية على المؤسسات التعليمية نصائح إرشادية تفيد بأنه في نهاية أي حصة تتعلق بالصراع، لا بد من نقل ثلاث رسائل ، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ويجب أن تجري الحرب ضد الإرهاب وفقا للقانون الدولي، اليهود في ألمانيا ليسوا مسؤولين عن السياسات الإسرائيلية.
تقييم وقراءة مستقبلية
– سجلت السلطات الألمانية في برلين الاف من الجرائم المتعلقة بتصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الصراع، كالإضرار بالممتلكات العامة والتحريض على الكراهية ضد المسلمين واليهود، بالتزامن مع تنامي المخاوف من هجمات إرهابية محتملة على خلفية تصعيد الصراع.
– تتواصل المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في ألمانيا، والتي تطالب بوقف إطلاق النار، ويستغل اليمين المتطرف تلك المظاهرات لتحقيق مكاسب انتخابية وتوجيه المتظاهرين، حيث تشير االتقديرات إلى أن أبرز حالات معاداة السامية تسجّل في تحركات يحضرها متطرفون يمينيون.
– شهدت ألمانيا ارتفاعا في حوادث معادية للسامية بعد تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وشن هجمات على المؤسسات اليهودية لا سيما في العاصمة برلين، بالتزامن مع مطالبات للحكومة الألمانية لتكثيف وتعزيز الإجراءات والتدابير المبذولة لمكافحة معاداة السامية، كما تَعرُّض العشرات من المساجد لهجمات من بين هذه الهجمات رسم شعارات النازية على جدران المساجد.
– تواجه المؤسسات التعليمية الألمانية معضلة في التعامل مع التصعيد المستمر للصراع، خصوصا المؤسسات العليمية في برلين حيث تعيش أكبر جالية فلسطينية في أوروبا، حيث أدى الصراع إلى رصد أعمال عنف داخل المدارس بين التلاميذ والمدرسين.
– اعتمدت الحكومة الألمانية إجراءات وتدابير للحد من تأثير الصراع منها تكثيف التدابير المتعلقة بحماية المؤسسات اليهودية، تدريب المدرسين حول طريقة حصول الشباب على المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي، ونصائح إرشادية، كما حظرت ألمانيا حركة حماس الفلسطينية وشبكة صامدون.
– يمكن القول بإن المستفاد الأكبر من تلك الأحداث اليمين المتطرف، فمن المرجح أن تتجه أصوات الناخبيين المسلمين في ألمانيا إلى تلك الأحزاب، لا سيما بعد استياء المواطنين من واقع الائتلاف الحاكم، وتنامي الدعوات بإجراء انتخابات مبكرة.
– بات متوقعا بعد حظر حركة حماس و شبكة صامدون أن تصادر أي أصول محتملة، و حظر أي ظهور على الإنترنت، أو أنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي.
– قد تواجه ألمانيا موجة جديدة محتملة من الهجمات الإرهابية، حيث قد يستغل الجماعات المتطرفة الصراع لحث الأنصار لتنفيذ هجمات إرهابية داخل ألمانيا وتهديد مصالحها في الخارج لكن تبقى هجمات محدودة على غرار الطعن بالسكين والذئاب المنفردة.
– من المحتمل إذا استمر التصعيد أن تؤدى الأحداث فى الشرق الأوسط إما إلى توليد حجم أكبر من التطرف بأنواعه داخل ألمانيا ما قد يهدد التعايش السلمي والأمن المجتمعي.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=92073
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
هوامش
Most Germans fear Gaza violence will spark terror attacks – DW – 11_12_2023
https://tinyurl.com/3k3s5abc
ألمانيا تخشى حوادث معاداة السامية في ظل الحرب على غزة
https://tinyurl.com/snza4j4z
ألمانيا تحظر حركة حماس وشبكة صامدون
https://tinyurl.com/edujbe8j
وزيرة الداخلية الألمانية تشدد على ضرورة ترحيل مساندي حركة حماس من بلادها
https://tinyurl.com/yemcb8d3