الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة الإرهاب ـ قراءة استشرافية لواقع الأمن في سوريا بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على دمشق (ملف)

ديسمبر 24, 2024

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

ملف مكافحة الإرهاب ـ قراءة استشرافية لواقع الأمن في سوريا بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على دمشق

1 ـ  مكافحة الإرهاب ـ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق النفوذ

تتعدد الجماعات المتطرفة متوزعة في عدة مناطق في سوريا، وذلك بسبب تعدد المصالح الإقليمية والدولية مما أدى إلى تشكيل مشهد معقد يمكن تصنيف هذه الجماعات إلى عدة فئات رئيسية منها الجهادية والفصائل التي تدعمها إيران. وتنامي القلق الإقليمي والدولي من تتنافس الجماعات المسلحة على السلطة والنفوذ في مناطق مختلفة من سوريا ما قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى والصراع.

هل الوضع في سوريا سيكون فرصة لداعش؟

يبلغ عدد مقاتلي تنظيم داعش في سوريا والعراق نحو (2500) شخص، و(10) آلاف مقاتل من داعش يعملون بشكل متخفٍّ. نشط تنظيم داعش في المناطق النائية من البادية السورية، ويستغل طبيعة البيئة الصحراوية في البادية السورية، لاسيما “الرصافة ومناطق آثريا والرهجان” المتصلة بريف حماة الشرقي، ولبادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، وبادية دير الزور، وفي محيط جبل البشري بريف الرقة، كما يتحرك داعش في سوريا ضمن خلايا صغيرة في صحراء شرق البلاد. أمن ألمانيا ـ عسكرة السياسة الألمانية، التحول من سياسة الدفاع إلى الهجوم

كان قد اعتمد داعش أساليب واستراتيجيات لعودته بعد خسارة معاقله في سوريا منها، الهجمات الخاطفة من خلال نصب الكمائن واستهداف الدوريات العسكرية. كذلك الاغتيالات ضد قادة محليين، أو أفراد من قوات الأمن أو المجتمع المدني. بالإضافة إلى زرع العبوات الناسفة على الطرق الرئيسية في المناطق التي ينشط فيها، واستهداف حقول النفط والغاز.

أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير 2024 إلى استمرار تناقص إيرادات داعش الأساسية، فقد أوردت الدول الأعضاء أن الاحتياطات المتاحة تتراوح بين (10 و25) مليون دولار. ظلت مصادر تمويل التنظيم والجماعات المنتسبة إليه تعتمد على جمع الأموال محليا ـ عبر خلاياه النائمة في المناطق المتاخمة للرقة وحلب وحماة بشن هجمات واسعة النطاق للسرقة ـ . كذلك ابتزاز المدنيين ـ في شرق سوريا ـ، وبيع النفط المسروق، واستخدام العملات المشفرة. إلا أن وسيلة المعاملات المالية الغالبة المستخدمة من جانب داعش والجماعات المنتسبة إليه ظلت تتمثل في حاملي الأموال النقدية والأنظمة البديلة للتحويل المالي(الحوالة).

عثرت حملة مداهمة بمشاركة قوات أميركية في فبراير 2023 في شمال شرقي سوريا على كميات من الذهب ومبالغ مالية تقدر بمليون دولار في أحد مخابئ تنظيم “داعش”

حذر “كولن كلارك” المدير العلمي لمركز سوفان في نيويورك، من أن الوضع في سوريا سيكون فرصة لداعش الذي ينتظر مثل هذه الفرصة ليعيد بناء شبكاته ببطء. وتتفق معه “لورانس بيندنر” المؤسسة المشاركة لمشروع “JOS”، وهي منصة لتحليل التطرف عبر الإنترنت: “إن التنظيم الذي أعلن إقامة خلافة تمتد بين العراق وسوريا في الفترة 2014 – 2019، يرى أن هدف الفصائل المختلفة في سوريا هو إنشاء دولة مدنية وديمقراطية، وهذا الشيء بعيد جداً عن مشروعه المتمثل في دولة تقوم على الشريعة”.

كشف منسق وزارة الدفاع الأميركية للتحالف الدولي “آلان ماتني” عن استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها التحالف لمواجهة تهديدات “داعش” في ديسمبر 2024، حيث “داعش” لم يعد “يحكم أراض” لكن الأيديولوجية التي يتباها التنظيم لاتزال قائمة.

وجهت الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت عناصر في تنظيم “داعش” داخل سوريا، في ديسمبر 2024 وأعلنت القيادة المركزية الأميركية، تنفيذ عشرات الغارات الجوية الدقيقة ـ بإجمالي أكثر من 75 هدفا ـ التي استهدفت معسكرات لـ”داعش” وسط سوريا، وذلك بهدف منع داعش من القيام بعمليات خارجية وضمان عدم سعيه إلى الاستفادة من الوضع الحالي لإعادة تشكيل نفسه في وسط سوريا.

ما هي علاقات “هيئة تحرير الشام” مع الأطراف الإقليمية والدولية؟

تعد “هيئة تحرير الشام” جماعة إسلاموية يقودها “أبو محمد الجولاني”، تأسست في البداية كجبهة النصرة عام 2011، وكانت فرعًا لتنظيم القاعدة. قطع “أبو محمد الجولاني” علاقاته مع تنظيم القاعدة، وأعاد تسمية الجماعة إلى “هيئة تحرير الشام”، ودمجها لاحقًا مع عدة فصائل إسلاموية أصغر.

سيطرت “هيئة تحرير الشام” وفصائل متحالفة معها على نحو (50%) من محافظة إدلب شمال غرب سوريا وأجزاء محدودة من محافظات حلب وحماة واللاذقية، ومناطق من الساحل والمناطق الشمالية المحاذية لإدلب. تشير التقارير إلى أن عدد عناصر هيئة تحرير الشام يقدّر بنحو (10) آلاف مقاتل وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2022.

تعتمد هيئة تحرير الشام على عدة مصادر لتمويل أنشطتها، أبرزها إيرادات رسوم المعابر، إذ تُسيطر حالياً على معبرين رئيسيين هما “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، ومعبر “الغزاوية” الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربي، كما تحتكر الهيئة قطاعات تجارية محددة مثل المحروقات، إلى جانب اعتماد تمويلها أيضا على تبرعات.

الهيكل التنظيمي لـ”هيئة تحرير الشام

مجلس الشورى : يتألف من هيئة إدارية عليا من قادة التنظيم وممثلين عن عدة فصائل انضمت للهيئة. وهي المسؤولة عن اتخاذ القرارات الهامة، والتحالفات والتكتيكات العسكرية، والاستراتيجية الخاصة بالتنظيم.

الهيكل العسكري والأمني: يتسم بالمركزية وفروع محلية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها، كذلك امتلكت “هيئة تحرير الشام” جهاز أمني يسمي بـ”جهاز الأمن العام”، يُعنى بالتحقيقات والعمليات الأمنية.

الفتاوى والشؤون الشرعية: يتألف من “المجلس الشرعي” الذي يضم علماء دين ومفتين جهاديين يوجهون سياسات الجماعة بما يتماشى مع تفسيرهم للشريعة. و”الفتاوى” المسؤول عن إصدار فتاوى لتبرير العمليات العسكرية والهجمات على النظام السوري أو الخصوم الآخرين، سعت الهيئة إلى التخفيف من حدة فتاواها المتشددة لتقديم صورة أكثر اعتدالًا. وأخيرا “”هيئة تحرير الشام”. وأخيرا “القضاء الشرعي” تدير الهيئة محاكم شرعية في المناطق التي تسيطر عليها.

تمتلك “هيئة تحرير الشام” علاقات معقدة ومتعددة الوجوه مع العديد من القوى الأقليمية والدولية إقليمية ودولية، ومع العديد مع الجماعات المتطرفة الأخرى. أبرزها مايلي

القاعدة: رغم إعلان فك ارتباطها، لا يزال هناك جدل حول مدى استمرار العلاقات الفكرية واللوجستية مع القاعدة.

تركيا: تتعاون تركيا مع هيئة تحرير الشام لضمان استقرار إدلب، خاصة في ظل اتفاقات خفض التصعيد مع روسيا.

روسيا: تعتبر روسيا الهيئة جماعة إرهابية واستهدفتها بعمليات عسكرية في إدلب، وبعد الإطاحة بالنظام السوري أكدت روسيا أنها على تواصل مع كل فصائل المعارضة السورية.

الولايات المتحدة وأوروبا: تصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية. كشف وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني “بات مكفادن” في التاسع من ديسمبر 2024 أن بلاده قد تدرس رفع الحظر عن الهيئة. وأفادت تقارير أن الولايات المتحدة لا تستبعد رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب.

أكدت كايا كلاس، أكبر دبلوماسية في الاتحاد الأوروبي، بعد وقت قصير من سيطرة هيئة تحرير الشام والجولاني على دمشق أنها “تدعو إلى انتقال سياسي هادئ وشامل فضلاً عن حماية جميع السوريين بما في ذلك جميع الأقليات”.

يقول تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط “إن رفع اسم الجولاني من القائمة السوداء قضية معقدة وصعبة المعالجة”. كما يرى خبراء أنه سيتم وضع شروط متسلسلة على الطاولة لكي تلبيها هيئة تحرير الشام – بما في ذلك الإصلاحات العسكرية والسياسية والحكومية، والتحرك نحو المساءلة عن الجرائم الموثقة السابقة”.  مكافحة الإرهاب في أوروبا ـ أهمية التشريعات والتعاون الاستخباراتي (ملف)

ما هي الجماعات المتطرفة الأخرى في سوريا؟

تأسست جماعة “حراس الدين”، في فبراير 2018، بعد انفصالها عن “هيئة تحرير الشام” وأعلنت علن تبعيتها لتنظيم القاعدة،. نشطت “حراس الدين” في المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، بما فيها محافظة حلب وحماة وإدلب واللاذقية. أشارت التقديرات إلى وجود ما بين (2000 و2500 ) مقاتل. قتل القيادي البارز في تنظيم حراس الدين أبو عبد الرحمن المكي في أغسطس 2024 جنوب إدلب في الشمال السوري في غارة من التحالف الدولي.

تأسست “أحرار الشام” في العام 2011، ووصلت ذروة قوتها عام 2014، امتلكت نحو (25 ) ألف مقاتل، انضمت أحرار الشام إلى صفوف الجيش الوطني السوري. نشطت الحركة في إدلب وحلب، وتحديداً في تفتناز وجبل الزاوية وسراقب وأريحا وبنش وغيرها من قرى إدلب. يعد أبرز مصادر تمويلها والتمويل عبر شبكات متطرفة عالمية وإقليمية. القطع العسكرية التي استولت عليها أثناء المعارك استثمار الموارد الحكومية والاستيلاءعلى مايتراوح بين 4و6 مليارات ليرة سورية من مقر البنك المركزي.

تأسس “جيش الإسلام” في عام 2013 عبر اتحاد أكثر من (45) فصيلاً من “الجيش الحر”. تكون “جيش الاسلام” من مجلس قيادة و مكاتب ادراية مسؤولة عن مختلف جوانب نشاط الجماعة. بلغ عدد مقاتليه ما بين (10 إلى 15) الف مقاتل. اتخذ من مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية منطلقا لعملياته العسكرية وتمكن من توسيع رقعة عملياته والسيطرة خلال فترة قصيرة على عدد كبير من المواقع الهامة. أضعف جيش الاسلام اغتيال قائده “زهران علوش”، كذلك التدخل الروسي على معاقل جيش الإسلام، ترك أثره على قدرات التنظيم وقوته ومناطق سيطرته وانتقلت إلى شمال سوريا.

ما هي خيارات “وحدات حماية الشعب”؟

جماعة كردية سورية، تعرف محليا باسم الأبوجية أو البككة، وتنتشر في مناطق الأكراد بسوريا، وتحديدا في شمال وشمال شرق البلاد، وينظر إليها على أنها الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهي موالية لحزب العمال الكردستاني، وقاتلت في عين العرب (كوباني) ضد داعش.

تتبنى وحدات حماية الشعب التوجه اليساري، ولها تقارب عقائدي مع حزب العمال الكردستاني، تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، المدعومة من التحالف الدولي. تعتمد في مصادر تمويلها على الضرائب التي تجبيها في المناطق الكردية، وعلى دعم حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بمساندة شبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق أخرى من العالم.

يرى الخبراء في ديسمبر 2024 أن “وحدات حماية الشعب” أمامها القليل من الخيارات منها الانخراط في الصراع لمواجهة الجماعات الإسلاموية أو تعيد الصراع مع الجانب التركي أو الانسحاب من حلب. أمن دولي ـ الإطار النظري للنظام الدولي الجديد وسياق التطرف والإرهاب

ما هي أبرز الفصائل الشيعية في سوريا؟

حزب الله : انخرط حزب الله في الصراع بسوريا لدعم النظام السوري منذ العام 2011. عبر تأمين خطوط نقل الأسلحة، وضمان استمرار التواصل اللوجستي مع إيران، أفاد تقرير في ديسمبر 2024 أن حزب الله أرسل (2000) مقاتل إلى منطقة القصير السورية الحدودية مع لبنان. وسبق أن حزب الله سيطر عليها وجعل منها قاعدة عسكرية،

لواء “فاطميون” : أُسس لواء “فاطميون” من قبل “فيلق القدس”، الجناح الخارجي لـ “الحرس الثوري الإيراني”، عام 2013 بهدف إرسال اللاجئين الأفغان إلى سوريا للدفاع عن النظام السوري. بلغ عدد عناصر “لواء فاطميون” نحو (20) ألفاً. تقترب أيديولوجية لواء “فاطميون” من مُثل “الثورة الإسلامية” في إيران وأفكار الخميني. يقسم مقاتلو اللواء على كتائب، يقدّر عدد كل كتيبة منها بـ150 إلى 200 مقاتل، موزعين على مناطق مختلفة في سوريا. وتتراوح أعمارهم بين العشرينيات والثلاثينيات.

صنفت وزارة الخزانة الأميركية عام 2019 لواء “فاطميون” في سوريا “منظمة إرهابية” لأنها تقدم الدعم المادي للحرس الثوري الإيراني. لا تستقر قوات “فاطميون” في مكان واحد بسوريا، بل هي قوة متحركة، ويتم أيضا نقل قواعدها بشكل متكرر، ويقع مقرها الرئيسي على بعد أقل من كيلومتر من مطار دمشق الدولي.

“لواء زينبيون”: تتألف من مقاتلين باكستانيين يتمّ تجنيدهم بشكل رئيسي من بين المهاجرين الباكستانيين غير الشرعيين الذين يعيشون في إيران. صنفت الولايات المتحدة لواء زينبيون منظمة إرهابية عام 2019، قائلة إنها تتألف من مواطنين باكستانيين وتقدم “الدعم المادي” للحرس الثوري الإيراني.

**

2 ـ مكافحة الإرهاب ـ عوامل الحد من اِنخراط الفصائل العراقية في سوريا

تعتمد إيران بشكل رئيسي على الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها كأدوات إقليمية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. منذ بداية الصراع السوري عام 2011. برزت هذه الفصائل كقوة عسكرية هامة تحت قيادة طهران، حيث تم توظيفها لخدمة المشروع الإيراني الداعم للنظام السوري بقيادة بشار الأسد. هذه الفصائل لا تمثل مجرد حلفاء، بل هي امتداد مباشر للنفوذ الإيراني، حيث تعمل وفق توجيهات من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها وتأمين مصالحها في المنطقة.

كيف دعمت الفصائل الإيرانية النظام السوري؟

تاريخيًا، لعبت هذه الفصائل أدوارًا محورية في دعم النظام السوري، لا سيما في معارك كبرى مثل استعادة مدينة حلب والبادية السورية. هذه التجارب أكسبتها خبرة ميدانية كبيرة وقدرة على التعامل مع تكتيكات الفصائل المعارضة المختلفة، وهو ما يجعلها خيارًا جاهزًا لإيران إذا ما تطلب الوضع تدخلًا عسكريًا جديدًا. ومع تصاعد التهديدات المحتملة من جبهة تحرير الشام التي تسيطر على البلاد فعليًا منذ ديسمبر 2024، يبدو أن إيران قد تجد في هذه الفصائل أداة فعالة للتصدي لأي هجمات تهدد النظام السوري أو مصالحها الاستراتيجية.

المصالح الإيرانية في سوريا ليست مقتصرة على دعم النظام فحسب، بل تشمل تأمين خطوط الإمداد إلى حزب الله في لبنان، وهو أحد أبرز حلفائها في المنطقة. سوريا تُعتبر بمثابة جسر بري يربط بين طهران وبيروت، ما يفسر حرص إيران الشديد على بقاء النظام السوري مستقرًا. إذا تعرضت مناطق استراتيجية مثل دمشق أو حلب لتهديد جدي من جبهة تحرير الشام أو غيرها من القوى المعارضة، ويٌفترض أن تعبئ إيران هذه الفصائل للتدخل. بناءً على ذلك، خاصة إذا ارتبطت المعارك بمناطق تعتبرها إيران محورية لمصالحها الإقليمية. لكن التطورات السريعة على الأرض في سوريا في اعقاب اجتياح “جبهة تحرير الشام” للمدن السورية وسيطرتها على العاصمة دمشق ، لم تعطي إيران الفرصةلإعادة تموضع الفصائل الموالية لها.  مكافحة الإرهاب ـ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق النفوذ

ما طبيعة الضغوط الإيرانية لانخراط الفصائل؟

تمارس إيران نفوذًا كبيرًا على الفصائل المسلحة العراقية التي تدعمها ماليًا وتسليحيًا، مما يجعلها قادرة على توجيه قرارات هذه الفصائل وحتى زجها في صراعات تخدم مصالحها الإقليمية. هذا النفوذ الإيراني المباشر يعتمد على شبكة من العلاقات المعقدة التي أنشأتها طهران مع هذه الفصائل منذ سنوات، حيث أصبحت هذه القوى المسلحة جزءًا من مشروع إيران الاستراتيجي الأوسع في المنطقة. أحد أبرز أشكال النفوذ الإيراني يتمثل في الدعم المالي الذي تقدمه طهران لهذه الفصائل. تعتمد غالبية هذه الجماعات على التمويل الإيراني لتغطية تكاليفها التشغيلية وشراء الأسلحة والمعدات. في ظل غياب مصادر تمويل مستقلة، تصبح هذه الفصائل خاضعة بشكل كبير لإملاءات طهران. بالإضافة إلى التمويل، توفر إيران لهذه الفصائل دعمًا لوجستيًا كبيرًا، بما في ذلك التدريب العسكري المتقدم والتخطيط الاستراتيجي الذي يتم بإشراف الحرس الثوري الإيراني.

علاوة على ذلك، تنتمي هذه الفصائل إلى منظومة أكبر يديرها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو المسؤول عن تنسيق العمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية. في سوريا، تعمل هذه الفصائل ضمن هيكل عسكري متكامل تشرف عليه إيران، ما يجعلها جزءًا من شبكة نفوذ إقليمية تمتد من العراق إلى سوريا ولبنان. هذا التنسيق يجعل من الصعب على هذه الفصائل اتخاذ قرارات مستقلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في الصراعات التي تؤثر على مصالح إيران.مكافحة الإرهاب ـ هل يستطيع الاتحاد الأوروبي التعامل مع هيئة تحرير الشام؟

ما قدرة الحكومة العراقية على ضبط الفصائل؟

رغم محاولات الحكومة العراقية للسيطرة على الفصائل المسلحة، تظل هذه المحاولات محدودة النتائج، حيث تواجه بغداد تحديات معقدة تجعل من الصعب عليها فرض إرادتها على هذه القوى التي تعمل في كثير من الأحيان بشكل شبه مستقل. منذ تأسيس الحشد الشعبي كقوة لمواجهة تنظيم “داعش”، أصبحت الفصائل المنضوية تحته قوة سياسية وعسكرية لها نفوذ كبير في الساحة العراقية. هذا النفوذ يمنحها استقلالية نسبية عن قرارات الحكومة المركزية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاركتها في صراعات خارج الحدود العراقية. أحد الأسباب الرئيسية لضعف قدرة الحكومة العراقية على ضبط هذه الفصائل هو غياب السيطرة الكاملة على الحشد الشعبي، حيث تنتمي بعض الفصائل الموالية لإيران إلى الحشد لكنها تعمل وفق أجندات منفصلة تمليها طهران. هذه الفصائل تمتلك هياكل تنظيمية خاصة بها وتمويلًا مستقلًا يعتمد بشكل أساسي على الدعم الإيراني، مما يجعل ولاءها لطهران أقوى من ولائها للحكومة العراقية.

النظام القانوني والسياسي في العراق يواجه أيضًا صعوبات كبيرة في التعامل مع هذه الفصائل. لا توجد أدوات قانونية فعالة لمحاسبتها أو منعها من اتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح العراق الوطنية. علاوة على ذلك، فإن الوضع السياسي المعقد، حيث تتمتع هذه الفصائل بتمثيل سياسي داخل البرلمان، يجعل من الصعب على الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة ضدها دون إثارة أزمات سياسية داخلية. ومع ذلك، قد تحاول الحكومة العراقية استخدام وسائل أخرى لضبط هذه الفصائل، مثل الضغط الدبلوماسي على إيران للحد من تدخلاتها أو إشراك الفصائل في قضايا داخلية تشتت انتباهها عن الصراعات الخارجية. لكن يبقى هذا النهج محدود الفاعلية، حيث تظل الفصائل خاضعة بشكل كبير للنفوذ الإيراني الذي يحدد أولوياتها وقراراتها.مكافحة الإرهاب ـ هل لدى حكومة سوريا الجديدة مساعدون جهاديون ألمان؟

ما العوامل التي قد تحد من انخراط الفصائل؟

رغم النفوذ الإيراني الكبير على الفصائل العراقية، هناك عوامل عدة قد تسهم في تقليص احتمالية انخراطها في الصراع السوري. هذه العوامل ترتبط في الأساس بالأولويات المحلية لهذه الفصائل داخل العراق، وكذلك بالتداعيات الأمنية والسياسية التي قد تترتب على تدخلها في سوريا. أحد العوامل المهمة هو التركيز على الأولويات الداخلية. تواجه الفصائل المسلحة في العراق تحديات عديدة، مثل تأمين مناطق نفوذها ومواجهة التوترات الداخلية الناتجة عن الاحتجاجات الشعبية ضد النفوذ الإيراني.

هذه التحديات تجعل من الصعب على الفصائل أن تخصص مواردها وطاقاتها للتدخل في سوريا دون التأثير على أوضاعها المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التداعيات الأمنية لتدخل الفصائل في سوريا قد تكون عاملاً رئيسيًا في تقليص انخراطها. أي تدخل عسكري قد يؤدي إلى تصعيد داخلي في العراق أو إثارة ردود فعل دولية، لا سيما من الولايات المتحدة التي تراقب عن كثب تحركات هذه الفصائل. التدخل في سوريا قد يعرض الفصائل إلى عقوبات أمريكية جديدة أو ضربات عسكرية تستهدف مواقعها. قد تلعب الضغوط الدبلوماسية دورًا في تقليص انخراط الفصائل. قد تحاول الحكومة العراقية استخدام علاقاتها مع إيران لإقناعها بتجنب تصعيد الموقف في سوريا. كما قد تسهم الضغوط الدولية في الحد من التدخل، حيث تسعى أطراف دولية عدة للحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي تصعيد قد يؤدي إلى تعقيد الأزمة السورية بشكل أكبر.

واجهت الفصائل ضغوطًا محلية ودولية كبيرة،  من اجل الامتناع عن التدخل في سوريا لتجنب التصعيد مع الحكومة العراقية أو المجتمع الدولي. هذا السيناريو يعتمد على قدرة الحكومة العراقية والدبلوماسية الدولية على إدارة الموقف.

**

3 ـ  مكافحة الإرهاب ـ قراءة لواقع الأمن في سوريا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق

التقدم السريع الذي أحرزته الفصائل السورية المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” نحو دمشق، وسقوط النظام السوري السابق أمام هذه التحركات في هذا التوقيت، يمثل تحدياً خطيراً للأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في سوريا، خاصة وأنها تعاني من اضطرابات سياسية منذ 2011. ويطرح تساؤلات حول التسوية السياسية ومستقبل المدن السورية، ومدى قدرة هيئة تحرير الشام على قيادة المرحلة، وإمكانية إشراك جميع الأطراف السورية في المرحلة المقبلة، ودور الأطراف الإقليمية والدولية لاحتواء المشهد، في ظل المخاوف من عودة نشاط التنظيمات الإرهابية.

مستقبل أمن سوريا

الصراع الداخلي

27 نوفمبر 2024: شنت الفصائل المسلحة هجوماً على حلب باسم عملية “ردع العدوان” بقيادة هيئة تحرير الشام التي تتمركز في مدينة إدلب شمال غرب سوريا.

28 نوفمبر 2024: وقعت اشتباكات بين الفصائل المسلحة وقوات النظام السوري السابق، لتقطع الأولى الطريق الدولي بين دمشق وحلب، مع قصف الطيران السوري لمدينتي سرمدا وأريحا.

29 فبراير 2024: سيطرة الفصائل على أحياء رئيسية في حلب ومطار حلب الدولي، ومدينة سراقب في الريف الشرقي لإدلب.

30 نوفمبر 2024: سيطرة الفصائل على مناطق استراتيجية في شرق حلب، وفرض حظر تجول بالمدينة، وانسحاب الجيش السوري مع إغلاق الطرق المؤدية لحلب.

1 ديسمبر 2024: تقدمت الفصائل لمحافظة حماة، وسيطرة على مساحة واسعة من حلب وإدلب، وكثف الطيران السوري غارته على هذه المناطق.

2 ديسمبر 2024: استمرار الاشتباك بين الفصائل المسلحة وقوات النظام في ريف حماة الشمالي.

3 ديسمبر 2024: سيطرة الفصائل على (14) بلدة بحماة، مع شن الجيش السوري هجمات ضد الفصائل، ما تسبب في سقوط أكثر من (600) قتيل.

4 ديسمبر 2024: تقدمت الفصائل في حماة مع استمرار الاشتباكات بين الطرفين.

5 ديسمبر 2024: سيطرة الفصائل المسلحة على حماة رابع أكبر مدينة سورية.

6 ديسمبر 2024: شنت قوات النظام هجوماً على جسر الرستن الرابط بين حماة وحمص، وتقدمت الفصائل المسلحة لحمص.

7 ديسمبر 2024: سيطرة الفصائل على درعا، مع مواصلة الاشتباكات في ريفي حماة وحمص بين الفصائل المسلحة وقوات النظام.

8 ديسمبر 2024: سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينتي دمشق وحمص بالكامل والإعلان عن سقوط نظام الأسد.

9 ديسمبر 2024: شهدت دمشق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار رغم فرض حظر التجول.

10 ديسمبر 2024: أكد زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، أن سوريا ليست مستعدة لحرب أخرى، ولا ينبغي للدول الأجنبية أن تشعر بمخاوف.

11 ديسمبر 2024: سيطرة الفصائل المسلحة على دير الزور شرقي سوريا الغنية بحقول النفط، بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي دخلت هناك بعد سقوط نظام الأسد، وشهدت المدينة احتجاجات للمطالبة بخروج قوات قسد ما أدى لوقوع اشتباكات.

15 ديسمبر 2024: اندلاع اشتباكات بين قوات (قسد) وفصائل سورية مسلحة في جنوب الرقة السورية.

20 ديسمبر 2024: سيطرة فصائل مسلحة على قرية “زور شمر” شرق الرقة.

تسببت المواجهات بين الفصائل المسلحة وقوات النظام على مدار (12) يوماً، في نزوح ما بين (800) ألف ومليون شخص في مناطق مختلفة، ومعاناة (150) ألف آخرين من النزوح الثانوي، وتمثل النساء والفتيات (50%) من هؤلاء النازحين.

تزايد النشاط الإرهابي

أعلن تنظيم “داعش” في 10 ديسمبر 2024، إعدام (54) عنصراً من قوات النظام السوري السابق، أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا. الظهور مجدداً لداعش بهذه العملية أثار قلق الغرب من نشاط التنظيمات الإرهابية، في ضوء سيطرة هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية على قوائم بعض الدول الغربية.

حذر البنتاغون داعش بسحقه في حال استغلال الظروف الراهنة بسوريا، وفي 11 ديسمبر 2024 أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، وجود خطر حقيقي بشأن عودة داعش، وأبدى القائد العام لقوات قسد الجنرال مظلوم عبدي، تخوفه من حصول داعش على حرية أكبر في الحركة في البادية السورية، لتعليق عمليات مكافحة الإرهاب، محذراً من محاولاته لاقتحام السجون وتهريب عناصره، لتنفيذه هذه الهجمات مسبقاً، خاصة في ظل انشغال قوات قسد بإعادة الأمن للمدن السورية وحماية المدنيين.

قتل داعش عنصران من قوى الأمن الداخلي في جنوب الرقة شمال سوريا في 17 ديسمبر 2024 ، ومنذ سقوط نظام الأسد، بلغت هجمات داعش (7) هجمات، أسفرت عن (72) قتيلاً بين عسكريين ومدنيين.مكافحة الإرهاب ـ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق النفوذ

انهيار النظام الإداري

تولى محمد البشير رئاسة الحكومة السورية الانتقالية في 10 ديسمبر 2024 وحتى الأول من مارس 2025. وأمرت الفصائل المسلحة مقاتليها بالانسحاب من المدن ونشر وحدات تابعة لهيئة تحرير الشام من قوات الأمن الداخلي. أعلن حزب البعث الذي حكم سوريا لأكثر من (50) عاماً، تعليق عمله ونشاطه الحزبي حتى إشعار آخر، وتسليم كافة الآليات والمركبات والأسلحة لوزارة الداخلية، ووضع أموال وأملاك الحزب تحت إشراف وزارة المالية.

أعلن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني بأنه سيحل قوات الأمن التابعة للنظام السابق، وإغلاق السجون سيئة السمعة وتأمين مواقع الأسلحة الكيميائية. وتعهد أيضاً بحل جميع الفصائل المسلحة، وألا يكون هناك سلاح إلا بأيدي الدولة، مع إلغاء التجنيد الإلزامي بالجيش، منوهاً إلى دراسة رفع الرواتب (400%) وإعادة بناء المنازل المهدمة وإعادة المهاجرين.

موقف الأطراف الدولية والإقليمية

روسيا

رغم أن روسيا تعتبر هيئة تحرير الشام تهديداً مباشراً لنفوذها في سوريا، إلا أن الوضع الراهن يجبر الأولى على صياغة العلاقات مع الإدارة الجديدة لسوريا، للحفاظ على قواعدها العسكرية هناك، خاصة وأن الكرملين أعلن في 8 ديسمبر 2024 تقديم بلاده حق اللجوء لبشار الأسد وعائلته. وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ربابكوف، أن روسيا تحافظ على الحوار مع جميع الأطراف بالمنطقة، وأشارت الخارجية الروسية إلى أن قواعد بلادها بسوريا في حالة تأهب ولا يوجد أي تهديد لأمنها.

تمتلك روسيا عدة قواعد عسكرية بسوريا، من بينهم قاعدتين (طرطوس البحرية وحميميم الجوية في اللاذقية)، ويمثلان أهمية استراتيجية لروسيا في البحر المتوسط وإفريقيا. في 16 ديسمبر 2024 شدد الكرملين على أن مصير القواعد مازال قيد النقاش، في الوقت الذي تحدثت فيه استخبارات غربية عن بدء روسيا سحب قواتها ومعدات ثقيلة من خطوط المواجهة في شمال سوريا ومواقع في جبل العلويين، دون الإشارة إلى أي تحركات بشأن التخلي عن القاعدتين طرطوس وحميميم.

إيران

سقوط نظام الأسد يعني خسارة فادحة لإيران وتحول دراماتيكي على أرض الواقع، بالتزامن مع الخسائر التي تكبدها حزب الله اللبناني في حربه مع إسرائيل، واستهداف الأخيرة لقياداته وبنيته التحتية العسكرية على مدار أكثر من عام، وظلت سوريا محوراً رئيسياً من محاور النفوذ الإيراني بالمنطقة، وحلقة وصل مهمة بين إيران ووكلائها في المنطقة وفي مقدمتهم حزب الله خلال أكثر من (4) عقود.

ألمحت طهران على لسان مسؤوليها، إلى أن سقوط الأسد لن يضعفها. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن بلاده تشعر بالقلق من تقسيم سوريا وتحولها لملاذ للإرهابيين. اعتبر قائد الحرس الثوري حسين سلامي، أن ما حدث بسوريا درس مرير يجب التعلم منه، بينما حمل مسؤولون إيرانيون، النظام السوري السابق مسؤولية ما شهدته سوريا.أمن دولي ـ ماذا حدث لوكلاء إيران في سوريا؟

تركيا

تعمدت تركيا في بداية الأحداث، النأي بنفسها عن المشاركة في الهجوم على حلب، ولكن بسقوط نظام الأسد، تصدرت تركيا المشهد لعلاقاتها مع بعض الفصائل السورية المسلحة، ومخاوفها من الوجود الكردي على حدوها، ما يعني أنها ستصبح حليفاً قوياً للإدارة السورية الجديدة. في 10 ديسمبر 2024 أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن سوريا يجب أن يحكمها شعبها، وأبدى استعداد بلاده لمساعد سوريا على الاستقرار ومكافحة الإرهاب.

تعول الدول الغربية وتحديداً واشنطن على أنقرة، للعب دور الوسيط لطمأنة القوى الدولية ومعاونة الإدارة السورية الجديدة لتقديم خطاب سياسي معتدل. بدأت الاتصالات الدبلوماسية بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين والأوروبيين بشأن القضايا السورية العالقة مثل اللاجئين، ولضمان انتقال سياسي يحافظ على وحدة سوريا.

التحالف الدولي والغرب

أكد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن في 8 ديسمبر 2024 على العمل مع جميع المجموعات السورية في إطار الأمم المتحدة، مشيراً إلى عدم منح “داعش” فرصة لبناء قدراته. بينما قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إنه “لا ينبغي أن تتدخل الولايات المتحدة وأنها ليست معركتنا”. وفي 16 ديسمبر 2024 اتهم ترامب تركيا بالوقوف وراء أحداث سوريا.

توسع هيئة تحرير الشام في سوريا، يزيد المخاوف لدى الغرب من زيادة التنافس بين الفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية هناك، لذا أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في 8 ديسمبر 2024، تنفيذ عشرات الغارات الجوية على (75) هدفاً لداعش وسط سوريا وقتل (12) عنصراً بالتنظيم، لمنع استغلاله الظروف الراهنة وإعادة تموضعه من جديد.

تسعى واشنطن للعب دور الوسيط، وفي 11 ديسمبر 2024 زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأردن وتركيا لإجراء محادثات حول سوريا، وأعلنت واشنطن ولندن عن إجراء اتصالات مباشرة مع هيئة تحرير الشام، وانفتاح بلادهما لتخفيف العقوبات عن سوريا في المستقبل.

أبدت ألمانيا وإيطاليا استعدادهما لإقامة اتصالات مع هيئة تحرير الشام، وأعادت فرنسا فتح سفارتها في دمشق بعد 12 عاماً من القطيعة. وتتخوف دول الاتحاد الأوروبي من المرحلة الانتقالية بسوريا، لذا طرحت في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في 16 ديسمبر 2024، شروطاً تتمثل في احترام حقوق الإنسان والمرأة ومكافحة الإرهاب وحماية الأقليات بسوريا أمام السلطات السورية الجديدة.

إسرائيل

لم تمر ساعات قليلة على سقوط النظام السوري، لتشن إسرائيل هجوماً على المنطقة العازلة الحدودية مع سوريا في منطقة الجولان، معلنة انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا المبرمة في 1974. وشنت إسرائيل  في الفترة (8 -18 ديسمبر 2024) أكثر من (446) غارة جوية على قواعد عسكرية وطائرات مقاتلة ومستودعات أسلحة وطالت (13) محافظة سورية، ما أدى لتدمير ما يقرب من (80%) من القدرات العسكرية السورية، وفي 10 ديسمبر 2024 شنت ضربات ضد الأسطول البحري السوري، وتوغلت في منطقة جبل الشيخ ومرتفعات الجولان. في 15 ديسمبر 2024 وافقت على خطة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية بالجولان.

ما إمكانية إيجاد مخرج سياسي؟

بتولي هيئة تحرير الشام زمام الأمور في سوريا، عاد القرار الأممي (2254) للواجهة، وطالبت أطراف إقليمية ودولية بضرورة تطبيق القرار، ودعا “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” تنفيذ العملية الانتقالية وفقاً لقرار (2254) الصادر في 2015. وينص على إطلاق العملية السياسية عبر الأمم المتحدة وإرساء سلطة ذي مصداقية خلال (6) أشهر تضم جميع الأطراف وألا تقوم على الطائفية.

أشارت روسيا في 15 ديسمبر 2024، إلى إمكانية عودة محادثات أستانا ومواصلة المحادثات مع تركيا وإيران، ويعود مسار أستانا إلى 2016 بمبادرة روسية مدعومة من إيران وتركيا، ومر بحوالي (22) جولة من المباحثات، ونجح في إنشاء مناطق خفض التصعيد لحماية المدنيين وتعزيز الحل السلمي. بينما تجمدت محادثات جنيف في 2022 جراء الحرب الروسية الأوكرانية، ومرت بنحو (8) جولات سابقة لمناقشة تشكيل اللجنة الدستورية.مكافحة الإرهاب ـ هل يشكل “داعش” تهديداً لمستقبل سوريا؟

مكافحة الإرهاب ـ هل يستطيع “داعش” استغلال الفراغ السياسي والأمني في سوريا؟

مازال ملف عائلات وأطفال داعش لايحظى كثيرا من الأهتمام على أجندات محاربة التطرف والإرهاب، وربما يعود ذلك إلى تراجع ملف التطرف والإرهاب، وانشغال العالم في النزاعات الدولية التي باتت هي الأخرى أكثر خطورة وتهديداً من الإرهاب والتطرف ذاته ولأسباب تتعلق باحتمالية نظام دولي جديد وتغيرات سياسية وموازين القوى حول العالم.

يقيم في مخيم الهول أكثر من 53 ألف شخص ودائما ما يُوصف بكونه “أخطر مخيم في العالم”. وعلى الرغم من أن ساكني المخيم لا يدعمون داعش جميعهم، إلا أنه يُطلق عليهم النازحين من مناطق سيطر عليها داعش سابقا في سوريا والعراق. ينحدر معظم سكان المخيم من العراق وسوريا، لكن هناك ما بين 10 آلاف إلى 11 ألف شخص من دول أجنبية بما في ذلك جنسيات أوروبية وأمريكية وكندية، فيما يشكل الأطفال والنساء غالبية سكان المخيم. وحسب تقديرات من منظمات إغاثة أن ما بين 60  و 64 بالمائة من سكان المخيم هم من الأطفال ومعظمهم دون سن الثانية عشر.

بعد سقوط نظام الأسد، تسود حالة من عدم اليقين في سوريا. هل يستطيع تنظيم “داعش ” استغلال الفراغ في السلطة لصالحه؟

حذرت الولايات المتحدة من احتمال استغلال تنظيم (داعش) للفراغ في السلطة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وأكدت أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار سوريا وتعزيز الإرهاب الدولي. وللتصدي لهذا التهديد، كثفت الولايات المتحدة جهودها ضد التنظيم، حيث شنت هجومين استهدفا نحو 75 موقعاً تابعاً للجماعة المتطرفة.

خلال الحرب الأهلية السورية، سيطر داعش على مساحات واسعة من الأراضي كجزء من “الخلافة” التي أعلنها. ومع ذلك، تمكن تحالف دولي بقيادة قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، المدعومة من الولايات المتحدة، من إضعاف التنظيم بشكل كبير ودحره. في الوقت الحالي، يسيطر التنظيم فقط على مناطق نائية في الصحراء السورية. وفي الوقت نفسه، يُحتجز حوالي 40,000 من أفراد التنظيم وعائلاتهم في مخيمات اعتقال خاضعة لحراسة وحدات كردية.

أحد أهم المواقع التي تثير القلق هو سجن تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة بشمال شرق سوريا، حيث يُحتجز حوالي 9,000 من مقاتلي داعش. ووفقاً لتصريحات جنرال أمريكي لـ “فايننشال تايمز”، فإن تأمين هذا السجن يُعد هدفاً استراتيجياً رئيسياً للمستقبل. وأوضح الخبير في شؤون الجهادية آرون زيلين، من معهد واشنطن، أن الأكراد والأمريكيين يخشون منذ فترة طويلة من شن داعش هجوماً كبيراً على هذه السجون.

خارج هذه السجون، تشير تقديرات الجيش الأمريكي إلى وجود حوالي 2,500 من مقاتلي داعش ينشطون في سوريا والعراق، وخصوصاً في المناطق الصحراوية. وتشهد أنشطة التنظيم تصاعداً ملحوظاً؛ حيث سجل الجيش الأمريكي في النصف الأول من عام 2024 حوالي 153 هجوماً لداعش، وهو ضعف عدد الهجمات المسجلة خلال العام السابق بأكمله. وحذر خبراء من أن التهديد الحقيقي للتنظيم قد يكون أكبر مما يتم تقديره، نظراً لأن التنظيم لا يعلن رسمياً سوى عن عدد قليل من هجماته.

تُبرز التطورات الأخيرة تصاعد عمليات التنظيم، والتي تشمل كمائن منسقة، واغتيالات مستهدفة، وهجمات على منشآت نفط وغاز ونقاط تفتيش. وحذر متحدث باسم الجيش الأمريكي من أن التنظيم قد يستغل الفراغ في السلطة لتوسيع نفوذه. وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بأن “على الولايات المتحدة وجميع الأطراف في المنطقة التصدي بقوة لهذا التهديد”.

تلعب القوات الأمريكية دوراً مهماً في التوسط بين قوات سوريا الديمقراطية، التي تدعمها الولايات المتحدة، والجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا. في الوقت نفسه، تتزايد المخاوف من أن يؤدي تغيير محتمل في الإدارة الأمريكية، وعودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، إلى إغلاق القاعدة الأمريكية في المنطقة وسحب القوات.

أصبحت مراكز احتجاز مقاتلي داعش وذويهم في سوريا مشكلة دولية تتطلب حلاً دولياً. وبات مخيم الهول يشهد انتشارا ملحوظا في جرائم الاغتيالات والتصفية، كذلك شهد ارتفاعا ملحوظا في عمليات الاستقطاب والتجنيد، وسط تحذيرات دولية من أن يصبح المخيم قاعدة لعمليات داعش الإرهابية. تتزايد المخاوف على المدى البعيد من أن تخلق مخيمات الاحتجاز والسجون جيلًا جديدًا من المقاتلين الأجانب ويمهد الطريق لعودة داعش في المنطقة. أصبحت المخيمات أكثر عرضة لمحاولات داعش لتحرير المنتسبات من النساء واللاتي يمكن أن يشكلن نواة مثالية لخلايا إرهابية أكبر خارج المخيم.

 

هل يمكن ان يتحول المحتجزين من مقاتلي داعش لدى قسد”  ورقة ضد “هيئة تحرير الشام” بعد سيطرة الشرع على دمشق ؟

استغلال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لمقاتلي داعش المحتجزين في سجونها كأداة في الصراع ضد هيئة تحرير الشام أو أي جهة أخرى هو سيناريو يحمل تعقيدات كبيرة. يمكن مناقشة ذلك في سياق عدة عوامل:

المخاطر السياسية والدولية التداعيات الدولية: قسد تعتمد على الدعم الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة، التي تُعارض أي استخدام لأفراد داعش المحتجزين كورقة ضغط أو أداة عسكرية. مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى تدهور العلاقة بين قسد وحلفائها الدوليين. إن استخدام مقاتلي داعش، المعروفين بارتكابهم انتهاكات جسيمة، يمكن أن يُضعف موقف قسد السياسي والأخلاقي ويؤدي إلى عزلة دولية. وإن إطلاق سراح مقاتلي داعش أو استخدامهم قد يؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة، مثل تمردهم أو إعادة تنظيم صفوفهم، مما يُهدد أمن المناطق الخاضعة لسيطرة قسد. التهديد الإقليمي، أي تسريب لعناصر داعش قد يعيد إشعال العنف في مناطق أخرى من سوريا أو حتى في دول الجوار.

رغم العداء بين قسد وهيئة تحرير الشام، من غير المرجح أن تختار قسد استخدام مقاتلي داعش ضد الهيئة، خاصة أن هيئة تحرير الشام ترفض داعش أيديولوجيًا ولديها عداوة متأصلة مع التنظيم.  قد تُفضل قسد اللجوء إلى التعاون مع شركاء دوليين أو التحالف مع قوى محلية أخرى بدلاً من المخاطرة باستخدام عناصر داعش.

إن  سيطرة أي جهة جديدة على دمشق قد تُحدث فراغًا أمنيًا في مناطق أخرى، مما يجعل كل الأطراف (قسد، هيئة تحرير الشام، وحتى تنظيم داعش) تُعيد تقييم استراتيجياتها. ربما تسعى  قسد للاستفادة من الوضع لتعزيز مواقعها، ولكن عبر تعزيز تحالفاتها مع القوى الدولية أو التفاوض مع دمشق، وليس بالضرورة عبر أدوات محفوفة بالمخاطر مثل مقاتلي داعش.

 تقييم وقراءة مستقبلية

– تعد خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا متغيرة ويرجع السبب للتحولات السياسية منذ بداية الصراع في سوريا منذ 2011، وحتى الإطاحة بالنظام السوري في العام 2024، يمكن تصنيف الجماعات المتطرفة في سوريا إلى فئات مختلفة بناءا على أيديولوجياتها وتحالفاتها.

– يواجه تنظيم داعش حاليا صعوبة أكبر في العمل في سوريا ومن المتوقع أن يتسرب مرة أخرى إلى أماكن يصعب العثور عليها، مما يتطلب أساليب مختلفة لملاحقته، أو أن يحاول انقل انشطته في أفريقيا، وأفغانستان، وجنوب شرق آسيا.

– تعد علاقة “هيئة تحرير الشام” بالقوى الإقليمية والدولية والجماعات المتطرفة معقدة، فالبرغم من أن الهيئة “هيئة تحرير الشام” لاقت ترحيبا من بعض القوى الإقليمية وتتعاون معها ، ولكن في نفس الوقت، تواجه معارضة شديدة من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى تنافس مع جماعات متطرفة أخرى على القيادة في الساحة الجهادية.

– من المرجح أن تظل هناك تهديدات على المدى الطويل من الجماعات المتطرفة الأخرى، يعتمد ذلك بشكل كبير على التطورات السياسية في سوريا، بالإضافة إلى الدعم الدولي والإقليمي الذي قد تتلقاه هذه الجماعات.

– من المحتمل أن تسعى إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا وبناء علاقات مع هيئة تحرير الشام، وقد تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في شمال سوريا، وقد تسعى لإنشاء مناطق آمنة تحت سيطرتها وسوف تسعى روسيا لدعم دعمها الأطراف أو الجماعات التي تراها متوافقة مع مصالحها الإستراتيجية.

**

إيران ستواصل استخدام الفصائل المسلحة العراقية كأدوات أساسية لتحقيق أهدافها الإقليمية، مستغلة اعتماد هذه الفصائل على التمويل والتوجيه الإيراني. ورغم التحديات التي تواجهها إيران نتيجة العقوبات الاقتصادية وتنامي المعارضة الداخلية، فإنها ما زالت تمتلك القدرة على الإبقاء على هذه الفصائل كجزء من مشروعها التوسعي.

في المستقبل القريب، قد تسعى إيران إلى تعزيز قدرات الفصائل العراقية لضمان جاهزيتها لأي مهام محتملة، خاصة في سوريا، مما يعني استمرار الهيمنة الإيرانية عليها في غياب بدائل مستقلة لهذه الفصائل.

إذا دفعت إيران الفصائل العراقية للمشاركة في صراعات جديدة في سوريا، فمن المتوقع أن تتزايد حدة التوترات الإقليمية. وجود هذه الفصائل في معارك ضد جبهة تحرير الشام أو قوى معارضة أخرى قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، خاصة مع ردود فعل محتملة من الأطراف الدولية، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. التدخل العسكري سيزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويُرجح أن يثير موجة جديدة من الانتقادات والضغوط الدولية على إيران والفصائل المرتبطة بها.

الأوضاع الداخلية في العراق ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد مدى انخراط الفصائل في الصراعات الخارجية. الاحتجاجات الشعبية ضد النفوذ الإيراني والضغوط السياسية المحلية قد تُجبر بعض الفصائل على التركيز على قضايا العراق الداخلية لتجنب فقدان شرعيتها. كما أن الانقسامات داخل الحشد الشعبي قد تُضعف قدرة طهران على توحيد هذه الفصائل خلف أجندتها الإقليمية، مما يجعل من الصعب تحقيق انخراط واسع النطاق في سوريا.

قد تسعى الحكومة العراقية، في ظل تصاعد الضغط الدولي والمحلي، لتقليل النفوذ الإيراني على الفصائل المسلحة عبر خطوات إصلاحية تشمل تعزيز سيطرة الدولة على الحشد الشعبي. إذا تمكنت بغداد من استعادة بعض النفوذ على هذه الفصائل، فقد يقلّ احتمال استخدامها في صراعات خارجية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا قويًا بالإضافة إلى جهود داخلية لإضعاف القبضة الإيرانية على هذه الجماعات.

**

 -تداعيات المشهدين السياسي والأمني في سوريا الآن تختلف كثيراً عن الوضع في أعقاب احتجاجات 2011، نظراً لانهيار مؤسسات الدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد بوتيرة سريعة، وبعد نحو 13 عاماً من الاضطرابات السياسية والحرب، ما يعني دخول سوريا في حالة فراغ أمني وسياسي وسط ضبابية المشهد بشأن ملامح المرحلة الانتقالية، وإمكانية إشراك جميع ائتلافات المعارضة السورية في صياغة الدستور والمشاركة في الحكم، ورغم محاولات “أبو محمد الجولاني” لطمأنة الداخل السوري والرأي العام العالمي، إلا أن الأمر لم يتخطى مرحلة التصريحات، خاصة وأن تشكيل الحكومة السورية الانتقالية لم يتضمن أي شخصيات من خارج الفصائل المسلحة التابعة لهيئة تحرير الشام.

-تزامن سقوط نظام الأسد وتولي هيئة تحرير الشام السلطة، في توقيت بالغ الدقة بمنطقة الشرق الأوسط، يعيد بناء توازنات القوى من جديد بالمعادلة السياسية السورية. فإيران الحليف الرئيسي للنظام السوري السابق باتت الآن في معضلة سياسية غير مسبوقة، بعد خسائر متتالية لقيادات حركة حماس وحزب الله، وارتباك في الداخل الإيراني بشأن التعامل مع التصعيد الإسرائيلي، ما يدفع طهران إلى تجهيز قيادات في حزب الله وتجنيد عناصر جديدة بسوريا، حتى تضمن بقائها ولو بشكل محدود داخل سوريا، بجانب تسريع خطواتها في البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم، خاصة وأنها تترقب سياسات دونالد ترامب تجاه ملفها النووي ودعمه لإسرائيل في التصعيد بالمنطقة.

– تسعى روسيا إلى صياغة العلاقة مع هيئة تحرير الشام، بهدف الحفاظ على نفوذها في البحر المتوسط، وتضع في الحسبان أي ضغوط تتعرض لها السلطة السورية الجديدة من قبل الولايات المتحدة وتركيا، لتقليص النفوذ الروسي بالمنطقة، لذا ستدخل سوريا ضمن شروط المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، خاصة وأن دونالد ترامب تعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بمجرد توليه منصب الرئيس.

– دول الاتحاد الأوروبي ليست منخرطة بشكل مباشر في الوضع داخل سوريا، فمنذ 2011 قطعت العلاقات مع نظام الأسد، وتمحور دورها في استقبال اللاجئين السوريين وفرض عقوبات على الاقتصاد والنظام السوري كوسيلة للضغط لتسليم السلطة وقتها، والآن تصاعدت مخاوف دول الاتحاد من سقوط سوريا تحت حكم هيئة تحرير الشام، التي مازالت مدرجة عل قوائم التنظيمات الإرهابية وفقاً لقرار مجلس الأمن لعام 2015، والانزلاق نحو سيناريو التقسيم بين الفصائل المسلحة وداعش والأكراد، وربما هذه المخاوف دفعتها لتقديم مطالب للسلطة السورية الجديدة عبر المبعوثين الأوروبيين، لضمان حدوث انتقال سياسي سلس دون إقصاء أي فئة في المجتمع.

-بلا شك يستغل تنظيم داعش الوضعين الأمني والسياسي الهش في سوريا، لإعادة ترتيب صفوفه، عبر شن مزيداً من الهجمات ضد المدنيين والعسكريين، ومحاولة السيطرة على أسلحة من مخازن أسلحة النظام السابق، وفي حالة انفلات زمام الأمور من يد هيئة تحرير الشام وعدم قدرتها على السيطرة بشكل كامل على كافة المدن، تصبح فرصة سيطرة داعش على السجون والمخيمات التي تضم آلاف المقاتلين الأجانب قائمة، ما يزيد من خطورة التنظيم وتكرار سيناريو 2014 مرة أخرى في سوريا والعراق.

-ستصبح تركيا لاعباً محورياً في الخريطة السياسية لسوريا المرحلة المقبلة، ومنذ 2017 كانت تركيا طرفاً في محادثات أستانا، ولكن المختلف في المشهد الحالي علاقاتها بالسلطة السورية الجديدة، ودعمها لبعض الفصائل المسلحة، ما ينعكس على شكل المرحلة الانتقالية وطبيعة الأطراف السورية المشاركة بالعملية السياسية، ويثير غضب بعض مكونات المجتمع السوري وفي مقدمتهم الأكراد نظراً للتوترات القائمة مع تركيا.

-تدرك واشنطن جيداً الدور التركي في سوريا، وتدعمه هذه المرة كنوع من إعادة ترتيب أدوار القوى الفاعلة هناك وبالأخص إيران وروسيا، وتضمن الإدارة الأمريكية الجديدة لجوء هيئة تحرير الشام لها، في حال الصراع على السلطة مع باقي الفصائل السورية، بجانب التزام الولايات المتحدة بمهمة مكافحة داعش في إطار دور التحالف الدولي.

-تصعيد إسرائيل غير المتوقع ضد الأراضي السورية، يزيد من تعقيد المرحلة، خاصة وأن موقف هيئة تحرير الشام تجاه هذا التصعيد مازال غامضاً، ما قد يتسبب في احتجاجات في الشارع السوري ضد الحكومة الجديدة، وتعاطيها مع مسألة الانتهاكات الإسرائيلية في الجولان وباقي المناطق، في ظل انتقادات حادة من قبل بعض السوريين لسياسات حكومة البشير وتصريحات الجولاني، بشأن إدارة الأزمات الاقتصادية التي تعيشها سوريا منذ أكثر من عقد.

رابط نشر مختصر … https://www.europarabct.com/?p=99552

حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

هوامش

Worrying signs exist that IS growing stronger in Syria
https://tinyurl.com/3w8vp7p3

Pakistan bans Iran-backed Shiite group fighting in Syria
https://tinyurl.com/3td9funk

Defeat-ISIS Group Adapts to Continue Pressure on Islamic State
https://tinyurl.com/bdhcvymv

Hay’at Tahrir al-Sham (HTS)
https://tinyurl.com/mbddz43e

**

Conflict in Syria

https://bit.ly/3OVyLpp

Factbox: Iranian influence and presence in Syria

https://bit.ly/4ggcles

Why Did Iran Allow Bashar al-Assad’s Downfall?

https://bit.ly/3OYWUva

The Russia-Iran-Assad ‘axis of the vulnerable’ is cracking in Syria

https://bit.ly/3DcKtZW

بعد 14 عاماً من الحرب.. ماذا حدث في سوريا؟

https://linkcuts.com/bdr11nek

Kurdish US-allies halting anti-ISIS operations in Syria because of threat from Turkey-backed rebels, SDF commander warns

https://linkcuts.com/2jm20jvm

The fall of Assad: Putin must be in crisis mode – while Trump may have little choice but to get involved

https://linkcuts.com/6a6sh0k8

Syria post-Assad power vacuum poses unexpected problems for Middle East, US

https://linkcuts.com/pfjy3p1k

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...