المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ المانيا و هولندا
بون ـ جاسم محمد، باحث في الأمن الدولي والإرهاب و رئيس المركز ECCI
اصبح العالم اقل امنا بعد مرور خمسة عشرعاما على احداث 11 سبتمبر 2001. والتي تمثلت بمجموعة من الهجمات الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة عندما تم تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدني تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة. الأهداف تمثلت في برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن ومقر البنتاجون سقط خلالها مايقارب من 2973 ضحية.
“الحرب على الارهاب” التي قادتها الولايات المتحدة منحتها الكثير من المبررات لتدفع حليفاتها من دول اوربية ودول المنطقة لتنفيذ سياستها تحت عنوان محاربة الارهاب، هذه الحرب التي لم تكن محددة في مكان ولا زمان. مكافحة الإرهاب
وفي دراسة خارطة انتشار الحركات المتطرفة في العالـم، من المحلّية إلى السلفية “الجهادية” المعولمة تتوزع الحركات “الجهادية” على مساحة شاسعة من هذا العالم من افغانستان وبعض اقاليم باكستان مرورا بالمشرق العربي خاصة في اليمن وسوريا والعراق وصولا الى القارة السمراء ، مالي ونيجريا وشمال افريقيا.
ولئن اختلفت ظروف نشأة هذه الحركات وتوقيتها وأهدافها الا ان الاكيد انها تنهل من مرجعيات فكرية واحدة يمكن ان توضع جميعا تحت لواء ما يسمى بـ “الفكر السلفي الجهادي” وقد نشأت بعض هذه الجماعات في الاطار المحلي لأهداف محلية او اقليمية على غرار طالبان التي ظهرت في سياق محاربة الغزو السوفياتي. وبعضها ظهر منذ البداية ليتمدد ويؤسس “خلافته ” مثل داعش التي تضع القضاء على الجيوش النظامية في المنطقة في سلم اولوياتها، فساهمت اكثر في بلورة خريطة تقسيم جديدة للمنطقة على اسس مذهبية واثنية . ذلك بإعلان أبو محمد العدناني قيام “الخلافة الإسلامية”، ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين في يونيو 2014 .
وفي هذا الصدد يقول الدكتور حسن ابو هنية لا ينفك الفرع العراقي المتمرد على تنظيم القاعدة المركزي عن ممارسة ألاعيبه الإستراتيجية المحكمة، وخلق المفاجآت والصدمات، فعندما أعلن أبو بكر البغدادي في التاسع من أبريل 2013 عن تأسيس “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ظن كثيرون أن مسألة الإعلان عن قيام الدولة مسألة دعائية وهمية، ولا تتعدى حدود العوالم الافتراضية، إلا أن العالم تبدّل بعد أن استيقظ فجر يوم 10 يونيو 2014 على وقع صدمة سقوط مدينة الموصل في محافظة نينوى على يد التنظيم، وبات يتحدث عن دولة حقيقية في حيز العوالم الواقعية.
إن واحدة من تداعيات إعلان “الخلافة”هو رفع معنويات مقاتليها وكسب واستقطاب مقاتلين جدد والحصول على بيعات لفصائل اسلاموية.
أبجدية محاربة التطرف والإرهاب
معالجة الارهاب او مواجهة الارهاب تمتد بين المعالجات السريعة المتمثلة بالعمل العسكري، العمليات العسكرية الواسعة سواء كانت ضربات إستباقية او مسح لجغرافية الارهاب والتطرف وهدم معسكرات التدريب. لكن يبقى المعنيون في مكافحة الارهاب ينظرون الى المستقبل البعيد التي توصي باعتماد مجموعة سياسات متكاملة ضمن الامن القومي، تقع في داخلها سيطرة الحكومة والدولة على أمنها ومواردها الطبيعية والبشرية، باعتماد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والقضاء على البطالة، هي حزمة إجرائات لايمكن الفصل مابينها ابدا.
وظهرت استراتجيات مختلفة لمكافحة الإرهاب والتطرف خاصة الأمريكية ، فقد ذكرت الكاتبة الاميركية Jessica Stren في محاضرة لها في القانون في كلية الحقوق بجامعة هارفارد نشرتها دورية Foreign affairs، تضمنت أن الولايات المتحدة لاتعمل فقط على محاربة الارهاب بل الحيلولة للجماعات المتطرفة من النمو مع برامج إعادة تأهيل المعتقلين بهدف حماية الأمن القومي . ما تشهده الان المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط يعتبر منخفض ارهابيا ، بدأ يستقطب ” ألجهاديين ” ليكونوا مثل كرة الثلج تكبر مع توسع مساحات النزاع والخلافات .
إن العمل الإستخباري في مواجهة الارهاب يحتل الأولية اكثرمن العمل العسكري والتسلح. فألبحث والتحري عن التنظيمات الإرهابية يعتبر اول الخطوات، وتعتبر المصادر البشرية التقليدية في جمع المعلومات اكثر اهمية إلى جانب المصادر الفنية.
نظريات الإستخبار تؤكد، بأن ما تعجز عنه المصادر الفنية تستطيع تحقيقه المصادر البشرية. فرغم التطور التكنلوجي الفني في تقنيات التجسس ومكافحة التجسس والإرهاب، لكن مع ذلك فأن أكثر الدول تقدما في تقنية ألاستخبار مثل الولايات المتحدة وروسيا لا تستطيع التخلي عن مصادرها البشرية، رغم وجود برامج تقنية ووكالة ناسا وسباق تسلح وحرب النجوم وغيرها من وسائل التجسس الفني، فكانت هنالك صفقات تبادل الجواسيس لتعيد الحرب الباردة من جديد.
ابرز الأجراءات الإستخبارية الواجب اتخاذها
1 ـ قاعدة المعلومات
اي ايجاد معلومات حول الاشخاص والتنظيم، والبيانات، التي تعتبر معلومات اساسية واجب جمعها قبل البدء بوضع اي خطط مع ضرورة تحديثها. وهي ابجدية العمل الاستخباري.
• مصادر التمويل
• مصادر التطوع
• معسكرات التدريب
• مصادر التسلح
• مرجعياتها السياسية والدينية
• طرق الاتصالات
• قياداتها وخلفياتهم الأجتماعية والسياسية
بعد ذلك يتم وضع دراسة او الخطة لمتابعة التنظيم، بضمنها التهديدات المحتملة والنوايا لذلك التنظيم. إن العمل الاستخباري يبدأ في الخبر ثم المعلومة وجمع المعلومات عن الهدف، اي ان يكون منشأة او شخصية او معلومات ـ المعلومة ذاتها ممكن ان تكون هدف ـ وفي كل هدف هنالك نقاط قوة ونقاط ضعف يمكن للمؤسسات الأستخبارية الأستفادة منها، ومن بين الجهود هو إيجاد مصادر معلومات قريبة من الهدف، اشخاص او منشات او معلومات. فالعمل الإستخباري يقوم على استثمار نقاط الضعف واحيانا التوريط .
2 ـ تجفيف منابع الإرهاب
يعتبر ألتمويل اساس عمل تنظيم “دولة داعش”،التقارير ألإستخبارية تعطي تفاصيل حول أهمية التمويل “فألجهاديون” والمقاتلون الذين يتطوعون للقتال، دائما يختارون الفصائل الأكثر تنظيما والاكثر دفعا وتسلحا. على سبيل المثال أن داعش استطاع اجتياح التنظيمات الاخرى “الجهادية” بسبب ما تتمتع به من امتيازات مالية وتسلح، هذا دفع الكثير من الألوية وألكتائب بالقتال تحت رايتها بعد ان كانت تقاتل تحت رايات اخرى.
التمويل هو العصب الرئيسي والعامل الأساسي في استمرارية”الجماعات الجهادية”. وتدير”دولة داعش” العديد من عمليات غسل الاموال، هذه الاموال تدار احيانا من داخل دول اوربية وعربية.
يلعب القطاع الخاص دورا في تمويل الإرهاب، فمكاتب الصيرفة الخاصة وتحويل الأموال عبر العالم قد تم أستغلالها في تدوير الاموال وغسيلها. بلأضافة الى تدوير الأموال بواسطة المقايضة بعمليات الأستيراد وألتصدير. أن فرض الرقابة الشديدة على الشركات المالية الخاصة ومتابعة اصولها المالية من شأنها أن تعمل على تجفيف مصادر التمويل ومكافحة الأرهاب.
لذا من التوصيات في تجفيف مصادر تمويل القاعدة و”الجهادين” هو العمل الإستخباراتي وفرض عقوبات والتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين وإشراك القطاع الخاص من أجل تحديد الجهات المانحة والممولين والوسطاء المتورطين في دعم المنظمات الإرهابية . إن أيجاد تعاون مشترك دولي في مراقبة وتعقب الأصول المالية للجماعات المسلحة ،لاتقل عن العمليات المسلحة في مواجهة الأرهاب وتفعيل قرارات مجلس الامن ـ لجنة مكافحة الارهاب في تتبع الاصول المالية وتجفيف التمويل.
3ـ مواجهة الدعاية “الجهادية” والانترنيت
وضمن الجهود الدولية في مكافحة الارهاب فقد نجح تويتر”في إيقاف عشرات الالاف من حسابات مرتبطة بالتنظيم منذ خريف عام 2014 إضافة إلى 800 حساب تأكد أنها تابعة ، حسب دراسة أعدها موقع Googl “غوغل”. وتعود أغلب الحسابات التي تم إلغاؤها لأشخاص مؤيدين لـ”داعش”، كانوا يدونون تغريدات باللغة الإنكليزية عبر الموقع الاجتماعي.
وكان أصحاب هذه الحسابات يطلقون صفة “كفار” على من يغلقون حساباتهم، بل إن كثيرا منهم عاد لفتح حسابات جديدة. الحرب التي أعلنتها الشركة أتت بعد أن استطاع التنظيم تحقيق وجود بارز على هذه الموقع منذ سنتين. كذلك تم اغلاق موقع “خلافة بوك”، بعد يوم من إنشائه من قبل التنظيم في 10 مارس 2015، كما تم تعليق حسابات اخرى للجماعة هدفها إيصال رسائل الى انصاره من اجل الحصول على مقاتليين جدد.
وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، اكدت أن الوكالة بصدد إجراء أكبر تعديلات في تاريخها لزيادة التركيز على عمليات الأنترنت ودمج المبتكرات الرقمية في جمع المعلومات. وقال “جون برينان” المدير الاسبق، إنه سيتم تأسيس “هيئة الابتكار الرقمي”لرصد واستغلال تطورات التكنولوجيا الرقمية، مضيفا أن وكالة المخابرات المركزية “سي آي آيه” بصدد تشكيل وحدات جديدة تدعى “مراكز المهام” هدفها زيادة التركيزعلى التحديات الجديدة مثل انتشار الأسلحة أو اكتشاف مناطق جغرافية غير معروفة مثلا في إفريقيا.
4ـ إعتراض مراسلات التنظيمات
إن ابرز وسائل جمع المعلومات واخطرها عن التنظيمات الارهابية هي اعتراض المكالمات والاتصالات الفنية والمراسلات التحريرية بين التنظيم وقياداته وكذلك ماتحصل عليه الاجهزة الاستخبارية من عمليات تعرضية الى معسكرات ومقرات التنظيمات. فالضربات الأستباقية التي تحمل عنصر المفاجأة تمكن الاستخبارات من الحصول على وثائق ومراسلات داخل تلك المقرات وهذا ماحصل في ” وثائق سنجار السوداء” التي حصل عليها الجيش الاميركي في العراق عند اشتداد المواجهة مع القاعدة 2005 وكذلك ماحصلت عليها الولايات المتحدة من اسرار في مقر سكن بن لادن مايس 2011 وفي مقر مقتل ابو ايوب المصري والبغدادي في بغداد 2010. مثل هذه الوثائق ممكن تصنيفها بأنها تحمل درجة عالية من الصحة يمكن العمل عليها بشكل مضاد في مكافحة الارهاب.
5ـ إختراق التنظيم
رغم ماكشف عنه “سنودن” المتعاقد مع وكالة ناسا ـ وكالة الإمن القومي الأميركية من وسائل تجسس عبر الانترنيت ووكالة ناسا، يبقى المصدر البشري، عنصر هاما في الحصول على المعلومات وابرزها هو تحقيق الأختراق داخل تلك التنظيمات، وغالبا مايكونوا من المعتقليين لدى الاجهزة الأستخبارية او المتورطين باعمال ارهابية يحاسب عليها القانون.
6ـ المواجهة الفكرية
إن التنظيمات “ألجهادية” تقوم أساسا على “العقيدة ألجهادية” اوالأيدلوجية المتطرفة في كسب المقاتليين وتبرير عملياتها التي تقوم في الغالب على أستثمار الصور المروعة في أماكن النزاع من خلال اعلاميات جهادية مرئية ومسموعة، لذا يتطلب مواجهتها فكريا ايضا، بالحجة، من خلال التعاون مع مشايخ الوسطية، واعداد وتأهيل معنيين في الشريعة والفقه، تقوم بزيارة بعض المعتقليين المتورطين في عمليات إرهابية، وعرضها على الجمهور، كذلك اتباع الطرق الإستخبارية في إخضاع من تم اطلاق سراحه من المعتقلات للمراقبة مع توفير المساعدة له في إعادة التاهيل مهنيا واجتماعيا، ألمواجهة الفكرية ربما تأتي بنتائج إيجابية أكثر من المواجهة العسكرية مع تقليل نسبة خلق الخصوم المحتملة في أعقاب اي عملية في المجتمعات الحاضنة للأرهاب.
المواطن احيانا يعيش مابين ارهاب الدولة وارهاب المجموعات المسلحة و”الجهادية” فألدولة ربما تكون هي المسؤولة عن فراغ السلطة وترك المجال للارهاب، لذا لا خير في حكومة او دولة لا تستطيع حماية مواطنيها. إن استمرار الفوضى ومثلما تسميها تللك الجماعات “الجهادية” ب “التوحش” من شأنه ان يخلق دولة مفككة يقاتل ابنائها بعضهم البعض بالوكالة لصالح اطراف اقليمية ودولية لتتحول سلطة الدولة الى مجموعات “جهادية” وميليشيات مسلحة وامراء حرب مناطقية.
7ـ التعاون الاقليمي لمواجهة الارهاب
إن تجربة الولايات المتحدة في العراق بعد الغزو الاميركي عام 2003 ، عكست تخلي الولايات المتحدة عن حليفاتها وعدم الايفاء بالتزامها الاخلاقي او الثنائي مابين البلدين، عندما انسحبت من العراق في عام 2011 تاركة عراق ضعيف مقسم على اساس طائفي وبدو جيش حقيقي قادر على الدفاع عن حدوده وجائت بقيادات سياسية طائفية غير مؤهلة تحصل على الشرعية.
كذلك ليبيا شهدت تعاون مع الناتو 2012 والتي اطاحت بالقذافي لكنها جائت بتنظيمات قاعدية وانصار الشريعة وخريجي سجون غوانتناموا ومعتقلات اميركية للجلوس تحت قبة البرلمان. ما تحتاجه المنطقة الان هو ايجاد سياسات مشتركة وتعاون اقليمي ومحلي لوضع سياسات مواجهة الارهاب في المنطقة، على ان تكون هذه السياسات تنفيذية اي ان تكون هنالك اجتماعات مستمرة وغرف عمليات ومنظومة تبادل المعلومات لمتابعة قيادات المجموعات الارهابية وايجاد سياسات جديدة لمسك الحدود والمعابر والمطارات التي تعتبر واحدة من اهم السياسات المطلوبة في المنطقة.
توسع الجماعات “الجهادية”داخل اوروبا
اصبحت حركة المقاتلين الاجانب، في اوربا تمثل صداعا مزمنا وانعكس هذا الاهتمام في اجتماعات بروكسل.محل المحتوى وفي هذا السياق وجه الاتحاد الاوربي طلبات عدة إلى تركيا لمراقبة الحدود مع سوريا ورقابة الجماعات التي تتوجه الى سوريا من تركيا.
وكانت أبرز هذه الخطوات هو إنشاء بوابة تشغيلية واحدة، تعمل كنقطة اتصال لملاحقة قضايا المقاتلين الأجانب. القضية العالقة مع تركيا أيضا هي مطالبة الأوروبيين إبرام اتفاق تشغيلي بين أجهزة الشرطة الأوروبية التي تم اتشائها في مارس2013 لتكون بمثابة أداة تحليل لعموم أوروبا ودول الطرف الثالث، على شرط تعمل الوحدة على تحليل وتبادل معلومات بشأن التجنيد وتسهيلات السفر للمشتبهين ومساعدة الدول على الكشف والمراقبة وتحديد من يسافرون عبر الحدود الدولية والالتحاق بالتنظيمات الارهابية.
وتحاول دول اوربا الان من تصعيد تعاونها الاستخباري، اكثر من غيره، وهذا يعني ان اوربا تشهد الان، اعادة سياسات امنية استخبارية في مكافحة الارهاب خصوصا المقاتلون الاجانب العائدون من سوريا والعراق ومحميات”جهادية” اخرى. الذئاب المنفردة
الإستراتيجيات والسياسات التي اتبعها داعش لتعزيز قوته
1 ـ إستخدام داعش الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي
هذه الجماعة تعتبر “الجهاد” على الانترنيت دعامة رئيسة في تركيبة وعمل التنظيم إلى جانب “الجهاد” على الأرض. التنظيم يعطي أهمية للنشاط على شبكة الانترنيت. اعتمد داعش كثيرا على “الدعاية الجهادية” بأنتاج اشرطة الفديو والدعاية بنوعية ومهنية للترويج لمبادئه. لذا فهو يعتبر الانترنيت احد نوافذ التنظيم وعالمه الافتراضي للوصول إلى أنصاره من الشباب، لذا فهو يعول كثيرا على ذلك. وإلى جانب”الهاشتاغات” و”تويتر” يصدر التنظيم مقاطع فيديو ترويجية تطلب من أنصاره نشر رسائل، وصور، ومقاطع فيديو على تويتر، و”إنستغرام”، و”يوتيوب” لدعم التنظبم، ويدير التنظيم مواقع مفتوحة منها موقع “خلافة دوت كوم”. تنظيم داعش كيف سيكون
2ـ اعتماد داعش على المعلومات الاستخبارية
رغم ان داعش استنسخ تجارب القاعدة الا إنه ربما يختلف في إمكانياته اي في نوعية مقاتليه أكثر من تنظيم القاعدة او فروعها المحلية الأخرى في اليمن وأفغانستان الذي يقتصر دورهم على حمل السلاح “الكلاشنكوف” او تنفيذ عمليات انتحارية بحزام ناسف. ان قراءة إصدارات وتصريحات التنظيم على مواقعه “الجهادية” المعتمدة تفيد بان دولة العراق تقوم بأعداد مقاتليها في دورات عسكرية وأمنية تمتد الى عام تقريبا تتضمن تدريبات قتالية عنيفة بالإضافة الى دروس في الامن والاستخبار واستخدام التنظيم وصف ضابط للمقاتلين ليعكس الكفاءة العسكرية .
وهذا ما جعل التنظيم يقوم على أساس الشراسة الأمنية أكثر من العسكرية. وقد اعترف التنظيم في إصداراته بان مرحلة الزرقاوي حتى 2006 كانت قائمة على الشراسة العسكرية وليس الأمنية واستمرت في عهد أبو عمر البغدادي حتى مقتله في 2010 لتبدأ مرحلة جديدة قائمة على امن المعلومات والاستخبارات بالإضافة الى التدريب العسكري .
وهذا بات مرجحا أكثر من خلال عمليات التنظيم التي استهدفت أهداف نوعية، مثل هكذا عمليات بالتأكيد تحتاج إلى عمل استخباري وامني داعم للجهد العسكري، لذا بدون شك استطاع التنظيم من اختراق مؤسسات الأمن والدفاع العراقية وبسهولة من خلال إظهار اللياقة والمرونة في التحرك والكفاءة في تنفيذ العمليات ومن بينها عمليات تهريب سجناء التنظيم من سجن محافظة صلاح الدين ومن مديرية الجرائم الكبرى وغيرها من الأهداف .
وفي تقارير سابقة اعترف التنظيم بانه استخدم جميع الخيارات لتجنيد ضباط عراقيين في الدفاع والأمن ومن بين تلك الخيارات هي استخدام النساء في التوريط الجنسي او التجنيد الإجباري تحت الضغط، هذه الوسائل تعكس وجود مؤسسة أمنية استخبارية نشطة أكثر من ميليشيا. وما يعزز ذلك اعترافات اغلب المعتقلين بأنهم سبق ان خدموا في دوائر ومؤسسات أمنية او فنية عراقية قبل عام 2003 .
3ـ اعتماد داعش على قرصنة المعلومات والمواقع
يشغل تنظيم داعش الكثير من الاهتمام الإعلامي والسياسي وكذلك الشعبوي بين شريحة الشباب، وذلك من خلال الشبكة العنكبوتية وتطبيقاتها من خلال التفاعل مع هذه الشريحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المفتوحة. وفي هذا السياق تعرضت شبكة “تي في 5 موند” الفرنسية يوم 10 مارس 2015 للقرصنة على أيدي أفراد يدعون أنهم ينتمون إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي، ما أدى إلى توقف جميع قنواتها التلفزيونية عن البث وفقدانها السيطرة على مواقعها الإلكترونية.
وسبق أن نفذ داعش عمليات اختراق عديدة لمواقع اميركية بينها اختراق قاعدة البيانات الخاصة بالجيش الأميركي خلال شهر مارس 2015 وقام بالاستيلاء على بيانات حساسة على خوادم وقواعد بيانات الجيش وهي خاصة بالعمليات التي تقوم بها أميركا ضد تنظيم داعش. الهجمة ضد القناة الفرنسية الخامسة كانت منظمة، وتعد عملية نوعية جديدة تضاف إلى صالح تنظيم “داعش” في “جهادها” الألكتروني وعالم السايبر ـ الرقمي،
4ـ اعتماد داعش على السلاح الكيميائي
إن المواجهة مابين الجماعات “الجهادية” وخصومها، لم تعد مواجهات تقليدية، بل تحولت الى حرب ذكية استخدمت فيها هذه الجماعة كل ماهو متاح من قدرات تقنية وفنية في مجالس ادارة التنظيم ومنها السلاح الكيميائي، الذي يمكنه من تعزيز قدرته القتالية.
بات معروفا عن تنظيم داعش بانه يستنسخ تجاربه من بلد الى اخر ومايحدث في ليبيا من سيطرة هذه الجماعات على ترسانة اسلحة نظام القذافي السابق يثير الكثير من مخاوف استخدام السلاح الكيميائي ضد خصومه، خاصة ان ليبيا مفتوحة على الصحراء ولاتوجد موانع طبيعية، تعيق إستهداف هذه الجماعة من تهديد دول الجوار والمنطقة مثلما فعلتها في العراق وسوريا.
5ـ أعتماد داعش على الحواضن
الدولة الفاشلة هي تلك الدولة الضعيفة أو التي تفقد السيطرة على أراضيها، وتفقد تامين الحماية الى ثرواتها الطبيعية والبشرية. أن استمرار ومطاولة الفوضى في دول المنطقة من شأنه ان يخلق دول فاشلة بانهيار مؤسساتها، ويحول ابنائها لان تقاتل بالوكالة لصالح اطراف خارجية. الدول الفاشلة، حسب تعريف الباحث “نعوم تشومسكي” هي الدول غير القادرة في حماية مواطنيها من العنف. اما “مايكل مازار” فيقول في احدى دراساته “لقد وجدت الولايات المتحدة ضالتها في خطر”الدولة الفاشلة” الذي بدأت في الترويج له، كونه تراه أبرز مصادر تهديد الأمن القومي الأمريكي، بل وتهديد السلم والأمن الدوليين”.
وهذا ماجعل وجود ترابط مابين وجود التدخل الاميركي في العالم والمنطقة وفشل الدول، ابرزها الصومال وافغانستان والعراق واليمن. الكاتب الفلسفي زهير الخويلدي يقول في دراسته “لا يشكل الارهاب ظاهرة استثنائية وعارضة بل يدخل في صلب وجودنا الفردي والاجتماعي، تتنوع أشكاله المفرطة والعنيفة وتبلغ حدا يصبح معه من العبث الحلم بامكانية القضاء عليه”.
الخلاصة
التنظيمات القاعدية “الجهادية” توجد دائما في الدول الفاشلة او تلك الدول التي تعيش تحت معدلات الفقر، يعتبر العراق على سبيل المثال من الدول الغنية، لكنه يصنف دولة فاشلة بسبب التراجع الذي شهدته الدولة العراقية، وابرز الاسباب هي الفساد والتسييس وغياب الهوية الوطنية. اما اليمن وافغانستان فربما ظروفهما الاقتصادية تختلف وممكن تصنيفهما بانهما من الدول الفقيرة بالاضافة الى الصومال، ليكون الفقر الى جانب الفشل السياسي ابرز الاسباب التي تعمل على ظهور التنظيمات “الجهادية” والمتطرفة.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=4076