هل يبقى الاتحاد الأوروبي متماسكا ؟ … معاهدة امستردام
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا-وحدة الدراسات والتقارير “4”
معاهدة امستردام وقعت هذه الاتفاقية في الثاني من أكتوبر من عام ,1997 ودخلت حيز التطبيق في.1999 تعنى بزيادة التركيز على المواطنه وحقوق الافراد وعلى المزيد من الديموقراطية في شكل زيادة سلطات البرلمان الأوروبي, ايضا تشكيل عنوان جديد عن العمالة ، تحقيق الحريات الأجتماعية ، الأهتمام بأمور الأمن و العدالة ، و نقطة البداية لتحقيق السياسة الخارجية والامنية المشتركة، و تحقيق الاصلاح في المؤسسات العامة للتحضير لتوسعها.
تهدف معاهدة امستردام الي تهيئة وخلق المناخ السياسي والهيكلى والمؤسسى المناسب حتى يستطيع الاتحاد الاوروبى مواجهة التحديات المستقبلية مثل التطور السريع على الساحة العالمية والعولمة وتأثيرها على العمالة والتنافسية وتوفير فرص العمل مكافحة الارهاب والجريمة وتجارة المخدرات والمشاكل البيئية وتاثيرها على الصحة العامة
وعلى صعيد السياسة الخارجية سيكون للاتحاد الأوروبي مسؤول كبير أو ممثل ثاني لمعالجة المواقف والأزمات كما في مثال كوسوفا وسيختار القادة الأوروبيون ذلك المسؤول الشهر القادم.
وقد ينشر الاتحاد الأوروبي في المستقبل قوات للقيام بمهام انسانية ومهام حفظ السلام وهي المسألة التي فشل الاتحاد الأوروبي في معالجتها بشكل جماعي حتى الآن,, كما سيزداد حجم التعاون في مجال الدفاع.
هيكل معاهدة امستردام
قسمت الي ثلاث اجزاء وملحق وثلاثة عشر بروتوكولا و59 اعلانا تضمنهم الملحق الخاص بالاعلان الختامى.
انجازات معاهدة امستردام
تتضمن اساسا التعديلات على معاهدة الاتحاد الاوروبى ومعاهدة انشاء الجمعية الاوروبية وقد قسم الجزء الاول الي العديد من الفصول تحتوى على ( الحرية والامن والعدل – الاتحاد وحقوق المواطن – سياسة خارجية متكاملة وفعالة ).
ترتكز المعاهدة المذكورة على ثلاث ركائز أساسية:
1 – توطيد أسس الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان داخل بلدان الاتحاد. حيث نصت المعاهدة على أهمية الحفاظ على الحقوق الأساسية للمواطن الأوروبي، ومنع كل نزعة عنصرية، مع التأكيد على ضرورة الدفاع عن حقوق المستهلك الذي يشكل القاعدة الأساسية للاقتصاد الأوروبي.
2 – تحديد آليات العمل الأمني وتقوية أسس العدالة.
3 – تطوير هياكل الاتحاد ومجالات نشاطه عبر إبداع مجالات جديدة للعمل، فقد جعلت المعاهدة من رفع مستوى التشغيل والتخفيض من عدد العاطلين أولوية من أولوياتها. ووضعت لأجل تحقيق هذا الهدف خطة واضحة المعالم ارتكزت على وضع مشاريع اقتصادية مهمة تمول من صناديق الاتحاد، وتمنح كافة التسهيلات اللازمة لإنجاحها. يضاف إلى ذلك تقوبة مسطرة الحماية الاجتماعية عبر تنظيم العمل، ووضع حد للإقصاء والتهميش.
ومن أهم ما أكدت عليه الاتفاقية هو إعادة هيكلة مؤسسات الاتحاد الداخلية قبل توسيعه، بحيث ستمنح صلاحيات قوية للبرلمان الأوروبي الذي سيصبح على قدم المساواة مع مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي الذي يقرر كل ما يتعلق بالميادين المحورية التي تهم المواطن الأوروبي من تشغيل وبحث علمي، وحماية الحريات وتنشيط الاقتصاد وغيرها من المجالات المهمة. كما حثت على التفكير في خلق آلية تمكن من تبسيط مسطرة اتخاذ القرار الأوروبي في حالة توسيعه حتى لا تعقد قاعدة ممثلي الدول الأعضاء الواسعة عمل مؤسسات الاتحاد، وهو ما نصت عليه اتفاقية نيس التي دخلت حيز التطبيق في الأول من فبراير من عام .2003
ادخلت المعاهدة الكثير من التعديلات على دور المؤسسات التالية :
البرلمان الاوروبي
– تم الاعتراف بدور البرلمان كششريك للمجلس فى سن القوانين ووضعه فى مرتبة المجلس نفسها مع اختصار الاجراءات التشريعية فيه.
– تم تحديد عدد اعضاء البرلمان بـ700 عضو ولكن مع الوضع فى الحسبان امكانية زيادة عدد الممثلين للبرلمان حتى يتناسب مع عدد الدول الاعضاء وسوف يكون للبرلمان الاوروبى الحق فى وضع مقترحات خاصة باجراءات الانتخابات الخاصة به مع مراعاة المبادىء المتعارف عليها بين الدول الاعضاء وتوسع المجالات التى تيسمح بالموافقة عليها باغلبية الاصوات فى المجلس لتسهيل عملية اتخاذ القرار وتفعيل دور المفوضية التى تلعب دور هاما فى تنظيم هيكل المؤسسات وفى الحفاظ علي تنفيذ احكام المعاهدات
محكمة العدل
التوسع فى دور ومهام محكمة العدل اضافة الي توضيح هذه المهام فيما يختص بحماية الحقوق الاساسية للمواطنين والمواد الخاصة بالهجرة وحق اللجوء والتعاون فى مجال الشرطة والقوانين
محكمة المراقبين
يقوى دور هذه المحكمة اضافة الي اعطاء لجنة الاقالين استقلالية فى ادارة شؤونها وتوسيع الدور الاستشارى لها وللجنة الاقتصادية والاجتماعية .
البرلمانات القومية
اشركت البرلمانات القومية فى التصويت على مسودة القوانين والتشريعات الخاصة بالاتحاد اضافة الي دورهم فى اختيار الوسائل والطرق لاحتواء هذه القوانين فى التشريعات المحلية .
واكدت المعاهدة على اتخاذ الاجراءات اللازمة لحصول البرلمانات القومية على نسخ من مسودات التشريعات والقوانين فى وقت مناسب والعمل علي وجود فترة زمنية لا تقل عن ستة اسابيع بين الانتهاء من اعداد المسودات وبين وضعها فى جدول اعمال المجلس للمناقشة واتخاذ القرار باستثناء المسائل العاجلة .
وسيدفع التوسع المستقبلي في عدد اعضاء الاتحاد الاوروبى الي ايجاد ضرورة الي احداث تغير فى المؤسسات وهياكلها وهذا يتفق مع وجوب ان تكون اساليب اتخاذ القرار اكثر فاعليى وتاثيرا ويتطلب ذلك ان يؤمن المواطنين بهذه المؤسسات وبانها تتمتع بالديمقراطية .
وبناءا على ذلك تمت الموافقة على انه فى حالة انضمام دولة جديدة للاتحاد سوف تتخلى الدول التي لديها مفوضان عن واحد منهما مع الاخذ فى الاعتبار التغييرات فى نسب الانتخابات فى المجلس ةتم الاتفاق علي ان يعقد مؤتمر على مستوى الحكومات لمراجعة شاملة لاحكام وينود المعاهدات الخاصة بهيكل ووظائف المؤسسات وذلك قبل عام علي الاقل من مرور عشرين عاما علي انشاءا الاتحاد الاوروبى.
البنك المركزي الأوروبي
هو البنك المركزي لعملة اليورو، الذي يدير السياسة النقدية لمنطقة اليورو وواحد من أكبر مناطق العملة في العالم. كما أنه أحد أهم البنوك المركزية في العالم، ومن بين 7 مؤسسات للاتحاد الأوروبي المدرجة في اتفاقية الاتحاد الأوروبي. تم إنشاء البنك الذي يتخذ من فرانكفورت مقراً له، بموجب اتفاقية أمستردام في يونيو 1998.
وقد نصت معاهدة أمستردام على ضرورة تعزيز وتقوية عملية التنسيق والتعاون الأوروبي في مجال السياسه الخارجيه والأمن حيث دشنت قيام سياسه خارجيه وأمنيه مشتركه وحددت المعاهده أولويات السياسه الخارجيه الأوروبيه في بداية الألفيه الثالثه عموماً وذلك لتضمن تحقيق الأولويات التاليه :
– إستمرار التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة كون أوروبا لا زالت دون إمتلاك نفس القوه الرادعه للدفاع عن نفسها من أي هجوم نووي، ولا زالت تعتمد في ذلك على أمريكا
– العمل على تقوية أواصر التعاون مع شرق أوروبا من أجل جعل أوروبا منطقة سلام وإستقرار
– إستمرار التعاون مع دول الشرق الأوسط نظراً لما تحويه من ثروات أهمها النفط الذي يمثل مصدر الطاقه الرئيسيه للدول الأوروبيه
– العمل على تعزيز أواصر التعاون مع دول العالم الأخرى في المجالات السياسه والثقافيه والإقتصاديه
ولتحقيق التكامل السياسي للاتحاد خصوصاً في مجال السياسة الخارجية والامن فقد استحدثت معاهدة امستردام مناصب جديدة لم تكن موجودة ومن هذه المناصب مايلي :
منصب الممثل او المفوض الأوروبي للشؤون الامنية (يتولاه حالياً خافيير سولانا ويختص هذا المنصب في ربط البعد الامني للاتحاد الأوروبي بمنظمة حلف شمال الاطلسي بغرض المحافظة على العلاقات الدولية بين التنظيمين.
– منصب الممثل أو المفوض الأوروبي للشؤون السياسية والعلاقات الخارجية ويختص ويقوم بتنسيق المواقف الأوروبية تجاه العديد من المسائل السياسية والاقتصادية العالمية.
أكدت المعاهدة على أن السياسة الأوروبية للأمن و الدفاع تشمل كل المسائل المتعلقة بأمن الإتحاد بما فيها المفهوم المتطور للدفاع المشترك.
إذن يعتمد الإتحاد الأوروبي لحل الأزمات أو التدخل في أي نقطة من نقاط التوتر على سياسة أوروبية مشتركة في الأمن والدفاع وهذا بتوفير مجموعة وسائل مدنية وعسكرية لإدارة الأزمات، هذه السياسة تهدف إلى جعل أوروبا على أهبة الاستعداد لنشر ستين ألف جندي في أجل لا يتعدى ستّين يوما ومتابعتهم لمدة سنة.
كما تستدعي إقامة سياسة أوروبية عملياتية للأمن والدفاع أيضا طرح مجموعة من التساؤلات تخص حجم القوات اللازمة و نوعها و تحديد الموارد البشرية التي تحتاجها و سبل توفيرها، وكذلك كيفية تنظيم هذه القوات و صيّغ استعمالها، وغيرها من التساؤلات التي تحتم على “الإتحاد الأوروبي” إيجاد إجابات لها عبر مختلف مستويات أخذ القرار السياسي أو الاستراتيجي أو العسكري، العملي
قضايا الهجرة واللجوء
أكدت المعاهدة على ضرورة توفير الشروط الأمنية لضمان حقوق المواطنين الأوروبيين، مع تقنين الهجرة وضبط آلياتها، والتفكير لإيجاد حلول جذرية لظاهرة الهجرة السرية التي تقض مضجع الأوروبيين.
تناولت المعاهدة بالتفصيل قضايا الهجرة واللجوء والتي كانت قد نوقشت فيما سبق في معاهدة ماستريخت .ووفقا لمعاهدة أمستردام فإن على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ التدابير التالية خلال خمسة سنوات من دخولها حيز النفاذ: كل دولة عضو مسؤولة عن فحص طلبات اللجوء ويجب عليها أن تضع قواعد دنيا لـ: قبول اللاجئين؛ ومنح صفة اللاجئ لمواطني دول ثالثة أخرى والأفراد الذين يستفيدون بالتتابع من إضفاء تلك الحماية، ومنح أو سحب وضعية اللجوء، ولإضفاء الحماية المؤقتة.
النظام الأوروبي المشترك فيما يتعلق باللجوء
تم تطوير النظام الأوروبي المشترك فيما يتعلق باللجوء في دورة المجلس الأوروبي عام 1999 وهو يتبنى بشكل أساسي إعمال اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين والبروتوكول المعدل لها. وبخلاف ذلك فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2000 ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي وقد أقر هذا الميثاق بالحق في اللجوء. وقد قام النظام الأوروبي المشترك المتعلق باللجوء بوضع بيان بمضمون الحقوق لضمان أن يتم تطبيقه فيما يخص مواطني دول الاتحاد الأوروبي ودول العالم الثالث.
وستشترك الدول الأعضاء في قوانين الهجرة واللجوء رغم ان تلك القوانين لن تنطبق كاملة على بريطانيا وايرلندا والدنمارك وهي الدول التي لم توقع على اتفاقية فتح الحدود.
كما تلتزم المعاهدة بايجاد فرص عمل لاسباب ليس اقلها انه حينما أبرمت المعاهدة كانت البطالة تعتبر كبرى المشكلات الأوروبية ورغم ان مفعول معاهدة امستردام يسري اعتبارا من امس فإن الحقيقة هي ان المواطن الأوروبي قد لا يلمس نتائجها قبل مرور سنوات.
وبينما مهدت معاهدة ماستريخت التي سبقت معاهدة امستردام السبيل امام ميلاد العملة الأوروبية الواحدة فان معاهدة امستردام تشكل هي الأخرى خطوة الى الأمام في طريق توثيق أواصر الاتحاد الأوروبي.
معاهدة بلا جدوى
سعت اتفاقية أمستردام توقيع اتفاقيات مع الدول التي تعتبر مصدرا للهجرة السرية من أجل إيجاد حلول لهذه المعضلة عبر تقديم مساعدات لخلق فرص الشغل بعين المكان لتخفيض عدد المرشحين للهجرة. “ومن الثابت في كل الأحوال أن الأثر المرتقب لهذه السياسة لم يحدث لحد الآن، والدليل على ذلك ما تعرضه القنوات التلفزيونية الأوربية من مآسي تحدث لراكبي (قوارب الموت) والذين لا يفلح عدد كبير منهم في الوصول إلى الضفة الشمالية” .
وعلى صعيد متصل أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، خلال قمة الاتحاد الاوروبى ببروكسل فى يونيو 2018 ، أن قادة دول الاتحاد الأوروبي تمكنوا في ختام مفاوضات استمرت قرابة 12 ساعة، من التوصل إلى اتفاقات بشأن صياغة الوثيقة الخاصة بالهجرة.
وكتب توسك في حسابه على “تويتر”: “اتفق رؤساء 28 دولة حول نتائج القمة بما في ذلك الهجرة.”
وكتب رئيس وزراء لوكسمبورغ، كسافييه بيتل: “تم الاتفاق بشأن الهجرة”.
ويذكر ان أوروبا تشهد أخطر موجات الهجرة منذ الحرب العالمية الثانية، التي كان سببها في المقام الأول عدد من الصراعات المسلحة والمشاكل الاقتصادية في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط.
اوضحت المنظمة الدولية للهجرة، في إحصاء سابق، أن أكثر من 3 آلاف مهاجر اختفوا في عرض البحر الأبيض المتوسط، منذ بداية عام 2017، فيما وصل نحو 171 ألف مهاجر عن طريق البحر إلى أوروبا، ثلاثة أرباعهم في إيطاليا حوالي 119 ألف شخص، بينما تشير التقديرات إلى أن عدد المهاجرين التقريبي في ليبيا يتراوح بين 700 ألف إلى مليون شخص.
ومن جانبه ذكر الموقع الرسمي لمنظمة أطباء بلا حدود أن نحو 600 شخص لقوا حتفهم في الأسابيع الأربعة الأخيرة فيما كانوا يبحرون في البحر الأبيض المتوسط باتجاه الشواطئ الأوروبية
ووصفت المنظمة القرارات الأوروبية المتعلقة بأزمة الهجرة والتي تمّ اتخاذها في الأسابيع الأخيرة “بالقرارات الفاضحة وغير المقبولة” مضيفة أن “الخيار في ترك الرجال والنساء والأطفال يغرقون في البحر المتوسط قرار متعمّد”.
الخلاصة
رغم وجود معاهدة امستردام وكل المعاهدات الموقعة ما بين الدول الأوربية، يبدو من الصعب الحديث عن سياسة أوربية موحدة في ميدان الهجرة، بحيث لا يتم التطرق لهذا الموضوع إلا في إطار عام وواسع كالتنقل الحر للأفراد داخل المجموعة الأوربية. أما فيما يخص تنظيم الدخول لهذه البلدان والإقامة والحصول على عمل والحقوق المدنية والاجتماعية للمواطنين من خارج المجموعة الأوربية، فهي من اختصاص البلدان الأعضاء.
لا تبرز السياسة الموحدة للبلدان الأوربية بشكل واضح إلا في المجال الاقتصادي في حين تغيب السياسة الموحدة في المجالات الأخرى، وملف الهجرة يوجد خارج هذه الاهتمامات، بحيث تحاول كل دولة على حدة طرح قوانين تتماشى مع مصالحها . هذا بخلاف تصاعد العنصرية والتطرف اتجاه المهاجرين خاصة بعد الربط ما بين الهجرة والإرهاب، مما يساهم في تأليب الرأي العام الأوروبي ضد المهاجرين وتزايد العنصرية وكراهية الأجانب.
الهوامش
رابط مختصر https://www.europarabct.com/?p=47756
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات