المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “3”
التطرف في بلجيكا … عوامل النزوح والمعالجات
تعمل الحكومة البلجيكية جاهدة من أجل الوقاية من التطرف وإبعاد الشباب البلجيكي عن الالتحاق بالجماعات المتطرفة. في الوقت الذي يعد فيه التطرف مشكلة متنامية في بلجيكا، ولا يقتصر التطرف على وجود فئة معينة من الشباب للاستقطاب والتجنيد. وتتعدد أسباب نزوح الشباب في بلجيكا نحو التطرف والالتحاق بالجماعات المتطرفة، رغم تمتع الشباب في معظم الدول لأوروبية بحياة نسبيا هي أفضل من أقرانهم في دول المنطقة لاسيما منطقة الشرق الأوسط ، ومن أبرز هذه العوامل والأسباب:
البحث عن الهوية: يلجا بعض الشباب في أوروبا لا سيما بلجيكا إلى الانضمام إلى الجماعات المتطرفة للبحث عن هويته وسد الفراغ الاجتماعي والروحي والنفسي حيث تظهر الإحصائيات وفقا لـ”سكاي نيوز عربية” في 18 أكتوبر 2021 أن غالبية منفذي الهجمات الإرهابية الفردية في أوروبا ينحدرون من أصول غير أوروبية. فعلى سبيل المثال “إبراهيم البكراوي” أحد منفذي هجمات بروكسل في عام 2016 المولود في بروكسل يحمل الجنسية البلجيكية. وكانت السُلطات الألمانية قد أعلنت في شهر يونيو 2021 عن مقتل 3 أشخاص وجرح العديد من الأشخاص الآخرين في مدينة فورتسبورغ الألمانية، بعدما هاجمهم شخص صومالي.
الدعاية المتطرفة على الإنترنيت: تلعب الشبكة العتكبوتية دورا هاما في انجذاب الشباب نحو الأفكار المتطرفة. حيث أزالت شركة “FACEBOOK” مجموعة على فيسبوك تضم أكثر من (40) ألف عضو يدعمون التطرف. وانتهكت المجموعة سياسة “FACEBOOK” المتعلقة بالأفراد والمنظمات الخطرة. ولا يُسمح بالمحتوى أو المجموعات أو الصفحات التي تشيد بالإرهابيين أو تدعمهم وفقا لـ”politico” في 25 مايو 2021. و يوضح أحدث تقرير من اليوروبول وفقا لـشبكة “يورونيوز” في 22 يونيو 2021 أنه في عام جائحة كوفيد 19، ازداد خطر التطرف عبر الإنترنت. وأكدت ” إيلفا جوهانسون ” مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إن هذا ينطبق بشكل خاص على “إرهاب اليمين المتطرف”. التطرف في بريطانيا … أسباب النزوح والمعالجات
الدعاية المتطرفة واستغلال المنابر والمساجد: تعاني العديد من الدول الأوروبية من سيطرة الجماعات المتطرفة على دور العبادة وغرس الأفكار المتطرفة في عقول الشباب. أمرت الحكومة البلجيكية وفقا لـ”مونت كارلو” في 29 يناير 2021 بمغادرة البلاد لإمام تركي في مسجد “يسيل كاميي” الذي ترتاده الجالية التركية في “هوثالين هيلشتيرين” شمال بلجيكا البلاد، لنشره دعايا ورسائل كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي. وعادت منظمة تورطت في قضايا متعلقة بالتطرف للظهورمرة أخرى من بروكسل تحت اسم جديد هو “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في أوروبا” وفقا لـ”سكاي نيوز عربية “في 25 فبراير 2021 وكان قد تم حل هذه المنظمة بتهم تتعلق ”بنشر الكراهية ومعاداة قيم الجمهورية في فرنسا. حيث تورطت المنظمة في بث مواد محتوى متطرف ونشر شريط مواد تحريضية تحض على الكراهية .
الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية: أفادت وكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي وفقا لـ”يورونيوز” في 8 يونيو 2021 ، في تقريرها السنوي عن الإرهاب في الكتلة الأوربية المكونة من 27 دولة من ضمنها بلجيكا، إن المتطرفين سعوا إلى استخدام الوباء العالمي لنشر دعايا وخطابات الكراهية. وشدد التقرير على إن جائحة كوفيد -19 والأزمة الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية التي أنتجها الوباء، عوامل “ساهمت في الاستقطاب في المجتمع، مما تسبب في تشدد المواقف وزيادة قبول الترهيب، بما في ذلك الدعوات لارتكاب أعمال عنف”. الاندماج في بلجيكا ـ أليات الحماية والمعوقات
الشعور بالغربة والإحباط : يقول “فرناندو ريناريس” مدير برنامج التطرف والإرهاب العالمي في معهد إلكانو الملكي في 1سبتمبر2021 وفقا لـ”الحرة”، إن “ما رأيناه في أوروبا الغربية هو تعبئة جهادية غير مسبوقة” خلال العقد الماضي. والدليل على ذلك، ليس فقط التفجيرات ودهس الناس بالسيارات وحوادث الطعن التي عصفت بأوروبا الغربية في الآونة الأخيرة، ولكن أيضا شعور عشرات الآلاف من المسلمين الأوروبيين بأنهم مجبرون على الانضمام إلى الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق. ويشير”بيتر نيومان” أستاذ الدراسات الأمنية في “كينجز كوليدج لندن” إلى أن “هناك شعورا بالغربة والإحباط استثمره الجهاديون بحماس في كثير من الأحيان”.
الإجراءات والتدابير الأمنية المشددة : يقول ” يوليان يونك” أستاذ العلوم السياسية من مؤسسة أبحاث السلام والنزاعات في ولاية هيسن الألمانية وفقا لـ”DW” في 11 سبتمبر 2021 . على ذلك: “يمكننا القول إن الأساليب القضائية الإضافية في ,,الحرب على الإرهاب,, ساهمت في تمكين الجماعات السلفية والجهادية من حشد أنصار لها”. ويضيف “يمكن أن تساهم تجارب الظلم هذه في عمليات التطرف – والتي نادرًا ما تكون أحادية”.
سياسات وتشريعات بلجيكية لمحاربة التطرف
كثفت السلطات البلجيكية من الإجراءات والتدابيرالوقائية المتعلقة بمحاربة التطرف المحتمل سواء بالنسبة لمرتادي دور العبادة من الأئمة والمصلين. كذلك تقويض نفوذ بعض الدول الأجنبية كـ”تركيا” من بسط سيطرتها على المساجد والمنظمات الإسلامية و الجاليات المسلمة داخل الأراضي البلجيكية. وشكك الوزير الإقليمي الفلمنكي “هومانس” في اعترافات الحكومة ببعض المساجد وسحب وإعاقتها لمعاقبة الإرهابيين وفقًا لبعض الحالات التي تطلب أسانيد يصعب التحقق من دقتها.
التقييم
تواجه بلجيكا شأنها شأن الدول الأوروبية معضلة استقطاب وتجنيد ونزوح الشباب نحو التطرف والالتحاق بالجماعات المتطرفة. فمن ينضم بالفعل إلى تلك الجماعات ليسوا مرضى نفسيين أو مغسولي الأدمغة، بل هم شباب كل يوم يمر بمرحلة انتقالية اجتماعية، على هامش المجتمع، أو وسط أزمة هوية أو تفسير الجماعات المتطرفة الخاطئ للنصوص الدينية وتأويل المضامين الحقيقية للدين بما يخدم أجندتهم.
باتت الخطب التحريضية للجماعات المتطرفة وإشاعة شبهة دائمة لدى الرأي العام بالاضطهاد الديني في أوروبا تساهم في نشر مثل هذه الأفكار المتطرفة وإثارة مشاعر الشباب نحو النزوح إلى التطرف. ومن المتوقع إن لم تتخذ بلجيكا إجراءات وقائية لمنع تطرف الشباب أن ينتج شباب محملين بأفكار متطرفة تزيد من العنف في الأراضي البلجيكية.
لذلك ينبغي على السلطات البلجيكية أن تعزز من عمليات تنفيذ تدريب وتأهيل الأئمة الأئمة لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدين. وتشكيل لجان خاصة لمراقة وتعقب خطوات المتطرفين على الأرض وعلى الإنترنت التي تحرض الشباب على التطرف وأن تكثف الحكومة البلجيكية من الأنشطة الثقافية والاجتماعية لمنع نزوح الشباب نحو التطرف.
الرابط المختصر:https://www.europarabct.com/?p=79358
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
بعد حلّها في فرنسا.. منظمة “إخوانية” تعاود الظهور في بلجيكا
Facebook takes down support group for extremist Belgian soldier
اليوروبول: المتطرفون حاولوا استخدام الوباء لنشر خطاب الكراهية
منذ أحداث 11 سبتمبر.. 3 أسباب جعلت أوروبا “هدفا أسهل” للهجمات الإرهابية
تحذيرات من انتشار الأفكار “الجهادية” للقتال في سوريا وسط الشباب الأوروبي المسلم
لماذا غالبية منفذي الهجمات الإرهابية بأوروبا صوماليون؟
بلجيكا.. إحالة 14 شخصا إلى المحكمة الجنائية للاشتباه بضلوعهم في اعتداءات باريس 2015
20 عاما على 11 سبتمبر.. كيف يبدو التطرف الإسلاموي في ألمانيا؟