المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب و الاستخبارات
إعداد: الدكتور محمد الصالح جمال
محاربة التطرف في بريطانيا ـ مدى نجاح برامج الوقاية من التطرف؟
تزايدت التهديدات والمخاطر الإرهابية في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة، وأحد اسبابها هو الخطاب المسجدي والمتطرف، واهمال تكوين الأئمة أو حتى مراقبتهم بالشكل المطلوب، الأمر الذي ألزم السلطات البريطانية على وضع استراتيجيات وبرامج محلية وقومية بهدف الوقاية من التطرف، محاربة التطرف و مكافحة الإرهاب. لكن المسألة أضحت أكثر تعقيداً، والأمن المجتمعي والقومي البريطاني يتعرض لمزيد من “الصدمات الأمنية”، صعوبة التحكم في العناصر المتطرفة الخطيرة، التي تتحرك بنوع من السهولة داخل التراب البريطاني.
المجلس الإسلامي في بريطانيا
تأسس المجلس الإسلامي البريطاني سنة 1997، وهو يعتبر هيئة جامعة لحوالي (500) مسجد ومدرسة ورابطة سنية في بريطانيا، ويشمل منظمات ومؤسسات إسلامية وطنية وإقليمية ومحلية ومتخصصة من مختلف الخلفيات الإثنية والطائفية داخل المجتمع الإسلامي البريطاني. إذ كانت الغاية الأساسية من تأسيسه زيادة التعليم عن الإسلام والقضاء على المساوئ وأشكال التمييز التي يواجهها المسلمون.الإسلام السياسي في بريطانيا ـ الجمعيات الخيرية، واجهات عمل. بقلم إكرام زيادة
مشروع قانون “محاربة التطرف”
سنت بريطانيا في السنوات الأخيرة بعض القوانين لمحاربة التطرف منها مثلا “مشروع قانون محاربة التطرف” الذي بموجبه تكون المساجد الحاضنة للمتطرفين عرضة للإغلاق، وقد تميزت تصريحات أبرز المسؤولين بالحزم حيث تم اتخاذ إجراءات أمنية تهدف لحظر منظمات وغلق المؤسسات المروجة للتطرف والكراهية. ومن جانب آخر مثلما طالب البرلمان البريطاني وزيرة الداخلية “بريتي باتل” في مارس 2021 بتقديم تقييم فوري للنشاطات الاقتصادية لدى جمعيات “الإخوان المسلمين” ، لغرض التأكد من عدم استخدامها في تمويل التطرف، ومن منعها من استعمال الإنترنت في نشر عقائد التطرف للأئمة والدعاة التابعين لها، ومراقبة الخطب الدينية والدروس التي تبثها لأتباعها لتعويضهم عن ارتياد المساجد المغلقة بسبب الوباء العالمي. محاربة التطرف في بريطانيا ـ مساعي من أجل الحماية
برامج تدريب الأئمة في بريطانيا
من الواضح أن بريطانيا غير مهتمة كثيراً ببرامج تكوين الأئمة فمنذ أن عقدت دورات تدريبية لتأهيل الأئمة لمحاربة الفكر المتطرف في إطار مشروع الحكومة البريطانية في سنة 2019 الذي خطط لزيادة عدد الأئمة المدرَّبين على محاربة التطرف في السجون البريطانية لم تسجل برامج أخرى مماثلة، وحول هذه المسألة نبه أحد المعنيين بهذا الشأن أن الحالة المعرفية للائمة في حالياً في أوربا عموماً وبريطانيا خصوصاً تساعد على تسهيل نشر خطاب العنف والكراهية، فالعديد ممن يقومون بالخطبة في المساجد ليسوا خريجي مدارس دينية متخصصة تصدروا المشهد واعتلوا المنابر لصلاتهم ببعض المنظمات الإسلامية رغم جهلهم بثقافة المجتمعات الأوروبية وافتقارهم لعامل مهم يتعلق باللغة، مما يؤدي بالضرورة إلى إعاقة تواصلهم واندماجهم في المجتمع، ويسهل استمرارية حملهم للأفكار المتطرفة ونشرها. علماً بأن أن الكثير من الأئمة يأتون إلى بريطانيا بعد أن تلقوا تعليمهم أو تدريبهم في بلدان أخرى كباكستان وبنغلادش وغيرها فهم يحملون معهم إلى بريطانيا أفكارا ومفاهيم لا تتوائم والحياة في بريطانيا وتتميز معظمها بالتشدد . محاربة التطرف في بريطانيا .. تقييم تجربة محاربة التطرف، بقلم دكتور فريد لخنش
التقييم – ما مدى نجاح البرنامج البريطاني للوقاية من التطرف؟
بالرغم من الجهود المبذولة من طرف الحكومة البريطانية في سبيل الحد من مخاطر التطرف و التطرف العنيف، ومراقبة الخطاب المسجدي المتطرف و التنسيق المتبادل على الجبهات الداخلية والخارجية، إلا أن الواقع أظهر أن تلك الجهود لم تكن بالقدر الكافي الذي يتطلبه ملف الوقاية من التطرف و مكافحة الارهاب. العمليات الارهابية والتحركات المشبوهة للكثير من العناصر المتطرفة داخل بريطانيا ، وعجز أجهزة الأمن والاستخبارات البريطانية في توقع و استباق الهجمات الارهابية، يطرح أسئلة حول مدى نجاعة وفعالية برامج مكافحة الارهاب في بريطانيا.
الملاحظ هو أن تحركات العناصر المتطرفة والارهابية الخطرة والتي تستغل المساجد و الجمعيات الدينية، يكون غالباً أسرع من أنشطة ترصد ومراقبة الأجهزة الأمنية البريطانية، خاصة وأن الجماعات المتطرفة و الارهابية أصبحت تغير من تكتيكتها واستراتيجياتها وامتلاكها أحيانا لسرعة التكيف وتجاوز التكتيكات الأمنية لمكافحة الارهاب، من بينها “استراتيجية الذئاب المنفردة” التي تعتمد على عنصر”اللامركزية والمفاجئة في التنفيذ” ، الأمر الذي تسبب في حالة “ارباك أمني” بالنسبة لأجهزة الأمن و الاستخبارات وحتى للطبقة السياسية الحاكمة.
لم تسلط بريطانيا الضوء على مسألة إعداد الأئمة كثيراً، حيث كانت مساعيها محدودة فلم يلاحظ عنها أية إجراءات ميدانية حول معاهد مختصة في تدريب الأئمة كالذي أقامتا ألمانيا مثلا فهي ربما ركزت ولا تزال كذلك على نواحي أخرى ولم تدرك بعد دور هذه المعاهد في محاربة التطرف والإرهاب، رغم أن بعض المحللين أكدوا على ضرورة إيجاد حل مجتمعي يساهم فيه الجميع، فبريطانيا متراخية جداً في مثل هذه القضايا بدليل أنها أجبرت على الاستفاقة مثل بقية الدول الأوربية من خطر الإخوان في الآونة الأخيرة وقررت حظرها بعدما ثبتت أقدامها وتغلغلت في جميع النواحي خاصة في المجال السياسي.
لذلك فإن الحكومة البريطانية ملزمة بإعادة النظر و“بشكل مستعجل” في أسلوب التعامل مع العناصر المتطرفة الخطيرة ، والتنازل عن مسألة الحريات الفردية وحقوق الانسان المبالغ فيها ، فيما يتعلق بمخاربة التطرف و مكافحة الارهاب و الأمن القومي بصفة عامة.
*جميع حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب و الاستخبارات
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=81724
الهوامش
الحكومة البريطانية تكشف عن حزمة تدابير جديدة لحماية المساجد خلال رمضان
https://bit.ly/3xJDO19
استقدام الأئمة، تجربة بريطانيا ، هل ساهمت فعلا في محاربة ألتطرف ؟
https://bit.ly/3iIcKen