المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير “2”
محاربة التطرف ـ تنظيم المحتوى الرقمي لدول الاتحاد الأوروبي
أنجز الاتحاد الأوروبي في 23 أبريل 2022 تشريعا لتنظيم عمل القطاع الرقمي ومن شأن هذا التشريع إجبار المنصات الرقمية العملاقة (غوغل وأمازون وأبل وميتا وميكروسوفت) على إزالة المحتوى غير القانوني بمجرد أن تأخذ المنصة علماً بوجوده. كذلك تعليق حسابات المستخدمين الذين ينتهكون القانون “بشكل متكرر”. بالإضافة إلى أن تقوّم الشركات بنفسها تقييم المخاطر المرتبطة باستعمال خدماتها ووضع الوسائل المناسبة لإزالة المحتوى المتطرف.
تفرض القوانين الأوروبية على هذه الشركات زيادة الشفافية بشأن بياناتها والخوارزميات المعتمدة لتقديم توصيات للمستخدمين، وفرض غرامات تصل إلى (6%) من إجمالي عملياتها على مستوى العالم لانتهاك القواعد بينما قد تؤدي الانتهاكات المتكررة إلى حظرها من ممارسة أعمالها في الاتحاد الأوروبي وقد تجبر على تغيير ممارساتها الأساسية في أوروبا، وتعزيز التعاون مع السلطات الأوروبية بموجب القوانين الوطنية في أوروبا.
مخاطر وتهديدات خطاب الكراهية
التحريض على العنف : يساهم انتشار خطابات الكراهية في الدول الأوروبية على إثارة الفتنة وتقوّيض التماسك المجتمعي داخل المجتمعات الأوروبية.
تأجيج التمييز والعنصرية: أظهر انتشار خطاب الكراهية ضد الأجانب في أوروبا خلال جائحة (كوفيد-19) أن العديد من الجاليات والأجانب معرضين بشكل كبير للعنصرية والتمييز.
نشر نظريات المؤامرة : استفادت الجماعات المتطرفة داخل أوروبا من خطابات الكراهية في الترويج للدعاية المتطرفة عبر الإنترنت ونشر نظريات المؤامرة.
الاستقطاب والتجنيد : ساهمت خطابات الكراهية في الدول الأوروبية في تسريع وتيرة سياسات الاستقطاب والتجنيد وتزايد المشاعر المناهضة للمؤسسات الحكومية الرسمية. محاربة خطاب الكراهية على الإنترنيت .. المخاطر والمعالجات
النزاع الجديد بين فيسبوك ودول أوروبا
تلقت شركة “Meta” مالكة فيسبوك في 5 يناير 2023، غرامتين يبلغ مجموعهما (390) مليون يورو على خلفية انتهاكها القانون الأوروبي المتعلق بالبيانات الشخصية والتزاماتها المتعلقة بالشفافية حيث اعتمدت على قاعدة قانونية خاطئة “في معالجتها للبيانات الشخصية لأغراض دعاية مستهدفة”.
اشتد النزاع القانوني مع الأوروبيين أكثر حول قضايا الخصوصية في 21 سبتمبر 2022، بدأ النزاع بين المكتب الألماني وفيسبوك عام 2019 بسبب استغلال فيسبوك البيانات المستخدمين دون علمهم، وانتقل النزاع إلى المحاكم الألمانية. وصدر حكم أولي في محكمة إقليمية أوقف إجراءات المكتب وحكم لصالح الشركة. لكن المكتب رفع القضية إلى المحكمة الاتحادية العليا، وكان الحكم هذه المرة لصالح المكتب بعدما أكدت المحكمة عام 2020 أن الشركة لا توضح للمستخدمين بشكل واضح باستغلالها بياناتهم.
تعمل أوروبا والولايات المتحدة على اتفاقية جديدة لمشاركة البيانات للسماح بالنقل القانوني للمعلومات الشخصية عبر المحيط الأطلسي، بعد إبطال الاتفاقية السابقة “Privacy Shield” في عام 2020، وتعتمد شركات التكنولوجيا مثل “Meta” على العقود الفردية للتأكد من أنها تتبع القانون لأنها ترسل البيانات ذهاباً وإياباً ويمكن اعتبار هذه العقود غير قانونية من قبل سلطات حماية البيانات الأوروبية. وأكدت “Meta” في 7 فبراير 2022 إذا لم يتم اعتماد إطار عمل جديد لنقل البيانات عبر الأطلسي أو الاعتماد على وسائل بديلة أخرى لنقل البيانات من أوروبا إلى الولايات المتحدة، فمن المحتمل إمكانية إغلاق “فيسبوك” و”انستغرام” في أوروبا.
تعرضت حسابات أكثر من (533) مليون مستخدم لموقع فيسبوك من (106) دولة بما في ذلك أكثر من (11) مليون في المملكة المتحدة في 4 أبريل 2021 لتسريب أرقام هواتف وبيانات شخصية تم نشر البيانات، بما في ذلك أرقام الهواتف والأسماء الكاملة والموقع وعنوان البريد الإلكتروني ومعلومات السيرة الذاتية عبر الإنترنت. تم تغريم شركة “ميتا”، بما يقرب من (275) مليون دولار من قبل منظم خصوصية البيانات في أيرلندا، لفشلها في منع المتسللين من سرقة المعلومات الشخصية. محاربة خطاب الكراهية على الأنترنيت .. المخاطر والمعالجات
فيس بوك وتهديد حقوق الإنسان
أعرب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في 11مارس 2022 عن قلقه إزاء إعلان “ميتا”، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، تخفيف قواعدها في ما يتعلق بالإعلانات من خلال عدم حذف الرسائل المعادية للجيش والقادة الروس. وتقول ” إليزابيث ثروسيل ” الناطقة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان”من الواضح جداً أن هذا موضوع معقد للغاية، لكنه يثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
أعلنت منظمة العفو الدولية أنها ترى في نموذج الأعمال الذي تقوم به شركتا “غوغل وفيسبوك” خطراً على حقوق الإنسان، وناشدت الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراء حيال ذلك. وانتقدت المنظمة شركتي “غوغل وفيسبوك” لأنهما يستخدمان بيانات المستخدمين التي تم الحصول عليها من أجل “تحقيق نتائج في مصلحة الشركة” بمساعدة الخوارزميات، وحذرت المنظمة من أن هذه الخوارزميات يمكن أن تخل بحرية الرأي كأثر جانبي، ويمكن أن تؤدي إلى التمييز. محاربة الخطاب المتطرف والكراهية على الأنترنيت، داخل أوروبا ـ التحديات والمعايير
أبرز تشريعات الحماية الرقمية داخل لاتحاد الأوروبي
5 يوليو 2022 : صادق البرلمان الأوروبي على قوانين من شأنها أن تنظم وتحدّ من المحتوى غير القانوني على الإنترنت.
2 ديسمبر 2022 : قدم أعضاء لجنة العدل والحريات المدنية والشؤون الداخلية، مقترحاً لتشريع في البرلمان الأوروبي، يحظر استخدام بيانات المستخدمين الأوروبيين بما في ذلك العرق أو الإثنية، الآراء السياسية، المعتقدات الدينية.
31 ديسمبر 2022 : ألغت الحكومة البريطانية الإجراءات من مشروع قانون “الأمان على الإنترنت” الذي يجبر مواقع التواصل الاجتماعي على إزالة المواد التي صنفت على أنها ضارة.
قرارات أممية حول خطاب الكراهية
سلطت الجمعية العامة للأمم المتحدة الضوء على المخاوف العالمية بشأن “الانتشار المتسارع لخطاب الكراهية وانتشاره” في جميع أنحاء العالم، واعتمدت قرارًاً بشأن “تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية”. يقر القرار بضرورة مكافحة التمييز وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية ويدعو جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، بما في ذلك الدول، إلى زيادة جهودها للتصدي لهذه الظاهرة، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. يؤكد قرار الجمعية العامة 1904(د-18) ضرورة القضاء السريع علي خطابات الكراهية التي تدعو إلى التمييز العنصري بكافة أشكاله ومظاهره، وضرورة تأمين فهم كرامة الشخص الإنساني واحترامها.
الفصل بين حرية التعبير والتطرف
اعتمد مجلس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي إرشادات الاتحاد الأوروبي بشأن تعزيز وحماية حرية الدين أو المعتقد، التي تحتوي على مبادئ توجيهية محددة لعمل البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. صوت البرلمانيون من (46) دولة في جلسة عامة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (PACE) على قرار يتهم السلطات في العديد من الدول الأوروبية بتطبيع التمييز ضد المسلمين، ويدعو إلى تحرك الدول للتصدي لظاهرة كراهية الإسلام كشكل من أشكال العنصرية.
النمسا : رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن النمسا لم تنتهك حرية التعبير بإدانة امرأة تطاولت على رمز دينية حيث أعادت المحكمة التأكيد على أن قانون حقوق الإنسان الأوروبي يعترف بحق عدم التجاوز على الموز الدينية.
هولندا : اعتقلت الشرطة الهولندية زعيم حركة “بيغيدا” في 22 أكتوبر 2022 بعد نشر حركة “بيغيدا” المعادية للإسلام والمسلمين على صفحتها على “فيسبوك” أنها في الطريق إلى “روتردام” لحرق نسخة من القرآن.
فرنسا : رفضت محكمة فرنسية أن نشر الرسوم التي تمس الرموز الدينية حرض على كراهية المسلمين. تلتزم فرنسا بحرية التعبير في إطار المجلس الأوروبي وتخضع فرنسا للرقابة القضائية من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن تطبيق المادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكرس حرية التعبير.
المعالجات
– تحتاج القوانين الأوروبية لمكافحة الخطاب المتطرف والمعلومات المضللة إلى تنفيذ فعلي على أرض الواقع، لذلك ينبغي أن تعزز اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) لحقوق مواطني الاتحاد الأوروبي لحماية بياناتهم. وتكثيف القيود على المؤسسات وشركات ومنصات التواصل الإجتماعي على الطرق التى تجمع بها الشركات البيانات الشخصية وطرق تخزينها وكيفية استخدامها
– ينبغي اعتماد استراتيجيّة وخطة عمل أوروبية موحدة لمكافحة خطاب الكراهية من خلال تحسين فهم خطاب الكراهية وتأثيره على المجتمعات ورصدهما ، وتحديد وإعداد برامج تعالج حوافز ألاسباب الجذريّة خطاب الكراهية.
– اتخاذ المزيد من التدابير الاستباقية لمنع انتشار خطابات الكراهية والمحتوى الغير قانوني والمعلومات المضللة.
– ضرورة الفصل مابين التعبير عن الرأي ( الحرية) والتطرف (التجاوز على الرموز والشعائرالدينية وسن تشريعات وقوانين تجريم معاداة الأديان والتمييز ضد المسلمين، وتجريم الإساءة لأي رمز ديني.
تقييم وقراءة مستقبلية
– يعد قانون الخدمات الرقمية جزءاً من حزمة ثنائية من قبل الاتحاد الأوروبي لمعالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لعمالقة التكنولوجيا.
– تهدف التشريعات لتنظيم عمل القطاع الرقمي إلى حماية الفضاء الرقمي على مستوى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضمان عدم انتشار المحتوى غير القانوني وضمان حماية الحقوق الأساسية للمستخدمين.
– تدفع القوانين والتشريعات والإجراءات التي اتخذها على المستوى الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي لتغيير الكثير من سياساتهم أو دفع تعويضات بالمليارات في حال عدم تغيير السياسات.
– تعد خطابات الكراهية شكل من أشكال التطرف الذي يساهم في جرائم الكراهية ويشكل خطاب الكراهية مخاطر وتهديدات على تماسك المجتمعات الأوروبية وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون.
– بات من المتوقع أن يؤثر قانون الاتحاد الأوروبي الجديد على منصات المحتوى الشهيرة التي ينشئها المستخدمون بما في ذلك المواقع المملوكة لشركة Meta FacebookوInstagram، بالإضافة إلى Twitter و TikTok و YouTube. وستواجه شركات التكنولوجيا العملاقة خلال عام 2023 عمليات تدقيق مرتبطة بأعمالهما بالإضافة الى تطبيق قواعد جديدة لوقف بيع المنتجات غير القانونية.
– بات محتملاً أن يعمل الاتحاد الأوروبي على عدة جبهات لإعاقة توسع خطاب الكراهية، وتحديداً من خلال مشروع EUvsDisinfo الذي تم إنشاؤه للتنبؤ بشكل أفضل ومعالجة والاستجابة لحملات التضليل المستمرة.
– يمكن أن تؤدي خطابات الكرهية إذا تركت دون معالجة ، خلال عام 2023 إلى أعمال إرهابية معقدة على نطاق أوسع. ستضطر شركات التكنولوجيا إلى وضع سياسات وإجراءات جديدة لإزالة خطاب الكراهية الذي تم الإبلاغ عنه والدعاية الإرهابية وغيرها من المواد التي تعتبر غير قانونية من قبل دول داخل الاتحاد الأوروبي.
– يمكن القول أن حتى مع اكتساب السلطات الأوروبية سلطات قانونية جديدة للتأثيرالشركات التكنولوجية العملاقة يظل هناك تساؤولات حول مدى فعاليتها. يمكن أن تكون كتابة القوانين أسهل من إنفاذها، وبينما يتمتع الاتحاد الأوروبي بسمعة باعتباره أقوى منظم في العالم لصناعة التكنولوجيا فقد بدت إجراءاته أحيانًا أكثر صرامة على الورق منها في الممارسة العملية.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=86141
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
E.U. Takes Aim at Social Media’s Harms With Landmark New Law
Antitrust: Commission sends Statement of Objections to Meta over abusive practices benefiting Facebook Marketplace
https://bit.ly/3W3AXvS
اتفاق أوروبي “تاريخي” ينظم المحتوى الرقمي
قرار مجلس أوروبا دعوةُ للتحرك ضد ظاهرة كراهية الإسلام في أوروبا
الحكومة البريطانية متهمة بـ”إضعاف” مشروع قانون الأمان عبر الإنترنت
النزاع الجديد بين فيسبوك وألمانيا.. سبع نقاط توضيحية!