الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف ـ تداخل الهجرة والتطرف في السويد، الأسباب والتدابير

sweeden.ct
سبتمبر 10, 2025

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا  ECCI

 اعداد:  :Andie Flemström ـ ستوكهولم ـ باحثة في المركز الأوروبي في التطرف والإرهاب، ماجستير آداب ، علاقات دولية – جامعة ستوكهولم  

محاربة التطرف ـ تداخل الهجرة والتطرف في السويد، الأسباب والتدابير

شهدت السويد خلال العقدين الأخيرين تغيّرات كبيرة في ملف الهجرة، ما انعكس على التركيبة الاجتماعية والأمنية للبلاد. تدفقات اللاجئين من مناطق النزاع مثل سوريا والعراق وأفغانستان، إلى جانب هجرة اقتصادية منتظمة، خلقت بيئة معقدة تتداخل فيها قضايا الاندماج والهويات الثقافية مع المخاطر الأمنية المتعلقة بالتطرف والإرهاب. هذه الدراسة تهدف إلى تحليل هذه التداخلات، تقييم السياسات والتدابير السويدية الحالية، ورسم قراءة مستقبلية لمواجهة المخاطر المرتبطة.

تُعد السويد واحدة من الدول الأوروبية التي استقبلت أعلى أعداد من اللاجئين بالنسبة لعدد سكانها، مع تسجيل تغيّرات كبيرة في سياسات اللجوء منذ 2015. في السنوات الأخيرة، شهدت السويد تقليصًا تدريجيًا في منح تصاريح الإقامة، مع تشديد شروط اللجوء وإصلاح قوانين لم شمل العائلات. هذه الإجراءات تهدف إلى ضبط تدفق المهاجرين، لكنها أدت إلى زيادة الضغوط على برامج الاندماج والخدمات العامة، ما يخلق حالات من الهشاشة الاجتماعية يمكن أن تُستغل من قبل شبكات التطرف. التطرف العنيف في السويد، الواقع والمخاطر والمعالجات (ملف)

آليات التداخل بين الهجرة والتطرف

من المهم التأكيد أن الهجرة بحد ذاتها لا تولد التطرف، إلا أن ظروفًا اجتماعية واقتصادية معينة يمكن أن تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للاستقطاب. تشمل هذه الظروف البطالة الطويلة الأمد، التمييز الاجتماعي، عزلة المجتمعات، ونقص الفرص التعليمية. تستفيد الشبكات المتطرفة من هذه الثغرات من خلال استهداف المهمشين، سواء عبر الإنترنت أو على الأرض، لتجنيدهم أو استغلالهم في أنشطة إرهابية.

كما تلعب الأحداث الدولية دورًا في تعزيز السرديات المتطرفة، خصوصًا الصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية التي يتعرض لها المهاجرون أو مجتمعاتهم الأصلية، ما يسهّل استدعاء شعور بالظلم والمظلومية لتبرير العنف.

التهديد في السويد

تشير تقارير جهاز الأمن السويدي (Säpo) إلى أن مستوى التهديد الإرهابي شهد تغيّرات ملحوظة بين 2023 و2025، مع تسجيل حالات محدودة من الاستقطاب والإرهاب المرتبط بالمتطرفين العائدين من مناطق النزاع. هناك مؤشرات على نشاط شبكات صغيرة تهدف إلى استقطاب الشباب في مناطق ذات كثافة مهاجرة عالية، بالإضافة إلى حالات محاولة تمويل الإرهاب عبر قنوات مالية محلية ودولية.

إحصاءات الهجرة الأخيرة توضح انخفاض منح تصاريح الإقامة، وهو ما يُضاف إلى الضغوط الاجتماعية على المجتمعات المحلية، ويزيد من حدة التحديات أمام عمليات الاندماج. تتفاوت قدرة البلديات على تقديم برامج دعم فعّالة، ما يخلق فجوات أمنية محتملة.

التدابير الوطنية الحالية

الأمن والاستخبارات: يعتمد جهاز Säpo على مراقبة المجموعات المتطرفة، تفكيك خلايا، والتنسيق مع الشرطة السويدية والأجهزة الأوروبية لمتابعة نشاطات مشبوهة. البرامج الأمنية تتضمن مراقبة السجون، تتبع المقاتلين العائدين، ومبادرات للتنبيه المبكر عبر البلديات.

التشريعات: تم تعديل قوانين اللجوء والإقامة لتشديد الرقابة على الهجرة، بما في ذلك تسهيل الطرد والترحيل للذين يهددون الأمن العام. كما تم تعزيز المسؤولية الجنائية للمتورطين في جرائم مرتبطة بالتطرف.

مكافحة تمويل الإرهاب: تعمل السويد على متابعة تدفقات الأموال المشبوهة وفق معايير FATF، مع إدخال آليات رقابية على البنوك والمؤسسات المالية لضمان عدم استغلالها لدعم الإرهاب.

برامج الاندماج ومنع الراديكالية: تشمل مبادرات البلديات لتوظيف الشباب، التدريب المهني، برامج التعليم والتوجيه، ودعم جهود إزالة المحتوى المتطرف عبر الإنترنت بالتنسيق الأوروبي.

التعاون الدولي: السويد تشارك بفاعلية في يوروبول، وتنسق مع أجهزة الأمن الأوروبية لتبادل المعلومات، مراقبة الشبكات العابرة للحدود، وإعادة تأهيل العائدين من مناطق النزاع.

التحديات

رغم الجهود الكبيرة، لا تزال هناك فجوات واضحة في السياسات السويدية. فتشديد قوانين الهجرة قد يزيد من شعور بعض المهاجرين بالتمييز والإقصاء، وهو عامل قد يُستغل في عمليات الاستقطاب. كما أن التفاوت بين البلديات في القدرة على تقديم برامج اندماج فعّالة يُضعف الاندماج الاجتماعي. أما التحديات الرقمية، خصوصًا ما يتعلق بمراقبة المحتوى المتطرف عبر الإنترنت، فتمثل ضغطًا إضافيًا على الموارد الأمنية، في حين يحتاج ملف العائدين من مناطق النزاع إلى متابعة قانونية واجتماعية أكثر فاعلية. حرق القرآن في السويد ـ تخادم اليمين المتطرف والإسلام السياسي

التوصيات

لتقليل المخاطر، يُوصى باتباع سياسة متوازنة تجمع بين تشديد شروط الهجرة وبرامج اندماج قوية تشمل:

قراءة مستقبلية

ـ من المتوقع أن تستمر السويد في مواجهة تحديات التداخل بين الهجرة والتطرف والإرهاب، مع تأثير متزايد للضغوط الاجتماعية والاقتصادية على قدرة المجتمعات على الاندماج. ومع ذلك، يمكن للسياسات المتوازنة بين الأمن والاندماج أن تساهم في خفض المخاطر وحماية المجتمع. التحدي الأبرز سيكون في إدارة الموارد، تنسيق البلديات، وضمان فعالية البرامج الرقمية والأمنية، بما يحقق توازنًا بين حماية الأمن الوطني وحقوق المهاجرين.

ـ تُظهر السويد مثالًا واضحًا للتحديات التي تواجه الدول الأوروبية في إدارة الهجرة والمخاطر الأمنية المرتبطة بالتطرف. الدراسة تؤكد أن الحل الأمثل يكمن في توازن دقيق بين الإجراءات الأمنية الصارمة، برامج الاندماج الفعالة، والتعاون الأوروبي والدولي المستمر.

ـ تشير التجربة السويدية خلال العقدين الماضيين إلى أن ملف الهجرة سيبقى واحدًا من أكثر التحديات تعقيدًا أمام الدولة والمجتمع، ليس فقط من حيث استقبال الوافدين، بل من حيث إدارة التعددية الثقافية وموازنة السياسات الأمنية مع سياسات الاندماج. من المتوقع أن يستمر التداخل بين الهجرة والتطرف كأحد أبرز التحديات في السنوات المقبلة، خصوصًا مع استمرار الأزمات الدولية التي قد تدفع بموجات جديدة من المهاجرين واللاجئين نحو أوروبا، والسويد بشكل خاص.

ـ المشهد المستقبلي يحمل في طياته عدة احتمالات، أبرزها أن تتجه السويد نحو مزيد من التشدد في قوانين الهجرة، استجابةً لضغوط داخلية من صعود اليمين الشعبوي وتزايد الأصوات المطالبة بتقييد اللجوء. هذا التوجه قد يخفف من تدفق المهاجرين، لكنه سيضاعف مشكلات الاندماج للمقيمين بالفعل، ويزيد من حالات التهميش والشعور بالإقصاء داخل بعض المجتمعات المحلية. في المقابل، هناك حاجة اقتصادية واجتماعية لا يمكن تجاهلها، إذ يعاني المجتمع السويدي من شيخوخة سكانية ونقص في اليد العاملة، ما قد يجبر الحكومات المقبلة على إيجاد صيغ وسط تسمح بهجرة انتقائية مرتبطة بالاقتصاد، لكن ذلك سيتطلب استثمارات أكبر في التعليم والتأهيل ومشروعات الإدماج.

ـ يبدو أن التهديدات لن تبقى حكرًا على الجماعات الإسلاموية المتطرفة، بل ستتوسع لتشمل اليمين المتطرف المحلي، الذي يستغل خطاب الهوية والخوف من المهاجرين لبناء قاعدة أوسع من الدعم. هذا التوازي بين نوعين من التطرف سيخلق معادلة أكثر خطورة، إذ قد يُستغل الاستقطاب المجتمعي في خلق دوائر عنف وردود فعل متبادلة. إضافة إلى ذلك، يتوقع أن يتعاظم البعد الرقمي للتهديدات، حيث ستلعب المنصات الإلكترونية دورًا متزايدًا في نشر الدعاية المتطرفة، واستقطاب الأفراد عبر الفضاء السيبراني بطرق يصعب على الأجهزة الأمنية ملاحقتها بالكامل.

ـ التحدي الأكبر أمام السويد في العقد القادم يتمثل في إدارة الفوارق بين البلديات في قدرتها على استيعاب المهاجرين وتنفيذ برامج اندماج فعالة. استمرار التفاوت قد يخلق “مناطق هشاشة” داخلية، تصبح بيئة مناسبة لتجنيد الشباب المهمش أو دفعهم نحو العزلة والانغلاق. كما أن الضغوط الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتعليم ستجعل من الصعب إرضاء جميع الأطراف، الأمر الذي قد يوسع الفجوة بين المواطنين الأصليين والمهاجرين.

ـ أما على المستوى الدولي، فمن المرجح أن تزداد تبعية السويد للسياسات الأوروبية المشتركة في مجال الأمن والهجرة. التنسيق مع يوروبول وأجهزة الاستخبارات الأوروبية سيصبح أكثر عمقًا، خاصة مع تهديدات عودة المقاتلين الأجانب، أو في حال نشوب أزمات جديدة في الشرق الأوسط أو إفريقيا تؤدي إلى تدفقات لجوء إضافية. هذا التعاون قد يفرض على السويد تنازلات سيادية في إدارة ملفها الأمني، لكنه سيكون ضرورة في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.

إن مستقبل السويد مرهون بقدرتها على تحقيق توازن دقيق بين الأمن وحقوق الإنسان، وبين صرامة السياسات وقدرتها على الإدماج. الفشل في هذا التوازن قد يضع البلاد أمام موجات من التوتر الاجتماعي وتنامي التطرف المتعدد الأوجه، بينما النجاح سيجعلها نموذجًا أوروبيًا في إدارة التنوع والهجرة ضمن بيئة آمنة ومستقرة.

رابط نشر مختصر … https://www.europarabct.com/?p=108971

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...