الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف ـ الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF”، أوجه التعاون مع الاتحاد الأوروبي

eu ct
أكتوبر 05, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

محاربة التطرف ـ الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF”، أوجه التعاون مع الاتحاد الأوروبي

يظل التطرف العنيف والإرهاب من أبرز التحديات الأمنية المتنامية التي تواجهها القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة. فعلى الرغم من الجهود المتواصلة لتقويض هذه الظواهر، إلا أن الأنماط الجديدة من التطرف باتت أكثر تعقيدًا، حيث تمزج الجماعات المتطرفة بين الأيديولوجيات العابرة للحدود والصراعات المحلية. هذا الدمج يُنتج تهديدات مجزأة يصعب تتبّعها أو احتواؤها ضمن الأطر الأمنية التقليدية. لم تعد الظاهرة مقتصرة على جماعات منظمة ومعلنة، بل أصبحت أكثر تسيبًا، وتغذت على الانقسامات الاجتماعية، والتمييز، والتهميش داخل المجتمعات الأوروبية.

أظهرت التجربة الأوروبية والعالمية، على مدى العقد الأخير، أن مقاربات المواجهة الصلبة وحدها كالإجراءات الأمنية أو الردع القضائي ليست كافية، بل في كثير من الأحيان تأتي بنتائج عكسية إذا لم تقترن بمسارات وقائية ومجتمعية طويلة الأمد. لذلك، اتجه التفكير الاستراتيجي في أوروبا إلى تعزيز بُعد الوقاية باعتباره الأساس الأكثر فعالية واستدامة في مواجهة التطرف، خاصة في مراحله الأولى قبل أن يتحول إلى عنف فعلي.

المجتمع المحلي في قلب المعادلة

تكشف التجربة أن الوقاية الحقيقية تبدأ من الداخل، أي من داخل المجتمعات المحلية، حيث تُبنى الثقة، وتُعالج الأسباب الجذرية التي تجعل بعض الأفراد عرضة للخطاب المتطرف أو قابليين للاستقطاب من قبل الجماعات الراديكالية. في هذا السياق، برز دور المجتمع المدني المحلي كفاعل رئيس في جهود الوقاية، إذ يمتلك القدرة على فهم الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للسكان، ويمكنه التدخل بفعالية في معالجة الثغرات النفسية والاجتماعية التي تُمثل مدخلًا للتطرف.

يدافع الاتحاد الأوروبي، بصفته الرئيس المشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، عن التعددية باعتبارها المسار المستدام الوحيد للتصدي لجذور التطرف العنيف. فالتعددية لا تعني فقط إشراك الدول، بل تعني كذلك تمكين المنظمات غير الحكومية، والمجتمعات المحلية، والمؤسسات الدينية، والمبادرات الشبابية، في صوغ الاستراتيجيات وتطبيقها ميدانيًا. ولهذا، يلتزم الاتحاد الأوروبي بالعمل ضمن شراكات متعددة الأطراف، وعلى رأسها دعمه المتواصل لـ”الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود” (GCERF)، وهو الصندوق الدولي الوحيد المخصّص بالكامل لمنع التطرف العنيف من جذوره.

نهج GCERF: استثمار مباشر من الاتحاد الأوروبي

يُركّز نهج GCERF على دعم المنظمات المحلية الصغيرة والفاعلين المجتمعيين في البيئات الهشة والمناطق المعرّضة للتطرف والإرهاب، حيث يكون خطر التجنيد المرتبط بالتطرف مرتفعًا. لا يقدّم الصندوق حلولًا من الأعلى إلى الأسفل، بل يستثمر مباشرة في جهود القاعدة الشعبية، عبر تمويل مشاريع تعزز وقاية المجتمعات، وتمنح الأفراد خيارات واقعية بديلة عن طريق العنف أو الفكر المتشدد. يتجلى ذلك في دعم التعليم، وخلق فرص العمل، وتقديم الدعم النفسي، وبناء شبكات من الأصوات الموثوقة التي تقاوم الخطاب المتطرف من داخل المجتمع نفسه.

في عقده الأول، قدم الصندوق خدماته لأكثر من 4 ملايين شخص معرضين لخطر الانجرار إلى التطرف. ورغم أن الرقم يبدو كبيرًا، إلا أن تكلفة هذه الاستجابة بقيت منخفضة نسبيًا، حيث لا تتجاوز 30 دولارًا أمريكيًا للفرد الواحد. وهذا يبيّن أن الوقاية ليست فقط ممكنة وفعّالة، بل أيضًا مجدية اقتصاديًا مقارنة بتكاليف التدخلات الأمنية اللاحقة أو الآثار المترتبة على الهجمات الإرهابية.

التزام أوروبي راسخ

بحلول عام 2024، أصبح الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود. وقد جدد هذا الالتزام بشكل رسمي خلال مؤتمر التعهدات الأخير الذي عُقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعلن عن تعهّد مالي جديد بقيمة 10 ملايين يورو موجهة لدعم توسعة نطاق الصندوق وجهوده العالمية. يعكس هذا التعهّد القناعة الأوروبية بأن الوقاية من التطرف يجب أن تحتل نفس الأهمية التي تولى للاستجابات الأمنية، وأن تحقيق الأمن يتطلب استثمارًا في السلام الاجتماعي وليس فقط في الدفاع.

مكونات الوقاية: التعليم، الكرامة، وإعادة الإدماج

لا يقتصر الدعم الأوروبي لـ GCERF على التمويل، بل يتسع ليشمل تطوير منهجيات الوقاية، عبر التركيز على الفئات الأكثر هشاشة، مثل الشباب والنساء والأطفال في المناطق المتأثرة بالصراعات أو النزوح أو الأزمات الاقتصادية. يشمل هذا الدعم توفير فرص التعليم والتدريب المهني، وتعزيز فرص العمل والحد من البطالة، بالإضافة إلى خدمات الدعم النفسي والاجتماعي التي تساعد الأفراد على تجاوز الصدمات والصراعات.

إحدى الركائز المهمة لنهج الوقاية تتمثل في بناء التماسك الاجتماعي عبر تقوية الروابط بين مختلف مكونات المجتمع، وتحفيز أصوات محلية موثوقة لمواجهة الخطاب المتطرف، سواء عبر الإنترنت أو في المجال العام. فالتطرف غالبًا ما يتسلل إلى المناطق التي تُهمل فيها الدولة بناء الهويات الجماعية، أو حيث يشعر الأفراد بالعزلة والاغتراب الاجتماعي.

من خلال دروس مستفادة من برامج في غرب البلقان، والعراق، وأماكن أخرى، أثبت الصندوق العالمي أن برامج إعادة التأهيل والإدماج خصوصًا للمقاتلين الأجانب وأسرهم يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تقليص خطر عودتهم إلى التطرف. لا تتمثل الغاية فقط في احتواء الخطر، بل في استعادة كرامة الإنسان، وتوفير مسارات حياة بديلة قائمة على الاندماج والمواطنة الفاعلة.

الوقاية من التطرف كجزء من استجابة شاملة

من خلال دعمه المتواصل لـ GCERF، يستثمر الاتحاد الأوروبي في الوقاية باعتبارها مُكملًا ضروريًا للاستجابات الأمنية والقضائية. فهذه الأخيرة، رغم ضرورتها، لا تستطيع وحدها التعامل مع العوامل البنيوية التي تغذي التطرف، مثل الإقصاء الاجتماعي، والتمييز، والبطالة، وانعدام فرص الحياة الكريمة. ولذا، يقوم النهج الأوروبي على دمج أدوات الوقاية الناعمة بالاستراتيجيات الصلبة، في توليفة تسعى إلى تفكيك بيئة التطرف من جذورها.

ففي المجتمعات التي تُمنح فيها فرص التعبير، والمشاركة، والانتماء، تقل جاذبية الخطابات المتطرفة التي تسوّق للرفض والعنف كخيار وحيد. ومن ثمّ، فإن نجاح الوقاية ليس فقط في تجنيب القارة الأوروبية مخاطر التطرف، بل في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وقدرة على التكيّف، وأكثر عدالة من الناحية الاجتماعية.

يُعيد الاتحاد الأوروبي من خلال دعمه للصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود، تأكيد التزامه بمقاربة شاملة لمكافحة التطرف العنيف، تُركّز على الوقاية المجتمعية، وتمكين الأفراد، ومعالجة الأسباب الجذرية. إنها مقاربة لا تختزل الأمن في بعده العسكري أو القضائي، بل تضع الأفراد في قلب المعادلة، وتُراهن على قيم التعددية، والشراكة، والكرامة الإنسانية كأسس لحماية المجتمعات الأوروبية والعالمية من خطر الانزلاق إلى دوائر التطرف والعنف.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110266

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...