بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (25)
يعد الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF” نموذجًا رائدًا في استثمار المجتمع المدني المحلي لمواجهة التطرف العنيف وتعزيز الاستقرار المجتمعي. جاء تأسيس الصندوق استجابة للحاجة إلى بدائل ملموسة للشباب والفئات الهشة في المجتمعات المعرضة للتطرف، مع التركيز على التعليم، التمكين الاقتصادي، والدعم النفسي والاجتماعي. على مدار العقد الماضي، أثبت الصندوق فعاليته من خلال الوصول إلى ملايين الشباب والمجتمعات في مناطق آسيا، أفريقيا، الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، مستهدفًا خصوصًا أكثر المناطق هشاشة التي تتأثر بالعنف والصراعات الاجتماعية والاقتصادية.
صندوق “GCERF” كآلية تمويل دولية لبرامج الوقاية المجتمعية
تأسس الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود عام 2014 عقب مبادرات دولية رأت أن الاستثمار المباشر في منظمات المجتمع المدني المحلية يمكن أن يوفّر بدائل ملموسة للشباب المعرضين لخطر الاستقطاب. الصندوق مُسجل كمؤسسة دولية له مقّر في جنيف، ويُدار عبر هيكل حوكمة يشمل ممثلين عن الدول المانحة، الحكومات الوطنية للشركاء، والمجتمع المدني، مع آليات مستقلة لمراجعة الطلبات الفنية على المنح.
يهدف الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “Global Community Engagement and Resilience Fund GCERF” إلى تمويل مبادرات المجتمع المدني على مستوى القاعدة لمنع التطرف العنيف وبناء قدرة المجتمعات المحلية على الصمود. يعتمد الصندوق على منح طويلة الأمد عادةً لمدد تصل لثلاث سنوات تُمنح لمنظمات المجتمع المدني المحلية والشركاء الرياديين لتمويل مشاريع توعوية، برامج تمكين شبابي، دعم إعادة الإدماج، وبرامج تمكين النساء والمجموعات الضعيفة. تمويل الصندوق يأتي من حكومات وداعمين دوليين وقطاع خاص ومؤسسات متعددة الأطراف.
يعمل صندوق GCERF في مجموعة من البلدان عبر آسيا وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، ويشمل ذلك على سبيل المثال؛ بنغلاديش، إندونيسيا، قيرغيزستان، الفلبين، سريلانكا، كينيا، موزمبيق، الصومال، تونس، والعراق ومنطقة الساحل وغيرها. اختيار البلدان يستند إلى تقييمات محلية لِمدى المخاطر وإمكانية العمل مع شركاء محليين. وصل عدد الدول الشريكة حتى نهاية 2023 إلى (25) دولة. فيما بلغت عدد المنح الموقّعة مع الدول الشريكة (124) منحة ضمن خطة الاستثمار 2025ـ2024.
يعد الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود. وفي مؤتمر التعهدات الأخير للصندوق في نيويورك، والذي عُقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، أكد الاتحاد الأوروبي التزامه بتقديم تعهد جديد بقيمة (10) ملايين يورو لتوسيع نطاق هذه الجهود. وصل أثر استثمارات “GCERF” إلى ما يقرب من (4) ملايين شاب ومستفيدين مباشرين ممن وُصِفوا بأنهم “معرضون لخطر الانخراط في التطرف”، بحسب التقرير السنوي للصندوق لعام 2024. محاربة التطرف ـ دور المجتمع المدني في الوقاية من التطرف العنيف
آليات عمل الصندوق ونهج التمويل المباشر للمنظمات المحلية
يعتمد الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF” على هيكل تمويلي متعدد الآليات يهدف إلى تمكين منظمات المجتمع المدني المحلية وتعزيز قدرات المجتمعات على الوقاية من التطرف العنيف. تشمل هذه الآليات التمويل الأساسي طويل الأمد “CFM” لدعم برامج مستدامة تمتد حتى ثلاث سنوات، والتمويل المعجّل أو الاستجابي للتعامل مع الأزمات الطارئة أو التغيرات السريعة، بالإضافة إلى آلية الدعم الوطني “CSM” التي تتيح إشراك الحكومات المحلية، المجتمع المدني، والمانحين في تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الاستثمارية الوطنية. من خلال هذه الآليات، يوفر الصندوق تمويلًا مرنًا ومستدامًا، يتيح تنفيذ برامج تعليمية، اقتصادية، ونفسية اجتماعية، ويضمن أن تكون الاستثمارات متوافقة مع احتياجات المجتمعات المحلية وتستجيب للتحديات الطارئة بشكل فعّال.
آلية الدعم الوطني “CSM”: ينشئ الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF” آلية دعمٍ تنافسيّة في كل بلد شريك، تضم جهات حكومية، منظمات مجتمع مدني، مانحين، وربما مؤسسات دولية. هذه الآلية تشارك في تقييم الاحتياجات، صياغة استراتيجية الاستثمار القُطري، مراجعة طلبات التمويل، مراقبة تنفيذ المشاريع في البلد، وتُقدّم التوجيه الاستراتيجي لضمان الاتساق مع السياسات الوطنية لمنع التطرف.
اعتمد مجلس إدارة الصندوق العالمي للمجتمعات المتأثرة بالتطرف العنيف “GCERF” في نوفمبر 2023 استراتيجية الاستثمار في قيرغيزستان للفترة 2024ـ2027. وبالتزامن مع ذلك، تم إنشاء اللجنة التوجيهية القطرية “CSM” برئاسة وزارة الخارجية، وتضم ممثلين عن الحكومة، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية والأمنية. كما صدرت دعوة لمنظمات المجتمع المدني المحلية لتقديم طلبات إبداء اهتمام من أجل تشكيل ائتلاف من المنظمات المحلية يكون هو الجهة الرئيسية المستفيدة من التمويل المقدم من الصندوق “GCERF”.
دعم الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود إنشاء آلية الدعم الوطني في تونس بعد الموافقة على استراتيجية الاستثمار القطري في أغسطس 2018، ويشمل ممثلين عن الحكومة، المجتمع المدني، الأمم المتحدة، ومنسقين دوليين كمجموعة الدول السبعة “+G7” وقد تمّ إطلاق دعوة للمقترحات باستثمار أولي يقدّر بحوالي مليون دولار أمريكي لتحديد المشاريع التي سيتم تمويلها.
تمويل أساسي طويل الأجل “Core Funding Mechanism CFM”: يمنح الصندوق وفق الآلية “CFM” منح تصل مدتها حتى (3) سنوات لمنظمات محلية مسجّلة قانونياً، أو لشبكات/ائتلافات محلية، تُدير أنشطة مستدامة لمنع التطرف وكبح العوامل التي تدفع إليه. تدير المنظمات الكبرى البرامج، وتمنح جزءًا منها لمنظمات محلية فرعية. يعد برنامج تمويل مكافحة التطرف العنيف ومنع العنف (ARIVE ) في كينيا أكبر منحة أساسية للبلاد من صندوق “GCER” بقيمة (3.7) مليون دولار أمريكي تغطي عدّة مقاطعات، وتضم عددًا من المنظمات الفرعية. المنحة تدعم بناء قدرات المجتمعات، العمل على استراتيجيات وطنية لمكافحة التطرف ومبادرات إعادة التأهيل والدمج. كما التزم صندوق “GCERF” في 2024 بمنح الموزمبيق منح بقيمة (2.5) مليون دولار أمريكي لثلاث منح محلية عبر (11) شريكًا محليًّا.
ـ التمويل المعجّل الاستجابي “Accelerated / Urgent Funding”: هو آلية تمويل تكميلية، تهدف لتلبية احتياجات طارئة أو مُتغيرة، بسريعة الاستجابة لتدخل سريع في حالات عاجلة أو استجابات سريعة لتغيرات مفاجئة؛ مثل تصاعد التهديد الأمني، أو عودة مقاتلين، أو أزمة اجتماعية تستلزم تدخلاً سريعًا، وتكون المِنَح غالبًا لمدة سنة أو أقل. ضمن آلية التمويل المُعجَّل، تم توقيع مِنَح خلال العام 2023 لمشاريع تُعنى بإعادة تأهيل “المقاتلين الأجانب” العائدين في بلدان مثل اليمن، والعراق، وكينيا. بلغ عدد المنح التي وُقّعت خلال العام 2023، (20) منحة جديدة في تسع دول، بمبلغ إجمالي (21.9) مليون دولار أمريكي. وتهدف إلى دعم إعادة دمج العائدين مع المجتمعات المضيفة عبر برامج تأهيل واستجابة شاملة، وتحسين فرص سُبل العيش للشباب والنساء المُعَرَّضين لخطر التطرف، وبناء قدرة المنظمات المحلية على دعم إعادة التأهيل والتكامل.
برامج الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF”
يعد التعليم، فرص العمل، والدعم النفسي والاجتماعي من الأعمدة الأساسية لبرامج الوقاية من التطرف التي يموّلها الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود. هذه البرامج تستهدف الفئات الأكثر عُرضة للانخراط في الديناميات السلبية الشباب، العائدين، الأطفال، النساء، والمجتمعات المتأثرة بالتهميش الاقتصادي أو الاجتماعي. الهدف هو تعزيز الاستقرار الشخصي والمجتمعي، توفير بدائل إيجابية، وتقوية قدرات الأفراد على التعامل مع الضغوط النفسية، الاقتصادية، والاجتماعية.
برامج التعليم: تهدف المشاريع تحسين فرص التعليم، مكافحة العنف المدرسي، تطوير مهارات التفكير النقدي، دعم الفتيات والأولاد في سن المدرسة للتعلّم والانخراط المجتمعي، وإعداد بيئة مدرسية تُراعي السلام والحوارات بين الطلاب والمعلمين والمجتمع المحلي. استثمر الصندوق على سبيل المثال، في تونس ما بين عامي 2022ـ 2025 حوالي (3) ملايين دولار أمريكي، تُستخدم لدعم عدة مشاريع تعليمية وغيرها داعمة للشباب في ولايات داخلية مثل “جندوبة، الكاف، القصرين، سيدي بوزيد”، فيما بلغ عدد المنح النشطة للتعليم وغيرها في تونس وإلى (3) منح رئيسية مع عدد من المنظمات الفرعية تعمل في هذا القطاع.
تركز البرامج على الشباب في سن المدرسة (14ـ 18 سنة). يستهدف إنشاء مجالس للمدارس للحوار، تنفيذ برامج تعليم السلام ، وتأهيل المعلمين لتعزيز سلوكيات تربوية داعمة للسلام. وتتعاون إحدى المنظمات المستفيدة مع المدارس، لتُنفذ أنشطة تزيد من وعي الطلاب والسكان المحليين بالعنف المدرسي وآليات مناهضة العنف. ركز الصندوق على دعم الشباب في تونس، تشمل الأنشطة التدريب المهني، الإرشاد، وربط الشباب بفرص سُبُل العيش المستدامة و حتى عام 2024، تم استثمار(3.4) مليون دولار أمريكي في هذه البرامج. تستهدف هذه المبادرات الشباب غير العاملين أو المتعلمين، النساء المعرضات للخطر، القادة الدينيين والمجتمعيين، والسلطات المحلية.
التمكين الاقتصادي: يُعدّ من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود في تونس لمكافحة التطرف العنيف وتعزيز الاستقرار المجتمعي، من خلال استثمارات استراتيجية، يهدف الصندوق إلى معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تُسهم في التطرف، مثل البطالة، التهميش، وضعف فرص التعليم.
يدعم الصندوق مجموعة من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز فرص العمل وتمكين الأفراد اقتصاديًا، خاصة في المناطق المعرضة لخطر التطرف. تشمل هذه البرامج التدريب المهني والتقني، و توفير منح صغيرة لبدء مشاريع صغيرة أو لتوسيع الأعمال القائمة. بالإضافة إلى الإرشاد والتوجيه المهني ومتابعة للمستفيدين لضمان استدامة مشاريعهم. كما تشمل الشراكات مع القطاع الخاص لتسهيل الوصول إلى فرص عمل من خلال التعاون مع الشركات المحلية.
خصص الصندوق لألبانيا حوالي (4) ملايين دولار أمريكي حتى عام 2025 لدعم برامج الوقاية من التطرف العنيف وإعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي. من أبرزها؛ برنامج التمكين الاقتصادي للنساء العائدات من مناطق النزاع, نفّذ هذا البرنامج في مدن مثل “تيرانا، دوريس، شقودرا، كورتشا، فيير، إلْبَاسان”، بالتعاون مع منظمات محلية مثل خط الاستشارة للنساء والفتيات “CLWG” ومركز مكافحة التطرف العنيف “CVE”. مول الصندوق مشروع ” اتحاد الصومال للصحة والانتعاش الاقتصادي” بهدف تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الصومال من خلال معالجة القضايا النفسية والاجتماعية. استثمر الصندوق مبلغًا إجماليًا قدره (4.86) مليون دولار أمريكي في هذا المشروع حتى عام 2025، مع تخصيص (4.1) مليون دولار أمريكي للمراحل الحالية من التنفيذ.
الدعم النفسي والاجتماعي: يهدف الصندوق عبر برامجه التعامل مع الصدمات النفسية، العزلة، التوتر، فقدان الأمان، الأثر النفسي للنزاعات، الانقطاع عن المدرسة، وإعادة الإدماج بعد العودة من مناطق النزاع. هذا الدعم ضروري لبناء قدرة الأفراد على الصمود ومنع الانخراط في التطرف بدافع نفسي أو اجتماعي. فمنذ مايو 2024، قدم شركاء “GCERF” في العراق الدعم النفسي والاجتماعي لـ(1732) عائدًا عراقيًا، شمل ذلك التدريب المسبق في المخيمات وإعادة التأهيل المستدام وإعادة الإدماج. استثمر الصندوق أكثر من (7) ملايين دولار أمريكي في مشاريع بالصومال منذ 2021، مما ساهم في تحسين الوصول إلى الدعم النفسي والاجتماعي للمجتمعات المتأثرة بالتطرف العنيف. يدعم مشروع حماية السلام “PROTECT Peace” بالفلبين، تدريب العاملين المجتمعيين على فهم الدعم النفسي واستراتيجيات التكيّف والرعاية الذاتية، لمواجهة الآثار النفسية للنزاع. محاربة التطرف ـ الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود، أوجه التعاون مع الاتحاد الأوروبي
تحليل التوسع العالمي للصندوق وأثره على أكثر المناطق هشاشة
توسّع الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود في السنوات الأخيرة ليشمل (25) دولة شريكة، مع استثمارات تجاوزت (4.5) مليون شخص عبر (135) منحة موقعة، وقد ركّز الصندوق بشكل خاص على المناطق الهشة والمعرّضة للتطرف العنيف، مثل منطقة الساحل الأوسط “مالي، بوركينا فاسو، النيجر، تشاد، موريتانيا” التي تُعتبر من أكثر المناطق هشاشة في العالم. على سبيل المثال، بدأ الصندوق استثماراته في مالي، عام 2017، حيث خصص (10.1) مليون دولار أمريكي لمعالجة العوامل المؤدية إلى التطرف العنيف، مثل البطالة بين الشباب والصراعات بين الفئات المجتمعية، مما ساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
بدأ الصندوق استثماراته في النيجر في عام 2022، حيث خصص (3) مليون دولار أمريكي لمعالجة العوامل المؤدية إلى التطرف العنيف. تُركّز البرامج على توفير فرص اقتصادية وتعليمية للشباب، وتعزيز المشاركة المجتمعية، مما يساهم في تقليل فرص التجنيد من قبل الجماعات المتطرفة. في تشاد، بدأ الصندوق استثماراته في عام 2024، حيث خصص (2.06) مليون دولار أمريكي لمعالجة العوامل المؤدية إلى التطرف العنيف. تُركّز البرامج على توفير فرص اقتصادية وتعليمية للشباب، وتعزيز المشاركة المجتمعية، مما يساهم في تقليل فرص التجنيد من قبل الجماعات المتطرفة.
توضح دراسة جدوى الاستثمار التي أجراها الصندوق، إن عائد استثمار الصندوق العالمي للاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات ملحوظ. على مدار العقد الماضي، استثمر الصندوق حوالي (112) مليون دولار أمريكي للتأثير على حوالي (4) ملايين شخص معرضين لخطر التطرف والتجنيد المباشر، أي ما يعادل حوالي (30) دولارًا أمريكيًا للشخص الواحد المعرض للخطر. وقد تجاوز الصندوق النظريات ليُظهر آلية عمل برنامج منع التطرف العنيف، وهو وسيلة أكثر فعالية من حيث التكلفة لمواجهة التطرف العنيف مقارنةً بالاستجابات الأمنية التفاعلية. منذ عام 2019، تضاعف عدد الدول الشريكة للصندوق العالمي للاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات (3) مرات، وتضاعف عدد المستفيدين المباشرين.
بالمقارنة مع التدابير الأمنية (عسكريّة، احتجاز وملاحقة قضائية) ، فإن برامج الوقاية المجتمعية غالبًا ما تكون أقل تكلفة بكثير، وتتجنّب تكاليف كبيرة مرتبطة بالنزاع والخسائر. من جهة أخرى، فإن الأفراد المشاركون في التعليم، التدريب، وفرص العمل يعودون بالنفع على اقتصادات المجتمعات من خلال قدرات العمل، دفع الضرائب، وتوليد دخل، وتقليل العبء على شبكات الرعاية الاجتماعية. كما تسهم البرامج بجعل المجتمعات أكثر استقرارًا تنجذب استثمارات، سياحة، نشاط اقتصادي، وتقل التكاليف التي تخلفها الاضطرابات والنزاعات. أمن دولي ـ الإطار النظري للنظام الدولي الجديد وسياق التطرف والإرهاب
تقييم وقراءة مستقبلية
ـ تأسس الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF” عام 2014، لتمويل منظمات المجتمع المدني المحلية لمنع التطرف العنيف وبناء قدرات المجتمعات على الصمود، باستخدام منح طويلة الأمد، تمويل معجّل، وآليات دعم وطنية. يركز الصندوق على التعليم، التمكين الاقتصادي، والدعم النفسي والاجتماعي للشباب، النساء، العائدين، والمجتمعات الهشة لتعزيز الاستقرار وتقليل الانخراط في التطرف. يتميز الصندوق بآليات تمويل متنوعة تشمل المنح طويلة الأمد، التمويل المعجّل، والدعم الوطني التنافسي، مما يعزز قدرة المنظمات المحلية على تنفيذ مشاريع مستدامة.
ـ توسّع الصندوق العالمي للمشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود “GCERF” في السنوات الأخيرة ليشمل (25) دولة ويمتد تأثيره إلى ملايين المستفيدين، مع تركيز خاص على المناطق الهشة في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط مثل مالي، النيجر، تشاد، وتونس. أثبتت استثمارات الصندوق فعاليتها مقارنة بالإجراءات الأمنية التقليدية، حيث عززت التماسك الاجتماعي والفرص الاقتصادية والتعليمية، مع إمكانيات توسع مستقبلي عبر تعزيز الشراكات وابتكار برامج مستجيبة للأزمات.
ـ ستصبح برامج التمويل المعجّل أكثر أهمية لضمان استجابة فورية وفعالة مع تزايد الأزمات المحلية وعودة المقاتلين العائدين، ومن المتوقع أن تتوسع شبكة الشركاء الدوليين والمحليين، مع تعزيز الابتكار في برامج الدعم المعجّل والاستجابة للطوارئ، سيزيد من فعالية الصندوق ويُعزز قدرته على التكيف مع التحديات الجديدة، مثل عودة المقاتلين الأجانب أو تصاعد النزاعات المحلية.
ـ يوصى بزيادة التمويل للتمكين الاقتصادي للشباب والنساء، وتعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي في المناطق الهشة، مع إشراك المجتمعات المحلية في تصميم وتنفيذ المشاريع لضمان ملكيتها وفاعليتها. كما يُنصح بالتوسع المدروس في مناطق جديدة بناءً على تقييمات دقيقة للمخاطر والقدرة على التنفيذ، إلى جانب تعزيز التواصل ونشر أفضل الممارسات بين الدول الشريكة ومنظمات المجتمع المدني لتكامل الخبرات وتحقيق أثر مستدام وفعّال.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110580
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
GCERF: Annual Report 2024
https://2u.pw/UYp0aP
EU strengthens support for preventing violent extremism and terrorism
https://2u.pw/Vs7vi6
GCERF :TUNISIA
https://2u.pw/DkS3HW
