المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
تحاول وثيقة صادرة عن “الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية” مقاربة خيارات برلين في قضية الحفاظ على أمن وحرية الملاحة الدولية في مضيق هرمز. ما فحوى خلاصات الوثيقة وما مخاطر الخيارات المتاحة؟
مضيق هرمز واحد من أهم ممرات الملاحة في العالم ومازال يشهد حركة مرور قوية. ويوماً بعد يوم يُستخدم الممر كأهم همزة وصل بين منتجي النفط في شرق شبه الجزيرة العربية وزبائنهم في كافة أنحاء العالم. وبالرغم من ذلك فقد النقل عبر هذا المضيق بعضاً من أهميته منذ أن نُفذت بعض الأعمال التخريبية ضد بعض السفن. والولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية تلقي بالمسؤولية بالدرجة الأولى على إيران.
وفي وثيقة مشتركة صادرة عن “الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية” يتبنى خبراء السياسة، كارلو ماسالا وكريستيان مولينغ وتوربن شوتس، وجهة النظر هذه: “تهدد إيران حرية الملاحة البحرية في مضيق هرمز. وألمانيا على غرار دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لديها مصلحة بالمحافظة على حرية الملاحة”
قمة هلسنكي
وزراء الخارجية الألماني والفرنسي والبريطاني ناقشوا الخميس الماضي في هلسنكي الاقتراح حول مهمة مراقبة أوروبية في مضيق هرمز. “واختلفت المواقف حول ذلك”، كما قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس الذي أبدى انفتاحاً: “كل ما يساهم في نزع فتيل التصعيد يقدم اليوم مساهمة بالحل”. وأعلن وزير الخارجية البريطاني، دومنيك راب، بأنه يجب على الأوروبيين “مجابهة المخاطر المحدقة بالملاحة الدولية في مضيق هرمز”.
وتشارك بريطانيا في الأثناء في مهمة تقودها الولايات المتحدة تقوم بموجبها سفن عسكرية بمرافقة السفن التجارية. وترفض ألمانيا وأعضاء آخرون في الاتحاد الأوروبي المشاركة، لأن هذا النوع من التدخل، حسب وجهة نظرهم، سيزيد من وتيرة التوترات في المنطقة.
وعلى نفس المنوال تحدثت وزيرة الدفاع الألمانية، أنغريت كرامب كارنباور، التي شاركت أيضاً الخميس في هلسنكي في محادثات نظرائها الأوروبيين: “نريد من ناحية ضمان حرية الممرات البحرية، لكن من جانب آخر لنا مصلحة دبلوماسية خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي القائم مع إيران”، كما ذكرت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي للقناة الأولى الألمانية. واعتبرت أنه في كل المهام الممكنة يجب الانتباه إلى أن لا يتولد الشعور بأن الأمر يتعلق بمهام لها طابع معاد لإيران.
الاقتراح الأول: مهمة مراقبة
وللقيام بمهمة هناك عدة خيارات، كما يقول مؤلفو وثيقة “الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية”. فهم يناقشون إمكانيات مهمة حماية ومراقبة. وكيف ما كانت المهمة التي ستُنفذ، كما تفيد الوثيقة فإن الجمهورية الاتحادية مطالبة بالتحرك. “يجب على ألمانيا الاحتفاظ بحق رسم السياسة الخارجية والحفاظ على مصالحها وكذلك المشاركة في تطوير هذه المهمة وتنفيذها”.
وتتابع الوثيقة بأن الدول الأوروبية ستكون مبدئياً قادرة من الناحية العسكرية على تنفيذ هذا التدخل العسكري. غير أنه سيستنزف بين 10 و30 في المائة من قدرات القوات البحرية، كما يقول المؤلفون. ومضيق هرمز لا يمكن في الحقيقة بسبب موقعه الجغرافي ومياهه الإقليمية مراقبته بصفة شاملة ومستمرة.
وورد في الوثيقة أن مهمة مراقبة قد تساهم في تأمين الملاحة البحرية:” مهمة مراقبة تهدف لنزع فتيل التصعيد في الوقت الذي تراقب فيه الحدث المحلي وتوثق الخرقات القانونية وتنقل سلوك الأطراف إلى الأمم المتحدة والرأي العام العالمي”.
الاقتراح الثاني: مهمة حماية
هذه المهمة قد تقتصر على حماية سفن الدول المشاركة أو التطلع إلى تأمين حرية الملاحة للجميع. والهدف الأمثل سيكون تطبيق قانون الملاحة من حيث المبدأ. لكن هذا النوع من المهام سيكون محفوفاً بالمخاطر. وفي حال إخفاقه قد يؤدي هذا النوع من التدخل إلى تصعيد، كما يعترف الباحث كريستيان مولينغ في حديث مع DW. “لكن لا يمكن في المقابل الركون إلى أن هذا الوضع المتوتر حالياً سينفرج من تلقاء نفسه. ولا وجود لسبب لافتراض ذلك. شيء آخر هنا لا بد من ذكره: الرأي العام الألماني لا يتحمل إمكانية حدوث أي مواجهة عسكرية تكون ألمانيا طرفاً فيها”، كما يقول مولينغ.
ولا يمكن استبعاد هذا الخيار سياسياً، حسب مولينغ، الذي يرى أن المسألة متوقفة على وجود إرادة سياسية ويسوق مثالاً من الماضي القريب: “سلحت ألمانيا الأكراد لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، لم يعترض أي أحد”.
ماذا عن الحلول الدبلوماسية؟
وزارة الخارجية تعتبر أن أي تدخل بحري ممكناً فقط في تلازم مع جهود دبلوماسية. والأسس من أجل ذلك سبق وأن وضعها الاتحاد الأوروبي، كما يفيد مولينغ: “قمة مجموعة السبع في بياريتس بينت أن الاتحاد الأوروبي بإمكانه تقديم دفعة لحل الأزمة. وهذا ما فعله بالتحديد الرئيس الفرنسي ماكرون. لقد فتح من الناحية السياسية باباً، لكن المرور عبره هو مهمة إيران والولايات المتحدة الأمريكية”.
يذهب الباحثون في الوثيقة إلى أن أسطولاً أوروبياً لا يجب أن يكون جزءاً من مهمة أمريكية، كما طالبت بذلك مؤخراً الحكومة الأمريكية. لكن لتنفيذ مهمة أوروبية لا مفر من التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي كل الأحوال يجب تفادي وقوع “شلل سريبرينيتسا”، الانزلاق إلى وضع مثل الذي حدث عام 1995 في حرب البوسنة عندما لم يمنع وجود وحدات الأمم المتحدة حدوث المذبحة بحق المدنيين. وفي كل الأحوال يجب تفادي مهمة مراقبة غير مخولة بالتدخل في حال وجود مخاطر على حياة بحارة السفن التجارية، حسب ما جاء في توصيات الوثيقة.
كرستين كنيب/ م.أ.م بالاشتراك مع ال DW
*المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا