بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)
تسببت الصراعات العالمية الراهنة في أوكرانيا والشرق الأوسط، في عودة التنظيمات الإرهابية للواجهة من جديد، ووضع أوروبا هدفاً رئيسياً لها، بجانب استغلال الجماعات المتطرفة الإسلاموية واليمينية هذه الأجواء لزيادة تغلغلها على المستويين السياسي والاجتماعي، وتعد هولندا وبريطانيا نموذجان لتمدد نفوذ هذه الجماعات، وربما عكست نتائج الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومتين واقع اليمين المتطرف والتطرف الإسلاموي في البلدين.
مؤشر الإرهاب في هولندا
مؤشر التطرف الإسلاموي، السلفية “الجهادية” والإسلام السياسي
أوضحت المخابرات الوطنية الهولندية في 23 أبريل 2024، أن التهديدات التي تستهدف هولندا ترتبط بالاضطرابات العالمية في مقدمتها حرب غزة وحوادث حرق القرآن والتهديد الناجم عن الشبكات الجهادية. أشار تقييم التهديد الإرهابي الوطني في هولندا (DTN) لشهر يونيو 2024، إلى أن مستوى التهديد مازال عند (4)، نظراً لاستمرار التهديد الجهادي عبر الإنترنت، إذ يعد التطرف الإسلاموي المصدر الرئيسي للتطرف لاستغلال الجماعات المتطرفة أحداث غزة ولبنان للتجهيز لأعمال عنف بهولندا، والتواصل مع تنظيم “داعش” وتحديداً “ولاية خراسان” في أفغانستان.
قائمة العمليات الإرهابية
19سبتمبر 2024: قتل شخص وأصيب آخر بجروح في حادث طعن بمدينة “روتردام”.
مؤشر التطرف اليميني
بات التطرف اليميني تهديداً يصعب التنبؤ به خلال 2024، لتصاعد نشاط المتطرفين اليمينيين على شبكة الإنترنت بين الشباب، ولجوؤهم إلى حيل لإخفاء هويتهم بتغيير الملفات الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي. وتلجأ المجموعات اليمينية المتطرفة إلى استقطاب “العرق الأبيض” عبر الأنشطة الاجتماعية للترويج إلى أفكار متطرفة ضد الحكومة والأقليات والمعارضين السياسيين. وفي 17 مايو 2024 اتفق خيرت فيلدرز على تشكيل ائتلاف حكومي مع حزبين يمينيين وحزب ليبرالي لأول مرة. ويعرف عن فيلدرز بمواقفه المتشددة من المسلمين واليهود، ما يفسر توغل الخطاب المتطرف المعادي للأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة ما بين نهاية 2023 وحتى مايو 2024.مكافحة الإرهاب ـ هكذا يعمل تنظيم “داعش” في ألمانيا
قائمة العمليات الإرهابية 2024
13 يناير 2024: اعتزم متطرفون يمينيون حرق نسخة من القرآن بشكل علني في أرنهيم.
27 مارس 2024: وصفت (3) سيدات، سيدة يهودية بـ “قاتلة أطفال” عقب انتشار منشورات بالمنطقة تشير إلى أن ابنة السيدة جندية إسرائيلية.
مؤشر التهديدات السيبرانية
أشار مقياس الشؤون الخارجية لمعهد كلينجينديل في فبراير 2024، إلى أن الهجمات السيبرانية على البنية التحتية للطاقة والخدمات المصرفية، على رأس التهديدات الأمنية للهولنديين، بينما تشير التوقعات إلى اقتناع الهولنديين بتحسن الحماية ضد الهجمات السيبرانية مؤخراً.
تداعيات حربي غزة ولبنان
شهدت أمستردام يومي 7 و8 نوفمبر 2024، أحداث عنف بين مشجعي فريقي “أياكس الهولندي” و”مكابي تل أبيب”، بعد ترديد شعارات معادية للعرب وإحراق العلم الفلسطيني، وانتشار دعوات لمطاردة اليهود على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى لإصابة العشرات وتوقيف (60) شخصاً، لزيادة حالة الاستقطاب وارتفاع وتيرة الهجمات المعادية للسامية والمحرضة ضد المهاجرين العرب منذ حرب غزة. ألقت هذه الحالة بظلالها على الحكومة، باستقالة وزير المالية نورا أشهبار اعتراضاً على تصريحات عنصرية بشأن أحداث أمستردام ووصفوها بالمعادية للسامية.
قوانين مكافحة الإرهاب عام 2024
– وضعت وزارة العدل والأمن الهولندية والمنسق الوطني لمكافحة الإرهاب، استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف للفترة من (2024-2029) لحماية النظام القانوني ومكافحة التطرف.
– أجرت البلديات في مايو 2024، مشاورات لاتخاذ تدابير لمنع تحول الإنترنت بيئة للتطرف.
– خصصت السلطات في 13 نوفمبر 2024، (4.8) مليون دولار لتأمين المؤسسات اليهودية ومعاقبة العنف المعادي للسامية.
سياسات وتدابير مكافحة التطرف والإرهاب
– 30 سبتمبر 2024: دعت الشرطة الهولندية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمراجعة سياسات الاندماج، لارتفاع حالات العنف بين اللاجئين.
-15 نوفمبر 2024: عقدت الحكومة الهولندية جلسة طارئة لمناقشة تداعيات أحداث عنف أمستردام وسبل التعامل معها، وشملت المقترحات إمكانية إلغاء الجنسية الهولندية للأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة ومتهمين بالتحريض على العنف.مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ ما الذي سيتغير نتيجة لمراقبة الحدود؟
مؤشر الإرهاب في بريطانيا
مؤشر التطرف الإسلاموي، السلفية “الجهادية” والإسلام السياسي
في فبراير 2024، أثار اتهام نائب رئيس حزب المحافظين لي أندرسون، لرئيس بلدية لندن صادق خان بأنه “تحت تأثير الإسلاميين” مخاوف بشأن زيادة التطرف الإسلاموي، إذ يرى (52%) من البريطانيين أن المتطرفين الإسلامويين يشكلون تهديداً كبيراً. وفي 14 مارس 2024 صنف وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف، “الجمعية الإسلامية البريطانية” و”منظمة كيج” و”منظمة المشاركة والتنمية الإسلامية” بمنظمات مثيرة للقلق لتوجهاتها الإسلاموية المتطرفة.
حذر رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5) كين مكالوم في 8 أكتوبر 2024، من أن تنظيمي “داعش” و”القاعدة” يمثلان تهديداً متجدداً لاستقطابهما الأطفال عبر الإنترنت، وأن ثلث تحقيقات الجهاز شملت جماعات ذات صلة بالتطرف الإسلاموي.
قائمة العمليات الإرهابية: لا يوجد
مؤشر التطرف اليميني
أشار استطلاع رأي في أغسطس 2024 لمؤسسة “يوجوف”، إلى أن (47%) من البريطانيين يرون أن اليمين المتطرف يمثل تهديداً، ما يمثل زيادة (15) نقطة مئوية عن استطلاع سابق في فبراير 2024. وكشف استطلاع لشركة “أبيسوس” للأبحاث عن أن (74%) من البريطانيين متخوفون من صعود اليمين المتطرف، بعد أن مثل (3) أشخاص أمام محكمة بتهمة التحضير لعمل إرهابي مرتبط بالتطرف اليميني. وأشار جهاز الأمن الداخلي البريطاني إلى أنه أكثر من شخص من كل (8) أشخاص يحقق معهم بتهمة التورط في الإرهاب هم قاصرون، بزيادة (3) أضعاف منذ 2021، بسبب استقطاب جماعات اليمين للأطفال.
قائمة العمليات الإرهابية
4 أغسطس 2024: حطم متظاهرون ملثمون واجهة أحد الفنادق التي تؤوي مهاجرين من طالبي اللجوء في روثرهام بجنوب منطقة يوركشير .
6 أغسطس 2024: اندلاع أعمال شغب في مدن بريطانية، وهاجم العشرات مسجدين في منطقة ساوثبورت ومدينة سندرلاند في شمال شرق إنجلترا، بعد مقتل (3) فتيات طعناً على يد مراهق، وانتشار معلومات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي حول أن المهاجم لاجئ مسلم.
مؤشر التهديدات السيبرانية
26 مارس 2024: اتهمت بريطانيا هاكرز صينيين باختراق بيانات (40) مليون ناخب.
4 يونيو 2024: هجوم إلكتروني على مستشفيات في لندن أدى لنشر بيانات طبية لمرضى بريطانيين.
5 سبتمبر 2024: اعتقال صبي يقف وزراء هجوم إلكتروني تسبب في شل حركة المواصلات، وتسريب بيانات الآلاف من الأشخاص.
25 سبتمبر 2024: تعرض نظام الاتصالات اللاسلكية في محطات قطار ببريطانيا لهجوم سيبراني.
15 أكتوبر 2024: شن هاكرز مرتبطون بالصين لهجمات سيبرانية على منشآت دفاعية وشركات طاقة وأخرى تكنولوجية.
تداعيات حربي غزة ولبنان
سجلت أكثر من (5500) حادثة معادية للسامية في بريطانيا منذ 7 أكتوبر 2023، بزيادة (204%) عن العام الماضي عبر الإنترنت وفي الاحتجاجات، وارتفعت معدلات معاداة الإسلام بـ (4971) حادثة، وهو أعلى رقم في السنوات الـ (14) الماضية.ملف التطرف في أوروبا ـ حرب غزة تغذي الإسلاموفوبيا والكراهية
قوانين مكافحة الإرهاب عام 2024
11 مارس 2024: أقرت بريطانيا إنفاق (150) مليون دولار إضافية لحماية المساجد ومنشآت المسلمين.
14 مارس 2024: أطلقت بريطانيا تعريفاً جديداً للتطرف، رداً على تصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين واليهود في أعقاب حرب غزة.
سياسات وتدابير مكافحة التطرف والإرهاب
20 فبراير 2024: سيطرت وكالات إنفاذ القانون البريطانية، على موقع إلكتروني تديره شركة لوكبيت، وهي مجموعة تصنيع برامج الفدية ذات الصلة بالهجمات الإلكترونية.
27 مارس 2024: فرضت بريطانيا عقوبات على شخصين و(3) كيانات بتهمة جمع أموال لحركة حماس.
6 أغسطس 2024: اعتقال (400) شخص في أعمال شغب لمتطرفين يمينيين.
27 أغسطس 2024: نفذت الشرطة (230) عملية توقيف، (49) منها بتهمة حيازة سلاح.
29 أغسطس 2024: حظر بريطانيا السفر على شخصين هما “مصطفى عياش” و”ناظم أحمد” بتهمة الترويج للإرهاب وتمويل حزب الله اللبناني.
واقع الإرهاب الدولي لعام 2024
استمرار حرب أوكرانيا ودخولها مرحلة جديدة من التصعيد، يزيد من نفوذ اليمين المتطرف لاستغلاله انشغال الحكومات الأوروبية الحالية بهذه التوترات، وتوجيه انتقادات لهم لإدارة الحرب ودعم أوكرانيا لنشر التطرف بين الشباب. وأججت حربي غزة ولبنان الانقسامات في المجتمعات الأوروبية بحوادث عنف معادية للسامية وأخرى معادية للمسلمين والمهاجرين. واستغل تنظيمي “داعش” و”القاعدة” هذه الاضطرابات السياسية لإعادة ترتيب صفوفهما، وجعل غرب أفريقيا وآسيا في مرمي الهجمات الإرهابية.
تقييم وقراءة مستقبلية
-تشهد هولندا انقسامات حادة داخل المجتمع وتصاعد حالة الاستقطاب بين جماعات اليمين المتطرف والجماعات الإسلاموية المتطرفة، وهو الأمر الناتج عن تباين الرؤى على المستويين السياسي والشعبي في التعامل مع التصعيد بالشرق الأوسط، ما يرجح زيادة حوادث العنف ذات الصلة بالتطرف الإسلاموي من جانب وحوادث عنف ذات الصلة بالتطرف اليميني، في ضوء تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية في الحياة السياسية، واستغلال الجماعات الإسلاموية المتطرفة هذا الصعود للحصول على مكتسبات في المؤسسات التعليمية والمجتمعية.
-أصبحت شبكة الإنترنت ساحة للتطرف في هولندا، لتصاعد نشاط الجماعات الإسلاموية واليمينية عليها، وما يزيد الأمر تعقيداً هو ارتفاع استخدام الأطفال والشباب لشبكات التواصل الاجتماعي بشكل متزايد السنوات الأخيرة، لذا تنظر الجماعات المتطرفة إلى هذه المنصات كوسيلة جديدة لتجنيد عناصر لها، ولنشر الخطاب المتطرف بصورة أوسع، لتجنب عمليات الرصد والمراقبة لأنشطتهم في المدارس والجامعات.
-تتصاعد الهجمات السيبرانية في بريطانيا، وتجعل المنشآت الخدمية هدفاً رئيسياً لها، ما يزيد المخاوف من استغلال الجماعات الإسلاموية المتطرفة واليمينية المتطرفة هذه الثغرات الإلكترونية لدى المؤسسات في بريطانيا، لذا ينبغي أن تطور المؤسسات البريطانية من أدواتها لمواكبة التطور التكنولوجي وأدوات الذكاء الاصطناعي، التي يستغلها الهاكرز في عمليات الاحتيال والاختراقات الإلكترونية.
– يبدو أن بريطانيا باتت تعاني الآن من تبعات سياسات الحكومات السابقة، بشأن التعامل مع الجماعات الإسلاموية المتطرفة، خاصة وأنها مازالت على قائمة التهديدات الأمنية، ما يفسر التدابير الأخيرة التي اتخذتها بريطانيا من قوانين تضع مزيداً من القيود على حركة هذه الجماعات وتمويلهم وأنشطتهم الفترة المقبلة.
-العلاقة بين حركة حماس وجماعة حزب الله مع الجماعات الإسلاموية المتطرفة بأوروبا، ستدفع هولندا وبريطانيا لتشديد الإجراءات الاستباقية في مراقبة نشاط واتصالات هذه الجماعات ما يضيق الخناق عليها، وفي الوقت نفسه ستراعي الدولتان تحركات اليمين المتطرف لنشر خطاب الكراهية داخل المجتمعات، في ظل تباين المواقف بين مؤيد ومعارض لحرب غزة.
– ستظل حرب غزة تلقي بظلالها على هولندا وبريطانيا خلال عام 2025، نظراً لأنها كشفت حجم الثغرات في تعامل الحكومات السابقة مع الجماعات المتطرفة، ما يتطلب من الحكومتين البريطانية والهولندية وضع آليات جديدة لتحجيم نفوذ اليمين المتطرف والتطرف الإسلاموي داخل مؤسسات الدولة، وعلى شبكات الإنترنت بسن تشريعات وتطبيق آليات رقابة لا تتعارض مع الدساتير والقوانين الأوروبية.
-مؤشر الإرهاب الدولي المتوقع لعام 2025، يتجه نحو التصاعد ولجوء الجماعات المتطرفة لأدوات جديدة في شن الهجمات الإرهابية واستقطاب عناصر لها، في ظل تعقد المشهد بين روسيا والغرب واستغلال الجماعات اليمينية المتطرفة هذه الأجواء لخدمة مصالحهم وتقديم أنفسهم بديلاً في الحياة السياسية، ما يخدم الجماعات الإسلاموية لعلاقة التخادم التي تجمعهم باليمين المتطرف، لذا ستلجأ الأولى إلى طرق جديدة للانتشار في المجتمع الأوروبي خاصة في ظل تشديد الإجراءات الأمنية على أنشطتهم.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=98994
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
Cyber attacks and Islamic terrorism top list of Dutch fears
Terrorist threat increased slightly: chance of attack in the Netherlands is real
Michael Gove names groups as he unveils extremism definition
Which extremists do Britons see as threats in 2024?
MI5 head says far-right extremism to blame for ‘staggering’ surge in children linked to terror plots