مصير غامض ينتظر الأتحاد الأوروبي !
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا- وحدة الدراسات والتقارير “3”
رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الدبلوماسية الاوروبية وعلى وجه الخصوص المانيا وفرنسا التي تعتبر النواة الرئيسية والمحرك القوي الى الاتحاد، فمازال الاتحاد الاوروبي منقسما على نفسه بين كتلة غربية وشرقية، خاصة حول موضوع الهجرة ومايحصل الان في اوروبا هو تفكيك الأتحاد الأوروبي. التهديدات بانقسام الاتحاد: تهديدات داخلية بتخلي الدول الاعضاء بالايفاء بالتزاماتها، وخارجية من قبل روسيا وتركيا و واشنطن.
مسألة توزيع اللاجئين
اثارت مسألة توزيع اللاجئين بين دول الأتحاد الأوروبي خلافات داخل التكتل الأوروبي ،ورفضت الحكومة الألمانية انتقاد رئيس المجلس الأوروبي “دونالد توسك” للحصص الإلزامية لاستقبال الاجئين بالاتحاد الأوروبي، وقال توسك في رسالة إلى قادة الاتحاد أن إعادة التوزيع الإلزامية “غير فعالة” و”مثيرة للانقسامات كثيرا” موصيا بتحويل الجهود عوضا عن ذلك إلى ضمان حدود أوروبا، الأمر الذي أثار حفيظة برلين.
وفى ذات السياق ظل الخلاف في عام 2017 على توزيع اللاجئين بلا حلول داخل الأتحاد الأوروبي ، فدول” فيزغراد ” ترفض المشاركة في توزيع اللاجئين رغم حكم صادر عن المحكمة الأوروبية المخالف لهذا الموقف، وعدم تنفيذ هذا القرار الصادر عن المحكمة يهز كيان الاتحاد الأوروبي ، لأن هذه الخطوة تضع علامة استفهام على تقيد دول الاتحاد الأوروبي بالقانون ، وشددت “انغيلا ميركل” المستشارة الألمانية فى ديسمبر 2017 على مبدأ التضامن الذي لا يحق أن يكون طريقا في اتجاه واحد ، وقالت “ليس مقبولا أن يكون هناك تضامنبين دول الاتحاد الأوروبى في بعض المجالات وفي مجالات أخرى يبقى هذا التضامن منعدما ، وهذا غير مقبول في هذه الصورة”.
انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى
أعلن أعضاء الاتحاد الاوروبي فى عام 2017 عن خلافات حول الموقف الذي يجب اتخاذه لمواجهة ما اعتبروه “مساسا بالديمقراطية” في تركيا، حيث طالب البعض بتجميد مفاوضات انضمامها فيما دعا آخرون الى بقائها ، و لم يحصل إجماع من الدول الـأعضاء تجاه تركيا ، حيث رفضت النمسا دعم الخلاصات المشتركة اذا لم تبد تأييدا “لتجميد” مفاوضات انضمام تركيا ،ومن الدول المؤيدة لمطلب النمسا عدة دول منها هولندا وبلغاريا، لكن غالبية دول الاتحاد ترفض قطع كل العلاقات مع أنقرة، الشريك الذي يرونه ضروريا لمكافحة الإرهاب والسيطرة على موجات الهجرة الغير شرعية.
خلافات حول دول البلقان
ظهرت الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبى فى فبراير 2018 حول احتمال انضمام دول البلقان إلى التكتل الأوروبى ، الأمر الذى تؤيده بلغاريا التى تتراس الاتحاد حاليا لتجنب منح قوى أخرى هامش تحرك وخصوصا روسيا ، وصرح ” بويكو بوريسوف” رئيس الوزراء البلغارى على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد فى صوفيا “إذا لم يحصل توسيع اليوم فلن تتاح فرص أخرى، وإلا فإن الصين وروسيا وتركيا التى لديها مشاريع بالنسبة إلى المنطقة ستحث الخطى اعتبارا من اليوم ،وأضاف “أنها قارتنا الأوروبية ومن واجبنا أن نهتم أيضا بهذا القسم من أوروبا”.
تمويل الأتحاد الأوروبي
انقسم زعماء الاتحاد الأوروبي فى فبراير 2018 بشأن مقترح ألماني يطرح شروطا جديدة للحصول على أموال الاتحاد، واحتدم الجدل بعد تقديم ألمانيا لمبادرة تربط تمويل الاتحاد الأوروبي بالدول الأفقر في التكتل لتنفيذ شروط معينة، بما فيها قبول لاجئين، ما أثار ردود فعل متباينة من جانب زعماء التكتل الأوروبي ، وقالت رئيسة ليتوانيا داليا جريباوسكايتي، إن الهدف الوحيد لأموال الاتحاد الأوروبي هو دمج الدول الأكثر فقرا بالاتحاد، وهو وضع عبرت عنه دول أخرى بوسط وشرق أوروبا، وأعلن مسؤول أوروبي كبير أن معظم الدول الأعضاء موافقون على دعم فكرة زيادة مشاركتهم، “لكن الدول المشككة أو المعارضة متشددة جدا، إنه ائتلاف من بضع دول ‘هولندا والسويد والدنمارك والنمسا’ التي تساهم في ميزانية الاتحاد أكثر مما تأخذ “.
مستقبل الأتحاد الأوروبي
أفاد تقرير فى فبراير 2017 عن الإدارة العامة لشؤون السياسة الخارجية في البرلمان الأوروبي أن سياسة الاتحاد الأوروبي الموحدة تجاه روسيا لا يمكن أن تصمد لاحقا ، ومن بين الأسباب التي قد تحدث الانقسام في الموقف الأوروبي ، و يذكر التقريرالسياسة الجديدة لألمانيا وفرنسا ، ويشير التقرير إلى أن الغرب لم يتمكن من الضغط على روسيا بواسطة العقوبات على الرغم من الضرر الذي لحق بالاقتصاد الروسي ، والآن لم يعد من المستبعد احتمال اضطرار الاتحاد الأوروبي للتعاون مع روسيا في مجموعة واسعة من المسائل والقضايا.
وفى نفس الإطار كشف التقرير عن احتمال أن تصل إلى السلطة في فرنسا، وربما ألمانيا قوى سياسية ذات مواقف أكثر ليونة تجاه روسيا ، كل ذلك قد يتسبب بانهيار الموقف الموحد الهش الذي تكون في الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا ، ونوه التقرير إلى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي غير معنية ولا يهمها تطوير مشروع ” الشراكة الشرقية” الذي روجت له بولندا بدعم من السويد ويكمن هدفه الرئيسي في تطوير العلاقات بين الاتحاد وجمهوريات سوفيتية سابقة وبالذات أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وأرمينيا وأذربيجان .
دعا تقرير إستراتيجي رسمي للجيش الألماني فى نوفمبر 2017 إلى إحداث تطوير نوعي غير مسبوق بآلياته وتسليحه لمواجهة سيناريوهات متوقعة سيكون أسوأها انهيار الاتحاد الأوروبي وتفكك دول أوروبا بصيغتها الراهنة ، وتفاقم حدة الأزمات مما سيتسبب بتغييرات جذرية في البنية الأمنية لألمانيا ودول أوروبا .
ويقول الخبراء الذين عكفوا على وضع التقرير إن أسوأ السيناريوهات الستة المحتملة، هو انهيار الاتحاد الأوروبى ، بعد أن يتم التخلي عن توسعة الاتحاد وخروج دول عدة من صفوفه وفقدان أوروبا لقدرتها التنافسية بمجالات عدة ، ومن السيناريوهات الأخرى التي توقعها التقرير سيناريو غرب أوروبا في مواجهة شرقها، وستواجه فيه برلين تجميد بعض دول شرق أوروبا لعملية اندماج الاتحاد، وتشكيل دول أخرى من شرق القارة تكتلاً خاصاً يجمعها ، وتوقع سيناريو آخر منافسة متعددة الأقطاب بوصول التطرف اليميني والقومي لذروته في الاتحاد الأوروبي خلال عقدين أو ثلاثة .
باتت ظاهرة صعود اليمين المتطرف في أوروبا وسيطرة الشعبوية على الخطاب السياسي مقلقة ومثيرة للخوف ، لما سيترتّب عليها من تأثيرات وانعكاسات على دول الاتحاد الأوروبى ، والأهم أنها تفتح الباب واسعاً بشأن انهيار وتفكيك الاتحاد الأوروبي ، لاسيما بعد تفاقم الخلافات والانقسامات يوماً بعد يوم بين الدول الأوروبية .
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-bEu