أئمة ألمساجد في فرنسا ـ قيود جديدة،من أجل محاربة ألتطرف
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “3”
أكد الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”فى 18 فبراير 2020 وفقا لـ”اندبندنت عربية” إنه سيفرض قيوداً على إيفاد دول أجنبية أئمة ومعلمين إلى فرنسا وذلك بهدف القضاء على ما وصفه بخطر “الشقاق”،و يقول الرئيس الفرنسي إنه سينهي بالتدريج نظاماً ترسل بموجبه بعض الدول خاصة تركيا أئمة إلى فرنسا للوعظ في مساجدها. وتابع إن إنهاء هذا النظام “في غاية الأهمية لكبح النفوذ الأجنبي والتأكد من احترام الجميع لقوانين الجمهورية”. وأضاف إن هذه الدول توفد (300 ) إمام إلى فرنسا سنوياً وسيكون عام 2020 آخر عام يستقبل مثل هذه الأعداد. ووأشارإلى أن حكومته طلبت من الهيئة التي تمثل الإسلام في فرنسا إيجاد سبل لتدريب الأئمة على الأراضي الفرنسية والتأكد من أنهم يستطيعون التحدث بالفرنسية ومن عدم نشرهم أفكاراً متشددة. وأوضح أنه توصل إلى اتفاق لإنهاء هذا النظام مع كل تلك الدول باستثناء تركيا.
أئمة التطرف فى فرنسا
قضت محكمة فرنسية بالسجن مدّة عامين على إمام مسجد وهو لاجئ سياسي من إيران، يبلغ من العمر 39 عام، لتزويده المهاجرين بقوارب مطاطية بهدف الوصول إلى بريطانيا وكان يتعاون مع مهرّبي بشر، وكان يتقاضى عمولاتٍ لقاء تأمينه قوارب ومستلزمات لعمليات التهريب، ومن خلال تعقّب المكالمات الهاتفية، حدّدت الشرطة هوية الإمام الإيراني، الذي كان يخطب في مسجد في “بيتيت كورون”، بالقرب من مدينة “روان” شمال غرب فرنسا، حيث عثّرت الشرطة في منزله على زورقين مطاطيين آخرين وثلاثة محركة ونحو (20) سترة نجاةوفقا لـ”يورونيوز” فى 4 يونيو 2019.
رحلت السلطات الفرنسية وفقا لـ”الشرق الأوسط” فى 21 أبريل 2018 إماما جزائريا كان يؤم المصلين في مسجد السنة الكبير الواقع بمدينة مرسيليا الواقعة في جنوب شرق البلاد بسبب خطاباته المتطرفة في المدينة التي يقطنها عدد كبير من المهاجرين والفرنسيين المسلمين. وسبق للسلطات الفرنسية وان اتهمت الإمام “عبد الهادي دودي” بنشر خطابات تحض على الكراهية والعنف. وكانت شرطة مرسيليا ترى فيه “مرجعا” للتطرف في فرنسا خصوصا على الانترنت وتشعر بالقلق ازاء نفوذه المتزايد. تدريب الأئمة و دعم المساجد ، تجربة المانيا، مراجعة نقدية
تدريب الأئمة فى فرنسا
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فى 19 يناير 2019 أنه يتطلع للتعاون مع الأزهر والتنسيق معه لتعزيز قيم المواطنة والتعايش والاستقرار في المجتمع الفرنسي ومواجهة التيارات المتشددة التي تستقطب الشباب المسلم في فرنسا وقا لـ”العربية” ، وإنه يرغب في أن “يتلقى جميع الأئمة والدعاة الفرنسيون تدريبهم في الأزهر الشريف، وأن يتلقى الطلاب الفرنسيون تعليمهم الديني في جامعة الأزهر، ليكونوا ضماناً للاستقرار ولاحترام قواعد المواطنة”. وأكد “أهمية استعادة العلاقات الثقافية بين الأزهر وفرنسا من خلال تبادل المنح والعلاقات الأكاديمية بين الجانبين”.
واقترحت الحكومة الفرنسية خططا لتدريب أئمة المسلمين في الجامعات، كجزء من الجهود المبذولة لتحسين الحوار مع أبناء الجالية المسلمة، في أعقاب الهجمات التي نفذها متطرفون متشددون وفقا لـ”BBC” فى 25 فبراير 2015 ،وكشفت وزارة الداخلية الفرنسية عن إن إدارة جديدة ممثلة ستؤسس لمساعدة زعماء المسلمين والسلطات الفرنسية على معالجة قضايا، مثل منع أبناء الجالية من تبني نهج متشدد، ومنع السلوك المناوئ للمسلمين.
التمويل الخارجى للمساجد
كشف كريستيان شينو من (إذاعة فرنسا الدولية) وجورج مالبرونو من (صحيفة لوفيغارو) وفقا لـ”العربية” قى 6 أبريل 2019 عن رسائل تثبت أن (5) ملايين يورو تم إرسالها إلى مسجد في مدينة “ليل” شمال فرنسا ومذكرة من المخابرات الفرنسية عن أموال قطرية مرسلة إلى(UOIF) من قبل قطر الخيرية، ويذكر أن التمويل العمومي لدور العبادة في فرنسا أمر محظور بموجب قانون 1905.وكانت قد أعلنت الحكومة الفرنسية فى يوليو 2016 وفقا لـ “فرانس24″ عزمها منع التمويل الأجنبي للمساجد والجمعيات الإسلامية في فرنسا، وإحداث مؤسسة فرنسية خاصة بذلك، وتم اقتراح أن يتم التمويل عن طريق مايسمى ” التمويل العفوي من قبل الجالية المسلمة ” كالتبرعات التي يمكن أن يقدمها الأفراد كما الشركات الخاصة. ووفقا لبعثة إطلاع مجلس الشيوخ حول الإسلام في فرنسا، تمثل تبرعات المسلمين للمساجد (80%) من مجمل تمويلها، كما تصل إلى ذروتها خلال شهر رمضان، التي قد تبلغ في بعض المساجد نحو مليون يورو. إستغلال بناء المساجد في أوروبا لأهداف سياسية
إجراءات لمنع التطرف داخل المساجد
قدم تقرير فرنسي مقترحات للتصدي للافكار السلفية المتطرفة عبر ارساء منظمة محايدة ومستقلة عمن يسيطرون على المساجد، لاقتطاع مبلغ قليل جدا من المال من كل عملية استهلاكية لاستثمار ما يتم جمعه في العمل الديني”.ويمكن لهذه المؤسسة خصوصا ان تدير “ضريبة حلال” وهي فكرة طرحت مرات عدة منذ تسيعنات القرن الماضي. وفقا لـ”فرانس”24 فى 10 سبتمبر 2019.
يتم اتخاذ إجراءات إغلاق المساجد والمراكز بموجب قانون الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب الذي سنته فرنسا في نوفمبر 2017. وقد أغلقت السلطات الفرنسية عدة مساجد في مناطق مختلفة من البلاد،و منذ دخول هذا التشريع حيز التنفيذ، أعلنت السلطات الفرنسية إغلاق (7) مساجد في عموم البلاد، بتهم “تبرير الإرهاب ونشر الكراهية أو التمييز”، وفيما يلى أبرز المساجد التى تم إغلاقها .
مركز الزهراء : أعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير وفقا لـ”سبوتنيك” فى 20مارس2019 اعتزام السلطات الفرنسية حل (4)جمعيات تروج بشكل متواصل لما يسمى “الجهاد المسلح”.، من بينهم مركز الزهراء وإغلاق قاعة الصلاة تابعة له.
مسجد الكوثر: تشير المعطيات فى منطقة “ إيزير” إلى أن (3) مساجد من أصل (60) مسجدا تثير اهتمام السلطات. وقد قرر رئيس المنطقة “ليونيل بيفر” في فبراير2019، إغلاق مسجد الكوثر في مدينة غرونوبل لمدة ستة أشهر أمام نحو (400) مسلم مصنفون ضمن الأكثر تشددا في المنطقة؛ تقدر السلطات عدد المتطرفين الذين يرتادون مسجد الكوثر بنحو 20 شخصاً تم اعتقال بعضهم والحكم عليهم بالدعاية للإرهاب فيما غادر بعضهم للجهاد بين عامي 2013 و 2014. وقد غادر إمام المسجد فرنسا عائدا إلى الجزائر؛ بلده الأصلي.
مسجد السنة السلفي: قرررئيس المنطقة الشمالية بفرنسا في أكتوبر2018 إغلاق مسجد السنة السلفي لمدة ستة أشهر ، بتهمة نشر التطرف الديني ومعاداة السامية. وقد أيدت المحكمة الإدارية قراري الإغلاق وفقا لـ”القدس اللندنى” فى 14 يونيو2019.
مسجد “ديزاند الصغير” : أغلقت السلطات الفرنسية المسجد في ضاحية باريس بسبب “خطب متطرفة” و”إشادة بالارهاب” فى 5 أكتوبر 2017، وأكدت السلطات مؤكدة أن بعض المصلين فيه في 2013 من الذين توجهوا إلى سوريا ودول أخرى لممارسة العمل الدعوي المتطرف، واتهموا وسجنوا بعد إدانتهم بالاشتراك مع آخرين بهدف الإعداد لأعمال إرهابية. إستقدام الأئمة، تجربة بريطانيا ، هل ساهمت فعلا في محاربة ألتطرف ؟
شباب تورطوا بالانضمام للتنظيمات المتطرفة
بدأت فى فرنسا محاكمة (4) أشخاص فى 4 يوليو 2018، وعلى رأسهم “فاروق بن عباس البلجيكي”، بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي الموجهة للأشخاص الأربعة، قائمة على قيامهم بإنشاء وإدارة موقع “أنصار الحق”، الذي نشر وروج خلال فترة نشاطه بين أعوام 2006 و2010، لمواقف وأفكار تنظيم القاعدة، ونشر رسائل وبيانات وصور وأفلام كان أعضاء التنظيم يرسلونها من مواقع القتال. وقام “فاروق” بنشر دليل عمل تحت عنوان “39 طريقة لخدمة الجهاد والمشاركة فيه”، تحدث فيه عما يسمى بالجهاد الإلكتروني، وتعتبر جمعيات ضحايا الاعتداءات الإرهابية أنه كان العنصر الأساسي في نشر أفكار التطرف في مرحلة مبكرة، وقبل ظهور تنظيم “داعش”. التقى “فاروق” برموز الجهادية الفرنسية ومنهم الأخان فابيان وجان ميشيل كلان اللذان أعلنا مسئولية تنظيم “داعش” عن اعتداءات 13 نوفمبر2015 في باريس.
المجلس الإسلامى فى فرنسا
وتم انتخاب “شمس الدين حفيظ “فى 11 يناير 2020 عميدا لمسجد باريس الكبير الذي يعد إحدى المكونات الأساسية في مجلس الديانة الإسلامية الفرنسي. وجاءت عملية انتخاب حفيظ للقيام بمهامه الجديدة بعد استقالة “دليل بوبكر” عميد المسجد السابق ويحمل عميد مسجد باريس الكبير الجنسيتين الفرنسية والجزائرية.
ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فى 7 يناير 2019 وفقا لت”مونت كارلو”مع قياديين في “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية” مواضيع تتعلق بتنظيم الإسلام الفرنسي. وتركز الخطة على خمسة مجالات تتعلق بأوضاع المسلمين في هيكلة الجمعيات الدينية لضمان استقلاليتها وتدريب الأئمة والجهات الدينية الفاعلة في فرنسا والنضال ضد خطاب الأصوليين والمتطرفين. يهدف المشروع بشكل خاص إلى “ضمان الشفافية والسيطرة الكاملة على مصادر تمويل دور العبادة من خلال إجبار الجمعيات “الثقافية” التي تموّل أكثر من (90٪ ) من مساجد فرنسا إلى التحول إلى “جمعيات دينية” الأمر الذي يقيّد حركتها بشكل أكبر” ويجعلها شفافة أمام القانون. الكشف عن التبرعات التي تتلقاها من الخارج وتتجاوز مبلغ (10) آلاف يورو.
الخلاصة
أدركت فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، أن الجماعات والمنظمات المتطرفة تستغل المساجد و مراكز تحفيظ القرآن ليست كدور عبادة ولكنها مراكز استقطاب لتجنيد الشبان في المنظمات الإرهابية عبر خطب التحريض والكراهية أو لتعزيز الهوية الإخوانية عند المواطنين الأوروبيين. وبالرغم من تبنى السلطات الفرنسية خططا لحماية المساجد من التطرف، واعتماد استراتيجيات واضحة ومتماسكة في مراقبة الأئمة واعتراف الاستخبارات الفرنسية أن هناك تغييرا عميقا في الأحياء التي أُغلقت فيها المساجد التى يديرها جماعات متطرفة ، لكن هناك اعترافا أيضا من السلطات الفرنسية بخروج الكثير من المساجد فى بعض نواحى فرنسا عن السيطرة.
تريد فرنسا من رعاياها المسلمين ومن الهيئات التي تمثلهم أن يكونوا رأس الحربة في دحض الفكر المتطرف والجهادي، وأن يدعوا إلى مفهوم ديني وسطى إلى عكس القراءة المتشددة التي تروج في عدد من المساجد وأماكن العبادة من خلال بعض الأئمة الممولين من الخارج لاسيما من تركيا التى تدعو لترويج الأفكار المتشددة في المجتمعات الأوروبية و توظيف هؤلاء الأئمة والخطباء بأوروبا في الأنشطة الاستخباراتية ، كذلك تورط الأئمة الأتراك فى أوروبا في فضائح تجسس لمصلحة تركيا، وإعداد وكتابة تقارير موجهة للحكومة التركية عن المعارضة التركية داخل أوروبا.
لذلك ينبغى اعتماد سلسلة من التدابير القانونية والإجرائية، من خلال قوانين صارمة تحظر التمويل الخارجي لأئمة المساجد، كذلك تبني خطة استراتيجية طويلة المدى ترتكز على الحوار مع المراكز الدينية. والاعتماد على أئمة مؤهلين ومدربين جيدا لمواجهة الأفكار المتشددة.
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=57992
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات