عوامل تنامي السلفية “الجهادية” في أوروبا
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
تعريف السلفية
السلفية وفق تعريف موسوعة المعرفة ومن منظورهم بأنها [ نهج إسلامي يدعو الى فهم الكتاب والسنة وسلف الأمة، وفي جانب السلفية ، يستهدف أيضا إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع وفق نظام شرعي] هذا وفق منظور السلفية “الجهادية”.
[وتعتقد السلفية بوجوب أفراد الله بالحكم والتشريع، وهو ما يعرف حديثا بالإسلام السياسي لتطبيق أحكام الشريعة ]، أما السلفية “الجهادية”فهي تقدم الجهاد بالدرجة الأولى وتربطه بالتوحيد بالله وتؤمن بأن”الجهاد فرض عين” على خلاف السلفية التقليدية الذي يأتي عندها بالدرجة الثانية.
لذلك، يمكن القول إننا أمام مصطلح واحد بدلالات متعددة، فإذا كان البعض يطرح السلفية على أنها إعادة إنتاج مقولات السلف حفاظاً على الأصول، تمتد ألسلفية تاريخيا إلى أحمد بن حنبل – 780 إلى 855 – ثم ابن تيمية 1263 ـ 1328 – حيث تعرضت الدولة الإسلامية للغزو من قبل المغول، وظلت تلك الفكرة متوارثة حتى محمد بن عبد الوهاب – 1720 ـ 1792.
ابرز الجماعات السلفية في أوروبا
أشارت صحف المانية إلى خشية ألمانيا من عودة “الجهاديين” الأوروبيين الذي خرجوا من دولهم للقتال في سوريا حيث قالت الصحيفة بأن وزير الداخلية الألماني “هانز بيتر”يريد من الاتحاد الأوروبي العمل على منع هؤلاء من العودة وأن ألمانيا تخشى من عودتهم حيث سيشكلون خلايا إرهابية محلية في الداخل الألماني.
وفي هذا السياق أصدرت وزارة الداخلية في ولاية هيسن الألمانية فى عام 2017أمرا بمنع نشاط جمعية المدينة الثقافية الإسلامية في مدينة كاسل وسط ألمانيا، بعد أربعة أشهر من القيام بمداهمة مقر المسجد التابع للجمعية ووجود أدلة على إلقاء خطب تحض على الكراهية فيه.
وقال وزير داخلية الولاية بيتر بويت: “بحظر هذه الجمعية حرمنا المشهد السلفي الجهادي من مؤسسة مركزية لنشر التطرف في مدينة كاسل.” كان إمام مسجد المدينة وهو عضو بمجلس إدارة الجمعية التي حظرت وإمام آخر يلقيان دائما خطبا سلفية متشددة، ودعيا علنا لقتل المخالفين دينيا ،وتوصل المحققون إلى أن العديد من رواد المسجد سافروا إلى سورية.
ويعد تنظيم الشريعة من أجل بلجيكا، تنظيماً سلفياً، يهدف عبر الإنترنت لتطبيق الشريعة في بلجيكا، ويشجع على حمل السلاح وتدريب أعضائه عليه، ويؤمِّن مقاتلين لجبهة النصرة في سورية، وللمجموعات المتطرفة الأخرى، ويخطط لارتكاب أعمال عنف داخل بلجيكا، و أعلن قبل 5 سنوات عن حل نفسه.
السلفية “الجهادية”، لا تقبل بغير حكم الشريعة كمعيار لفهم اختياراتها والحكم على توجهاتها السياسية.، يقول مسئولون أمنيون في فرنسا وألمانيا وبريطانيا إن التيار الأصولي المتشدد يعزز نفوذه بين المسلمين في هذه الدول الأوروبية، حيث يدعو إلى الفصل التام بين الجنسين ويمتدح «الجهاد».
ويقلق هذا التطور السلطات الأوروبية التي ترى في الأصولية إحدى تيارات إغراء الشبان الأوروبيين ودفعهم إلى التوجه إلى سورية والعراق للقتال في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، لكن الخبراء يشيرون إلى أن الغالبية الكبرى من «السلفيين» التقليدية، غير الجهادية مسالمة. ففي ألمانيا، قالت وزارة الداخلية فى عام 2017 إن هناك حالياً حوالي عشرة آلاف سلفي، أي ضعف عددهم المقدر قبل أربع سنوات .
أما في بريطانيا، فعدد «السلفيين» في ازدياد أيضاً، وهم يديرون سبعة في المائة من أصل 1740 مسجداً في المملكة المتحدة، وفقاً لمستشار الحكومة البريطانية في «مكافحة التطرف الإسلامي» محمود النقشبندي الذي أوضح أن عدد المتشددين يزداد، وخصوصاً بين الشبان، وأن ربع مسلمي بريطانيا الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة «يتقبلون الأفكار السلفية كلها أو أجزاء منها».
ومع أن شبكة «الإنترنت» تشكل حالياً المنصة الرئيسة لنشر الأفكار المتشددة، إلا أن ذلك يجري أيضاً في أمكنة أخرى، مثل المساجد حيث ينشط «السلفيون» في الترويج لمعتقداتهم. ويقول الخبراء إن «سلفيي» فرنسا يشنون حملة لتولي المساجد، فيرسلون إلى مسجد ما أحد رجالهم أولاً، ثم يبدءون توجيه انتقادات إلى إمامه لجذب ولاء مرتاديه، وعادة ما يقع المعتنقون الجدد للإسلام والشبان في شباكهم.
الحركات “الجهادية” والتبرعات
الحركات”الجهادية” لا تدعو اليوم إلى جمع التبرعات بصفة مباشرة، لكن الدعاية “الجهادية” الافتراضية تحث عليها ولا تخلو منها بطريقة مضمرة، فالهدف “المستور” من استعمال وسائل متنوعة، هو الرفع من حظوظ الحصول على تبرعات كبيرة، حيث تلعب الدعاية دورا غير مباشر لضمان دعم مالي مستمر، وذلك باستعراض قدرات وقوة التنظيم الجهادي بأمل التزكية والثقة فيه لتمويله.
ومن أكثر مظاهر “الجهادية المالية” سرية اليوم توجهها حاليا نحو الشبكة العنكبوتية السوداء، سواء لعرض قوتها العسكرية ووسائلها في التنظيم والتدبير والتسيير أو لنشر كراسات متخصصة في التخريب ونشر الفوضى، أو كذلك لدعوة أنصارها إلى المزيد من دعم هذه القدرات وتطويرها وفق قدراتهم الذاتية. إن طفرة الإنترنت كوسيلة للدفع وتحويل الأموال شجعت على ظهور تقنيات جديدة، لتعمد بعد ذلك إلى تحويل كل الأموال المحصلة أو جزء منها إلى الحركات الجهادية
تجنيد مقاتلين لغرض الالتحاق بتنظيم داعش وغيرها من الجماعات في سوريا والعراق
بعد موجة اللجوء الكبيرة التي شهدتها ألمانيا، فى عام 2015، أبدت هيئة حماية الدستور قلقها حيال المحاولات التي يقوم بها سلفيون وإسلاميون بين اللاجئين لاستقطاب معاونين جدد لهم، وقال رئيس الهيئة هانز-غيورغ ماسن “إن هناك حتى الآن أكثر من 340 حالة معروفة بالنسبة لنا”. وتابع المسئول الأمني الألماني “تلك فقط هي الحالات التي علمنا بها وربما هناك حالات أكثر”.
وشدد ماسن على أنه لا يتعين التركيز فقط على تنظيم “داعش” الذي من المحتمل أنه يرسل إلى أوروبا فرقا إرهابية، مثلما حدث في باريس وبروكسل، ولكن يمكن أن يكون هناك أيضاً جناة يعملون بصورة فردية ويميلون إلى التطرف فيتلقون مهاماً في هذه الخصوص. وتشير مجموعة سوفان – وهي منظمة بحثية مقرها في نيويورك إلى أن ما بين 27 ألفا و31 ألف شخص قد سافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” والجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة.
المشكلة إن “الجهادية ” حولت السلفية إلى آلية تنظيمية على الأرض أكثر تطرفا، ليخرج عن حقيقته ومنظوره ونصوصه الأصولية ألقائمة على نص القرآن الكريم والسلف ألصالح، لخدمة مصالح مصالح واهداف شخصية داخل الجماعات المتطرفة تتمحور حول الزعامة وجمع المال، اكثر من “الدعوة الى الاسلام” .
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-95m
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات