عوامل الجهاد والتطرف في أوروبا…إستغلال الدين!
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا وحدة الدراسات والتقارير “2”
حذرت أجهزة الإستخبارات الأوروبية من استغلال الدين كأداة ومحفز لاستقطاب الشباب وتجنيدهم ، كما يتم استخدامه كوسيلة سياسية لفرض تفسير معين للإسلام على الآخرين، وشددت على الحاجة الملحة لمواجهة الفكر المتطرف باعتباره الأساس الذي تبرز به هذه الجماعات أعمالهم ،يمثل المتطرفون العائدون من مناطق القتال في سوريا والعراق ، تهديدا أمنيا للدول الأوروبية لتظل تلك القضية هي الأولى على قائمة أجهزة الأمن الأوروبية.
أعداد الجهاديين الذين التحقوا من داخل أوروبا إلى القتال بصفوف تنظيم داعش
أفاد تقرير فى فبراير 2018 أن نحو (30%) من (5000) مقاتل إرهابي أوروبي ، أي نحو (1500)، عادوا إلى بلدانهم قادمين من سوريا والعراق وليبيا، وأن نحو (1000) فتاة قد توجهن من أوروبا للالتحاق بالجماعات المتطرفة، وخصوصا”داعش” في مناطق النزاعات، وأنهن سيعدن لا محالة إلى دولهن،وصرح “توماس رونارد” مسؤول متابعة الأبحاث في المعهد الملكي للعلاقات الدولية ببروكسل “إيغمونت”، هناك كثير من التحديّات وأمور لا نزال لا نعرف كيف ستتم معالجتها، مثل وضعية هؤلاء الأشخاص بعد عودتهم من سوريا، هل سيدخلون السجون أم لا؟ وكيف سيتم التعامل معهم؟.
استغلال الدين لاستقطاب وتجنيد الشباب
كشف تقرير بريطانى فى مارس 2018 عن ما وصفه بـ”الدليل” المعتمد من قبل تنظيم “داعش” لتبرير قطع رؤوس ضحاياه،وأوضح أن “الكتاب الذي يضفي الشرعية على وحشية تنظيم “داعش” ألفه مرجع التنظيم أبو عبد الله المهاجر”، ويحمل اسم “فقه الدماء”، ويعتبر المرجع الأول للمتطرفين، إذ يبيح لهم حمل السلاح واقتراف المجازر، وقتل المدنيين، والسبي والاختطاف والتنكيل بالجثث، والمتاجرة بالأعضاء، وقطع الرؤوس وقتل الأطفال، فضلا عن “استراتيجية الأرض المحروقة” والعمليات الإرهابية في مختلف دول العالم.
وأشار التقرير إلى أن خبراء من منظمة مكافحة التطرف “كويلام” البريطانية، عكفوا على تحليل الكتاب لمدة عامين، وأعدوا تقييما منهجيا دقيقا عنه، وتوصلوا إلى إيضاح مفاده أن الكتاب يحرف تعاليم الدين الإسلامي، ويعطي الغطاء الشرعي لأعمال التنظيم الإجرامية، وقال صالح الأنصاري كبير الباحثين في المنظمة، إن “الكتاب يحرف معنى الجهادفي الإسلام ويستغل فهمه الخاطئ لإضفاء الشرعية على الأعمال الإرهابية”.
توصلت دراسة ألمانية فى يوليو 2017 إلى أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلامية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي، و اعتمد الباحثون من جامعتي اوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة، وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين في شؤون الدين الإسلامي، بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.
وذكر ميشائيل كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة اوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون “إسلاماً خاصاً” بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي، وأضاف كيفر أن (12) من هؤلاء الشباب، من عمر يتراوح بين 15 و35 سنة، يعتبرون معظم المسلمين أعداء لأنهم لا ينسجمون مع آرائهم المتطرفة، وقال كيفر إنه يمكن في هذه الحالة الحديث عن “تطرف متأسلم” وليس عن “إسلام متطرف”.
أوضح تقريرعن مرصد فتاوى التكفير التابع لدار لإفتاء المصرية جملة من الأخطاء المنهجية التي وقعت فيها التنظيمات الإرهابية عند تفسيرها لآيات الجهاد في القرآن مفهوماً وممارسة ومنها:
- الخلل في تضييق مفهوم الجهاد، بقصر الجهاد على القتال، ثم اختزاله في القتل المحض، وقطع الرقاب، مع ادعاء أن هذا التشويه هو الجهاد الذي شرعه الله.
- تشغيل منظومة الجهاد وتفعيلها، وذلك من خلال عدة أخطاء، منها أنهم ليس لديهم أدنى فهم في فقه النتائج والمآلات، وليس لديهم فقه في الموازنة بين المصالح والمفاسد.
- إجراء الأحكام على غير محلها وموضعها، ومن ذلك أيضاً، الخلل في إسقاط أحكام التبييت، إذ يحملونه ظلماً وعدواناً على استهداف غير المسلمين ولو كانوا مسالمين آمنين، أو أطفالاً ونساءً.
- وجود عدد من الآيات القرآنية التي يتم تحريفها عن سياقها وتأويلها غير ما تحتمل لتبرير عدد من السلوكيات المنحرفة عن صحيح الدين، ومن أبرز تلك الآيات قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }. (التوبة: 5)
ويقول ” بيرنارد فريمون ” المتخصص في التاريخ التشريعي الإسلامي استنادا إلى مرتكزات فقهية معينة، أن على عناصر داعش واجب شرعي للاستعباد والقتل في سياق “الجهاد” ضد الأعداء، وأضاف إن هذا الرأي خاطئ تماما، وهو يعبر عن وجهة نظر منافقة وغير علمية بشكل واضح ،كما أن هذه الممارسات تشكل صدمة فكرية مرفوضة لدى المسلمين حول العالم، بل إنها تعتبر جريمة وفق الأصول الشرعية الإسلامية الأساسية، وأعني بذلك القرآن الكريم.
وتشير دراسات ميدانية قام بها باحثون في السوسيولوجيا بجامعة أمستردام الهولندية فى يناير 2015 إلى أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة في هولندا تقوم بحسابات دقيقة في تحديد طبيعة تحركاتها واستغلال كافة الوسائل لتجنيد واستقطاب الشباب ، وأن تلك المنظمات المتطرفة لم تفتح المجال أمام الجاليات المسلمة للتعرف على حقيقة الشريعة الإسلامية المنفتحة، ولكنها احتكرت الحديث باسم الدين لتصور الإسلام كما تريده وتقدمه للشباب المغترب، فيعتقد أن أصوله الدينية هي تلك الصور التي يستهلكها وفي حقيقة الأمر، فإن المسألة مختلفة تماما.
لقاء مع شاب تحول الى التطرف
أجرت DW حوارامع ” أبو إياد”، واحد من العائدين من القتال مع جبهة النصرة في سوريا، عن بداية هجرته إلى جبهات الموت بسوريا، ويقول إن سبب اتخاذه لقرار السفر والقتال في صفوف جبهة النصرة، كان محض ديني “من باب السعي وراء مساعدة المستضعفين”، ويضيف “لكن هذا السبب تبين لي فيما بعد أنه تبرير لتجار الموت وسماسرته من الدعاة والفقهاء المتطرفين وعباد هياكل الوهم، الذين يحثون الشباب والرجال على الالتحاق ببؤر الموت والخراب”.
وأكد “أبو اياد” على سهولة طريق سفرهم إلى مناطق الصراعات فى سوريا والعراق ، حيث “يسافر أغلب الملتحقين بالفصائل الإرهابية، إلى تركيا بتأشيرة سياحية عادية، ومن هناك يعبرون الحدود السورية، ويجدون أنفسهم بين قوافل الموت والقتل”،وأكد “أبو إياد” أنه “لو خيرت لما فعلت ما فعلته.. ولكانت حياتي غير ما هي عليه اليوم.. أريد ان استفيد من تجربتي في الحياة.. وأريد ألا أعيد نفس التجربة التي أضعت وخسرت فيها الكثير”
اتخذت الحكومات الأوروبية عدة تدابير وإجراءات لمواجهة استغلال الدين لنشر الفكر المتطرف واستقطاب وتجنيد الشباب الى التنظيمالت المتطرفة ، كتوعية الشباب بهذه التنظيمات المتطرفة ، كذلك تفنيد أفعال المتطرفين وتعريتها من مشروعيتها، وإثبات أنها تخالف الشريعة الإسلامية ، ومواجهة هذه الجماعات خاصة الإخوان، لتفنيد أفكارهم من أجل الكشف عن معتقداتهم الحقيقية وكيفية تصويرهم للمجتمع والدين.
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-bYl