المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات-ألمانيا و هولندا
إعداد: وحدة الدراسات و التقارير “8”
الإستخبارات .. تنامي أنشطة التجسس داخل الاتحاد الأوروبي
تحولت دول أوروبا الى ساحة ساخنة الى اجهزة الإستخبارات الدولية، في اعقاب الخلافات مابين ضفتي الاطلسي، وخلافات موسكو مع دول أوروبا، وكذلك التنافس مابين واشنطن وبكين من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في أوروبا. الحرب الباردة والعولمة هي الاخرى مازالت تلقي بظلالها في العلاقات الدولية ، خاصة في مجال شن حروب سيبرانية .
الاستخبارات الروسية.. تجسس تقليدي
نفذت مجموعة جواسيس روسية، تتكون من عشرة عناصر، تنتمي الى وحدة نحبوية في المخابرات العسكرية الروسية، عمليات استخباراتية داخل أوروبا، بضمنها محاولة تسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال، وكانت قد إتخذت منطقة جبال الألب الفرنسية قاعدة لتنفيذ عملياتها، وفقا الى تقرير اذاعة مونت كارلو الدولية في 04 ديسمبر 2019 . وقالت صحيفة لوموند اليوميةان التحقيق الذي اجرته المخابرات البريطانية والسويسرية والفرنسية والامريكية كشف عن 15 عضوا من وحدة 29155 التابعة الى الاستخبارات العسكرية الروسية، والتي كانت تتحرك داخل أوروبا مابين عام 2014 و 2018.
كشف مسؤولون أمنيون غربيون عن وجود وحدة سرية روسية تم تأسيسها خصيصاً بهدف زعزعة استقرار أوروبا، من خلال تنفيذ اغتيالات وعمليات خاصة.ونقل تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن المسؤولين قولهم إن هذه الوحدة، تابعة لنظام الاستخبارات الروسي وهي معروفة باسم ”الوحدة 29155”. وأضاف المسؤولون أن الوحدة تعمل منذ عشر سنوات على الأقل، لكنهم لم يكتشفوها إلا مؤخراً. ووفقاً للتقرير فقد نفذت الوحدة العديد من العمليات التخريبية في مختلف أنحاء أوروبا، مشيرين إلى أن أشهر هذه العمليات هي الانقلاب الفاشل في الجبل الأسود، ومحاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال، و ذلك وفق ما نشره موقع “صحيفة الشرق الأوسط” في 09 اكتوبر 2019. الإستخبارات الروسية، إتهامات بشن حروب هجينة، وقرصنة ضد ألمانيا
يرى خبراء غربيون أن الاستخبارات الروسية تتبع “استراتيجية إرباك” واسعة ضد الديموقراطيات الغربية، تشمل التدخل في الانتخابات ودعم الاتجاهات الشعبوية في الغرب واستهداف الوكالات الدولية ونشر الأخبار الكاذبة. ميركل انتقدت بلغة واضحة “تحريف الحقائق” و”الحرب الهجينة” التي وضعها بوتين في قلب علاقته مع الغرب عموماً وألمانيا تحديداً…ميركل وصفت عملية القرصنة بـ”المشينة”، وأكدت أنها تملك “أدلة دامغة” بتورط الأجهزة الروسية في عمليات تجسس طالتها شخصياً. “بصراحة، يمكنني القول إن هذا يؤلمني، في كل مرة، أحاول أن أبني فيها علاقة أفضل مع روسيا، هناك، في الجانب الآخر، أدلة دامغة بأن القوات الروسية تتورط في مثل هذه الأعمال، حسب ما ذكره موقع “دوتشه فيلله” في 18 ابريل 2020.
الاستخبارات التركية.. التجسس على مسؤولين أوروبيين و معارضي أردوغان
قال ثلاثة مسؤولين أمنيين كبار في الغرب إن من المعتقد أن هجمات واسعة عبر الإنترنت استهدفت حكومات ومؤسسات أخرى في أوروبا والشرق الأوسط من تنفيذ متسللين يعملون لصالح الحكومة التركية. وتضمنت الهجمات اعتراض تدفقات البيانات على مواقع الجهات المستهدفة مما مكن المتسللين على الأرجح من الدخول بشكل غير مشروع لشبكات جهات حكومية ومؤسسات أخرى. ويقول مسؤولان بريطانيان وثالث أمريكي إن تلك الأنشطة تحمل بصمات عملية تجسس إلكتروني مدعومة من دولة وتم تنفيذها لدعم المصالح التركية… ووفقا لسجلات الإنترنت العامة التي اطلعت عليها رويترز، فقد وقعت الهجمات الإلكترونية على قبرص واليونان والعراق في أواخر عام 2018 وأوائل عام 2019، وفق ما نشره موقع “إذاعة مونتي كارلو الدولية” في 07 يناير 2020.
وقالت الحكومة القبرصية في بيان إن “المؤسسات المتخصصة على علم بهذه الهجمات وتعمل على احتوائها”، مضيفة “لن نعلق على التفاصيل لأسباب تتعلق بالأمن القومي”.وقال المسؤولون الثلاثة ومسؤولان آخران في المخابرات الأميركية إنه على الرغم من أن هذا النوع من الهجمات التي تنفذ عن طريق التلاعب بنظام تعريف اسم نطاق الإنترنت (دي.إن.إس) شائع على مستوى أصغر إلا أن حجم تلك الهجمات أثار قلق أجهزة المخابرات الغربية. ووفقا لسجلات الإنترنت العامة، استهدفت الهجمات أيضا المخابرات الألبانية ومنظمات مدنية داخل تركيا، و هذا ما نشره موقع “سكاي نيوز عربية” في 27 يناير 2020.
و أكدت الأجهزة الألمانية أن تركيا تتجسس على أعضاء البرلمان (البوندستاج) وتجمع عنهم المعلومات، كما تصل قائمة الكيانات التي تخترقها تركيا إلى أكثر من 300 شخص أبرزهم من معارضي حكومة أردوغان إلى جانب 200 مؤسسة ومدرسة ومعهد تعليمي ونادي، وفي هذا الصدد قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايزيير إن ما تمارسه أنقرة في بلادنا أمر غير مقبول بغض النظر عما تحمله من انتقادات لحركة غولن، وترافقت هذه الاتهامات مع استعداد تصويت مواطني تركيا في ألمانيا في الاستفتاء الدستوري بأبريل 2017 على تعديل الدستور.ونتيجة لهذه الادعاءات ناقش البرلمان مع وكالة الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية (BKA)مدى خطورة الأنشطة التركية، فيما بدأ المدعون الاتحاديون الألمان في يوليو 2017 تحقيقا أوليا في أنشطة التجسس المزعومة لتركيا، وفق موقع “دوتشه فيلله”. المعارضة الكردية في أوروبا، صداع مزمن للإستخبارات التركية !
وقد كشفت وثائق تحمل علامة “سرية” حصلت عليها “Nordic Monitor” و نشرتها في 09 مايو 2020 ، عن أنشطة المراقبة غير القانونية وجمع المعلومات والرصد التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات التركية في أوروبا والأمريكتين وأفريقيا وآسيا الوسطى. وفقاً للوثائق السرية، تدير تركيا عمليات استخباراتية للتجسس على منتقدي حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان الإسلامية في أكثر من اثنتي عشرة دولة في جميع أنحاء العالم. وقد أعدت الوثائق وكالة حكومية سرية أنشئت في عام 2016 بتوجيه خاص من الرئيس أردوغان وتعمل تحت مظلة المديرية العامة للأمن. ويشير استعراض للوثائق إلى أن الجواسيس الأتراك يجمعون بنشاط المعلومات الاستخبارية في البلدان التالية: الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وبلجيكا، وإيطاليا، وهولندا، واليونان، والنرويج، ورومانيا، والبرازيل، وأنغولا، وجنوب أفريقيا، ومصر، والعراق، وأوزبكستان، وباكستان، وقيرغيزستان.
الاستخبارات الإيرانية.. التجسس بالوكالة و تجنيد عملاء
أعلن الاتحاد الأوروبي، في 9 يناير 2019، عن إدراج إدارة الأمن الداخلي التابعة للاستخبارات الإيرانية على قائمة الإرهاب الخاصة به، وذلك كرد فعل على تمدد شبكات التجسس الإيرانية في أوروبا وإحباط العديد من دول الاتحاد لهجمات على أراضيها، وهو ما يتوازى مع إشارة بعض هذه الدول إلى تحركات لعناصر إيرانية بغطاء دبلوماسي وشخصيات غير إيرانية تعمل لحساب الحرس الثوري بهدف تنفيذ مخططات عديدة لصالحه. ويبدو أن العديد من دول الاتحاد الاوروبي أصبحت بصدد إجراء مراجعة لمواقفها بسبب تلك التحركات الإيرانية التي تمثل تهديدًا أمنيًا لها، وهو ما لا يمكن فصله عن حرص واشنطن على ممارسة ضغوط من أجل اتخاذ موقف مماثل بالانسحاب من الاتفاق، حسب تقرير نشره موقع Future Centre for Advanced Research and Studies في 29 يناير 2019. الإستخبارات الإيرانية، كيف سيكون ردها الأفتراضي لمواجهة العقوبات الأمريكية ؟
وأدانت سابقا محكمة في الدنمارك مواطنا نرويجيا بالتجسس لصالح جهاز مخابرات إيراني وبالتواطؤ في مؤامرة لاغتيال شخصية معارضة من عرب إيران في الدنمارك.وأُلقي القبض على النرويجي، وعمره 40 عاما وهو من أصل إيراني، في أكتوبر 2018 في عملية كبرى نفذتها الشرطة وأغلقت خلالها البلاد حدودها الدولية. ولم تفصح المحكمة عن اسم الرجل. وقالت محكمة روسكيلد الجزئية في بيان إن المتهم النرويجي راقب لعدة أيام في شهر سبتمبر من ذلك العام منزل معارض إيراني مقيم في الدنمارك والتقط صورا للمنزل وللشوارع والطرق المحيطة به.وأضافت “خلصت المحكمة إلى حدوث جمع للمعلومات وإرسالها لشخص يعمل لصالح جهاز مخابرات إيراني ليستخدمها ذلك الجهاز في التخطيط لقتل المعارض المنفي” ، حسب ما نشره موقع “الحرة” في 26 يونيو 2020.
وقالت لجنة حماية الصحافيين الدولية إن رئيس وكالة أنباء إيسنا شبه الرسمية الإيرانية، علي متّقيان، أدين بتهمة نشر مقال لدبلوماسي إيراني سابق انتقد عمليات اغتيال وتفجير قامت بها المخابرات الإيرانية في أوروبا. وجاءت المحاكمة بعد شكوى قدمها جهاز استخبارات الحرس الثوري بعد أن نشرت “إيسنا” مقابلة موسعة في يناير 2019 مع علي ماجدي، سفير إيران السابق في ألمانيا، والذي انتقد خلالها عمليات اغتيال وتفجير وتجسس قامت بها المخابرات الإيرانية في أوروبا، حسب ما نشره موقع “العربية نت” في 05 يونيو 2020.
الخلاصة
تشهد دول الاتحاد الأوروبي، أنشطة الى عدد من أجهزة الإستخبارات الدولية، وقد تحولت مؤخرا الى ساحة إستقطاب الى أجهزة إستخبارات دولية، وهذا ما يعتبر تهديدا مباشرا الى الامن القومي لدول الاتحاد. من الملاحظ أن التساهل الأوروبي في مسائل احترام حقوق الانسان و مسألة اللجوء غير المدروسة-ربما- بما فيه الكفاية ، كل ذلك فتح الباب أمام الاستخبارات الأجنبية للتجسس على مواطني الأقليات و المعارضين الأجانب على التراب الأوروبي من جهة، و كذلك التجسس على المسؤولين الأوروبيين و محاولة اختراق الأجهزة الاستخباراتية الأوروبية خدمة لمصالح معينة تكون “ضيقة” أحيانا.
لذا فإن الاتحاد الأوروبي ملزم بأن يكثف جهوده السياسية و الأمنية في سبيل حماية الأمن الاقليمي الأوروبي و الأمن القومي لكل دولة أوروبية من خلال تقوية المؤسسات السياسية و القانونية و التحيين الدوري لأجهزة الاستخبارات بما يرافق التطورات و التغيرات في التهديدات الأمنية و عمليات التجسس الاجنبي.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=70101
الهوامش
Turkish intelligence’s vast network of surveillance in Europe, Americas, Africa, Asia exposed in secret files
Report: German politicians under surveillance by Turkish intelligence
تقرير يكشف: تركيا متورطة في هجمات إلكترونية بغرض التجسس
تقارير عن تجسس إلكتروني تركي واسع النطاق استهدف حكومات في أوروبا والشرق الأوسط
إدانة نرويجي في الدنمارك بالتجسس لصالح إيران ومحاولة اغتيال معارض
إيران تحاكم رئيس وكالة إيسنا لمقال عن اغتيالاتها بأوروبا
سجن مترجم سابق في الجيش الألماني بتهمة التجسس لحساب إيران مقابل 37 ألف دولار
الكشف عن وحدة سرية روسية نفذت عمليات تخريبية في أنحاء أوروبا
ميركل تُهدد بوتين ـ خفايا حرب التجسس الروسية على ألمانيا
جواسيس روس استخدموا منطقة الألب الفرنسية قاعدة خلفية لهم حسب مخابرات غربية
تأثير شبكات التجسس على العلاقات الأوروبية- الإيرانية
القضاء السويدي يفضح تجسس إيراني على لاجئين
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات