المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “2”
يسعى تنظيم داعش للعودة مجددا من خلال الاعتماد على بعض الإستراتيجيات والتكتيكات الجديدة. عبر لتعزيز قدراته القتالية واستقطاب مقاتلين جدد ـ استراتيجية “التجنيد المتعدد”ـ ويواصل التنظيم حث مقاتليه وأنصاره على تنفيذ هجمات إرهابية بطرق غير تقليدية. ومن بين إستراتيجيات التنظيم، والتي تهدف إثبات استمراريته وتواجده استراتيجية”البقاء والتمدد” كذلك”التلاشي والسكون”.
استراتيجية البقاء والتمدد
تعتبر استراتيجية “البقاء والتمدد” التي ينتهجها التنظيم ليست استراتيجية عشوائية، ولا هي آلية عملياتية تقليدية لبسط النفوذ والسيطرة على بعض المدن المناطق الحضرية دفعة واحدة، بل هي خطة طويلة الأمد لاسمراريته. وتؤمن له الوصول إلى أهدافه المحددة. فجزء كبير من هذه الاستراتيجية يقوم على تقسيم المناطق “المُختارة” أو التي من المتوقع السيطرة عليها خلال (3-5 ) سنوات ومن ثم البدء بالسيطرة على أجزاء منها فقط “المناطق الأكثر رخوة أو موالية للتنظيم”، وبعد السيطرة على هذه الأجزاء يشرع التنظيم بربطها إدارياً أو جغرافياً بمناطق مدن أخرى تمت السيطرة عليها سلفاً أو سيتم السيطرة عليها في أوقات متقاربة، وفي المحصلة سيتم تشكيل وحدة “جغرافية وعملياتية” واحدة .
استراتيجية “التلاشي والسكون” و”التجنيد االمتعدد”
تعد تكتيكات “السكون والتلاشي” التي يتبعها تنظيم داعش لاسيما عندما يتم تشديد الإجراءات الأمنية بين الحين والأخر، أحد الاستراتيجيات الهامة التي ساهمت في بقاء التنظيم بعيدا عن أنظار الأجهزة الأمنية. وعلى الرغم من تقلص الدعايا الإعلامية (نوعاً وكماً) ومحدودية انتشاره مقارنة بالسابق إلا أن الخطاب الإعلامي للتنظيم لا يزال يحظى بمقبولية كبيرة. فبعد اعتماد التنظيم على عمليات”التجنيد الحذر” أو” الاستقطاب النخبوي” على الإنترنت خوفاً من التفكك أو الاختراق، ركز التنظيم على توسيع نطاق عمليات التجنيد معتمداً على “التجنيد المتعدد” والذي أدى الى حدوث طفرة عددية في حجم مقاتليه . داعش ـ الهيكل التنظيمي: مجلس الشورى واللجنة المفوضة
استراتيجيات غير عادية لأغراض تقليدية
أشارت دراسة لـ”washingtoninstitute” في 22 فبراير 2022 إلى استراتيجية تنظيم “داعش” وتكتيكاته وعملياته من خلال عدة دراسات، بما في ذلك “الولايات” البعيدة. وقد اتّصف التنظيم بدرجة عالية من الابتكار، باستخدامه تكتيكات غير عادية لأغراض تقليدية، واستعانته بفرق العمليات الخاصة، واحتفاظه بالقدرة على إدارة الإمكانيات بمهارة. بالإضافة إلى ذلك، أنشأ تنظيم “داعش” هيكلية تقليدية على مستوى الوحدات ، مستعيناً بمستشارين دينيين لتعليمهم المهمة الأوسع نطاقاً المتمثلة في تغيير المجتمع إيديولوجياً. وبالفعل، أصبح تنظيم “داعش” أحد أكبر الجيوش الإيديولوجية التي شهدها العالم منذ مدة طويلة. واتخذت في الواقع نسبة (80%) تقريباً من تدريبات المجندين الجدد شكل تلقين ديني.
استراتيجيات لتعزيز القدرات القتالية
لم تكتف الإستراتيجية الجديدة لـ”داعش” بإعطاء دفعة جديدة لفرعها من “خراسان” الذي يشن هجمات في أفغانستان ما بعد أمريكا ضد طالبان ، ولكن أيضًا فتحت جبهة جديدة ضد أنظمة في آسيا الوسطى. وبالفعل ، كشف تحليل أنشطة (SKP ) أن تعيين “أبو الحسن القريشي” خليفة وإطلاق حملة جديدة “غزوة الثأر للشيخين” عززت القدرة القتالية لمقاتلي داعش الأوزبكيين والطاجيكيين، حيث بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين آلات الدعاية لداعش المركزية .
استراتيجية الجهاد المحلي
يبدو أن الجماعات المتطرفة ـ تنظيم داعش ـ في الشرق الأوسط، ستحاول تقليد نموذج طالبان، في تغيير استراتيجيتها لما بات يعرف بـ “الجهاد المحلي”، في محاولة منها للهروب من الملاحقة الدولية الغربية، بحسب تحليل نشرته مجلة “foreignpolicy” في 21 سبتمبر 2021.وأضاف التحليل أن حركة طالبان “استطاعت تقديم مثالا سياسيا لمحاكاة” استمرار وجود مثل هذه الجماعات مقابل عدم التركيز عليها وجعلها تحت الأضواء ومحاربتها عالميا، وهم على أمل بنجاح مهمتهم من خلال التصالح مع واشنطن في فترات لاحقة وإبرام صفقات مماثلة لطالبان مع الإدارة الأميركية. لكن خبراء يرون أن هذه الاستراتيحية قد لا تكون قابلة للتطبيق لأن الجماعات المتطرفة تحكمها ارتباطاتها مع الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، سواء كان من خلال الانتماء والمبايعة بشكل مباشر أم من خلال التعاطف العام، وفي كلتا الحالتين من المستحيل الفصل بينهما.
استراتيجية الملاذات الأمنة
كانت ولا تزال الصحراء الغربية ملاذاً مهماً للتنظيم، وإن غالبية مقاتلي داعش قد لجأوا إلى “حوض حمرين”. كانت المنطقة واحدة من أكبر وأخطر معاقل الجماعات المتطرِّفة منذ عقود. وتوفِّر وعورة الحوض وتنوُّع تضاريسه شبكةً من الممرات الآمنة التي تخترق سلسلةً من الوديان والتلال. ومن خلالها اعتمد التنظيم إلى حدٍّ كبير تكتيكات حرب العصابات. وفي حين أن عجز التنظيم في الموارد البشرية والمالية قد استلزم هذه الاستراتيجية، يشير القادة إلى أنها طريقة فعالة لـ”استنزاف”، فضلاً عن إثبات وجود مقاتلي داعش. وتم اكتشاف مخابئ- كهوف وأنفاق منتشرة حول وديان الحوض- لكن “معظمها كان مهجوراً لفترة طويلة” وفقا لـ” Middle East Eye ” في 7 فبراير 2022. داعش يُعيد تنظيمه من جديد داخل مخيمات شمال سوريا .. بقلم اكرام زيادة
استراتيجية الكر والفر
تقول ” بل ترو ” مراسلة الإندبندنت في الشرق الأوسط، لا توجد فكرة مؤكدة عن أعداد عناصر التنظيم و”على الرغم من أن المدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب “فلاديمير فورونكوف” أخبر مجلس الأمن الدولي أن هناك ما يصل إلى (10000) عضو نشط في العراق وسوريا يواصلون شن الهجمات بمعدل ثابت، بما في ذلك عمليات الكر والفر والكمائن والقنابل المزروعة على جوانب الطرق في كلا البلدين”. وتكمل:”يقول الخبراء إن ما لا يقل عن (1000) من أعضاء داعش المتفرغين يعملون في شمال سوريا، والمزيد ما زالوا رهن الاعتقال. وقد أصبحت هذه مشكلة كبيرة وفقا ل”BBC” في 24 فبراير 2022.
تنظيم داعش و الطائرات بدون طيار
أكد العديد من الخبراء أن الطائرات بدون طيار “الدرونز” الصغيرة الزهيدة الثمن باتت تشكل تهديدا عسكريا جديدا يثير قلق الجيش الأميركي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”. في 6 يناير 2022فقد زود تنظيم داعش، الطائرات بدون طيار بالمتفجرات لمهاجمة المركبات المدرعة باهظة الثمن والمنشآت العسكرية، وكذلك مصافي النفط والموانئ والمطارات المدنية. وغالبًا ما يتم شراء الطائرات بدون طيار عبر الإنترنت أو تجميعها من الأجزاء المشتراة عبر الإنترنت، لتكون بديلا فعالا ورخيصا في شن العديد من الهجمات. البناء الهيكلي للمنظومة العسكرية لتنظيم داعش. بقلم مازن خالد
خلايا داعش النائمة
هاجمت “خلايا نائمة” لتنظيم “داعش” سجن بمحافظة الحسكة السورية، واشتبكوا مع عناصر الحراسة، ما نتج عن فرار عدد من المساجين، بحسب قوات سوريا الديمقراطية وبحسب وكالة فرانس برس، ألقى بيان باللوم على “خلايا داعش النائمة التي تسللت من الأحياء المجاورة، واشتبكت مع قوى الأمن الداخلي”. وفقا لـ”BBC” في 20 يناير 2022. وكان قد تمّ إلقاء القبض على (125) عنصراً من عناصر خلايا داعش النائمة، (20) منهم مسؤولون عن الخلايا والاغتيالات التي حدثت في المخيم”. وتم إحصاء أكثر من (47) عملية قتل داخل المخيم منذ 2021″. وفقا لـفرانس24″ في 2 أبريل 2021.
التقييم
يميل تنظيم داعش لابتكار تكتيكات جديدة لاسيما عند الضغوطات الأمنية عليه. وساهمت تلك الاستراتيجيات في تواجد التنظيم واستمراريته. فتعد استراتيجية البقاء والتمدد مخطط يسير عليه تنظيم داعش التنظيم لضمان استمراريته وللحفاظ على ماتبقى من مكاسبه. ويتطلع التنظيم إلى تعبئة الموارد التي مازالت متاحة لهم لتعزيز قدراته القتالية واستقطاب مقاتلين جدد.
لايزال التنظيم قادرا على القيام بهجمات إرهابية عبر خلاياه النائمة في سوريا والعراق وتعزيز التنسيق بين الآلات الدعائية لداعش. وبالنظر إلى هجمات التنظيم نجد أنه دائما ما يخطط لشن هجمات على الأهداف العسكرية وعلى السجون لتحرير مقاتليه. هناك صعوبات كبيرة لسيطرة التنظيم على المدن في سوريا والعراق لذلك يتخذ التنظيم من الأراضي الصحراوية ملاذات أمنة له.
نجد أن تنظيم داعش يلجأ إلى محاكاة نظام “طالبان” في محاولة منها للهروب من الملاحقة الدولية ، على أمل نجاح مهمتهم من خلال التصالح مع واشنطن في فترات لاحقة وإبرام صفقات مماثلة لطالبان مع الإدارة الأميركية.
من المرجح أن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش لن ينته بعد. ولمواجهة المرونة التكتيكية لداعش يجب ابتكار استراتيجيات أمنية جديدة طويلة الأجل لمواجهة تلك التحديات ولضمان إنهاء احتمالية حدوث المزيد من التهديدات الإرهابية على المستوى الدولي والإقليمي.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=82386
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات
الهوامش
“داعش” يهاجم سجنًا في سوريا وفرار عدد من الجهاديين
https://bit.ly/3Nj1txN
استهداف تنظيم «الدولة الإسلامية»: التهديدات العسكرية الجهادية والرد الأمريكي
https://bit.ly/3zgfGaS
Iraqi forces chase shadows in the hunt for Islamic State
https://bit.ly/3NV7Wz5
The Middle East’s Jihadis Are Copying the Taliban Model
https://bit.ly/3NOeShi
The Future of the Islamic State in Iraq and Syria after the Killing of its Latest Caliph
https://bit.ly/3Q1cupt
New ISIS Strategy and the Resurgence of Islamic State Khorasan
https://bit.ly/3NR2Nrz
“باقٍ ويتمدد”.. كيف تحول شعار “داعش” إلى استراتيجية ناجحة في مواجهة المخابرات العراقية؟
https://bit.ly/3mcUw5A
سوريا: تنظيم الدولة يهاجم سجنا تحت سيطرة كردية لتحرير مسلحيه
https://bbc.in/3tf2miS
أكراد سوريا يعتقلون 125 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية في مخيم الهول
https://bit.ly/3Mg54vd
تنظيم الدولة الإسلامية: “عودة داعش تنشر الخوف في سوريا حيث يعيد العنف الجديد فتح الجراح القديمة”- في الإندبندنت
https://bbc.in/3tdjLIV
The Military’s New Challenge: Defeating Cheap Hobbyist Drones
https://on.wsj.com/3NR3UaW