إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
وحدة الدراسات والتقارير “1”
مازالت الفوضى تلقي بظلالها على المشهد الليبي، حيث تفرض الميليشيات المسلحة نفوذها وتحول دون بناء دولة مستقرة بعد مرور سنوات على سقوط نظام معمر القذافي في اكتوبر 2011. والتناقضات في المشهد الليبي المتقلب، ان يصبح “ثوار” الامس الذين قاتلوا النظام ميليشيات تهدد امن ليبيا والامن الاقليمي والدولي. فبعد ان استلموا مهمة امن المنشأت ومخازن الاسلحة في اعقاب سقوط القذافي، تحولت هذه الأسلحة الى حساب تلك الميليشيات أكثر من الحكومة الأنتقالية.
يعود تشكيل الجماعات الأسلامية في ليبيا وشمال افريقيا ـ المغرب العربي، الى بداية التسعينيات، عندما التحق عدد من الليبيين للقتال ضمن تنظيم القاعدة في افغانستان، وليحتلوا الخط الاول في قيادة التنظيم. كذلك يمثل الليبيين قوة ومصادر بشرية اكثر من غيرهم في سيناء و سوريا والعراق وافريقيا مالي ونايجيريا. وقد ظهرت قوة تلك المجموعات في إستعراض امكانياتها القتالية للاطاحة بالقذافي بدعم الناتو 2011. ويعتبر عام 2007، نقطة تحول في المجموعات “الجهادية” في ليبيا، بعد إعلانها البيعة الى تنظيم القاعدة وزعيمها انذاك، بن لادن.
يعتبر فرع القاعدة في ليبيا، التنظيم الثاني في شمال افريقيا بعد الجماعة “الجهادية” في الجزائر، التي اعلنت مبايعتها للقاعدة في يناير2007. وهنالك معسكرات تدريب الى التنظيمات “الجهادية”، في المناطق الصحراوية النائية التي تغيب فيها سيطرة الحكومات وباتت تهدد فرنسا في مالي ودول الناتو. ويعتبر معسكر او قاعدة الوطية الجوية، غرب ليبيا، احد ؤالمعسكرات الرئيسية لتنظيمات وفروع القاعدة في شمال افريقيا، كذلك معسكرات مصراته وبنغازي والجبل الاخضر.
بدأت جماعات “جهادية” جديدة في الظهور، بعد القذافي، أبرز هذه الجماعات هي :
أنصار الشريعة
بدأت جماعات “جهادية” جديدة في الظهور، بعد القذافي، أبرز هذه الجماعات هي أنصار الشريعة في بنغازي بقيادة محمد زهاوي، التي تتمتع بعلاقات مع السلفية الجهادية في ليبيا والتي تمثل جماعة ظل أنصار الشريعة في درنة بقيادة أبو سفيان بن قومو، احد سجناء معتقل غوانتنامو سابقا. وهي تنظيم دعوي اجتماعي مسلح يهدف لتحكيم الشريعة الإسلامية في ليبيا و تأسس في مايو 2012. بعد الأنفصال عن سرايا “راف الله سحاتي “التي شاركت في تأسيسها. ووفقا الى الباحث هارون يزلن ـ معهد واشنطن، فأنه لا يعرف الكثير عن هيكلية ألتنظيم. ويعتبر محمد علي الزهاوي قائدا للتنظيم، وناصر الطرشاني رئيسا للجنة الشرعية. ويتلك التنظيم، جناح عسكري تحت اسم “ألدوريات” تنتشر اكثر في بنغازي.
أعلن تنظيم أنصار الشريعة الجهادي في ليبيا، الذي تعتبره الأمم المتحدة تنظيما إرهابيا، في بيان “حل” نفسه منتصف عام 2017.
ألمرابطون
اعلنت الجماعة “الجهادية” التي كان يقودها مختار بلمختار وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا التي سيطرت لفترة على شمال مالي اتحادهما في حركة واحدة تحمل اسم “المرابطون”. وقالت إن “جماعة ‘الملثمون’ أعلنت عن حل نفسها واندماجها مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في تنظيم جديد تحت اسم ‘المرابطون'”. ووقع البيان انذاك مختار بلمختار المكنى خالد ابوالعباس والمعروف بلقبه “بلعور” زعيم “الملثمون” والازوادي احمد ولد عامر المكنى احمد التلمسي زعيم التوحيد والجهاد في غرب افريقيا. وجدد بلمختار بيعته الى تنظيم القاعدة المركزي.
لكن رغم ذلك يعتبرالتنظيم الجديد، انشقاقا في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. أعلن الجيش التشادي في مارس 2013 انه قتل الجزائري مختار بلمختار، القيادي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الأسلامي.
ألبوليساريو
استغلت ألجماعات “الجهادية” في المغرب العربي الأسلامي الفراغ السياسي والتضاريس الصعبة في دولة مالي، عند مدينة” جاو وكيدال وتيمبكتو” شمال مالي. التقارير المعلوماتية أكدت وجود صلات بين حركة البوليساريو والجماعات “ألجهادية” في افريقيا مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الأسلامي وجماعة أنصار الدين و”الحركة من أجل الوحدة والجهاد بغرب إفريقيا ” وغيرها. هذه التنظيمات باتت متورطة في عمليات خطف وتهريب المخدرات والأسلحة. وكان الصحفيان الفرنسيان كلود فيرلون وجيزلين دوبون العاملان في إذاعة فرنسا الدولية اختطفا في نوفمبر 2013، ثم عثر على جثتيهما عند أحد مداخل مدينة كيدال شمال مالي.
وأكد مصادرصحيفة، إن العلاقات مابين هذه التنظيمات” الجهادية” وألبوليساريو تصاعدت مع استمرار القتال الداخلي في مخيمات “تندوف”. حيث يعيش الاف اللاجئين الصحراويين في مخيمات “تندوف” التي تسيطر عليها حركة البوليساريو في الجزائر، مما دفع اعداد كبيرة من البوليساريو أن ينضموا إلى جماعة مختار بلمختار.
تنظيم داعش
مثلت إمكانية خسران تنظيم داعش لمدنه في العراق وسوريا نتيجة ضربات التحالف، ورغبة المجتمع الدولي في القضاء على دولة البغدادي، عاملا مهما لتفكير “داعش” في “وطن” بديل لا يمكن أن يكون فيه أفضل من ليبيا.وهو ما تطلب إرسال العشرات من الشرعيين والقادة العسكريين للإشراف على تأسيس الكيان الجديد،لتتحول بذلك ليبيا من أرض عبور إلى أرض استقرار للارهابيين.
وفي أكتوبر 2014: كان أول إعلان عن وجود تنظيم “داعش” في ليبيا كان عبر شريط فيديو نشر على الانترنت. وأظهر حشداً من المسلحين التابعين لما يسمى “مجلس شورى شباب الإسلام” في مدينة درنة الساحلية يبايعون التنظيم وزعيمه أبا بكر البغدادي.وفي 05 أكتوبر 2014: انضمام “مجلس شورى شباب الإسلام”، في مدينة “درنة” الساحلية (1340 كم شرق طرابلس) إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
تحالفات “القاعدة” امتدت لتصل الى الغريم الرئيسي لها وهو تنظيم “داعش”، ففي تصريحات لجريدة “ديلي تلغراف” البريطانية، الخميس 2 مارس 2017،أشار وزير الدفاع المفوض بحكومة الوفاق الوطني، مهدي البرغثي، إن تنظيم “داعش” يعمل على إعادة تجميع صفوفه وتمركزاته في جنوب ليبيا، بدعم من تنظيم “القاعدة” وقيادة مختار بلمختار، وأن تلك الكيانات تستعد لشن مزيد من الهجمات الإرهابية.فيما أفادت الصحيفة البريطانية، في تقرير لها، نقلا عن المخابرات العسكرية الليبية بوجود “نحو700 من عناصر داعش يتمركزون في أودية ومناطق صحراوية جنوب مدينة بني وليد، ويحصلون على تمويل عبرعمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وتهريب الذهب”، مؤكدة على أن “تعاون التنظيمين في ليبيا يخالف العداء الواضح بينهما في العراق وسورية”.
مشروع “فينكس”
وكان برنامج “فينكس” قد عاد إلى واجهة الأحداث بقوة عندما تمكنت وحدة من القوات الخاصة الأميركية من إلقاء القبض على القيادي في تنظيم “القاعدة” نزيه عبدالحميد الرقعي المعروف بإسم “أبو أنس الليبي” وسط العاصمة الليبية طرابلس خلال شهر فبراير 2014. أعلنت القوات الخاصة الأمريكية في أكتوبر 2013، بانها ألقت القبض على أبو انس الليبي القيادي في تنظيم القاعدة والمطلوب للولايات المتحدة لدوره في التفجيرين اللذين استهدفا سفارتيها في نيروبي ودار السلام في 1998. العملية نفذتها قوة من كوماندوز البجرية الاميركية. ألاسم الحقيقي الى أبو انس هو نزيه عبد الحميد نبيه الراجعي ـ 49 عاما ـ كان ينتمي إلى “الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة” قبل أن ينضم إلى تنظيم القاعدة.
ويعتبر من كبار المطلوبين الذين يلاحقهم مكتب التحقيقات الفدرالي”اف بي آي” الذي عرض مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولارلمن يساعد في إلقاء القبض عليه. ويتهمه القضاء الأميركي لدوره في تفجيري تنزانيا وكينيا في 1998، وتم نقله إلى الولايات المتحدة.
الفوضى في ليبيا تعكس بتداعياتها على دعم التنظيمات “الجهادية” لغرض التوسع والتمدد في المنطقة مستغلة الترابط الجغرافي في المنطقة، المنفتحة على غرب افريقيا من جانب وفي نفس الوقت باتت السواحل الليبية نقطة تسلل الجماعات القاعدية الى اوروبا، عبر السواحل الايطالية.
* حقوق النشر محفوظة للمركز الاوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات