الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

‏أمن دولي – حرب أوكرانيا، سيناريوهات التسوية، والصراع الأيديولوجي بين روسيا والغرب . ملف

يونيو 10, 2025

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا

ملف ‏أمن دولي – حرب أوكرانيا، سيناريوهات التسوية، والصراع الأيديولوجي بين روسيا والغرب

1 ـ أمن دولي ـ مفاوضات روسيا وأوكرانيا، الفرص والعقبات

جرت أول مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا في  مايو 2025، منذ بداية حرب أوكرانيا في 2022، وسط ضغوط أوروبية ودولية. لاتزال روسيا ترفض شروط أوكرانيا والغرب لوقف إطلاق النار. تصر روسيا على وقف توسع الناتو ورفع العقوبات عليها، بينما تصر أوكرانيا على ضمانات أمنية وموقفها من الانضمام للناتو. تصاعدت جهود الوساطة الدولية من تركيا والإمارات والفاتيكان، وسط استمرار تعقيدات الأزمة وتشابك المصالح الجيوسياسية.

ما هي مطالب روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا؟

جرت مفاوضات مباشرة بين دبلوماسيين روس وأوكرانيين لأول مرة منذ ثلاث سنوات في مايو 2025 وتحت ضغط من البيت الأبيض، وانتهت المحادثات دون التوصل إلى أي نتائج باستثناء تبادل كبير للأسرى، وعلى النقيض من أوكرانيا، ترفض روسيا وقف إطلاق النار غير المشروط.

ذكر تقرير في 28 مايو 2025 أن شروط الرئيس “فلاديمير بوتن” لإنهاء حرب في أوكرانيا تشمل تعهد زعماء الغرب كتابة بوقف توسع حلف شمال الأطلسي شرقا ورفع جزء كبير من العقوبات المفروضة على روسيا، وتخلي أوكرانيا عن عضويتها في حلف شمال الأطلسي، وحل قضية الأصول السيادية الروسية المجمدة في الغرب، ولا توجد دلائل تشير إلى أن ستتراجع عن مطالبها القصوى بشأن إنهاء حرب أوكرانيا.

تؤكد كييف أنه لا ينبغي منح روسيا حق النقض (الفيتو) على تطلعاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتؤكد أوكرانيا إنها بحاجة إلى أن يمنحها الغرب ضمانة أمنية قوية لردع أي هجوم روسي مستقبلي.

يقول “ماكس بوت” الزميل البارز في مؤسسة “جين جيه كيركباتريك” لدراسات الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية في 17 أبريل 2025: “بغض النظر عمّا يفعله الأوروبيون، تبدو فرص نجاح وقف إطلاق النار ضئيلة، إذ لم يُبدِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اهتمامًا يُذكر بوقف الحرب”. أمن دولي ـ هل تم تهميش دول أوروبا في مفاوضات ترامب وبوتين؟

حجم الخسائر البشرية و العسكرية في أوكرانيا؟

أصدر حلف شمال الأطلسي “الناتو” تقديرًا في أبريل 2025 لحجم الخسائر الروسية في حرب أوكرانيا منذ فبراير 2022، قدر عدد الجنود الروس الذين قتلوا أو أصيبوا بنحو (900) ألف. خسرت روسيا أكثر من (4) آلاف دبابة في الحرب ضد أوكرانيا. وتشير التقديرات إلى (153) ألف شخص كتقدير أدنى، جنودا ومدنيين، قتلوا في الحرب.

أفاد تقرير في فبراير 2025 أن روسيا استنفدت أكثر من (50%) من معداتها العسكرية المتاحة. خسرت روسيا أكثر من (20) ألف وحدة من المعدات العسكرية منذ بدء الحرب، مقارنة بـ (7) آلاف وحدة خسرتها أوكرانيا. خسرت روسيا (11600) مركبة مدرعة، بما في ذلك (2600) دبابة مدمرة، و(1900) ناقلة جنود مدرعة، و(4100) مركبة قتالية للمشاة، في حين خسرت أوكرانيا (700) دبابة، و(800) ناقلة جنود مدرعة، و(900) مركبة قتالية للمشاة.

ترامب لا ينوي فرض عقوبات إضافية على موسكو

كرر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” انتقاداته للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” على خلفية تصاعد النزاع في أوكرانيا، وذلك بعد من تحذيره لبوتين من أنه “يلعب بالنار” بسبب رفضه الانخراط في محادثات لوقف إطلاق النار، تزامنا مع تكثيف الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ. ورغم تصاعد التوتر، أوضح “ترامب:” “أنه لا ينوي فرض عقوبات إضافية على موسكو، مبررا قراره برغبته في عدم عرقلة فرص الوصول إلى تسوية سلمية محتملة”.

كان الاتفاق على تبادل (1000) سجين من جانب كل طرف هو الخطوة الملموسة الوحيدة نحو السلام التي تمخضت عنها المحادثات في إسطنبول، والتي توسط فيها ترامب بين روسيا وأوكرانيا. حيث أعلن الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” أن أوكرانيا أعادت (390) أسير حرب إلى روسيا. بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن روسيا أعادت (390) شخصًا. أمن أوروبا ـ كيف تستعد أوروبا للحرب العالمية الثالثة؟

كشف استطلاع للرأي في الأول من أبريل إن نحو (50%) من الروس يؤيدون وقف إطلاق النار المؤقت في أوكرانيا. وأظهر استطلاع مركز ليفادا أن (26%) من المشاركين يؤيدون الهدنة بشدة، بينما أبدى (24%) تأييدهم لها إلى حد ما. في المقابل، عارض (41%) الفكرة، بما في ذلك (25%) رفضها بشدة. أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب” في العام 2024 أن (52%) يفضلون أن “تسعى أوكرانيا إلى التفاوض لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن”، بينما فضل (38%) أن “تواصل أوكرانيا القتال حتى تفوز بالحرب”.

كيف تضغط أوروبا على آلة الحرب الروسية؟

أكد زعماء دول ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في بيان: “نحن مستعدون لدعم محادثات سلام في أقرب وقت ممكن ومناقشة آلية تنفيذ وقف إطلاق النار والتحضير لاتفاق سلام كامل”. وحذروا: “سنواصل تعزيز دعمنا لأوكرانيا، وإلى أن توافق روسيا على وقف إطلاق نار دائم، سنشدد الضغوط على آلة الحرب الروسية”. أمن دولي ـ مستقبل البرنامج النووي الإيراني في ظل الإدارة الأميركية الجديدة

وتُعد حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي في مايو 2025 هي الأوسع منذ بدء حرب في أوكرانيا في فبراير 2022، وشملت قيودًا إضافية على أكثر من (45) شركة وفردًا ممن يدعمون الجيش الروسي، بالإضافة إلى إدراج ((31 كيانًا جديدًا ضمن قائمة حظر تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج.

يمكن للاتحاد الأوروبي أن ينظر في وثيقة قدمتها أوكرانيا في مايو 2025 تطالب فيها جعل عقوباته تطبق بقوة أكبر خارج أراضيه، مثل استهداف الشركات الأجنبية التي تستخدم تقنياته لمساعدة روسيا، و”فرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي”. وفرض هذه العقوبات الثانوية، التي قد تطال كبار المشترين كالهند والصين، سيمثل خطوة كبيرة ترددت أوروبا حتى الآن في اتخاذها. وناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأمر علنا قبل أن يقرر عدم اتخاذ أي إجراء.

الفاتيكان قد يكون مستعدًا للوساطة

أشار بابا الفاتيكان “ليون الرابع عشر” إلى: “أن الفاتيكان قد يكون مستعدًا للوساطة”. وعززت رئيسة الحكومة الإيطالية “جورجيا ميلوني” هذا التوجه. وأعلنت ميلوني “أنها تحدثت هاتفيًا مع بابا الفاتيكان ـليون الرابع عشرـ حول الخطوات التالية اللازمة لبناء سلام عادل ودائم في أوكرانيا”.

أوضح “باسكوالي فيرارا” المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية الإيطالية، وأستاذ الدبلوماسية والمفاوضات في جامعة “لويس” في روما: “إن حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وساطة الفاتيكان يعود إلى ما قبل البابا ليون الرابع عشر”. وتابع: “لا أعتقد أن بوتين يرى أن الفاتيكان يتمتع بالحياد اللازم، وهذا التشكك كان موجودًا حتى في عهد البابا فرانسيس”.

تركيا تلعب دور الوسيط في هذا الصراع

شاركت تركيا في جهود الوساطة في أنطاليا وإسطنبول منذ بداية حرب أوكرانيا في 2022. كما شاركت تركيا في إنشاء ما يسمى “ممر الحبوب” في البحر الأسود، والذي ضمن تصدير الإمدادات الغذائية المهمة من أوكرانيا إلى بقية العالم، انتهاءًا بعقد عدة اجتماعات في إسطنبول في مايو 2025، أحدها يتضمن مباحثات مباشرة بين موسكو وكييف.

ترى تركيا أن وضع لائحة جديدة للسلامة البحرية في البحر الأسود يُعدّ وسيلةً محتملةً كضامن، ولبناء الثقة في عملية السلام. وحافظت تركيا على علاقات ودية مع كل من كييف وموسكو منذ بداية حرب أوكرانيا في عام 2022. كما أعربت عن دعمها لوحدة أراضي أوكرانيا وقدمت لها المساعدة العسكرية، في حين عارضت العقوبات المفروضة على روسيا.

تقول “هيلين ساري إرتيم” أستاذة العلوم السياسية في جامعة مدنية بإسطنبول: “إن تركيا كقوة إقليمية ناشئة، لطالما سعت إلى لعب دور الوسيط في هذا الصراع”.

جهود الوساطة الإماراتية في عملية تبادل لأسرى

برزت دولة الإمارات العربية النتحدة كمرشح رئيسي للقاء الأول بين ترامب وبوتين. أعلنت الإمارات العربية المتحدة الولايات المتحدة في 13 فبراير 2025 رغبتها في استضافة محادثات تهدف إلى إنهاء حرب أوكرانيا تشمل في نهاية المطاف قمة سلام بين الرئيس الروسي “فلاديمير بوتن” والرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”.

توسطت الإمارات العربية المتحدة في العديد من عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا منذ حرب أوكرانيا في فبراير 2022. ونجحت جهود الوساطة الإماراتية في عملية تبادل لأسرى حرب أوكرانيا في مارس 2025، والتي شملت (175) أسيرًا أوكرانيًا و(175) أسيرًا روسيًا بإجمالي (350) أسيراً، ليصل إجمالي عدد الأسرى المتبادلين من خلال جهود الوساطة الإماراتية إلى (3233).

أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة طائرة محملة بـ (55) طنا من مواد الإغاثة والإمدادات الطبية، بما في ذلك (360) مولد كهربائي متنقل، و(5) آلاف جهاز كمبيوتر محمول شخصي لأغراض تعليمية، وملابس شتوية وبطانيات ومساعدات طبية لمساعدة المتضررين من الصراع في أوكرانيا.

أوكرانيا تظل متشككة المبادرات الصينية

أجاب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “لين جيان” في 12 مايو 2025، ردا على سؤال حول اقتراح كييف وأوروبا لهدنة مدتها 30 يوما: “إن بكين تدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم في أوكرانيا”. وتعاونت الصين مع البرازيل في مايو 2024، في مبادرة من (6) نقاط لإنهاء الحرب، ومنذ ذلك الحين، زار مبعوث صيني خاص عدة دول، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا، للترويج للمقترح.

يرى “توماس جراهام” الباحث الأكاديمي في مركز “ماكميلان” و”زونغيوان زوي ليو” الأستاذة المساعدة في الشؤون الدولية والعامة بجامعة “كولومبيا” في التاسع من مايو 2025: ” حتى لو كانت الصين منفتحة حقًا على تسهيل محادثات السلام، فإن أوكرانيا ستظل متشككة بحق في حيادها. وأضافوا “تجاهلت الصين صيغة السلام الأوكرانية، وأصدرت الصين اقتراح السلام المشترك مع البرازيل، والذي اعتبرته أوكرانيا محاولة لتقويض صيغة السلام الخاصة بها وعلامة أخرى على أن الصين مهتمة أكثر بتعزيز أجندتها الخاصة من إنهاء الحرب”.

**

2 ـ أمن دولي نشر قوات أوروبية في أوكرانيا ـ المهام والتحديات

اقترحت فرنسا والمملكة المتحدة خيارات عسكري  (قوة طمأنة) للحفاظ على السلام والاستقرار في أوكرانيا بعد انتهاء الصراع. ومع ذلك، فإن التحديات الكبيرة التي تعترض بناء قوة قادرة على ردع روسيا تعني استمرار الشكوك الكبيرة حول قدرة أوروبا على القيام بهذه المهمة دون دعم أمريكي مباشر.

المهمة الأوروبية المحتملة في أوكرانيا

منذ اللحظة التي أطلق فيها الرئيس ترامب حملته لإنهاء الحرب في أوكرانيا وفقًا للشروط التي أملاها، نشطت فرنسا وبريطانيا العظمى بشكل خاص فيما يبدو أنه محاولة لإثبات أن الشرعية الدولية التي اعتدنا عليها لا تزال سارية، وأن أوروبا تتمتع بقدرة وكالة مستقلة فعالة في مجال الأمن، وأنهما قادرتان على ممارسة القيادة التي كانت الولايات المتحدة ستتخلى عنها. وكجزء أساسي من هذا الجهد، أعلن كلا البلدين عن نيتهما تنظيم وقيادة عملية عسكرية تتكون من مساهمات من تحالف من الدول الراغبة، والتي ستكون ذات طابع رادع (قوة طمأنة) وستنتشر بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.

نوقش مفهوم قوة طمأنة متعددة الجنسيات يُمكن نشرها في أوكرانيا في اجتماعات أوروبية لاحقة، بما في ذلك اجتماع رؤساء الأركان العامة لأكثر من 30 دولة في 11 مارس/2025 بباريس. كما شُكِّلت مجموعات عمل لدراسة اعتبارات القانون الدولي، والمتطلبات اللوجستية، وقواعد الاشتباك، وقضايا التشغيل البيني. في 10 أبريل2025، اجتمع أكثر من 30 وزير دفاع وممثلين عن الدول المشاركة في تحالف الراغبين في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل، إلى جانب مسؤولين من الحلف والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى وزير الدفاع الأوكراني. ويشمل هذا التنسيق معظم الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى كندا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان.

في الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تحدد كل دولة على حدة القوات والقدرات التي يمكن أن تساهم بها في العملية، أو في حالة الدول غير الراغبة في نشر قوات في أوكرانيا، تقديم الدعم اللوجستي والدعم عبر الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى استمرار المساعدة العسكرية لكييف. أمن أوروبا ـ هل تتجه حرب أوكرانيا نحو تصعيد إقليمي أوسع؟

مفهوم ومهام قوة ( الطمأنة)

سيتم نشر القوة التي شكّلها تحالف شركاء أوكرانيا بعد انتهاء الصراع العسكري بالاتفاق على وقف إطلاق النار. ووفقًا لوزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، تهدف القوة إلى ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار – أولًا في المجال الجوي (عبر الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي الأرضية) ثم في البحر (ثمة تكهنات باحتمال مشاركة البحرية التركية)؛ ولن تُطبّق وقف إطلاق النار برًا إلا في مرحلة لاحقة. يتمثل الهدف التالي للمجموعة في التخطيط لمواصلة تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا، بحيث تصبح هذه القدرات الضمانة الرئيسية للسلام الدائم من خلال ردع روسيا عن استئناف الأعمال العدائية.

على الرغم من أن المناقشات كانت تجري خلف أبواب مغلقة، إلا أن التقارير الإعلامية تشير إلى غياب رؤية مشتركة بشأن حجم قوة الطمأنة وموقعها وتفويضها. في الأشهر الأخيرة، ظهرت مقترحات مختلفة في النقاش العام، تتراوح بين مهمة تدريب صغيرة نسبيًا أو وحدة من عدة آلاف من الجنود مخولة بمراقبة وقف إطلاق النار (ولكن ليس فرض السلام – مما يعني أنهم لن يشاركوا في العمليات الدفاعية لأوكرانيا إذا استأنفت روسيا حربها) إلى قوة أكبر بكثير من عشرات الآلاف من الجنود المنتشرة بالقرب من خط المواجهة. أحد الخيارات المطروحة مؤخرًا يتصور قوة مدمجة يتراوح عدد أفرادها بين 10,000 و30,000 جندي، مع تفويض لا يزال غير محدد في هذه المرحلة من التخطيط. اقترح الرئيس إيمانويل ماكرون أنه يمكن نشر قوات التحالف في مدن أوكرانية مختارة بعيدًا عن خط المواجهة، بما في ذلك لفيف وكييف وأوديسا.
قد تبدو هذه المبادرة جديدة وجريئة، لكنها في الواقع فكرة قديمة مُقنّعة بفكرة جديدة. يمكن للأوروبيين تسمية هذه القوات ما يشاؤون – قوات حفظ سلام، أو قوات إنفاذ سلام، أو قوة طمأنة، أو قوة ردع. لكن القادة الأوروبيين ببساطة يعيدون صياغة نموذج الناتو لحفظ السلام في البلقان في التسعينيات لأوكرانيا. سيتم نشر كميات ضئيلة من القوة العسكرية في جميع أنحاء البلاد لإرسال رسالة ردع للروس. ومع ذلك، ستكون قوة هذه القوات القتالية محدودة، وستعتمد مصداقيتها على وعد بوجود قوة عسكرية أمريكية احتياطية. حتى أن القادة الأوروبيين يعترفون بأن قواتهم يجب أن تكون “مدعومة” من واشنطن، التي يمكنها توفير دعم جوي هائل في حال تعرض القوات البرية للقارة لهجوم.

موقف دول أوروبا من المشاركة في القوة

رحب الشركاء الأوروبيون بالمبادرة بحماس متفاوت. فعلى الرغم القادة الأوروبييين يتبنون المبدأ العام المتمثل في احترام سيادة الدول الذي يبرر الدعم المعنوي والمادي لكييف. لكن ليس الجميع على استعداد لبذل نفس الجهود في الدفاع عنها، بل إن البعض يعتبر أنه بدون الدعم الأمريكي، فإن البديل الواقعي الوحيد هو اللجوء إلى البراغماتية وقبول خطة واشنطن، مهما بدت مقززة.

وفقًا لتقارير إعلامية، فإنه إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة، أبدت دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق ودول البنلوكس – بالإضافة إلى كندا وتركيا – انفتاحها على مناقشة التدخل العسكري المباشر في الأراضي الأوكرانية.

ويبدو أن بعض الدول الأوروبية توافق على المبادرة الفرنسية البريطانية، ولكنها لم تتحدث بعد عن فكرة نشر جنود على الأرض. على سبيل المثال، أكدت البرتغال  دعمها الكامل للخطة التي ستحددها المملكة المتحدة وفرنسا، لكن لشبونة تعتبر أنه من السابق لأوانه التفكير في إرسال قوات إلى أوكرانيا كجزء من عملية حفظ السلام. وقال  رئيس الجمهورية مارسيلو ريبيلو دي سوزا  في مارس 2025 إن “إرسال القوات الوطنية يجب أن يحظى بدعم المجلس الأعلى للدفاع الوطني”.

وقال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف إنه لم يقدم أي التزامات ملموسة نيابة عن بلاده، لكنه أعطى أيضا تأكيدات بأن هولندا ستنضم إلى المخططين العسكريين الفرنسيين والبريطانيين في صياغة الحلول الممكنة.

قد تشارك إسبانيا أيضًا، ولكن في مرحلة لاحقة. قدّم وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس تأكيدات بأن بلاده “لا تمانع” في إرسال قوات إلى الخارج، ولكن في الوقت الحالي، لا يزال الجهد في أوكرانيا سياسيًا ودبلوماسيًا بالدرجة الأولى. ويبدو أن هذا الرأي مدعوم من الرأي العام المحلي: إذ يؤيد 81.7% من الإسبان إرسال جنود كقوة لحفظ السلام إلى أوكرانيا، وفقًا لاستطلاع أجرته قناة “لا سيكستا” التلفزيونية.

صرح المتحدث باسم الحكومة الأيرلندية بوجود استعداد لمناقشة الموضوع، وأن دبلن ستدرسه، مشيرًا إلى أن الوقت غير مناسب لذلك. وصرح المتحدث ليورونيوز: “لم نصل بعد إلى مرحلة الحديث عن سلام تفاوضي، لذا من السابق لأوانه التكهن بالسياق الذي ستُنشر فيه قوات حفظ السلام”.

من جهة أخرى، تعد رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، من بين أكثر القادة تشككًا. وصرحت للصحفيين بعد اجتماع لندن: “ما زلتُ في حيرة من أمري بشأن استخدام القوات الأوروبية. أرى أن هذا الحل قد يكون معقدًا للغاية، وربما أقل حسمًا من غيره”، مؤكدةً أن “نشر القوات الإيطالية لم يكن مطروحًا على الطاولة في هذه المرحلة”.  وفي رأيها، فإن الخيار الأفضل لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا هو إشراك المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي  بشأن الدفاع الجماعي بطريقة ما، والتي تلزم أعضاء التحالف بحماية بعضهم البعض في حالة وقوع هجوم.

أما المستشار الألماني فقد صرح في 14 مايو 2025 إن أوروبا “بعيدة كل البعد” عن مناقشة نشر قوات أجنبية في أوكرانيا، حيث تركز الجهود على تأمين وقف إطلاق نار غير مشروط..

تظل بولندا تعارض بشدة إرسال أي قوات إلى أوكرانيا.  وقال رئيس الوزراء دونالد توسك إن البلاد تحملت بالفعل عبئا ثقيلا بقبول ما يقرب من مليوني لاجئ من أوكرانيا في الأسابيع الأولى من الحرب.  أمن دولي ـ مفاوضات روسيا وأوكرانيا، الفرص والعقبات

مواقف الولايات المتحدة وروسيا بشأن القوة الأوروبية

استبعدت إدارة ترامب نشر قوات برية في أوكرانيا أو الاعتراف بمهمة الطمأنة كعملية تابعة لحلف الناتو بموجب المادة 5. ولم تؤيد رسميًا التحالف الأوروبي للراغبين، مما أرسل إشارات متضاربة بشأن هذه المسألة. في منتصف فبراير، تحدث وزير الدفاع بيت هيجسيث في بروكسل عن الضمانات الأمنية لأوكرانيا المدعومة بوجود قوات أوروبية كجزء من مهمة غير تابعة لحلف الناتو، دون تدخل الولايات المتحدة. وبحسب ما ورد تضمن استبيان تم تداوله بين الحلفاء الأوروبيين في ذلك الوقت سؤالاً يتعلق بعدد القوات التي ستكون كل دولة على استعداد لإرسالها إلى أوكرانيا. في مقابلة أجريت في أبريل مع صحيفة التايمز (المملكة المتحدة)، بدا أن الجنرال كيث كيلوج، المبعوث الأمريكي لأوكرانيا، يشير إلى أنه يمكن نشر قوات بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة غرب نهر دنيبرو. في الوقت نفسه، انتقد ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط والشخصية الرئيسية في المفاوضات مع موسكو، الخطط الأوروبية لنشر قوة طمأنة في أوكرانيا في أواخر مارس، ووصفها بأنها مجرد ادعاء.

حافظت روسيا على موقف سلبي ثابت لا لبس فيه تجاه فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا للقيام بدور حفظ السلام بعد انتهاء الأعمال العدائية. ويواصل الكرملين سعيه لإقامة دولة أوكرانية منزوعة السلاح على أراضٍ غير مدمجة مباشرة في روسيا، والتي ستكون تابعة فعليًا لموسكو. ومن شأن وجود القوات الغربية في أوكرانيا أن يعيق هذا السيناريو. وقد انتقد مسؤولو وزارة الخارجية الروسية والمتحدث باسم الكرملين هذا الاقتراح مرارًا وتكرارًا، مشيرين إلى أن نشر أي قوات من دول أعضاء في الناتو أو الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا أمر غير مقبول، بغض النظر عن الشكل الذي قد تتخذه هذه المهمة. وحذرت روسيا من أن مثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب ستشكل تدخلًا مباشرًا في الحرب إلى جانب أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف الناتو.

يرى مراقبون أنه بالنسبة لبوتين، فإن قبول الخطة الأوروبية يعني التخلي عن هدف حرب رئيسي – إبقاء أوكرانيا خارج حلف الناتو والناتو خارج أوكرانيا.

ولكن، ما لم يُلتزم باستبعاد القوات الأوروبية من أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار، فمن المشكوك فيه أن يلتزم الجيش الروسي، الذي يُكافح حاليًا لاختراق الدفاعات الأوكرانية، بالهجوم فورًا في حال تم تعزيز القوات الأوكرانية على خط التماس بقوات أوروبية. باختصار، قد تُبدي موسكو احتجاجها، لكن ليس من الواضح في مثل هذا السيناريو أنها ستتمكن من منع تنفيذ هذه السياسة.

التحديات التي تواجه انشاء القوة الأوروبية

ان غياب تعريف واضح للمشروع الأوروبي يُغذي الشكوك بين المساهمين المحتملين. أول ما يثيره يتعلق بالهدف الذي ينبغي أن تحققه هذه القوة: هل ستكون قوة فاصلة، وهل ينبغي لها إقناع روسيا باحترام وقف إطلاق النار؟ في الواقع، ليس من الواضح ما المقصود، ولا الشرعية التي ستوفر لها الغطاء، ولا المهام المحددة التي سيتعين عليها القيام بها لتحقيق بيان هذه المهمة.

يعتمد حل هذه الاشكاليات على تحديد القضايا المحورية مثل الكيان، والتشكيل، والمواد، ونشر الوحدات، أو تعليمات استخدام القوة، بحيث تكون متسقة مع ما هو مطلوب منها في البيئة الحقيقية التي تواجهها على الأرض. بدون تحديد دقيق لهذه القضايا، يُمكن بسهولة تحريف بيان المهمة بسبب عدم التوافق بين المهام والقدرات والإمكانيات، مع عواقب وخيمة تتراوح بين الإضرار بمصداقية أوروبا كجهة فاعلة دولية، وبين التورط المميت للقوة في قتال شديد الكثافة قد لا تكون مجهزة له تجهيزًا كافيًا.

يواجه الأوروبيون معضلات عسكرية حرجة فيما يتعلق بنشر القوات دون دعم الولايات المتحدة. تمتلك الولايات المتحدة قدرات عسكرية رئيسية لا تُضاهى في القوات الأوروبية. وتشمل هذه القدرات أصولًا كبيرة في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، بما في ذلك جمع إشارات الاستخبارات، وأقمار الاستطلاع، وأنظمة القيادة والسيطرة عالية المستوى. وبدون مشاركة القوات الجوية الأمريكية، تكون قدرة أوروبا على قمع الدفاعات الجوية الروسية محدودة للغاية، وكذلك قدرتها على الدفاع ضد الصواريخ الباليستية. وتمتلك الولايات المتحدة أصولًا استراتيجية للنقل الجوي والبحري تفوق القدرات الأوروبية بكثير.

لا يستطيع الاتحاد الأوروبي عمليًا توفير قوة كافية لردع روسيا عن مهاجمة أوروبا (من 150 ألف جندي بالإضافة إلى قوات الاحتياط). ومع ذلك، فبينما يُعدّ وجود قوة أصغر حجمًا أكثر جدوى (من حوالي 10 آلاف إلى حوالي 40 ألف جندي)، إلا أنها قد لا تكون كافية، وقد تصبح هدفًا سهلاً للهجمات الروسية. من جهة أخرى، يرى الجنرال ميخائيل كوستاراكوس، رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي، أن أوروبا تفتقر إلى “الممكنات الاستراتيجية التي تجعلها قادرة على أداء مجموعة كاملة من المهام المرتبطة بالمهام والعمليات التي تطلقها بشكل مستقل” – مثل النقل الجوي والتزود بالوقود الجوي؛ والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع؛ والأقمار الصناعية؛ والدفاع الجوي والصاروخي

ومسألة الشرعية محورية أيضًا. إذ مبدأ احترام الشرعية الدولية يتطلب من لجنة الأمن التابعة للأمم المتحدة إبداء رأيها في الأمر وإصدار قرار يُجيز نشر قوة عسكرية لتنفيذ إحدى المهام المنصوص عليها في الفصلين السادس والنصف والسابع – حفظ السلام أو إنفاذ السلام، على التوالي – من ميثاق الأمم المتحدة. في حالة حفظ السلام، الشرط المسبق للنشر هو التوصل إلى اتفاق سلام مقبول من الطرفين، وموافقتهما على وجود القوة. إن الاعتقاد بأن روسيا، التي غزت أوكرانيا لتجنب إمكانية توسيع حلف الناتو لوجوده على الجانب الآخر من حدودها، ستقبل، دون تردد، وجود قوات من تلك الدول نفسها في الدولة المجاورة، يبدو أمرًا معقدًا.

ولن تكون أي مهمة من هذا القبيل إلى أوكرانيا على غرار عمليات حفظ السلام التقليدية التي تُشرف عليها الأمم المتحدة، حيث ينصب التركيز على الحياد والحد الأدنى من استخدام القوة والموافقة. بل إن روسيا صرّحت مرارًا وتكرارًا بأنها لن تقبل بمشاركة أي دولة من دول الناتو في مثل هذه المهمة.

ويتطلب الدفاع عن أي اتفاق سلام وضمانه قوة دولية قادرة على ردع الجيش الروسي وطمأنة كييف بأن روسيا لن تُهاجمها مجددًا. ولعل الأمر الحاسم في هذا الصدد قد يكون “التأمين” لأمن القوة ومهمتها من خلال ضمانة أميركية، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “لدينا اقتراح فرنسي/بريطاني لنقول إننا مستعدون لإرسال قوات… كوجود للحفاظ على هذا السلام ومصداقيتنا الجماعية بدعم من الولايات المتحدة وشبكة أمان أميركية”. أمن أوروبا ـ هل تتخلى أوروبا عن الاعتماد على واشنطن في دعم أوكرانيا؟

**

3 ـ أمن دولي ـ حرب أوكرانيا: التنازلات المحتملة والبعد الأيديولوجي للحرب

 رغم الحديث عن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، فإن هناك تصعيداً ميدانياً خطيراً بينهما، يهدد بعرقلة المباحثات ويزيد من شروط التسوية، لتمسك كل طرف بقائمة شروط، ما يدفع الحرب الراهنة إلى منحنى شديد الخطورة يزيد من استنزاف روسيا عسكرياً، ويكبد أوكرانيا خسائر مادية وبشرية لا حصر لها، خاصة بعد استعادة موسكو مدينة كورسك الروسية، وشن أوكرانيا هجوم “شبكة العنكبوت” في العمق الروسي، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية جلوس الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتداعيات هذا التطور على أبعاد وأهداف الحرب التي تجاوزت 3 سنوات.

هل باتت أوكرانيا مستعدة لتقديم تنازلات؟

طالبت روسيا أوكرانيا بالتخلي عن طموحها للالتحاق بحلف الناتو، في وقت لم يتضح فيه إمكانية حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية. وكشف استطلاع رأي لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع (KIIS) في ديسمبر 2024، عن تزايد تأييد الأوكرانيين للمفاوضات، ويفضل (52%) إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، بينما يفضل (38%) مواصلة أوكرانيا القتال حتى الفوز بالحرب.

تزايدت نسبة المتقبلين لوقف الحرب من (11%) في 2022 إلى (31%) في 2024، وأراد الثلث وقف إطلاق النار فوراً، وأراد النصف الحرب حتى استعادة الأراضي، ما يعني أن الاستقلال السياسي خط أحمر للأوكرانيين.

أشار استطلاع رأي لمعهد (KIIS)، أن (66%) من الأوكرانيين يعتبرون أهداف روسيا تهديداً وجودياً، ويعتقد (87%) أن روسيا لن تتوقف عند الأراضي التي تحتلها، لذا يفضلون إبرام اتفاق مصحوب بضمانات أمنية من الناتو.

مع عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقترح إنهاء الحرب، ظهر توجه لدعم شروط روسيا، وفي 18 فبراير 2025 قال مسؤولون أمريكيون، إن الأطراف بحاجة لتقديم تنازلات لوقف القتال. وفي 3 مارس 2025 رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تنازل أوكرانيا عن أراض لوقف إطلاق النار. وأوضحت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية في 22 أبريل 2025، أن أوكرانيا مستعدة لتقديم بعض التنازلات للولايات المتحدة، فيما يخص تسوية النزاع.

قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في 28 أبريل 2025، إن بلاده تأمل أن تحدث الدبلوماسية شيئاً في المباحثات، بعد حديث ترامب، عن استعداد أوكرانيا للتنازل عن شبه جزيرة القرم لروسيا كجزء من السلام.

أعاد المقترح الأمريكي الأوروبي في 9 مايو 2025، بشأن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، الوفدين الروسي والأوكراني لطاولة التفاوض بعد غياب لنحو 3 سنوات، واقترحت واشنطن أن تتنازل كييف عن أراضيها في أي اتفاق دائم، وأكد زيلينسكي مراراً بأنه لن يتنازل عن أراضٍ.

رغم أن جولة المباحثات في إسطنبول في 16 مايو 2025، لم تسفر سوى عن اتفاق تبادل 1000 أسير من كل طرف، فإن شروط روسيا بشأن تنازل أوكرانيا عن أراض والتراجع عن الانضمام للناتو عاد مرة أخرى. وقال مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ في 29 مايو 2025، أن قلق روسيا من توسع الناتو شرقاً أمر مشروع، وأن بلاده لا تريد ضم أوكرانيا للحلف.

تتطلع أوروبا لدور واشنطن، لتقديم ضمانات قوية لمساعدة أوكرانيا إذا تعرضت لهجوم، خاصة وأن واشنطن تقترح الاستيلاء على محطة زابوريجيا التي تسيطر عليها روسيا الآن، وتوفر الكهرباء لكل من روسيا وأوكرانيا، وهددت واشنطن بالانسحاب من المفاوضات إذا لم يتم إحداث تقدم.

رفضت أوكرانيا مسودة روسيا، التي طرحتها روسيا في إسطنبول في 2 يونيو 2025، ووصفتها بإنذارات غير واقعية لإنهاء الحرب.أمن دولي ـ كيف يستعد الناتو لسيناريوهات ما بعد أوكرانيا؟

هل حرب أوكرانيا حرب أيديولوجية؟

يقول الأستاذ المشارك في السياسة الدولية في كلية كينغز لندن جوناثان ليدر ماينارد، إن الحرب الأوكرانية تفسر التنافس الأيديولوجي بين الغرب وروسيا، خاصة وأن التغيرات الأيديولوجية داخل روسيا، جعلتها ترى نفسها مهددة من الأيديولوجية الخارجية، وعززت الروابط العابرة للحدود بين الأفكار المحافظة في أراضيها، والاتجاهات اليمينية الشعبوية في أوروبا وأمريكا الشمالية.

تعد الأيديولوجية بنفس أهمية المصالحة في حرب أوكرانيا، و أوضح عالم السياسة فرانسيس فوكوياما، أن ديمقراطيات ليبرالية مثل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والولايات المتحدة، بمواجهة قومية روسيا وبيلاروسيا ومنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين. وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أن الروس والأوكرانيين متماثلين عرقياً، ما يعني أن المعادلة الأيديولوجية تحرك روسيا.

ترفض القيادة الأوكرانية وأغلب الأوكرانيين بشدة سيطرة روسيا على أراضيها، نظراً لأن الأيديولوجية هناك تميل للديمقراطية الليبرالية، وتظهر هذه النقطة في مطالبة كييف بالانضمام لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وحرص الرئيس الأوكراني على إلقاء خطابات أمام برلمان الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي.

ما الموقف الأوروبي من استمرار حرب أوكرانيا؟

قدمت بريطانيا قرضاً لأوكرانيا بقيمة (2.26) مليار جنيه إسترليني في 1 مارس 2025 ، وعقب استضافة لندن قمة حول أوكرانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن صفقة صواريخ بقيمة (1.6) مليار جنيه إسترليني لكييف، وفي 11 أبريل 2025 قدمت لندن دعماً عسكرياً بقيمة (450) مليون جنيه إسترليني لكييف.

لعبت بولنداً دوراً مهماً في استقبال الأسلحة الغربية عبر أراضيها، تمهيداً لإدخالها إلى أوكرانيا، بجانب إرسالها لعسكريين بولنديين للمشاركة في الجيش الأوكراني.

أعلنت بولندا في 23 فبراير 2025، أنها ستدفع ثمن اشتراك أوكرانيا في خدمة “ستارلينك” للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، بعد ضغوط أمريكية بقطع الخدمة لإبرام صفقة المعادن الأوكرانية النادرة، خاصة وأن هذه الخدمة حيوية للجيش الأوكراني. وأعلنت في 26 مارس 2025، أن الناتو تولى مسؤولية نقل الأسلحة من الدول الأعضاء لأوكرانيا، عبر مركز في بولندا، حيث تصل أكثر من (80%) من الإمدادات العسكرية لأوكرانيا عبر بولندا.

أصبحت برلين ثاني أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا بعد واشنطن. وفي 21 مارس 2025، وافق البرلمان الألماني على مساعدات عسكرية إضافة لأوكرانيا، بقيمة (3) مليارات يورو في 2025، ونحو (8.4) مليار يورو في الفترة (2026-2029)، وتتيح منحها ذخائر وأسلحة قابلة للتسليم في غضون عامين، بما فيهم أنظمة دفاع جوية من طراز “إيريس تي”.

أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، في 27 مايو 2025، رفع القيود عن إطلاق كييف صواريخ بعيدة المدى على روسيا، ودعم أوكرانيا في تطوير صواريخ بعيدة المدى.

رصدت فرنسا في 26 مارس 2025، مساعدات عسكرية لأوكرانيا بنحو ملياري يورو، خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لباريس، التي تعمل مع لندن على خطة لإرسال آلاف الجنود لكييف كضمانات أمنية في حال وقف إطلاق النار مستقبلاً.

استقبلت باريس في 27 مارس 2025 قمة دعم أوكرانيا، لتعزيز الدعم الأوروبي لكييف. وفي 10 مايو 2025 وصل قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبولندا لكييف تحت مظلة “تحالف الراغبين”، مقدمين مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً.أمن أوروبا ـ هل تتجه حرب أوكرانيا نحو تصعيد إقليمي أوسع؟

كيف تنظر أوروبا إلى حرب أوكرانيا؟

كانت حرب أوكرانيا فرصة لأوروبا لإعادة ضبط أمنها واعتمد الاتحاد الأوروبي في مارس 2022 “البوصلة الاستراتيجية” لجعل سياساتها الأمنية أكثر استعداداً، بما يتوافق مع الباب (5) من معاهدة الاتحاد.

يعد صندوق الطوارئ الأوروبي عامل تغيير في السياسة الأمنية للاتحاد، وجزءاً من استراتيجيته الاستباقية لتعزيز نفوذه الأمني، ومنح الصندوق أعلى مستوى تمويل على الإطلاق بقيمة (5) آلاف مليار يورو للفترة (2021-2027).

زادت دول الاتحاد من إنفاقها الدفاعي بنسبة (30%) عبر استثمار (100) مليار يورو في المعدات عقب حرب أوكرانيا، وأطلق التكتل الأوروبي في 5 مارس 2024، أول استراتيجية صناعية دفاعية، ما يجعله أكثر قدرة على المنافسة والمرونة لتحقيق زيادة بمعدل مشتريات بنسبة (40%) بحلول 2030.

في 4 مارس 2025 استكملت المفوضية الأوروبية هذا النهج، بخطة “إعادة تسليح أوروبا” لحشد نحو (800) مليار يورو للإنفاق الدفاعي، مستغلة انشغال روسيا بمجريات الحرب، لزيادة الإنفاق العسكري (1.5%) على مدار (4) سنوات.

لمن الغلبة روسيا أم الغرب؟

بالنظر إلى القوة العسكرية للناتو، فإن المادة (5) من معاهدة الحلف تنص على أن أي هجوم على أي عضو، يعني الهجوم على باقي الأعضاء. انفقت واشنطن (916) مليار دولار في 2023 على الإنفاق العسكري للحلف. وعزز الناتو من نفوذه بضم فنلندا والسويد في عامي 2023 و2024، للتغلب على حق النقض من المجر وتركيا في قرارات الحلف، ودعم جناحه الشمالي الشرقي ودول البلطيق الأكثر عرضة لهجمات روسيا المحتملة.

يعد الحلف الذي يضم (32) دولة، قوة قتالية قوية وحديثة، رغم مواجهته نقصاً في الذخيرة وصعوبة تطبيق اتفاقية “الدفاع المتبادل” غير المختبرة.

لم تمنع العقوبات الغربية روسيا من تسريع إنتاجها العسكري، الذي ارتفع إلى (120) مليار يورو بداية من 2025، ما يعادل (4) أضعاف ميزانية 2021. وأطلقت موسكو  في أكتوبر 2024، أكبر حملة تجنيد إجباري منذ أكثر من عقد، لزيادة الجنود إلى (1.5) مليون جندي، ما يجعل الجيش الروسي أكبر من الجيش الأمريكي فقط، بينما تظل القوة الجماعية للناتو أكبر، بتعداد أكثر من (3) مليون جندياً.

لدى روسيا نحو (5) آلاف طائرة عسكرية و(339) سفينة حربية وأكثر من (5) آلاف دبابة، ويمتلك الناتو (22) ألف طائرة وألف سفينة حربية و(11) ألف دبابة. وتمتلك موسكو نحو (5580) رأساً نووياً، بينما لدى واشنطن ولندن وباريس نحو (5549) رأساً نووياً.

روسيا ليست في وضع يسمح لها بمواجهة الناتو، خاصة وأنه نشط بعد حرب أوكرانيا، وبدون واشنطن تظل القدرة العسكرية الجماعية له كبيرة، بحسب الصحفي البريطاني جورج أليسون، الذي أشار إلى أن التطور التكنولوجي والتوافق التشغيلي للناتو يعززان من فعاليته القتالية أكثر من روسيا، بجانب امتلاكه لهيكل قيادي متكامل وأسلحة متطورة، ما يرجح كفة الحلف في حال حدوث صدام مباشر مع موسكو، بينما يكمن الخطر في احتمالية لجوء روسيا للسلاح النووي.

ما الأهداف الغربية الحقيقية وراء حرب أوكرانيا؟

استغل الغرب حرب أوكرانيا لتحقيق أهدافه ضد روسيا، لرسم شكل النظامين السياسي والاقتصادي العالمي في العقد المقبل. ويستهدف الغرب هزيمة روسيا، وتحملها مسؤولية إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، كشرط لتسوية الأزمة أو بمصادرة أصولها المجمدة.

يرى الغرب أن الضغوط على روسيا، ستزيد من تحالفها مع دول الجنوب العالمي والصين، ما يسهل عليه استهداف هذا التحالف بفرض العقوبات وعرقلة تحركاته الاقتصادية، فموسكو تستند على بكين في الاقتصاد، بينما تمثل ترسانة روسيا النووية ومواردها الطبيعية وأراضيها الشاسعة نقطة قوة لتحالفها مع الصين.

فرض الاتحاد الأوربي (16) حزمة من العقوبات على روسيا، ما يعد أقوى إجراء في السياسة الخارجية للاتحاد، للضغط على موسكو بتآكل قاعدتها الاقتصادية، وحرمانها من موارد بقيمة (400) مليار يورو. ولن تنتهي العقوبات تلقائياً عقب وقف الحرب، بل ستبقى سارية حتى امتثال روسيا لميثاق الأمم المتحدة والأمن الأوروبي، لاستمرار الضغط على الاقتصاد الروسي واستعادة النظام الدولي وفقاً للقواعد الأوروبية.

خفض الاتحاد تجارته مع روسيا في قطاع الطاقة، خاصة وأن أوروبا كانت تحصل على (40%) من احتياجاتها من الطاقة الروسية، وكانت مشتريات الاتحاد الأوروبي بمثابة حصن لإيرادات روسيا. وأطلق الاتحاد أول استراتيجية لتنويع الإمدادات، وفرض حداً أقصى لسعر مشتريات النفط بالتنسيق مع مجموعة السبع. وانفصلت دول البلطيق في فبراير 2025، عن شبكات الكهرباء الروسية، ما أدى لاندماجها في شبكة الكهرباء وسوق الطاقة الداخلية للاتحاد الأوروبي.أمن أوروبا ـ هل تتخلى أوروبا عن الاعتماد على واشنطن في دعم أوكرانيا؟

كيف أصبح الرأي العام الأوروبي بشأن دعم أوكرانيا؟

أوضح استطلاع رأي لمؤسسة “إيبسوس” أن (66%) من الفرنسيين يرون ضرورة إرسال مساعدات لكييف بدون واشنطن.

لا يريد (78%) من الفرنسيين إرسال قوات فرنسية لأوكرانيا، إلا إذا كان الأمر يتعلق بضمانة تطبيق السلام، وأن (55%) يؤيدون إرسال قوات حفظ السلام لأوكرانيا، بحسب استطلاع رأي لمؤسسة “أودوكسا”.

أشار استطلاع رأي حديث، إلى أنه ما يقرب من نصف الألمان يريدون وقف الدعم لأوكرانيا. ووفقاً لبيانات “غابينيت” للدراسات الاجتماعية، فإن (68%) من الإسبان يوافقون على مساعدة كييف.

يرى (63%) من الرومانيين أن المفاوضات بين موسكو وواشنطن إيجابية. وأشار استطلاع رأي، إلى تراجع تضامن اليونانيين مع أوكرانيا.

 **

تقييم وقراءة مستقبلية

– تصر أوكرانيا على ضمانات أمنية من دول أوروبا والولايات المتحدة، وترفض منح روسيا “حق النقض” على عضويتها في الناتو والاتحاد الأوروبي.

– يلاحظ أن موقف ترامب يتمركز نحو عدم فرض عقوبات إضافية، والتركيز على التفاوض والوساطة، بلإضافة إلى تحذير بوتين منالخطوات التصعيدية تجاه أوكرانيا، دون أن يتخذ خطوات عملية قوية تجاه روسيا.

– أثبتت الإمارات فاعلية في تبادل الأسرى، والمحافظة على علاقات غير تصادمية مع الطرفين وقبول الثقة من الطرفين. وعززت تركيا من دورها كضامن بحري ووسيط إقليمي.

– من المرجح مع تعزيز دور تركيا في الأمن الإقليمي، مما يجعلها شريكا محتملا رئيسيا في إعادة هيكلة البنية الأمنية في أوروبا، في حين تسعى القوى الأوروبية جاهدة إلى تعزيز دفاعاتها والسعي إلى الحصول على ضمانات لأوكرانيا بموجب أي اتفاق سلام قادم.

– من المحتمل أن تستخدم روسيا أسلحة نوعية أو تشن هجوم شامل، يؤدي إلى رد مباشر من حلف شمال الأطلسي، ماينذر بحرب عالمية ثالثة.

– من غير المرجح أن تجرى محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا بوساطة البابا ليون الرابع عشر في الفاتيكان بسبب مزاعم الرئيس الروسي بعدم ثقته في هذه الوساطة.

**

– على “المظلة الأمنية” الأمريكية كأمر مسلم به. في غضون ذلك، تُعدّ مسألة وجود قوة عسكرية في أوكرانيا أحد مكونات هذا الأمن، وهي فهي تهدف إلى إثبات للولايات المتحدة قدرة حلفائها الأوروبيين على المساهمة في جهود إنهاء الحرب، والتأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة أوكرانيا من أجل أمن أوروبا.

ـ تواجه  المهمة الأوروبية المقترحة تحديات سياسية ولوجستية ومالية كبيرة، لا سيما في غياب الدعم الأمريكي، إذ يعتمد نجاحها على دعم الولايات المتحدة، بما في ذلك إعادة تأكيد التزاماتها تجاه أوروبا، وتوفير القدرات الأساسية في مجال الاستخبارات والاستطلاع والدعم الجوي للتحالف، واستخدام الوسائل التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار على طول خط التماس. بدون هذه المساهمة، سيكون من الصعب تنفيذ المهمة بسبب فجوات القدرات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الموارد العسكرية المحدودة للدول الأوروبية تقلل من احتمالية نشر قوات كبيرة في أوكرانيا والحفاظ عليها على المدى الطويل. علاوة على ذلك، فإن مثل هذا النشر من شأنه أن يقوض قدرتها على الوفاء بالتزامات التحالف بموجب خطط الدفاع الإقليمية لحلف الناتو ووجود قواته البرية الأمامية على الجناح الشرقي.

ـ من المرجح أن تُصوّر عملية النشر كجزء من “جهود زيلينسكي” لإيقاع الأوروبيين والروس في مواجهة عسكرية. وتنظر روسيا إلى أي نشر كترتيب متعدد الأطراف لتحويل العبء المالي والسياسي للصراع من أمريكا إلى أوروبا، مما يُضفي الشرعية على محاولة زيلينسكي خلق مواجهة أوسع بين روسيا والأوروبيين.

ـ نظراً لانعدام فرص وقف إطلاق النار – وهو شرط أساسي لنشر قوة طمأنة – تبدو مهمة بقيادة أوروبية كهذه مستبعدة في المستقبل المنظور. تواصل روسيا سعيها وراء أهدافها المتطرفة، ولا ترغب في وقف العمليات العسكرية. من جانبها، لا ترغب الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على روسيا، أو تقديم مساعدة عسكرية كبيرة لأوكرانيا من شأنها أن تُغير الوضع في ساحة المعركة، أو الالتزام بدعم الجهود الأوروبية.

**

ـ يدرس القادة الأوروبيون خيارات النشر العسكري عبر قوة أوروبية محدودة في أوكرانيا لمنع تسوية تُزعزع استقرار البلاد والهيكل الأمني ​​الأوروبي الأوسع. بشكل عام، بدأ شركاء أوكرانيا الأوروبيون يُركزون أكثر على أمنهم، ولم يعودوا يعتمدون – يبدو أن الموقف الأوروبي الرافض لحيثيات المباحثات بين روسيا وأوكرانيا، نظراً لاعتراض الأولى على مشاركة أوروبا في المفاوضات، وتقديمها لمطالب غير مقبولة من وجهة نظر كييف وحلفائها الأوروبيين، دفع أوكرانيا لاختيار التوقيت الحالي، لشن أكبر هجوم جوي داخل العمق الروسي، كرسالة تحذير لموسكو بأن الموقف الأمريكي الذي ينحاز لمسودة السلام التي قدمتها، لن يجبرها على قبول التنازلات المتعلقة بالأراضي وتقويض حركة الجيش الأوكراني، والتدخل في الانتخابات والشأن الداخلي الأوكراني، خاصة وأن واشنطن أكدت على عدم علمها بهذا الهجوم مسبقاً.

– قوة الهجوم الأوكراني واستهدافه لمطارات عسكرية روسية، ألحق أضراراً جسيمة بمقاتلات وقاذفات استراتيجية، وبررت أوكرانيا الهجوم للتقليل من الإمكانيات النووية الروسية، لاسيما وأن السلاح النووي يظل نقطة تفوق موسكو أمام الغرب، ووسيلة ضغط يمكن اللجوء إليها لتمرير شروط المفاوضات، ورغم توعد روسيا بالرد، فإن من الواضح أن أنظمة الرادار والدفاعات الجوية الروسية باتت منهكة، للتعامل مع هذ النوع من الهجمات المفاجئة، ما يعني أن قدرات روسيا العسكرية في بداية الحرب مختلفة تماماً عن وضعها الحالي، الأمر الذي يشير إلى اعتماد أوروبا على استراتيجية “استنزاف” روسيا في المعارك، لتغيير موقفها بشأن شروط التفاوض.

– اعتراض أوروبا على مقترحات روسيا لإنهاء الحرب، تتعلق بفكرة المخاوف من تمدد الأيديولوجية الروسية إلى أراضي أوكرانية ومنها إلى باقي دول أوروبا، سواء بشن هجمات سيبرانية أو جوية محتملة مستقبلاً أو بقيادة الأحزاب اليمينية الشعبوية والتي وصلت للحكم في بعض دول أوروبا، وتعد بولندا أحدث نموذج بفوز المرشح القومي بالانتخابات الرئاسية، ما يثير المخاوف من تنازل أوكرانيا عن أراضٍ وإجراء انتخابات كشروط للتسوية.

– قبل بدء الحرب الأوكرانية، طالبت روسيا الناتو بتقديم ضمانات بشأن عدم ضم أوكرانيا له، ولكن عدم استجابة الغرب لهذه الرغبة الروسية، كان بهدف وضع روسيا تحت ضغط دائم من مسألة إمكانية توسع الحلف شرقاً، ولكن بعد اندلاع حرب أوكرانيا، باتت الفرصة أمام الناتو لتقويض قدرات روسيا العسكرية والاقتصادية، بفرض العقوبات ومساندة أوكرانيا عسكرياً لشن هجمات نوعية.

– انعكاسات حرب أوكرانيا لا تقف عند طرفي الصراع فقط، بل تمتد إلى شكل النظام العالمي الفترة المقبلة، والذي بات يتشكل وفقاً للمتغيرات الأمنية والسياسية الراهنة، خاصة أن روسيا عززت من تحالفاتها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية، وفي المقابل اتجهت دول أوروبا لإعادة صياغة الاستراتيجيتين الأمنية والسياسية، لمواجهة أي سيناريوهات بشأن حرب أوكرانيا، وأي متغيرات تطرأ على السياسة الأمريكية التي تتأرجح بين الانتقاد والمهادنة لروسيا، لذا من المتوقع أن يشهد العالم إعادة تشكيل التحالفات واستحداث مفاهيم جديدة للأمن القومي للدول.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=105020

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

هوامش

Can Turkey play a role in Ukraine’s future?
https://tinyurl.com/5t2zpn3j

Why Russia is unlikely to let the Vatican mediate peace talks with Ukraine
https://tinyurl.com/2p9n62ee

Trump again criticizes Putin as Ukraine war heats up
https://tinyurl.com/ykeantcz

What Could New US Sanctions Against Russia Look Like?
https://tinyurl.com/vkh3r6px

 **

From willing to able: A European reassurance force for Ukraine

https://2u.pw/D5P7Z

Mooted EU deployment in Ukraine is fraught with challenges

https://2u.pw/u8Psv

Germany, Italy say Europe’s leaders ‘far from’ talks on troop deployment in Ukraine

https://2u.pw/ja32k

Why a Ukraine peacekeeping force could become a trap for Europe

https://2u.pw/cXSGG

  **

Are Ukrainians ready for ceasefire and concessions? Here’s what the polls say

https://shorturl.at/2wEE5

Critical week for US’s future in Ukraine-Russia talks, Rubio says

https://shorturl.at/j13Mu

Great Power Image and Enemy-Making: The Role of Ideology in Russia’s War in Ukraine

https://shorturl.at/5zU8s

How the war in Ukraine has transformed the EU’s Common Foreign and Security Policy

https://shorturl.at/HzysQ

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...