إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
وحدة التقارير و الدراسات “6”
كانت أزمة المهاجرين واللاجئين قد بلغت أوجها وذروتها في أوروبا بين سنتي 2015 و 2018، ، حيث مئات من قوارب المهاجرين غير الشرعيين و اللاجئين يرسون على شواطئ اليونان يومياً ومثلهم في إيطاليا، فضلاً عن مئات الآلاف الذين يمرون كل أسبوع عبر الحدود الألمانية والنمساوية والمجرية، كل ذلك دف السلطات الألمانية الى التفكير بجدية لمواجهة مسألة الهجرة و اللجوء و الحد من التدفق المستمر للمهاجرين و اللاجئين خاصة من القارة الافريقية ، والتي تعتبر المصدر الأول لهذه الظاهرة.
الدعم الألماني لإفريقيا لمواجهة مشكلة الهجرة واللجوء
ذكر موقع Quantara.de في 9 يونيو 2019 أن ألمانيا تعتزم استخدام المال العام في دعم الشركات التي تستثمر في أفريقيا في إطار “خطة مارشال” جديدة تأمل برلين بأن تعالج الأسباب الجذرية لأزمة اللاجئين التي هزت الساحة السياسية الأوروبية منذ عام 2015 .وذكر وزير التنمية الألماني لصحيفة “هاندلسبلات” أن الهدف هو إعادة تطبيق برنامج يرجع إلى ثمانينات القرن العشرين، والذي يسر على الشركات شطب خسائر الاستثمارات في أفريقيا للحد من مخاطر الاستثمارات الأولية. وقال الوزير متحدثا عن الخطة التي تطورها وزارته بالتعاون مع وزارتي المالية والاقتصاد: “سأطالب أيضا ببنود خاصة بالاستثمارات الأفريقية للحصول على معاملة ضريبية أنسب”. ومن المعروف أن “خطة مارشال لأفريقيا”، هي المحور الرئيسي لبرنامج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الذي يهدف للحد من تدفقات اللاجئين من خلال تقاسم تكاليف القضايا الإنسانية بشكل أفضل بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
تحدث موقع DW في مقال له نشره في 10 يناير 2019، أنه بين عامي 2016 و2018 استثمرت الحكومة الألمانية ما يقرب من 15 مليون يورو في هذا المضمار. سبب ذلك الدعم بسيط، كما كتبت الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية رداً على طلب إحاطة من قبل الكتلة اليسارية في البرلمان الألماني، والذي اطلعت عليه DW: “ينصب التركيز على مكافحة الهجرة غير الشرعية وجرائم التهريب المرتبطة بها وتجنب التهديدات التي يتعرض لها الطيران الدولي” . تمثل الدعم الألماني في كشافات اليد لحرس الحدود المصرية، تدريب لصالح شرطة الكاميرون، دعم مالي لحكومة نيجيريا للبدء بالعمل بخدمة بطاقات الهوية البيومترية. تلك فقط مجرد أمثلة عن الدعم الألماني لبعض الدول الإفريقية لتتمكن تلك الدول من تأمين حدودها بشكل أفضل.
ذكر موقع وكالة Reuters في 30 أكتوبر 2019، أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعهدت بإنشاء صندوق جديد للتنمية بهدف التصدي للبطالة في أفريقيا، وهي مشكلة تدفع إلى الهجرة الجماعية. الهدف هو توفير وظائف جيدة للأفارقة وتخفيف الفقر الذي يشجع إلى جانب عدم الاستقرار السياسي والعنف أعدادا كبيرة على التوجه إلى أوروبا. لكن المهمة شاقة في ظل نمو سكان القارة الأفريقية بنحو ثلاثة في المئة سنويا. وقالت ميركل في خطابها الافتتاحي الذي أعلنت فيه أن الصندوق سيساعد الشركات المتوسطة والصغيرة من أفريقيا وأوروبا على الاستثمار في القارة السمراء ”نحن الأوروبيين لدينا اهتمام كبير في أن تكون للدول الأفريقية آفاق اقتصادية مشرقة“.
قمة بروكسل و سالزبورغ.. الرؤية الألمانية لمواجهة الهجرة واللجوء من افريقيا
ذكر موقع DW الألماني في 29 يونيو 2018 ، أن ميركل قالت في إطار قمة بروكسل المنعقدة في 29 يونيو 2018 إنها ـ”رسالة جيدة” أن يتفق قادة دول الاتحاد الأوروبي على نص مشترك. وذكرت ميركل أنه لا يزال هناك الكثير من العمل من أجل وضع نظام لجوء أوروبي مشترك، وأضافت “لكنني متفائلة بعد هذا اليوم بأننا نستطيع بالفعل مواصلة العمل”، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك “الكثير لفعله من أجل تجاوز وجهات النظر المختلفة”. و أوضحت المستشارة أنه في حال إنشاء مراكز تجمع للاجئي القوارب خارج الاتحاد الأوروبي سيجرى التعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية والالتزام بالقانون الدولي. وقالت “أثمن للغاية قولنا بأننا نريد العمل على إقامة شراكة مع أفريقيا”.
ذكر موقع Euronews في 20 ايلول 2018 ، و في اطار قمة سالزبورغ المنعقدة في نفس اليوم ، أن المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، قالت إن دول الاتحاد تسعى لتوقيع اتفاقيات بشأن اللاجئين مع دول الشمال الإفريقي، تشبه ما تم الاتفاق عليه مع تركيا.وسبق أن توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقيات تعاون مع تركيا وليبيا، أدت إلى وقف كبير للهجرة إلى أوروبا منذ أن وصلت الأعداد إلى ذروتها في العام 2015، لكنه يسعى إلى توسيع العمل مع كل دول شمال إفريقيا. كما أشارت ميركل إلى وجود اتفاق بين دول الاتحاد من أجل تكثيف الحوار مع مصر والمغرب وليبيا، قائلة إن عقد اتفاقات وتفاهمات معها، مثل التي وُقعت مع أنقرة، باتت ضرورة مؤخرا. بالمقابل، قالت المستشارة الألمانية إن قضايا توزيع اللاجئين في دول الاتحاد نوقشت بشكل عرضي، بسبب عدم التوصل إلى نتائج بهذا الصدد.
ألمانيا و دول شمال افريقيا.. اتفاقيات للتصدي لمشكلة الهجرة واللجوء
صرحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وفقا لموقع DW الألماني في 20 ايلول 2018 بأن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى توقيع اتفاقيات بشأن اللاجئين مع دول الشمال الأفريقي، تشبه ما تم الاتفاق عليه مع تركيا. وقالت ميركل في ختام قمة الاتحاد الأوروبي غير الرسمية في سالزبورغ، والتي استمرت يومين، إن هناك اتفاقا بين أعضاء الاتحاد الأوروبي لتكثيف الحوار مع مصر وتونس والمغرب وليبيا بهذا الخصوص. وأضافت ميركل أن إبرام اتفاقات وتفاهمات مثل التي وقعت مع أنقرة صار ضرورة في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أنه صار من الواضح أن الاتحاد يرغب بصفة عامة في عقد شراكات وثيقة مع دول في أفريقيا، إلا أنه لابد من تعلم كيفية تحقيق التعاون في التنمية والاستثمارات الخاصة مع تلك الدول بصورة أفضل.
تحدث موقع Al Jazeera Encyclopedia في 27 ابريل 2017 ، أن السلطات الألمانية و المصرية وقعا اتفاقية أمنية ثنائية، و تحدد الاتفاقية 22 مجالا للتعاون الأمني بين السلطات الألمانية والمصرية، أهمها محاربة الجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، وتجارة المخدرات، وتهريب البشر، وتزييف العملة، والوثائق الرسمية، لكنها تركزت بشكل رئيسي على مكافحة الإرهاب والتطرف. وتعود فكرتها إلى نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.وتعد وزارتا الداخلية الألمانية والمصرية الراعيتين الرئيسيتين للاتفاقية الأمنية التي تشارك فيها هيئات تابعة لكلتا الوزارتين، من أهمهما من الجانب الألماني الشرطة الاتحادية المسؤولة عن مراقبة الهجرة والمعنية بتدريب الجانب المصري في هذا المجال، والشرطة الجنائية الاتحادية.
الخلاصة
رسمت السلطات الألمانية، في السنوات الأخيرة، برامج و خطط تستهدف تنظيم مسألتي الهجرة و اللجوء التي تأتي خاصة من الدول الإفريقية، و خصصت في سبيل تكريس ذلك ملايين اليوروهات. لكن نتائج كل تلك الجهود لم تحقق ما تم التخطيط له ، و هذا ما يوضح التخبط الحاص حاليا في الاتحاد الأوروبي حول مسألة الهجرة ، فبين ألمانيا و باقي دول الاتحاد الاوروبي شرخ كبير في الاتفاق حول سياسات واضحة ومشتركة تستهدف التصدي لمشكلتي الهجرة واللجوء، و لطالما انتقدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، بعض الدول الأوروبية و سياستها تداه الهجرة و المهاجربن من افريقيا. السلطات الألمانية لم تنجح بعد في معالجة مشكلة الهجرة من افريقيا، ولم تضع حلول حقيقية للتصدي لهذه المشكلة، بالرغم من البرامج التنموية و الدعم الموجه للقارة الافريقية ، الا أنه لا يعدّ كافيا.
التوصيات
- مضاعفة الدعم المالي الألماني الموجه للقارة الافريقية.
- زيادة التعاون والتنسيق بين ألمانيا و دول افريقيا لاسيما تلك التي تعتبر مصدّرة للمهاجرين.
- ضرورة رسم ” برامج تنموية فعالة على المدي القريب و المتوسط ” موجهة للمجتمعات الافريقية.
- مراقبة الأموال والمساعدات التي تقدمها ألمانيا للدول الافريقية في سبيل محاربة الهجرة ، والتأكد أن تلك الأموال والمساعدات لا يتم التصرف فيها من طرف الحكومات الافريقية خارج أهدافها المرسومة.
- تركيز ألمانيا على دعم الديمقراطية و حقوق الانسان في الدول الافريقية.
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر …https://www.europarabct.com/?p=54921&preview=true
الهوامش
“خطة مارشال” لمكافحة أسباب الهجرة إلى ألمانيا
الدعم الألماني لإفريقيا لوقف الهجرة.. الجدوى والشركاء
ميركل تتطلع إلى أفريقيا لدعم إرث شكله المهاجرون
قمة بروكسل – برلين ترحب ومنظمات حقوقية تعتبرها “إعلان إفلاس”
قمة سالزبورغ الأوروبية.. لبدء المفاوضات مع دول شمال إفريقيا لوقف تدفق المهاجرين
ميركل: نسعى لاتفاقيات بشأن اللاجئين مع مصر والدول المغاربية
تعرف على الاتفاقية الأمنية الألمانية المصرية