المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
إعداد: أسرة الدراسات والتقارير (25)
الإخوان وعلاقتها بالأحزاب السياسية في فرنسا
تضم فرنسا من أكبر عدد من الجاليات المسلمة في أوروبا حيث يقدر عدد المسلمين الذين يعشون في المجتمع الفرنسي بحوالي (6) مليون مسلم، وهو العدد الأكبر بين دول أوروبا، ومن الجدير بالذكر أن الغالبية الساحقة من مسلمي فرنسا هم من دول المغرب العربي ونسبتهم (82%) من مجمل مسلمي فرنسا (43.2 %) من الجزائر، (27.5 %) من المغرب و(11.4%) من تونس و(9.3%) من إفريقيا جنوب الصحراء و(8.6%) من تركيا و(0.1%) فرنسيون تحولوا إلى الإسلام نحو (70,000) متحول للإسلام.
تغلغل جماعة الإخوان وعلاقتها بالجاليات المسلمة في فرنسا
تتغلغل جماعة الإخوان في الجاليات العربية والمسلمة في فرنسا، لينشروا أفكارهم بين أبنائها ليشكلوا قاعدتهم الخاصة وإتجه الفرع الإخواني الفرنسي نحو بناء شبكة منظمات وجمعيات وارتباط بالأحزاب السياسية داخل المجتمع الفرنسي تنشط في مختلف النواحي، مستغلاً لهذه الأعداد الكبيرة من الجاليات المسلمة التي تعيش داخل المجتمع الفرنسي، والتي تنصب جماعة الإخوان نفسها بديلاً عن هذه الجاليات بهدف خدمة مصالح مشتركة بينها وبين الأحزاب السياسية الفرنسية. ويرجع السبب في تزايد قوة وانتشار الإسلام السياسي في فرنسا إلى تزايد أعداد المهاجرين القادمين إليها وبخاصة بعد أن أصدرت فرنسا قانون التجمع العائلي الذي سمح للعمال المسلمين باستقدام عائلتهم من بلادهم الأصلية.
ونشطت جماعة الاخوان في المجتمع الأوروبي منذ حوالي ستة أعوام، وسعت إلى استخدام المنظمات غير الحكومية الفرنسية الغير هادفة للربح مثل الجمعيات الخيرية والمساجد وغيرها من المؤسسات بهدف الترويج إلى افكارها المتطرفة، والقيام بأعمال العنف والتطرف. ولكن ما هو جدير بالذكر أن الأجهزة الاستخباراتية قد كشفت عن وجود ترتبط بين جماعة الاخوان وبين بعض الأحزاب السياسية في فرنسا، تربط بعضهم البعض مصالح سياسية مشتركة متمثلة في استغلال الإخوان للجاليات الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافها في المجتمع الفرنسي، وخاصة فيما يتعلق بممارسات السياسية، كما مثلت الكتل الإسلامية وسيلة للضغط على الدول الأوربية لدعم سياسيين أو أحزاب في الانتخابات، حيث يعطون أصواتهم وأصوات الجاليات المسلمة التي يشكل كتلة سياسية انتخابية كبيرة لدعم حزب معين أو خسارة أخر مقابل الحصول علي الدعم السياسي والمالي من الحكومة الفرنسية.
الإسلام السياسي في فرنسا
الإسلام السياسي هو مصطلح للتعبير عن جميع التيارات الأيديولوجية والسياسية التي تهدف إلى إقامة دولة خلافة تقوم على مبادئ الإسلام، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المجتمع، وتهيمن تيارات الإسلام السياسي لاسيما تنظيم الإخوان على المؤسسات الفكرية والمنظمات الخيرية وعلى وسائل الإعلام في العديد من الدول الأوروبية خاصة فرنسا وتستطيع من خلال ذلك خدمة مصالحها ونشر وترويج أفكارها. تشترك حركات الإسلام السياسي بوجه عام فيما يسمي بالاستغلال السياسي للأزمات وتوظيفها سواء للوصول إلى السلطة أو التحريض ضد الأنظمة الحاكمة ومحاولة تشويه صورتها أو في التغلغل في المجتمع وبناء قاعدة شعبية لها، وخاصة ضمن أوساط الطبقات الفقيرة والمهمشة، وتأتي جماعة الإخوان في مقدمة هذه الحركات التي لم تترك أزمة أياً كانت سياسيةً أو اقتصاديةً أو إنسانيةً إلا وحاولت استغلالها لتعظيم مكاسبها وتعزيز نفوذها. وكشفت التقارير أن مؤيدي الإسلام السياسي، يسعون حالياً إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا من أجل إنشاء دولة الخلافة، ويغذون في بعض المدن نزعة انفصالية خطيرة.
علاقة الإخوان بقادة الرأي في فرنسا
استطاعت جماعة الإخوان أن تكن مألوفة في المشهد الإعلامي الفرنسي، ونجح بعض قيادتها في تكوين علاقات قوية مع بعض رجال السلطة وقادة الرأي والصحافيين، الذين خدعوا في الاخوان وتهيأ لهم أنهم مثالاً جيد للإسلام، حيث شذبوا لحاهم وارتدوا ملابس عصرية وأنيقة تختلف عن تلك النمطية التي يعرف بها المتشددون من المسلمين، وتبقي جماعة الإخوان معادية دايماً للديمقراطية، حتى لو كان بإمكانهم أحياناً استغلال العمليات الانتخابية كأداة، عندما يأملون جني بعض الفوائد منها، وعلى الرغم من أن ممثليها يدعون عكس ذلك، فإن الحقائق موجودة تظهر أن أيديولوجيتهم تمثل عدواً معلناً للقيم العالمية.
لقد استغل الإخوان في فرنسا الجمعيات المناهضة للعنصرية واخترقوا المجالس البلدية، ووصلوا إلى المسؤولين المنتخبين والأكاديميين والصحافيين باتباع إستراتيجية اللعبة المزدوجة التي تتصف بالكذب. بالإضافة إلى أنهم طوروا اقتصادات قوية بنشرهم لسوق الحلال الذي يلاقي رواجاً من كل المسلمين في فرنسا.
العلاقة بين جماعة الاخوان والأحزاب السياسية في فرنسا
حزب الخضر الفرنسي: حاز حزب البيئة أو “الخضر” بفوز وصف بأنه التاريخي في الانتخابات البلدية الفرنسية لعام 2020 التي عُقدت في يونيو 2020، ومنذ ذلك النجاح انتشرت تحليلات سياسية مختلفة ومنها نظريات تربط بين هذا النجاح وصعود الإسلام السياسي في فرنسا.
الحزب الشيوعي الفرنسي، وحزب فرنسا الأبية: هناك جمعيات لها علاقات وطيدة مع كل من “الحزب الشيوعي الفرنسي”، وحزب “فرنسا الأبية”، ومنها جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا” التي تم حلها عام 2020، وحركة “معاداة العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب” و “جامعة حقوق الانسان”، كما أنها تتدخل دائماً بصفتها جمعياتٍ تناضل ضد التمييز العنصري في سير كل القضايا المتعلقة بهذا الشأن المرفوعة أمام المحاكم الفرنسية؛ هذه الجمعيات تنتفض لمجرد الخوض في بعض المسائل المتعلقة بالدين الإسلامي، وتعتبر أية محاولة نقد لتصرفات بعض المسلمين والجماعات الإسلاموية نوعاً من العداء إزاء الإسلام والمسلمين، كما أنها لم تتوقف عن نشر طرحٍ مفاده أن الربط بين الإرهاب والحركات الإسلاموية هو نوع من التجني على المسلمين كافة.
حزب اليسار الاسلامي: يعكس مصطلح اليسار الإسلامي التعاون القائم بين أجنحة من اليسار الراديكالي وجماعات الإسلام السياسي، وهو مطروح أكاديمياً منذ ما يقرب من عشرين عاماً عبر الفيلسوف والمؤرخ بيير أندريه تاجيف، الذي رصد تحالفات عسكرية وسياسية بين اليساريين وجماعات الإسلام السياسي، على اختلاف انتماءاتها، بدءاً بالإخوان مروراً بالسلفيين وانتهاءاً بالجهاديين. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أبريل 2022، يأتي الجدل حول اليسار الإسلامي في فترة مشحونة سياسياً.
اتحادات وجمعيات فرنسية تدعم جماعة الإخوان
تضم فرنسا أكثر من (250) جمعية إسلامية على كامل أراضيها، منها (51) جمعية تعمل لصالح الإخوان، بالإضافة إلى التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا وجمعية الإيمان والممارسة ومركز الدراسات والبحوث حول الإسلام والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية ومعهد إبن سينا لتخريج الأئمة. هذه الجمعيات تمارس نشاط سياسي وتعمل لصالح الجماعات المطرفة.
اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا: يعتبر هذا الاتحاد هو المقرب من جماعة الإخوان وينظم سنوياً ملتقى مسلمي فرنسا، ويعد منصة سياسية لبعض الجماعات السياسية، بالأخص جماعة الإخوان.
جميعة FEMYSO الفرنسية: تم إنشاءها في عام 1996 وشاركت في مبادرات من المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا لعدة سنوات، وتلقت ثلاث منح بين عامي 2010 و2016، وفقاً لتقرير صادر عن المفوضية في عام 2017. أكد وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا كليمان بون أنها جمعية تابعة لجماعة الإخوان وتخدم مصالحها السياسية، ووفقاً لمجلة ماريان الفرنسية تضم الجمعية (32) منظمة عضو لديها، كما وصف العديد من الباحثين الجمعية بأنها فرع تابع لأتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (UOIE) وهو الاتحاد المعروف بصلته القوية لجماعة الإخوان المسلمين ويمثل التيار الأصولي للإسلام في أوروبا.
التقييم
ترفض السلطات الفرنسية استغلال الإسلام لأية أغراض سياسية، إلا أنه ما زالت شحنة كبيرة من السياسيين وقادة الرأي تجمعها مصالح مشتركة بجماعة الإخوان وغيرها من الجماعات المتطرفة التي تمثل خطراً كبيراً على المجتمع الفرنسي. ولابد أن يتفهم ذلك الخطر كل من له مصالح مشتركة تدعمها هذه الجماعات سواء أكانت مصالح سياسية تتمثل في دعم حزب أو مرشح معين للفوز في الانتخابات، أو مصالح مالية كدعم المالي الذي تقدمه جماعة الإخوان إلى بعض المؤسسات، وإدراك مخاطر وتهديدات تنظيم الإخوان على الأمن الفرنسي، وعدم التعاطف معهم، والتصدي لهم وتفكيك خطاب المظلومة الإخواني، والعامل علي تشريع القوانين بعقوبات صارمة لكل من يثبت تعامله مع هذه الجماعات.
رابط مختصر: https://www.europarabct.com/?p=80439
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
1- EU commissioner faces French rebuke for meeting Muslim Brotherhood-linked group
https://bit.ly/3MeEZxS
2- تحالفٌ غيرُ مقدس: اليسار الليبرالي والإسلام السياسي
https://bit.ly/36YQVnp
3- اليسار الإسلامي منفذ الإسلام السياسي لتلميع صورته
https://bit.ly/35EkZnq
4- فرنسا: تقرير لمجلس الشيوخ يحذر من “التطرف الإسلامي
https://bit.ly/35ngOg9