تهديد إيران إلى الأمن الدولي ..التسلح النووي ومخاطره على أوروبا
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا – وحدة الدراسات والتقارير “3”
عقب تأكيدات إيران يوم 07 يوليو 2019 أنها ستبدأ في تخصيب اليورانيوم بنسبة يحظرها الاتفاق حول برنامجها النووي، مهددة بالتخلي عن تعهدات أخرى “خلال ستين يوما” جديدة، أعربت المسؤولة عن السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، عن قلقها البالغ تجاه هذه التطورات، مرجحة انعقاد اللجنة المشتركة والتي يتكون أعضاؤها من إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضوا في اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق)، كخطوة أولى لعملية فض المنازعات وفق مقتضيات اتفاق 2015. ويكون أمام اللجنة المشتركة 15 يوما لتسوية المشكلة ما لم يتوافق أعضاؤها على تمديد تلك الفترة الزمنية.
وكان تصريح الإليزيه الأول الصادر بذات اليوم 07 يوليو 2019 عن دولة أوربية بهذا الخصوص، فقد أبلغ مسؤول بالرئاسة الفرنسية وكالة رويترز للأنباء أن الرئيس إيمانويل ماكرون استنكر اليوم الأحد قرار إيران رفع مستوى التخصيب، في خطوة قال إنها “انتهاك” للاتفاق. ومع ذلك أعلن المصدر أن آلية فض النزاع بشأن الاتفاق النووي الإيراني لن يتم تفعيلها الآن.
وأعربت برلين عن بالغ قلقها إزاء إعلان إيران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم لديها. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية: “ألمانيا قلقة للغاية بشأن إعلان إيران أنها بدأت تخصيب اليورانيوم على نحو يتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق النووي (لعام 2015”.
أعلن الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء برنامج إيران الصاروخي، وأكدعلى ضرورة معالجة الأمر خارج الاتفاق النووي ،وشدد على امتثال طهران لجميع التزاماتها الدولية بما يشمل حظر نقل الأسلحة الذي جاء في قراري مجلس الأمن الدولي رقم 2216 و2231
الأتفاق النووى
وافقت إيران عام 2015 على صفقة طويلة الأمد بشأن برنامجها النووي مع مجموعة القوى العالمية الخمس وهي كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، وجاء ذلك بعد سنوات من التوتر حول جهود إيران المزعومة لانتاج سلاح نووي،وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية الحساسة والسماح بعمل المفتشين الدوليين في إيران ، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ذكر تقرير فى إبريل 2018 عن فشل محاولات الدول الأوروبية الحثيثة لإقناع الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب” ببقاء بلاده في الاتفاق النووي الإيراني، بعد خشية دول أوروبا من مواجهة مخاطر تبدو كبيره، ليعرب بعدها الاتحاد الأوروبي عن قلقه من القرار، قائلاً: “نحن قلقون من إعلان ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي”، ومؤكداً بالقول “سنعمل على الحفاظ على مصالحنا الاقتصادية.
أعلن ” ترامب” خروجه من الاتفاق النووي فى مايو 2018 ، ورفضت أوروبا منح إيران ضمانات لاستمرار العمل بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، لكنها أكدت وجود نوايا حسنة جادة تجاه طهران، بعد اجتماع ضم وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران في بروكسل ، لمناقشة مستقبل الاتفاق.
تهديدات إيران النووية
شنت واشنطن فى أكتوبر 2017 هجوما لاذعاً على الاتفاق الذي أبرمته إدارة “باراك اوباما” الرئيس الأمريكى السابق مع إيران، واصفاه إياه بـ “أسوأ اتفاق وقعته أمريكا في تاريخها”، وأضاف أن واشنطن لديها قلق كبير من تطوير إيران برنامج صواريخها الباليستية التي قد يصل مداها إلى (500) كيلومتراً، وهي النقطة التي يرغب ترامب في ضمها إلى الاتفاقية، إلى جانب القلق الأمريكي من تعاظم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وما يمثله من تهديد للحلفاء الخليجيين.
و يقول “زيغمار غابرييل” وزير الخارجية الألماني السابق إن إيران “ليست بناءة في الشرق الاوسط”، وأنها أيضا لديها القلق مشترك من التطور المتسارع في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ومن جهة أخرى فرضت وزارة الخارجية الأميركية ، عقوبات على 5 من قادة “الحرس الثوري”، لدورهم في نشر الصواريخ الباليستية وإيصالها ليد الحوثيين في اليمن .
وتؤكد مصادر مسؤولة داخل المفوضية الأوروبية فى يناير 2018 أن أوروبا ليست مستعدة للتضحية بالعامل الأمني لصالح العامل الاقتصادي الذي توفره الأسواق الإيرانية لدول الاتحاد، وأن كافة عواصم الاتحاد باتت تعتبر أن سياسة إيران العدوانية في المنطقة لا توفر مناخا ملائما لدفع الاستثمارات الأوروبية إلى إيران، كما أن حالة الحروب داخل دول المنطقة التي تتحمل طهران جانبا كبيرا من المسؤولية في استعارها تهدد أمن واستقرار أوروبا.
ونبه وزير خارجية لوكسمبورج “يان اسلبورن” فى أبريل 2017 إلى أن السياسة الخارجية لإيران وبرنامجها الباليستي لا ينسجمان مع روح الاتفاق النووي، ودعا خلال اجتماع وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في اللوكسمبورج إلى بحث فرض عقوبات جديدة على إيران ترضي الأميركيين وتتجنب في نفس الوقت انهيار الاتفاق.
أفاد تقرير فى مايو 2018 عن اللواء” محمد باقري” رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إن “القوات المسلحة الإيرانية لا تنتظر رخصةً أو ضوءاً أخضر من أي قوة لتطوير قدراتها الدفاعية”، مضيفاً أن واشنطن ليست لديها الشجاعة لمواجهة عسكرية مع طهران،وكانت وزارة الخارجية الأميركيه اشترطت إنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية في جزء من (12) شرطاً للوصول إلى اتفاق جديد مع طهران.
خلايا تجسس إيرانيه فى دول أوروبا
كشف تقرير المخابرات الالمانيه أن هجمات إلكترونية يعتقد أن إيران تدعمها استهدفت بشكل أساسي الحكومة الألمانية والمعارضين ومنظمات لحقوق الإنسان ومراكز أبحاث وصناعات الطيران والدفاع البتروكيماويات،وأوضح أن “الحملات الإلكترونية المرصودة فعالة لدرجة أن العمليات التي تطلقها وتوجهها أجهزة المخابرات لجمع المعلومات قد تشكل خطرا على الشركات ومؤسسات الأبحاث الألمانية”.
وبين التقرير إن المتسللين الإيرانيين استخدموا بالأساس برامج إلكترونية ضارة متاحة للجميع، إضافة إلى أدوات هندسة اجتماعية وتحلوا غالبا بالصبر الشديد في انتظار إصابة المواقع المستهدفة.
حذر مسؤولون أميركيون، من أن شبكات قرصنة تعمل لصالح الحرس الثوري وأجهزة المخابرات الإيرانية تستعد لتنفيذ هجمات إلكترونية مكثفة على البنية التحتية الأميركية والأوروبية،وأكد هؤلاء المسؤولون أن أجهزة إيران وضعت خططا لشن هجمات إلكترونية واسعة في حال انهيار الاتفاق النووي بشكل كامل، إلا أنها لم تقم بعد بتنفيذها.
أعلن جهاز المخابرات الهولندي فى يوليو 2018 طرد موظفين إيرانيين اثنين يعملان بسفارة طهران في أمستردام،وقال متحدث باسم المخابرات “نستطيع أن نؤكد أن هولندا طردت شخصين معتمدين لدى السفارة الإيرانية،و لن نقدم مزيدا من المعلومات”،وأكدت وزارة الخارجية النمساوية إنها ستنزع الصفة الدبلوماسية عن إيراني بعد القبض عليه في ألمانيا لصلته بـ”مؤامرة لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا”.
كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية التابع لمنظمة “مجاهدي خلق المعارضة” أن جهاز مخابرات إيرانيا، يشرف عليه ضابط استخبارات كبير، مسؤول عن اغتيالات وتفجيرات بأوروبا، وهو من يقف وراء الهجوم الفاشل لتفجير مؤتمر المعارضه ، حيث شارك نحو (25) ألف شخص ا في تجمع المعارضة، وعلى رأسهم رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مريم رجوي. وأكد أنه أيضا مخطط العملية الإرهابية ضد مؤتمر المعارضه بباريس، والتي باءت بالفشل بعد قبض السلطات البلجيكية على رجل وزوجته، كانا بصدد القيام بعملية التفجير.
وحول محطات المخابرات الخارجية التي كانت تعمل بالتنسيق مع”أسد الله أسدي” ، أوضح محدثين، أن ألمانيا من أهم محطات وزارة المخابرات في أوروبا، إذ كانت سفارة النظام في بون المركز العصبي للمخابرات بالقارة، قبل إيقافها بأعتبارها مركز للمخابرات الإيرانية في أوروبا، كما تمثل محطة المخابرات في فرنسا أهمية كبيرة لنظام الملالي لوجود مقر المقاومة هناك.
يبدو ان الموقف الاوروبي بدأ يتغير بشكل كبير ضد ايران ويتجه نحو العقوبات الاميركية، وهناك تقارب اوروبي ـ اوروبي فيالمواقف تجاه الملف النووي الى جانب التقارب الاوروبي الاميركي. وهذا يعني ان عقد الاتفاق او الرهان الايراني على اوروبا فرط عقده، رغم ان دول أوروبا تحاول ان تمسك بهذا الاتفاق الهش الى اللحظة الاخيرة لاسباب اقتصادية.
توصيات
أصبح من الضروري على دول أوروبا متابعة ملف الأتفاق النووى لإيران خصوصا بعد محاولتها القيام بتفجير مؤتمر المعارضه بباريس ، وعمل رقابه مشددة عليها ، ويجب تجهيز مختصين معنين بمراقبة وكالات الطاقة الذريه ، كما نوصى البلدان الأعضاء في اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يتمسكوا بالتزاماتهم الواردة في الاتفاقية ،وعلى إيران الالتزام بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية -الجهة المراقبة للاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية ينبغي عليها الكشف اكثر عن الخطوات الجديدة التي اتخذتها ايرات في اعقاب التخلي عن التزاماتها، وعلى مفتشيها زيادة طهران للتأكد من مستوى تخصيب اليورانيوم عن الحد المسموح به ضمن الاتفاق النووي
الهوامش
رابط مختصر :https://www.europarabct.com/?p=47495
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات