تهديد إيران إلى الأمن الدولي ..تهديدات الأسلحة الباليستية والنووية
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا – وحدة الدراسات والتقارير “4”
يتصاعد القلق في أوروبا من برنامج إيران النووى والصاروخي، وشدد الاتحاد الأوروبى على التعامل بجدية مع اتهامات واشنطن لطهران بانتهاك القرارات الدولية وبنود الاتفاق النووى،ما يدفع الغرب الآن إلى طرح خيار إعادة النظر فيه، مع استمرار المخاوف من حصول إيران مستقبلا على القنبلة النووية.
البرنامج النووى الأيرانى
يعود تاريخ إيران النووي إلى منتصف السبعينيات، عندما بدأ شاه إيران آنذاك،محد رضا بهلوي، برنامجا للطاقة النووية، وكانت هناك تقارير أيضا تفيد بأن إيران بدأت برنامج أبحاث مصغرا للأسلحة النووية،وظهرت تقارير فى مارس 2003 تفيد بأن إيران قد تكون أدخلت مواد نووية إلى منشأة التخصيب دون إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية،وتم الكشف فى فبراير 2004، عن آثار لليورانيوم عالي التخصيب في موقعين مختلفين على الأقل، وأن درجة نقاء ما تم اكتشافه كانت كافية لإنتاج أسلحة نووية، و رفضت إيران عرض الاتحاد الأوروبي فى أغسطس 2005 بتقديم حوافز مقابل ضمانات بأنها لن تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
بلغ عدد أجهزة الطرد المركزي فى نوفمبر 2007، التي تعمل على تخصيب اليورانيوم، التي تم تجميعها في إيران حوالي (3000) جهاز بعد أن كانت بضع مئات فقط في عام 2002،انضمت الولايات المتحدة إلى المحادثات النووية فى يوليو 2008، لأول مرة، وتوقفت المفاوضات بين إيران والقوى الدولية الست في نوفمبر 2011.
وقعت القوى العالمية وإيران يوليو 2015 اتفاقا تاريخيا للحد من برنامج إيران النووي مقابل الحصول على إعفاء مالي من مليارات الدولارات من العقوبات الدولية، وفى أغسطس 2016، اتهم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، دول الغرب بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق،أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب فى أكتوبر2017،عن استراتيجية جديدة بشأن إيران تتضمن فرض عقوبات إضافية،كما أعلن ترامب فى 8 مايو 2018 الخطوة التي كانت متوقعة بشكل كبير،قائلا: “أعلن اليوم أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني”.
تهديدات إيران النووية
أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة فى يونيو 2018 بالبدء في عملية زيادة القدرة على تخصيب اليورانيوم، وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي إن طهران تطور البنية التحتية لبناء أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز، مشيرا إلى أن ذلك لا يعد انتهاكا للاتفاق النووي.
كرر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فى مايو 2018 اتهامته إلى طهران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية، مؤكدا أن إيران لديها “برنامج سري للأسلحة النووية منذ سنوات”،وقال بومبيو، في بيان، إن “النظام الإيراني أصر لسنوات عديدة أمام العالم على أن برنامجه النووي سلمي، تظهر الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل من داخل إيران بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام الإيراني لا يقول الحقيقة.
وصرح مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ، سايمون هندرسون إن ما كشفه رئيس الوزراء الاسرائيلى “يشير إلى أن إيران كانت أقرب إلى تطوير سلاح نووي قابل للاستخدام أكثر مما تصوره العديد من الخبراء قبل التوقيع على الاتفاق النووي”
ويقول العميد “حسن الشهري” الخبير العسكري والمحلل السياسي فى مايو 2018 أن “إيران استثمرت كل الوقت الماضي في تطوير برامجها العسكرية في ظل غياب شامل للدول الموقعة على الاتفاق كما ساعدت الأموال المليارية التي اُفرج عنها في زيادة هذه الأعمال”، إضافة إلى زيادة دعم الميليشيات في العراق والشام ولبنان واليمن .
وناشد” بوريس جونسون” وزير الخارجية البريطانى واشنطن بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي بقوله “رغم أنّ الرئيس الأميركي لديه”وجهة نظر محقة بشأن وجود ثغرات في الاتفاق إلا أن المجتمع الدولي لا يملك بديلا أفضل،وأنّ إبقاء القيود التي وضعها الاتفاق على البرنامج النووي سيتصدى لسلوك إيران العدواني الإقليمي ،وشدد الاتحاد الأوروبى على أن الاتفاق الوحيد والقائم مع إيران، وهو اتفاق ناجع، لأنه منع إيران من امتلاك سلاح نووي وألزمها بعدم تطوير، لا حدود له، لسلاح نووي.
بدأت طهران فى ديسمبر 2016 بتطوير نظم إنتاج سفن تعمل بالطاقة النووية ردا على ما وصفه بانتهاك الولايات المتحدة للاتفاق النووي، وأكد الخبراء إن تحرك طهران يستلزم على الأرجح تخصيب يورانيوم بدرجة نقاء أعلى من الحد الأقصى الوارد في الاتفاق النووي الذي يهدف إلى تبديد المخاوف من سعي إيران إلى صنع قنبلة ذرية.
ووصف روحاني التكنولوجيا بأنها تصنيع ”محرك بالدفع النووي يستخدم في النقل البحري“ لكنه لم يحدد ما إذا كان ذلك يتعلق فقط بالسفن أم بالغواصات ،وقالت إيران في عام 2012 إنها تعمل على صنع أول غواصة تعمل بالطاقة النووية،ويقول “مارك هيبس” الخبير النووي والباحث في معهد كارنيجي للسلام الدولي ”بناء على الخبرة الدولية، إذا مضت إيران قدما في هذا المشروع ستحتاج إلى زيادة مستوى التخصيب.
تهديدات الأسلحة الباليستية
أعلن مسؤول كبيربوزارة الدفاع الإيرانية فى سبتمبر 2018، أن طهران تعتزم تعزيز قدراتها المتعلقة بالصواريخ الباليستية والصواريخ الموجهة، وكذلك امتلاك جيل جديد من المقاتلات والغواصات،و إن “زيادة القدرة المتعلقة بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الموجهة، وامتلاك جيل جديد من المقاتلات والسفن الثقيلة والبعيدة المدى والغواصات المزودة بقدرات أسلحة متنوعة، من بين الخطط الجديدة للوزارة”.
أفادت مصادر غربية فى سبتمبر 2018، أن إيران منذ عام 2014 قامت بإرسال صواريخ باليستية إلى عدد من الميلشيات المسلحة بالعراق ، بهدف تقوية مواقعها وتهديد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة،بهدف ردع الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط، ولامتلاك الوسيلة التي تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة.
أدرجت طهران برنامجها البالستي في إطار سياسة ردع، لا سيما تحسبا لفرضية تدخل عسكري ضد منشآتها النووية، ويصب شراء أنظمة صواريخ روسية من نوع إس-300 في هذا الإطار،تندرج رغبة إيران في تطوير قدرات تكنولوجية بالستية في إطار أوسع لسياسة الكفاية الذاتية، التي تعتمدها طهران للحد من أي اعتماد محتمل على الخارج.
تشكل الصواريخ أبرز وسيلة ردع في العقيدة العسكرية التي تقدمها طهران على أنها دفاعية، لكن القوى الإقليمية المنافسة لإيران تعتبر البرنامج البالستي “هجوميا”،ويعبرالغربيون عن قلقهم إزاء استمرار برنامج بالستي في موازاة برنامج للاستقلالية النووية، بسبب احتمال أن تستخدم إيران هذه الصواريخ البالستية على المدى الطويل لأهداف مرتبطة بالاستخدام النووي العسكري.
نشرالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن فى مايو2018 تقريرا مفاده أن إيران تطور حاليا نحو (12) نوعا من الصواريخ البالستية البالغ مداها ما بين (200-2000 كلم )، ويمكن أن تزود بشحنات يتراوح وزنها ما بين (450 و1200 )كلغ.
وكشفت إيران النقاب فى فبراير 2018 عن صاروخ باليستي جديد قادر على حمل رؤوس نووية، وسط تصاعد المطالب الأميركية والأوروبية وضغوط المجتمع الدولي حول ضرورة إعادة النظر بـ الاتفاقالنووي بحيث يؤدي إلى وقف برنامج طهران الباليستي الذي ترى فيه الدول الغربية انتهاكاً للقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن.
وقام الحرس الثوري باستعراض صاروخين باليستيين بعيدي المدى من طراز “قدر F” يصل مداهما إلى (2000) كلم، ذلك جاء رداً على المطالب الأميركية والأوروبية وتحدياً للقرارات الأممية،ويرى الخبراء أن هذه الاستعراضات تأتي في سياق محاولة النظام تعزيز نفوذه الإقليمي ،وذكرت وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري أن صاروخ ” قدر F” استعرض عند تقاطع طرق “آزادي” و”شمران” وهو بطول (15.86 ) متراً والوزن المسلح له (17460) كغم، بينما يزن رأسه الحربي 650 كغم.
وأعربت “موغريني”منسقة السياسة الخارجية والأمن الأوروبية فى نوفمبر 2017 نشعر بقلق شديد إزاء برنامج الصواريخ الباليستية وبعض المشاكل الأخرى في المنطقة ذات الصلة بالوضع في سوريا أو اليمن. وأكدت بوضوح أن هذه المشاكل تبحث خارج الاتفاق النووي،ومن المهم المحافظة على الاتفاق مثلما وقِّع. ونعتقد بأن لا فائدة في تغيير اتفاق يجري تنفيذه بالكامل”.
الخلاصة
ينبغى التزام إيران بكاقة القرارت الدولية بما يشمل حظر نقل الأسلحة الذي جاء في قراري مجلس الأمن الدولي رقم 2216 و2231، كذلك بحث المجتمع الدولي على العمل من أجل اخضاع النظام في طهران لهاذين القرارين،وأن تسمح طهران وصول مفتشي الوكالة إلى المواقع العسكرية الحساسة مثل موقع “بارتشين”، والاستمرار في فرض العقوبات الدولية والتخطيط لعقوبات جديدة على طهران.
الهوامش
رابط مختصر : https://www.europarabct.com/?p=47538
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات