“تنظيم المهاجرين” .. بوابة مرور الجماعات المتطرفة إلى بريطانيا
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا وحدة الدراسات والتقارير “3”
استقطيت بريطانيا الجماعات الاسلاموية من دول المنطقة، ربما اكثر من بقية العواصم الأوروبية، ابرزها باريس، وهذا ما اثار الكثير من التسائولات حول الدوافع التي تدفع بريطانيا الى “احتضان” هذه الجماعات ؟ بعض المعنيين في الجماعات المتطرفة وشئوون الإرهاب لم يترددوا بالقوا، ان بريطانيا تستخدم هذه الجماعات المتطرفة لاغراض إستخبارتية وتنفيذ مصالح سياسية واعتبارها ورقة جيوبولتيك ضد دول المنطقة.
تعمل السلطات البريطانية على مراجعة الخطط التي تتعلق بمكافحة بالإرهاب والجماعات والتنظيمات المتطرفة داخل بريطانيا ، والبحث في أسباب التطرف بين المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا، وطرق معالجتها ، ومواجهة مخاطر الإسلامويين المتطرفين الذين يسعون لنشر أفكارهم بين أوساط الجاليات المسلمة .
“تنظيم المهاجرين”
أكبر بوابة للإرهاب في تاريخ بريطانيا الحديث ، أسسها رجل الدين المثير للجدل الشيخ “عمر بكري محمد” ، بدأ “تنظيم المهاجرين” نشاطه ببريطانيا في الثمانينات من القرن الماضي، ظل الداعية المتطرف “أنجم شودري” في بريطانيا هو وجه الجماعة التي أعادت تقديم نفسها في صورة جماعات أخرى، مثل “الإسلام للمملكة المتحدة” و”الحاجة للخلافة” ،و أنبثق من “تنظيم المهاجرين” جماعتى ” “الغرباء” و”الفئة الناجية”” .
وفى نفس السياق هناك العديد من الجماعات المرتبطة بهذا التنظيم ضمن القطاع الأكاديمي مثل كلية لندن للشريعة، وفي القطاع الاجتماعي مثل السجناء المسلمين الذي يديره المسمى عبدالموحد ومنظمات دفاعية مثل الطوارئ الإسلامية ،ولكل وحدة محلية أميرها الخاص، في حين هناك أكثر من زعيم في المناطق الكبيرة مثل بيرمنغهام ومنطقة مانشستر الكبرى ،يقوم كل أمير بإفادة القيادة التي تعلوه بكل النشاطات والتطورات، وهم دائما مسؤولون عن تنظيم الحلقات الدراسية الخاصة التي تشدد على العقيدة الراسخة.
وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة “توني بلير فور غلوبال تشينج” فى أكتوبر 2017 أن الطريق الذي يسلكه غالبية الجهاديين البريطانيين يمر عبر جماعات إسلاموية تدّعي أنها غير متطرفة، وأن (13%) فقط من الجهاديين البريطانيين قضوا وقتا في السجن بتهم جنائية، ويعني ذلك أن الشخصية الجهادية البريطانية تأتي من خلفية أيديولوجية وليس بسبب التهميش المجتمعي .
وتناولت الدراسة عينة من “الجهاديين” المتطرفين البريطانيين مكونة من (113) رجلاً و(18) امرأة، وشملت عينة الدراسة شريحة من المتطرفين من بينهم مثقفون ومقاتلون وأثرياء وفقراء وطلاب متفوقون وتجار مخدرات، ووُجد أن أكثر من ثلثيهم لديهم صلات قوية ب(6) أشخاص تحديدا من بينهم “عمر بكري محمد وأنجم تشودري” ،وانضم (50%) من بين الأفراد ذوي الصلات ببعض الجماعات الإسلاموية إلى جماعة “المهاجرين” المحظورة أو إحدى الجماعات التابعة لها، كما ظهرت جماعة أخرى تدعى “حزب التحرير”، ويُعدّ عمر بكري محمد أحد أهم الشخصيات الستّ المؤثرة، وهو قائد الفرع البريطاني لهذه الجماعة في الفترة ما بين 1987 و1996.
قيادات “تنظيم المهاجرين”
أنجم شودري : ولد شودري عام 1967 ،من أصل باكستاني ، يعرف باسم “اندي” ، حصل على ليسانس حقوق عام 1990-1991 في “غيلدفورد” ، عمل كمحامي في شركة قانونية ، شغل منصب رئيس جمعية “المحامين المسلمين”، وساهم في تأسيس تنظيم “جماعة المهاجرين” ، ساعد فى تشكيل جماعة “آل الغرباء”، التي تم حظرها أيضًا، ثم أصبح المتحدث باسم “إسلام فور يو كية” .
عمر بكري محمد: سوري المولد عام1958 في مدينة حلب ، حصل على دبلوم في الشريعة الإسلامية ، نشأ في جماعة عباد الرحمن الإسلامية ثم انتمى إلى حزب التحرير ، ثم إلى جماعة الغرباء، وإلى جماعة المحاكم الشرعية في أوروبا، ظلّت الشبهات تحوم حول التحويلات المالية من بكري وإليه، فرّ من بريطانياعام 2005 الى لبنان طلباً للأمن، بعد الاشتباه بعلاقته بتفجيرات لندن في يوليو 2005 .
أبو عز الدين عمر بروكس : ناشط في تنظيم “المهاجرون”ذو الأصول الجامايكية، كان في بدايته خاضع لراية “القاعدة” ونجح في ضم العشرات من الأجانب لصفوف تنظيم القاعدة، إلا أنه أصابه الخمول بعض الشيء كباقي تنظيمات القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر،كان يدير متجرا للحلويات في شرق لندن.
أنشطة جماعة المهاجرين
تورطت “المهاجرون”، في سلسلة من الهجمات الإرهابية في بريطانيا، عام 1997 عندما استهدف أحد عناصر الجماعة ضابط شرطة بريطاني، نظمت احتفالات بمناسبة إحياء هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة وإشادت بمنفذي هذه الهجمات ، قامت بالعديد من التظاهرات وإظهرت من خلالها شعارات متطرفة باستخدام جهاز مكبرات الصوت ،أسست مدرسة “جاميح الإسلامية” ، وألقا “أندى” وبكرى المحاضرات الخاصة لأعضاء الجماعة ، وحضر أكثر من (50) شخصًا معظمهم كانوا أعضاء في جماعة ، شجعت ما يصل إلى (80) من الشبان المسلمين في بريطانيا و (250) إلى(300) شخص من مختلف أنحاء أوروبا على الانضمام إلى تنظيم القاعدة في سوريا .
وتعد الجريمة المنظمة أهم الوسائل التي تتمكن من خلالها هذه الجماعات من جمع الأموال. وترى تقارير أمنية أن عصابة كبيرة لسرقة المحلات التجارية ترتبط بـ”مسجد فنسبري بارك”، حيث إن عائدات تلك السرقات تعود إلى ناشطين متطرفين. كما أنه من المعروف أيضا أن أعضاء من تنظيم المهاجرين قد دعموا أنفسهم ماليا من خلال التلاعب في استخدام نظام الرعاية البريطاني بعلة أخذ المال من “الكفار”.
يقول بيتر نيومان، مدير مركز لندن الدولي لدراسة التطرف فى يونيو 2017 كان هناك دائما جدل بين شرطة اسكتلنديارد، التي كانت تريد اعتقال الرموز الكبيرة، وبين أجهزة الاستخبارات التي أرادت ترك المجال أمام الجماعات المتطرفة مثل جماعة المهاجرون لكي تراقب أعضائها، كان الأمر أشبه بلعبة التوازن التي ربما تنتهي بخطأ، فقد سمحوا لتشودري بالاستمرار في عملياته، وتركوه يدعو أشخاصا إلى التطرف، ولو أنهم منعوه ما كان لهؤلاء الناس أن يصبحوا متطرفين. وانتهى الأمر لبعضهم بالانضمام إلى داعش في سوريا والعراق، في حين نفذ آخرون اعتداءات داخل بلادهم.
اجراءات الحكومة البريطانية ضد جماعة المهاجرون
تمت مداهمة مقر جماعة المهاجرين في يوليو 2003 ، ومنازل بكري وشودري، عقب إصدار قانون مكافحة الإرهاب، وحظرت السلطات البريطانية جماعة المهاجرون في عام 2010 ، وتم حظر المنظمة الجديدة “الحاجة للخليفة”، إلى جانب مشروع الشريعة وجمعية الدعوة الإسلامية المرتبطة بتنظيم “المهاجرون” في يونيو 2014 ،اعتقلت السلطات البريطانية سيدارتا دار (أبو رميثة) في سبتمبر 2014 مع (8) أشخاص آخرين بتهمة تقديم دعم لمنظمة المهاجرين ” ، اعتقلت الشرطة البريطانية فى نوفمبر 2015 الداعية المتشدد أنجم شودري المتهم بالحض على دعم تنظيم الدولة الاسلامية وذلك بعد أن انتهك شروط إطلاق سراحه.
طالبت “” أمبر رود” وزيرة الداخلية البريطانية فى أكتوبر2017 بوضع قوانين صارمة على المتطرفين الذين ينشرون معلومات، عن أفراد القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الاستخبارات لأغراض إعداد أعمال الإرهاب، وقالت إنه يتعين تحديث قوانين مكافحة الإرهاب لمواكبة السلوك الحديث على الإنترنت، ومعالجة التطرف على الإنترنت .
نبهت أجهزة الاستخبارت البريطانية إلى أن الحصة الكبرى من تمويل التنظيمات المتشددة في البلاد تأتي من داخل بريطانيا ، ولا تزال هناك جماعات أخرى ناشطة فى بريطانيا تدعو إلى التطرف والتشدد،وتلك الجماعات تتحدث عن ضرورة الإطاحة بالحكومات الغربية ، وتحض على العنف بشكل علني رغم حظر جماعة المهاجرون وجماعات إسلاموية متطرفة أخرى .
ماتحتاجه بريطانيا، هو حسم موقفها من الجماعات المتطرفة التي تنشط على اراضيها، وتصنيفها، وهذا مازال مثار جدل لحد الان.
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر https://wp.me/p8HDP0-bHS