إعداد : مهدي سلمان الرسام : باحث في شؤون الأمن والإستخبارات
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
من المفروض ان يكون الهاجس الاول لرجل الاستخبارات او عنصر المخابرات هو طرق وأساليب الدفاع عن النفس او الهروب وحماية نفسه من التعقب عبر القنوات المتعارف عليها او الاماكن المحددة للتواصل مع زملائه لتنفيذ الواجبات والمهمات بشتى الطرق والحيل رغم قدمها وقساوة تحملها بما يتلائم مع تطورات العلم والانبثاق التكنلوجي والتقني مع وجود عشرات اجهزة الكومبيوتر والمراقبة عن بُعد .
وقد لجأت العديد من الدول مثل وكالة الاستخبارات الامريكية والبريطانية الى امكانية تعقب الاشخاص خلال تنفيذ العمليات المنوطة بهم او الاشخاص المشتبه بهم ، ومن الناحيتين تكون الافادة مراقبة الاثنين لنفس الغرض وتحديد الهدف المناسب ضمن الاطار القانوني والمراقبة المباحة والمشروعة . اذاً يتساءل العديد عن كيفية وسائل الهروب واستراتيجية منع التعقب من اجل تمكين العدو من السيطرة على ما يسمى الهدف الغير مقصود او الوهم بطريقة ما وبأخرى والحفاظ على ادق التفاصيل في التحركات ورفع الشكوك حول عنصر المباغتة او الحالات المفاجئة .
فمثلاً نجد سائق التاكسي المنسوب الى الجهاز الامني وهو يتجول في سيارته ليغطي عمليته او الهدف المنشود لكنه لا يمتلك وسائل التخفي مثل ما متعارف عليه من وضع لحية او نظارات او تغيير لون السيارة والابتعاد قدر الامكان من صياغة المفردات مع الزبون لرفع درجة الامان بينهما . وهذا ما نجده غير متوفر في بلداننا العربية التي ايضاً لا تزال تستخدم نفس الاسلوب التقليدي مثل بائع السكائر او الصباغ او المقاهي او بائعي الصحف التي باتت معروفة امام العيان وهي ملفتة للنظر بشكل واضح .
طرق المراقبة والتعقب
من الملفت للنظر ايضاً اننا نعيش في وسط حزمة من الشحنات الالكترونية التي تحيط بعالمنا اليومي ونحن ضمن دائرة المراقبة شئنا ام ابينا من خلال الاجهزة اللوحية او شركات الهاتف القنال وابراج النقل السلكية وبرامج الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا شيء وارد للجميع ولا يخفي عن اغلب الافراد . لكن في الآونة الاخيرة طورت مجموعة من شركات الاتصالات والمراقبة والتجسس حيل كثيرة مثل صناعة ويب الكتروني على شكل صور وافلام اباحية أو مواقع اخبارية وفنية اضافة الى مواقع الرياضية وبريد الفانين ونجوم العالم وشركات الاغذية والمستلزمات الطبية التي اصبحت في الشرق الاوسط تتداول بشكل كبير .
وعليه فإن طرق المراقبة تكون سهلة جداً لأي فرد يراد مراقبته إما بزرع برامج وصور داخل بريده الالكتروني او هاتفه الخلوي وجمع بيانات عن تحركاته وتنقلاته بين الحين والاخرى وبذلك ترسل اشارات مشفرة الى الجهة المعنية ، وقد اتضح هذا الامر من خلال شركة تدعى new star التي جمعت العديد من خلال مراقبة نظام البحث Google واشارات تحركات عدد من العملاء عن طريق تصفحهم للموقع لا سيما حركة الطيران والمطارات ووسائل الحجز الالكتروني عبر الخرائط لذلك ينصح العديد من المستخدمين الى عدم استخدام الاسماء والاماكن وارقام الهواتف الحقيقة من خلال برامج التطوير والتسجيل لتلافي العثور على بياناتهم وتحليل مؤشرات استخداماتهم للتسجيل في الشركات المرتبطة بهذا النظام والذي يعتبر انتهاكاً لقواعد السلوك الالكتروني للمواطن .
الحماية المستقبلية لوسائل المعلومات
في الماضي كانوا يقولون ان الدرس الاول لرجل الامن او عنصر الاستخبارات هو اعطاء 10 دلائل على ان تكون بينهما واحدة غير حقيقية . وبهذا تكون قد صنعت عنصر التضليل والمباغتة في فن الخداع والهروب بطريقة قانونية وسهلة تقنع الاخرين من البحث عن الحقائق والسعي وراء الاكاذيب مما يعطي انطباعاً للأخرين عن وجود الحلقة المفقودة التي تشغل عقول الباحثين والمحققين ضمن المعلومات والحسابات والاكتفاء بالدليل المادي والمعنوي في التعامل مع الواقع المفروض .
هذا يدل على قوة تدريب العملاء في التصرف في خانة ردة الفعل وخداع اجهزة المخابرات المعادية اضافة الى تقاسيم الوجه وحدة البصر والتعامل بكل روية وهدوء في التقارير او الاصطدام المباشر مع الهدف وكيفية الخروج من مأزق وجهاً لوجه مع الحقيقة .
ان كل هذا يعتمد على صناعة رجال استخبارات اكفاء معتمدين على الاسلوب الحديث وفن الخداع والتعقب وتغيير مسار التحركات وان كانت غير مراقبة او الانطواء في اماكن لعدة ايام قبل تغييرها اثناء تنفيذ العمليات ، بالإضافة ايضاً على المحافظة على صياغة المفردات نفسها وحفظ التوقيتات والاماكن كي لا يتعرض العميل الى نفس السؤال بطرق ملتوية والمحافظة على سرية العملية والحفاظ على زملائه في الدرجة الاولى خاصة في عمليات فن الاشتباك والدفاع عن النفس ووضعه كما يقال عسكرياً في مرمى الكماشة او دائرة الخطر وكلٌ حسب تسميته العسكرية والامنية .
لقد شكلت واقعية الحروب الاخيرة نظريات واسس علمية تفتقر اليها العديد من دول المنطقة التي تشجع على استثمار وتطوير القتال بواسطة المستشارين العسكريين من الدول الاخرى وعدم الاستعانة بتدريب قواتها على الارض ، في حين نجد ان الدول المتقدمة تسعى بجدية لصناعة جيل استخباري جديد يؤمن بوجود تطبيق القوانين والنظريات على الواقع وتحليل البيانات ضمن بلورتها مع الصناعة الالكترونية والتقنيات المتطورة التي تتلائم مع تفسير الاحداث والمتغيرات والاساليب دون التأثير على سير الحروب وفق النظريات العسكرية .
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات