إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “2”
أثار الصعود الكبير لحزب الحرية الشعبوي في الانتخابات النمساوية الأخيرة موجة قلق في أوروبا ،واعتبر زعماء الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا ،فوز الحزب بمثابة دعم مباشر لهم وصحوة للشعوب الأوروبية في مواجهة ملفات اللاجئين والهجرة ، وحذرجهاز المخابرات الداخلية في النمسا من تصاعد جرائم العنصرية و الخطابات الدعائية لليمين المتطرف.
حزب الحرية النمساوى
هو حزب سياسي قومي تأسس الحزب في عام 1956، حصل حزب الحرية اليميني المتطرف فى الانتخابات لعام 2017 على أكثر من ) 26 % ( من الأصوات، وهي أفضل نتيجة لهذا الحزب منذ 1999، تولى حزب اليمين المتطرف في النمسا ديسمبر 2017 ثلاث وزارات سيادية في الحكومة الائتلافية هي الدفاع، الخارجية، والداخلية.
وأكد رئيسه “هاينز-كريستيان” شتراخه أنه ، لن يلجأ إلى الاستفتاء الشعبي فيما يخص الخروج من الاتحاد الأوروبي،وعلى رغم حصول حزب الحرية على صلاحيات لم يكن يحلم بها بعدما حل ثالثاً في الانتخابات التشريعية المبكرة إلا أن المسائل الكبرى والأكثر أهمية مثل السياسية الأوروبية بقيت بيد المستشار إذ يحتفظ كورتز بالكلمة الفصل في الملفات الأوروبية، في وقت تستعد النمسا لتسلم رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام 2018.
اعلن حزب الحرية اليميني المتطرف فى فبراير 2018 اطلاق حملة لتغيير صورته كحزب مؤيد للنازيين بتعيينه لجنة من المؤرخين للنظر في تاريخ الحزب،وتأتي الخطوة بعد شهرين من انضمام الحزب الذي أسسه نازيون قدامى الى الائتلاف الحاكم، وبعد سلسلة من الفضائح التي طاولت عددا من عناصره ومن أهم القيادات:
كريستيان شتراخه : نائب المستشار النمسوي ،وزعيم حزب الحرية ، الذي كان في شبابه قريبا من النازية عن الخطاب المتشدد، وبعد توليه قيادة الحزب خلفا ليورغ هايدرعام 2005، طرد عددا من الاعضاء بسبب تخطيهم الحدود.
اودو لاندباور: احد ممثلي الحزب عن دائرة النمسا السفلى، اضطر الى الاستقالة على خلفية منشور لاخوية من الطلاب كان ينتمي اليها اغان تمجّد المحرقة واعمال وحشية نازية اخرى.
فالتر روزنكرانتس : زعيم تكتل نواب الحزب ، ويزعم أن الحزب يواجه انتقادات ضمنية و يتسامح مع الافكار النازية والمؤيدة للنازية، وان هذه الانتقادات غير مبررة بغالبيتها.
فيلهلم براونيدر : النائب السابق عن حزب الحرية والاستاذ الجامعي المتقاعد يترأس اللجنة المكونة من باحثين وممثلين عن هيئات مستقلة، بينها مركز توثيق المقاومة النمسوية.
هارالد فيليمسكي : الامين العام للحزب يزعم ان الحزب “يرفض بوضوح النازية والعنصرية ومعاداة السامية”.
يورغ هايدر: أسس حزبا صغيرا يعرف باسم حزب الحرية النمساوي ، انتخب يورغ هايدر على رأس حزب الحرية خلال مؤتمره سنة 1986، استقال يورغ هايدر من رئاسة حزبه ثم عاد إليها حتى الآن 13 مرة ومن أبرز استقالاته ما وقع في فبراير 2001 ، وتوفي فى أكتوبر 2008.
أشار “هانس يورغن كريستيانسن” الباحث الدنماركي في فبراير 2018 ، إلى قضية يورغ هايدر (الزعيم السابق لحزب الحرية النمساوي الذي مجّد الحقبة النازية) قائلاً: “كان امتعاض الاتحاد الأوروبي غير ما هو عليه اليوم، فبسبب هايدر اتخذت بروكسل خطوات عقابية بحق فيينا”، ويضيف كريستيانسن: “التدقيق بتصرفات بروكسل في السنوات الأخيرة يصيب بالدهشة، تحديداً في قضية صلات الزعيم السابق لحزب الحرية، هاينز كريستيان ستراشي، مع النازيين الجدد، اليوم تراهم يستقبلون المستشار النمساوي سيباستيان كورتز كزميل لهم، على الرغم من أنه يقود حكومة مع مشبوهين في صلاتهم النازية”.
ممارسات عنصرية
كشفت صحيفة “كورير” فى فبراير 2018 عن وجه آخر من أوجه التطرف الذي ينتهجه حزب “الحرية” المتطرف في النمسا، ،واستخدامه أناشيد قومية متطرفة، ومنها “أيها الألمان هاتوا الغاز ونحن نصل للمليون السابع”، وهي إشارة واضحة بحسب “كورير” إلى طلب المزيد من المحارق.
ذكر تقرير عن جهاز المخابرات الداخلية في النمسا أن السلطات وجّهت اتهامات في نحو (1690) قضية لها علاقة بالتطرّف اليميني ، وهو أكبر عدد من هذه القضايا حتى الآن خلال عام واحد ويقارن مع (1200) قضية في العام 2014،وأوضح أنّ عدد “الأعمال المتطرّفة” لليمين العام 2015 وصل في المجمل إلى (1150) قضية، بعدما كان (750) العام 2014 وتراوح ما بين إطلاق الألعاب النارية على مراكز إيواء المهاجرين والتحريض على العنف عبر الإنترنت
ويقول “هاينتس غيرتنير” أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيينا فى أكتوبر 2017 أن كورتس وحزبه المحافظ كانوا أكثر تشددا في المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية فيما يتعلق بالهجرة أكثر من حزب الحرية اليميني المتطرف، وأكد كورتس أكثر من حزب الحرية على موقف متشدد تجاه الإسلام ، والكثير من الناخبين الذين يدعمون هذا الموقف كانوا سينتقلون في العادة إلى معسكر حزب الحرية، إلا أن تصريحات كورتس المتشددة أدت إلى أن أحرز مرشح الحزب الشاب على نقاط.
نشرت منظمة “زارا” النمساوية المناهضة للعنصرية فى مارس 2017 تقريرا ، مفاده ارتفاع عدد الاعتداءات العنصرية بالبلاد من (927) في 2015، إلى (1107) اعتداء خلال 2016،وأشار التقرير إلى أن اللاجئين هم في مقدمة المجموعات الأكثر تعرضا للعنف، حيث أن (35%) من الاعتداءات استهدفت اللاجئين، يليهم المسلمون بـ (16.7%) وبحسب التقرير فإن (41%) من الاعتداءات تقع دون استهداف مجموعة بعينها، وعند الوضع بعين الاعتبار فأن القسم الأكبر من اللاجئين يشكله المسلمون
وبيّن التقرير أن أكثر الاعتداءات العنصرية كانت عبر الإنترنت، بواقع (31%)، تلته الأماكن العامة بـ (20%)، و(9%) من الاعتداءات (اللفظية) جاءت في المجالين السياسي والإعلامي، دعا حزب الحرية فى يناير 2017 لسن قانون يحظر ”الإسلام الفاشي“ والرموز الإسلامية على غرار قانون موجود يحظر الرموز النازية قائلا إن الإسلام يمكن أن يقضي على المجتمع الأوروبي.
أكد “فان دير بيللين” الرئيس النمساوي ألكسندر فى فبراير 2017 مجدداً على إمكانية الإنتصار على الأحزاب الشعبوية في الإنتخابات،واضاف يمكنكم في الحقيقة أن تفوزوا على الأحزاب الشعبوية اليمينية في الإنتخابات، هذا أمر ممكن ويجب أن يترسّخ في أذهان زملائي الأوروبيين خصوصاً في هولندا وفرنسا. وثانياً يجب علينا أن نحاول ضمّ الأجيال الجديدة إلى جانبنا.
التوصيات
ينبغى على السلطات النمساوية مواجهة التأثيرات السلبية لخطاب الشعبوية عبر ترسيخ قيم الديمقراطية والحكامة الجيدة واحترام حقوق الإنسان،وإيجاد حلول للأزمات والتحديات الأمنية بالمهاجرين واللاجئين،ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعى وحذف التعليقات العنصرية التى تدعو للكراهية .
الهوامش
رابط مختصر :https://www.europarabct.com/?p=47304
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات