اليمين المتطرف في ألمانيا، مدى تأثيره على سياسة اللجوء والهجرة؟
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات-ألمانيا و هولندا
إعداد: وحدة الدراسات و التقارير “2”
تسببت أزمة اللجوء والهجرة منذ عام 2015 في انقسامات حادة بين الطبقة السياسية الألمانية. وساهمت الأزمة في صعود حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف مما ساعده في تحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وبالتوازى مع صعود التيار الشعبوي في ألمانيا واستغلاله قضية الهجرةواللجوء، اعتمدت السلطات الألمانية استراتيجيات وحزمة إصلاحات كبيرة بشأن منح طلبات اللجوء الهجرة. تتضمن الاستراتيجية إجراءات قانونية أكثرصرامة لترحيل المهاجرين المرفوضين والخطرين أمنيا. واستخدام قيود التأشيرات لإقناع الدول باستعادتهم.
احصائيات وبيانات حول عمليات الترحيل من ألمانيا -اليمين المتطرف
فرضت السلطات الألمانية في عام 2012 تطبيق الحظر العام على الترحيل إلى سوريا، وأعلنت انتهاء تطبيق الحظر بنهاية ديسمبر 2020. وبانتهاء الحظرتتمكن السلطات الألمانية من فحص إمكانية الترحيل في كل حالة على حدة لا سيما مع الخطرين أمنيا، وتختص الولايات الألمانية بعمليات الترحيل، إي وزارة ألمانية قرار الترحيل دون الرجوع إلى القضاء. ويقول” بوريس بستوريوس” وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى في 13 مارس2021، “إن انتهاء قرار وقف الترحيل الخاص بالسوريين لن يسهل إجراء عمليات الترحيل لهم”.
أجلت السلطات الألمانية في 4 مايو 2021 عملية ترحيل جماعية لطالبي لجوء مرفوضين إلى أفغانستان، وذلك بسبب حاجة السلطات الأفغانية إلى زيادة الإجراءات الأمنية. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تعليق أوتأجيل الحكومة الألمانية لعمليات ترحيل طالبي اللجوء. فقد تم تعليق عمليات الترحيل بسبب جائحة كورونا ، قبل أن يتم استئناف عمليات الترحيل في ديسمبر2020. ووفقا لإحصائيات الحكومة الفيدرالية في ألمانيا فقد تم ترحيل (1035) شخصا إلى أفغانستان منذ بدء عمليات الترحيل في ديسمبر 2016.
تراجع اعداد اللاجئين وعمليات الترحيل: أشارت وزارة الداخلية الألمانية في 22 أبريل 2021 إلى تراجع أعداد اللاجئين المُسجِّلين داخل ألمانيا منذ عام 2011 بنحو (60) ألفًا مُقارنةً بعام 2019. حيث انخفضت أعداد اللاجئين لتصل إلى (1. 77) مليون لاجئ، من بينهم (1, 33) مليون لاجئ يتمتعون بوضعِ إقامةٍ آمن. وأرجعت وزارة الداخلية الألمانية هذا الانخفاض إلى عدة أسباب؛ منها انتهاء صلاحية أو إلغاء وضع الحماية الممنوح لعدد من اللاجئين، مغادرة عدد كبير من اللاجئين ألمانيا، تفشي كوفيد 19 في ألمانيا، وإغلاق الحدود الأوروبية في وجه اللاجئين.
أوضحت وزارة الداخلية الألمانية في 6 فبراير 2020 تراجع عدد عمليات ترحيل لاجئين ومهاجرين من ألمانيا في عام 2019. حيث تم ترحيل إجمالي (22097) شخصاً عام 2019. بينماعام 2018 بلغت عمليات الترحيل (23617 ) حالة، وفي عام 2017 تم ترحيل إجمالي (23966) شخصاً
إجراءات السلطات الألمانية تجاه اللاجئين -اليمين المتطرف
تمديد الرقابة الحدودية: قررت الحكومة الألمانية في 23 أبريل 2021 تمديد الرقابة الحدودية مع النمسا لمدة ستة أشهر حتى نوفمبر 2021. بسبب استمرار محاولات العبور غير الشرعية إلى ألمانيا من خلال حاويات البضائع وسيارات الشحن، كذلك ارتفاع محاولات تهريب المهاجرين عبر البلقان والوضع الهش على الحدود التركية- اليونانية.
تبادل المعلومات أوروبيا: أسفر التعاون بين الاأجهزة الأمنية في ألمانيا والشرطة الأوروبية في 17 مارس 2021 عن كشف شبكة لتهريب البشر من تركيا لألمانيا. واستطاعت الشبكة تهريب (80) مهاجرا من مصر وسوريا وتركيا، مقابل مبالغ تراوحت بين (3500) و (12) ألف يورو عن كل مهاجر.
التدقيق في منح حق اللجوء: رفضت المحكمة الإدارية في مدينة مانهايم في ولاية بادن فورتمبرغ في 11 مايو 2021 منح حق اللجوء لسوريين بسبب رفضهم الالتحاق بالخدمة العسكرية. وبررت المحكمة رفضها بأن الهروب من الخدمة العسكرية لا يعني بالضرورة الملاحقة من قبل الدولة، وأن صفة اللجوء تُمنح في حالات محددة فقط!
تصاريح للإقامة المبدئية: أعلنت السلطات الألمانية في ولاية بريمن في أبريل 2021 عن السماح للاجئين السوريين المقيمين في الولاية باستقبال (100) من أفراد عائلاتهم بشروط معيّنة. ومن أبرز هذه الشروط أن تتحقق سلطات اللجوء والهجرة من هوية الأقارب والمعلومات الخاصة بهم وأن تكون هناك موافقة أمنية مسبقة يتم بعدها استصدار تصريح إقامة مبدئي لمدة عامَين. كذلك يتكفل المقيم بنفقات معيشة أقاربهم لمدّة خمس سنوات بطريقة قانونية واضحة وتتكفل الأجهزة المعنية في الولاية بالتكاليف الأخرى.
أسباب تشديد الحكومة الألمانية لمنح طلبات اللجوء
عمليات إرهابية تورط فيها لاجئين: تم توقيف شاب سوري في نوفمبر2021 مقيم بألمانيا بشبهة تنفيذ اعتداء إرهابي بسكين في مدينة” Dresden”. كان يقيم الشاب بموجب وضع خاص يمنح للأشخاص الذين تُرفض طلباتهم للجوء، ولكن لا يمكن ترحيلهم. ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية يتواجد نحو (90) سوريا يشتبه بكونهم من المتطرفين. وأعلنت الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية في العام 2016 عن صلة ما يقرب من (410) من اللاجئين بالإرهاب وبالأوساط المتطرفة، وجري التحقيق في (60) حالة منهم.
الدفاع او حماية ثقافتها ومعتقداتها واسباب ديموغرافية: قررمجلس حكومة ولاية بافاريا في 24 أبريل 2014 تعليق الصليب في مداخل كافة المباني الإدارية كتعبير عن الطابع التاريخي والثقافي لولاية بافاريا رغم أن الدستور الألماني يرفض وضع الشارات التي تكشف عن معتقد أو دين. تأزم مشهد اليمين المتطرف فى ألمانيا
اليمين المتطرف واللاجئين في ألمانيا
سجلت السلطات الألمانية في 2 مارس 2021 نحو (1606) اعتداء على اللاجئين وهو أقل من عدد الاعتداءات التي وقعت في عام 2019، إذ بلغ عددها (1620) حالة اعتداء وفقا لتقرير وزارة الداخلية. وأوضحت ” أوله يلبكه” الخبيرة للشؤون الداخلية لحزب اليسار” أن رغم تراجع أعداد الهجمات، فإن ذلك لا يكفي لوقف التحذير من خطورة ذلك، وفي حديثها لصحيفة “نيو أوسنابروغ تسايتونغ”، قالت يلبكه “إن ملف العنصرية في ألمانيا لا يمكن إغلاقه” مشيرة إلى أن الأرقام تظهر مدى تجذر عنف اليمين المتطرف في ألمانيا. اليمين المتطرف في ألمانيا ـ الإنترنت يسهل من تحويل الأفراد إلى متطرفين
التقييم
تصاعدت نسب مؤيدي الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا على مستوى الطبقات السياسية وعلى مستوى الشارع خصوصا بعد موجة اللجوء والهجرة التي اجتاحت أووربا منذ عام 2015. ماجعل العديد من الحكومات الأوروبية والأحزاب السياسية تتجه نحو اليمين، وأصبح من المتوقع أن تتجه الحكومات أكثر فأكثر خلال السنوات القادمة.
غيرت الأحزاب التقليدية في أوروبا من آليات وطرق عملها. وأجرت إصلاحات داخلية تخص معالجة أزمة اللجوء وسلطت الضوء على الجانب الإيجابي للمهاجرين، باعتبارهم أحد عوامل التنمية والبناء في المجتمعات الأوروبية. بالتوازي مع اعتماد سياسات خارجية ووضع برامج فعالة للحد من الهجرة الغير الشرعية ولكبح تنامي الأحزاب الشعبوية.
يوضح اعتداء مدينة “هانوا ” خطورة العنصرية وكراهية الأجانب في ألمانيا، كذلك حالات التمييز العنصري تجاه اللاجئين التي شهدت مؤخرا زيادة قوية. ما أثار مخاوف السلطات الألمانية مخاوف بشأن الدور الذي يُزعم أن حزب البديل من أجل ألمانيا لعبه في تأجيج مناخ من الاستياء تجاه المهاجرين والحكومة.
تعتبر المناطق التي يعيش فيها المزيد من طالبي اللجوء واللاجئين في ألمانيا أرضًا انتخابية خصبة للأحزاب اليمينية. يؤدي ارتفاع عدد طالبي اللجوء يؤدي إلى دعم أكبر للأحزاب السياسية اليمينية، ويمنح الأحزاب المناهضة للمهاجرين دفعة قوية في صناديق الاقتراع.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=75504
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
تراجع عدد اللاجئين والمهاجرين المرحلين من ألمانيا عام 2019
ألمانيا تسجل ارتفاعا قياسيا في الجرائم المرتكبة من طرف حركات اليمين المتطرف منذ 20 عاما
“كورونا” … وتراجع أعداد اللاجئين داخل ألمانيا منذ 2011
ألمانيا: بريمن تستقبل 100 من أقارب اللاجئين السوريين بشروط