خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
لطالما باتت الهجرة واللجوء ورقة ضغط في يد الأحزاب السياسية الألمانية، وفي مقدمتهم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، خاصة في الفترات التي تسبق الانتخابات التشريعية والإقليمية، والأوقات التي تتفاقم فيها حدة التهديدات الإرهابية وتتصاعد فيها حوادث الطعن المرتبطة بالتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم “داعش”، تصبح إعادة نظر الحكومة الألمانية والبرلمان والأحزاب في سياسات حماية الأمن القومي نقطة فاصلة ليس عليها خلاف، سواء عن طريق معالجة الجذور الرئيسية وراء صعود اليمين الشعبوي على المستويين السياسي والمجتمعي، أو مراجعة آليات التعامل مع اللاجئين والمهاجرين بتشديد إجراءات قبول طلبات اللجوء وتدقيق الفحص على الحدود، ما يجعل التوقيت الحالي مرحلة مختلفة بشأن استراتيجية ألمانيا الأمنية. تتزايد جرائم اليمين المتطرف في ألمانيا بشكل ملحوظ، ما أثار انتقادات من حزب اليسار في البرلمان الألماني (البوندستاغ).
زيادة كبيرة في الجرائم
بلغ عدد الجرائم ذات الدوافع اليمينية المتطرفة في ألمانيا 33,963 جريمة حتى 30 نوفمبر 2024، وفقًا للشرطة الألمانية. يمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 17% مقارنة بالعام السابق.
من المتوقع أن تكون الحصيلة النهائية لعام 2024 أعلى، حيث لم تُحتسب بعد جرائم شهر ديسمبر والإبلاغات المتأخرة. في عام 2023، سجل المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) ما مجموعه 28,945 جريمة سياسية بدوافع يمينية. يعزو وزارة الداخلية الاتحادية هذه الزيادة جزئيًا إلى كثرة الانتخابات التي جرت في عام 2024.
تفاصيل الجرائم المُسجلة
من بين ما يقرب من 34,000 جريمة حتى نوفمبر، كانت هناك 1,136 جريمة عنف، بما في ذلك خمس جرائم قتل وخمس محاولات قتل. كما تم تسجيل 17 حالة حرق عمد. للمقارنة، شهد عام 2023 بأكمله 1,270 جريمة عنف.
تشمل الجرائم الأخرى الأكثر شيوعًا جرائم الدعاية (21,311 حالة) والتحريض على الكراهية (5,097 حالة)، إلى جانب التخريب (1,942 حالة) والتهديدات والابتزاز (608 حالات). وصف المتحدث باسم الحكومة، شتيفن هيبشترايت، هذه التطورات بأنها “مقلقة”، داعيًا إلى تعزيز الشجاعة المدنية.
إجراءات والتحديات
أكدت وزيرة الداخلية الاتحادية، نانسي فيزر (SPD)، على استخدام كل الوسائل القانونية لمكافحة جرائم اليمين المتطرف والعنصرية ومعاداة السامية. وقالت: “هناك المزيد من التحقيقات والمزيد من الملاحقات لهذه الجرائم.”
في المقابل، انتقدت مارتينا رينر، النائبة عن حزب اليسار، غياب التدابير الكافية للحد من هذا الاتجاه، خاصة مع زيادة العنف بين الشباب. كما أشارت إلى وجود علاقة بين صعود حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) وتزايد العنف اليميني. ودعت إلى مراجعة دستورية الحزب من قبل المحكمة الدستورية الاتحادية قائلة: “حظر الحزب سيحرم اليمين المتطرف من دوره في دعم المشهد العنيف.”
استثمار قضية الهجرة واللجوء
يرتكز فكر اليمين المتطرف على مناهضة الهجرة وحشد العداء ضد الأجانب وتحديداً المسلمين والترويج إلى أن ارتفاع معدلات العنف والإرهاب مصدرها بالأساس فتح أوروبا أبوابها أمام اللاجئين والمهاجرين الأعوام الماضية. يستخدم الحزب وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز دعم أيديولوجياته السياسية. يقترح الحزب زيادة عمليات ترحيل المهاجرين والحد من استقبال وافدين جدد، كما يطالب بإنشاء معسكرات احتجاز خارج ألمانيا بهدف منع دخول المهاجرين إلى البلاد.
يتبع اليمين الشعبوي غالبا انتشار حملات التضليل ضد المسلمين والهجرة في أوروبا نمطا معينا خاصة في ألمانيا، حيث ترى السيِّدة “لورينا مارتينيز” وهي رئيسة هيئة تحرير أوروبا في منظمة تدقيق الحقائق “حقائق منطقية”، “إنَّهم يبدؤون بالأخبار الساخنة ويقصفون الجماهير بمحتويات تهدف إلى قيادتهم إلى طريق تكهنات ذات نتيجة حتمية مفادها: أنَّ المسلمين والمهاجرين يشكلون تهديدًا وجوديًا لأوروبا”.
تشير دراسة في 31 أغسطس 2024 إلى أن حزب البديل يستغل “مخاوف الناس من الأجانب وينشر ادعاءات أن الأجانب يستحوذون على فرص العمل بدلا من الألمان، ورغم أن جريمة الطعن في “زولينغن” حدثت في غرب البلاد (في ولاية شمال الراين – ويستفاليا)، إلا أن صداها وصل إلى شرقها. “ليستغل حزب “البديل” صدى الجريمة لصالحه”، ويرفع شعارات الحفاظ على الهوية والقومية الألمانية.
يواصل حزب البديل من أجل ألمانيا الصعود على الرغم من الجهود المبذولة من الأحزاب الألمانية لوقف صعود الحزب داخل الولايات خاصة في الولايات الشرقية، عبر تحذير الناخبين من التطرف المتزايد للحزب. كانت الهجرة قضية رئيسية تدفع الأصوات الألمانية لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، مع توجيه الحزب الكثير من الخطابات الدعائية الشعبوية إلى المهاجرين غير الأوروبيين، وخاصة المسلمين.