الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

اليمين المتطرف ـ الاستقطاب السياسي يعيد تشكيل المشهد الحزبي في ألمانيا

afd2
سبتمبر 22, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

يشهد المشهد السياسي الألماني تقلبات غير مسبوقة، حيث يواصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AFD) اليميني المتطرف إحراز تقدم كبير في استطلاعات الرأي، الأمر الذي بات يُشكل تهديدًا مباشرًا لحزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” (CDU) بزعامة المستشار الألماني فريدريش ميرز. فقد أظهرت نتائج أحدث استطلاع رأي أجرته قناة ZDF العامة في إطار برنامج “بوليتباروميتر”، أن الحزبين متساويان من حيث نسبة التأييد، حيث حصل كل منهما على 26% من دعم الناخبين.

يمثل هذا التعادل تحوّلاً هامًا في المشهد الحزبي الألماني، ويؤكد أن حزب البديل من أجل ألمانيا لم يعد مجرد ظاهرة هامشية أو محصورة في الولايات الشرقية، بل أصبح لاعبًا أساسيًا في السياسة الألمانية على المستوى الوطني، خصوصًا بعد أن حافظ على شعبيته المتنامية منذ عام 2024، رغم حملات الانتقاد المستمرة ضده من قبل الأحزاب التقليدية

تهديد وجودي لحزب ميرز

بالنسبة للمستشار فريدريش ميرز، فإن التحدي الذي يمثله حزب البديل بات وجوديًا. فعلى الرغم من أن حزب CDU لا يزال يحكم عددًا من الولايات، إلا أن تراجع شعبيته مقارنة بصعود البديل يؤشر إلى تغيرات عميقة في المزاج العام الألماني. ويزداد الموقف تعقيدًا مع الأداء لشركائه في الائتلاف الحاكم، وتحديدًا الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الذي سجل نسبة تأييد تبلغ 15% فقط في الاستطلاع ذاته وهي نسبة تُعد متواضعة جدًا للحزب الذي حكم البلاد سابقًا.

كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يُعتبر أحد الأعمدة الراسخة في السياسة الألمانية، لكن تآكل قاعدته الشعبية خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا منذ أزمة الطاقة وارتفاع التضخم بعد حرب أوكرانيا، جعله في موقع ضعيف يصعب من خلاله مواجهة المد الشعبوي الذي يجسده حزب البديل.

نتائج انتخابات شمال الراين وستفاليا: جرس إنذار

جاء هذا الاستطلاع بعد فترة وجيزة من الانتخابات الإقليمية التي جرت في سبتمبر 2025 في ولاية شمال الراين وستفاليا، وهي الولاية الأكبر من حيث عدد السكان في ألمانيا. وقد شكلت هذه الانتخابات اختبارًا سياسيًا كبيرًا لكل من ميرز وخصومه، خصوصًا حزب البديل من أجل ألمانيا.

رغم أن حزب الديمقراطيين المسيحيين تمكّن من الاحتفاظ بالسلطة في هذه الولاية الصناعية المهمة، إلا أن الأداء القوي لحزب البديل أثار الدهشة، حيث تمكن من مضاعفة حصته من الأصوات 3 مرات تقريبًا، ليقفز إلى المركز الثالث بنسبة 14.5% من الأصوات. ويُعد هذا التحول علامة بارزة على أن الحزب لم يعد يقتصر على معاقله التقليدية في شرق البلاد، بل بات يقتحم مناطق الغرب ذات الثقل الصناعي، وهو ما يشير إلى تحول في توجهات شرائح من الطبقة المتوسطة والمتضررين من السياسات الاقتصادية الحالية.

من ظاهرة شرقية إلى لاعب وطني

اعتُبر حزب البديل من أجل ألمانيا ظاهرة ترتبط بالولايات الشرقية التي عانت من مشكلات اقتصادية واجتماعية عميقة بعد إعادة توحيد ألمانيا. وقد بنى الحزب شعبيته هناك من خلال استغلال مشاعر التهميش والغضب من سياسات برلين. غير أن الواقع السياسي بدأ يتغير، حيث تشير نتائج الانتخابات الأخيرة في شمال الراين وستفاليا إلى أن الحزب أصبح يُشكل تحديًا حقيقيًا على المستوى الوطني، بعد أن نجح في اختراق مناطق كانت تُعد سابقًا معاقل للأحزاب التقليدية.

يعزو محللون هذا التمدد إلى عدة عوامل، أبرزها تصاعد مشاعر عدم الرضا الشعبي تجاه أداء الحكومة الاتحادية في ملفات متعددة، أبرزها الهجرة، وأزمة الطاقة، والتضخم، وتراجع القدرة الشرائية. كما ساهم الخطاب الشعبوي لحزب البديل، الذي يركّز على الهوية الألمانية ومناهضة النخب الأوروبية، في جذب قطاعات واسعة من الناخبين الذين يشعرون بأن صوتهم لم يعد يُسمع في برلين أو بروكسل.

استحقاقات 2026: القلق من المفاجآت

ورغم أن الانتخابات الوطنية القادمة لن تُجرى قبل عام 2029، إلا أن عام 2026 سيشهد سلسلة من الانتخابات الإقليمية الحاسمة، لا سيما في ولايات شرق ألمانيا مثل ساكسونيا وتورينغن، حيث يتمتع حزب البديل بتأييد قوي يصل في بعض الاستطلاعات إلى ما فوق 30%. ومن المتوقع أن يستثمر الحزب هذا الزخم لتوسيع حضوره في برلمانات الولايات وربما قيادة بعضها للمرة الأولى، وهو سيناريو يثير قلقًا كبيرًا في الأوساط السياسية الألمانية، خصوصًا في ظل تزايد الحديث عن إمكانية تعاون بعض المحافظين المحليين مع حزب البديل، رغم الحظر الرسمي على هذا النوع من التعاون من قبل قيادة حزب ميرز.

تحديات ميرز في احتواء المد اليميني

يجد فريدريش ميرز نفسه في موقع صعب، إذ عليه أن يحافظ على حضوره السياسي القوي دون أن ينزلق نحو تبني خطاب أقرب إلى خطاب حزب البديل، مما قد يؤدي إلى فقدانه الدعم من الوسط. كما أن عليه أن يوازن بين ضغوط القواعد المحلية التي تنادي بمرونة أكبر في التعامل مع البديل، وبين الموقف الاتحادي الذي يرفض تمامًا أي تقارب مع اليمين المتطرف.

في المحصلة، يشير استطلاع ZDF إلى أن ألمانيا مقبلة على مرحلة سياسية أكثر استقطابًا، حيث أصبح اليمين المتطرف عنصرًا ثابتًا في المعادلة، ولم يعد بالإمكان تجاهله أو حصره في هوامش النقاش العام. وإذا استمرت الأحزاب التقليدية في تجاهل أسباب هذا الصعود، فقد تجد نفسها عاجزة عن احتواء التغيير العميق الذي يطرأ على المجتمع الألماني.

النتائج

يعكس صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” تحوّلاً بنيويًا في المزاج السياسي الألماني، حيث لم يعد هذا الحزب مجرد احتجاج عابر أو ظاهرة إقليمية، بل بات يمثل تيارًا شعبيًا آخذًا في التوسع على المستوى الوطني. يُشكل تعادله مع حزب المستشار الألماني فريدريش ميرز في استطلاعات الرأي إنذارًا واضحًا للنظام الحزبي التقليدي، الذي يواجه تحديًا مزدوجًا، تآكل ثقة الناخبين، وتراجع فعالية الخطاب الوسطي في احتواء القلق الشعبي بشأن الهجرة، الاقتصاد، والهوية الوطنية وحرب أوكرانيا.

على المدى القصير، من المرجح أن يواصل البديل حصد المكاسب في الانتخابات الإقليمية عام 2026، خصوصًا في الولايات الشرقية، مما سيمنحه مزيدًا من الشرعية المؤسساتية.على المدى المتوسط، فسيكون على حزب ميرز أن يعيد تموضعه إما باستعادة أجندة يمينية محافظة قادرة على استعادة القواعد المترددة، أو بصياغة مشروع جامع يعيد بناء الثقة في الوسط السياسي. التهديد الحقيقي لا يكمن فقط في نتائج الانتخابات، بل في تآكل الإجماع الديمقراطي، ودخول ألمانيا حقبة جديدة من الاستقطاب السياسي، حيث يصبح التعامل مع اليمين المتطرف معضلة مركزية في مستقبل الديمقراطية الألمانية.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=109674

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...