بلجيكا … تنامي “الإسلاموفوبيا” وتمدد اليمين المتطرف
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا-وحدة الدراسات والتقارير “2”
تشهد الدول الأوروبية ولاسيما بلجيكا تزايدا ملحوظا في التوجهات اليمينية المتطرفة ، وأخذت الأحزاب الشعبوية تشق طريقها إلى فضاء أكبر مثل البرلمان الأوروبي . واستفادت الأحزاب اليمينة المتطرفة من فشل الحكومات الأوروبية في التعامل مع الأزمات ومنها ملفات اللاجئين والمهاجرين لتحقيق مكاسب سياسية .
تنامى اليمين المتطرف فى بلجيكا
أشارت استطلاعات الرأي التي أشرفت عليها عدة صحف ومحطات تلفزة بلجيكية إلى توقعات ونتائج فى حال إجراء إنتخابات فيدرالية وفقا لصحيفة “الشرق الأوسط” فى 18 أكتوبر 2018 .حيث أكدت الاستطلاعات بأنه في حال إجراء انتخابات فيدرالية عامة سوف يحصل القوميون الفلامنيون أو حزب التحالف الفلاماني على (25 %) من الأصوات وبنسبة أقل (7.4% ) عن النتيجة التي تحققت في الانتخابات الأخيرة في 2014. بينما سيحقق كل من حزب الخضر وحزب فلامس بلانغ “اليمين المتشدد” تقدما بنسبة تزيد عن (5.5 %) مقارنة مع النسبة التي تحققت في الانتخابات الماضية .
أشادت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف “مارين لوبان” وفقا لـ”فرانس 24 ” فى 15 أكتوبر 2018 بـ”الدينامية” التي أظهرتها أحزاب اليمين المتطرف عبر نتائج الانتخابات في ألمانيا وبلجيكا. حيث عاد الحزب المعادي للهجرة “فلامز بيلانغ” والمنافس للتحالف الفلمنكي الجديد بقوة في الانتخابات البلدية البلجيكية في عدد من المدن الفلمنكية واحتل المرتبة الثالثة بين الأحزاب السياسية النافذة في المنطقة الفلمنكية خلف الحزب الديمقراطي المسيحى.
اليمين المتطرف وقضية الهجرة واللاجئيين
اتهمت منظمات مدنية بلجيكية وفقا لـ”العربى الجديد” فى 3 ابريل 2018 وزير الهجرة واللجوء في حكومة بروكسل “ثيو فرانكين” اليمينى المتشدد ، بالتمييز بين اللاجئين المسلمين والمسيحيين الوافدين إلى البلاد. وجاء ذلك في إطار الجدل الحاصل في بلجيكا بشأن رسالة بعثها فرانكين ، قال فيها إنّ اللاجئين المسيحيين الذين يأتون إلى بلاده يحظون بمعاملة خاصة تميّزهم عن غيرهم. وكان قد أعلن “ثيو” أنّه لا يرغب في استضافة اللاجئين الذين يدخلون الأراضي البلجيكية بطرق غير قانونية.وأشار إلى وجوب إعادتهم إلى المكان الذي جاؤوا منه على متن القارب نفسه. ووصف الوزير اليميني المتطرف، تدخل الشرطة البلجيكية لإخلاء شوارع العاصمة بروكسل من اللاجئين، بعملية التنظيف.
الإسلاموفوبيا فى بلجيكا
تناولت صحيفة “الشرق الأوسط ” فى 22 يوليو 2018 استطلاع للرأي لصحيفة “لوسوار” البلجيكية محطة التلفزة البلجيكية الناطقة بالفرنسية “RTBF”. وبحسب الاستطلاع يرى أكثر من (70%) من المسلمين بأن الناس ينظرون إليهم على أنهم “إرهابيون محتملون”. و صرح(63%) منهم بأنهم يشعرون بخوف شديد بسبب تدفق موجات اللاجئين، وقالوا إنهم يشعرون بأنه يتم استهدافهم فقط لأنهم مسلمون. كما يرى (77%) منهم أنهم لا يشعرون بأنهم في بلدهم على عكس ما كانت عليه الأمور في الماضي.
وأكدت “إيلس كيتسمان” مديرة مركز منظمة تكافؤ الفرص ومكافحة العنصرية في بروكسل إن (90 %) من الشكاوى التي يتلقاها المركز بسبب العنصرية على أساس ديني، يكون ضحاياها من المسلمين. وقد بلغت الزيادة في الملفات المرتبطة بالعنصرية بنسبة (13.5%) ، مقارنة بعام 2016، وغالبية هذه الملفات تتعلق بالعنصرية على أساس عرقي بنسبة (27 %).
مخاطر اليمين المتطرف
كشف تقرير للاستخبارات البلجيكية فى 22 مارس 2019 أن “اليمين المتطرف في أوروبا بدأ بتغيير نمط أنشطته، وأن قيادات بعض مجموعاته المتطرفة بدأت تأمر عناصرها بالتدرب على الرماية وحيازة أسلحة بطرق قانونية أو غير قانونية”.وأكد التقريروجود اليمين المتطرف ببلجيكا وبقية دول غرب أوروبا، بالإضافة إلى تغييرات جذرية في بنيته. وأن أنصار اليمين المتطرف لا يخفون إعجابهم بالنازية. وأوضح أن المجموعات المدنية مثل حركة “جنود أودين”، التي تتخذ من فنلندا مركزا لها، هي نموذج للمجموعات اليمينية المتطرفة. العنف”.
واضاف التقرير أن الاستخبارات البلجيكية تترقب مجموعة “الدروع والأصدقاء” اليمينية المتطرفة في بلجيكا، مبينا أن المجموعة تخاطب فئات مختلفة في المجتمع بما فيها “اليمين المحافظ” وغير الداعمين للعنف، بالإضافة إلى داعمي العنصرية والنازية.أكد تقرير لـ”يورونيوز” بعنوان ” ازدياد اعتداءات اليمين المتطرف وتراجع أعداد قتلى الهجمات الإرهابية ” فى 5 ديسمبر 2018 إن هناك ازديادا كبيرا في التهديدات الإرهابية السياسية من قبل اليمين المتطرف، لا سيما بعد انتشارها عبر المنصات الإلكترونية على الإنترنت.
ويشير التقرير إلى أنه بين عامي 2001 و2014، تم تسجيل(20) اعتداء قام بها أفراد من اليمين المتطرف أو مجموعات في أوروبا الغربية.بالمقابل، بين عامي 2014 و2017، ارتفع العدد إلى (61) اعتداء قام بها أشخاص أو مجموعات من اليمين المتطرف.تقرر توسيع لائحة الإرهاب، التي تصدر عن مركز تحليل المخاطر الإرهابية وإدارة الأزمات في بلجيكا وفقا لصحيفة “الشرق الأوسط” فى 28 أكتوبر 2018 . ولن تقتصر فقط على المتشددين “الإسلامويين” أو الذين تورطوا في الذهاب إلى مناطق الصراعات في سوريا والعراق للقتال في صفوف “داعش”. وتقرر إضافة (7) أشخاص من أنصار اليمين المتشدد.
وظهرت مجموعات يمينية متشددة، أثارت قلق أجهزة الاستخبارات الأمنية البلجيكية، حيث قاموا بتشكيل مجموعات تقوم بعمليات مراقبة مدنية على تصرفات المواطنين في مدن مثل أنتويرب وبروكسل ولوفان وليغ، كما أن لديها ميولا للتصرف بشكل عنيف ضد المهاجرين، خصوصا ضد مراكز إيواء اللاجئين والمساجد وغيرهما.
تعامل الإعلام مع الإرهاب الجهادى واليمينى المتطرف
حذرت دراسة بلجيكية وفقا لصحيفة الشرق الأوسط فى 21 مايو 2018 من مخاطر التعاطي الإعلامي مع الهجمات بشكل متسرع .حيث تغطي الصحف الفلمنية الهجمات التي يرتكبها المسلمون بشكل مختلف عن تلك التي يرتكبها غير المسلمين، إذا كان مرتكب الهجوم مسلماً، فإنه غالبا ما يطلق عليه “إرهابي”. وتحذر الدراسة من أنه هناك خطر من أن يربط الناس الإرهاب تلقائيا مع المسلمين. وخلص الباحثون إلى أنه في جميع هذه الصحف، يوصف المسلمون في كثير من الأحيان “بالإرهابيين” أكثر من غير المسلمين. بالرغم من أن جميع الهجمات التي تمت دراستها ليست، في الواقع إرهابية حسب الدراسة. وجاء فيها أيضا أنه عندما تُرتكب هجمات إرهابية، يُوصف (75% ) من الجناة المسلمين بأنهم إرهابيين مقابل (26%) لغير المسلمين.
الخلاصة
ينذر تزايد أعداد المجموعات التي تعمل بشكل منظم تحت مظلة اليمين المتشدد وانتشار مجموعات يمينية متطرفة مدنية للتفتيش والمراقبة في أحياء بعض المدن الكبيرة إلى ووقوع أعمال عنف في بلجيكيا ضد المسلمين واللاجئين .و يبرر اليمين المتطرف ذلك بمواجهة الخطر الذي يمثله تنامياعداد المهاجرين واللاجئين . وبالفعل تصاعدت شكاوى العنصرية في سوق العمل، أو السكن أو فرصة لتأجير سكن بسبب ارتداء الحجاب ، وأثار القلق فى المجتمع البلجيكى بعد تزايد نسب الجرائم وارتفاع منسوب خطاب الكراهية.
وتلعب بعض وسائل الإعلام البلجيكىة دورا كبيرا في نشر صورة سلبية حول المسلمين وهناك مسؤولية تقع على عاتق السلطات البلجيكية لمواجهة أي نوع من العنصرية ومعاداة الآخرين. وبتحليل الطريقة التي يتعامل بها الإعلام البلجيكى مع الهجمات التي ترنكبها الجماعات الاسلاموية المتطرفة ، مقارنة بالهجمات المماثلة التي ارتكبها اليمين المتطرف نجد إزدواجية فى تغطية الهجمات الإرهبية بأنواعها.
وتعد الإسلاموفوبيا ظاهرة خطيرة يتوجب على السلطات البلجيكية إمعان النظر فيها ،و يتطلب خطاب اليمين المتشدد وحملاته الممنهجة الدعائية ضد المسلمين إلى استراتيجية عمل ناجعة تحاصر هذا الفكر المتطرف . ويجب أن يُعاد النظر في الخطاب الإعلامى للمجتمع البلجيكى وأن يكون هناك خطاب معتدل تجاه قضية الهجرة واللاجئين ونبذ العنصرية . بالإضافة إلى تفعيل دورالأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات طل ومنظمات مدافعة عن اللاجئين والعنصرية لمنع انتشار الأفكار المتطرفة.
وهذا مايتطلب من المجالس الاسلامية، ان تقوم بدورها في مواجهة الاجراءات والسياسات التي تستهدف الجاليات الاسلامية، وفي ذات الوقت المنظمات الاسلامية والمجالس معنية بالمساهمة على نزع ايدلوجية التطرف من عقول الشباب والانفتاح اكثر على الحكومات والاحزاب السياسية.
رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=50820
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
الشرق الأوسط … اليمين المتشدد يتفوق في أحدث استطلاعات الرأي في بلجيكا
فرانس 24 … مارين لوبان تشيد بصعود اليمين المتطرف في ألمانيا وبلجيكا
العربى الجديد … تمييز ديني بين لاجئي بلجيكا
https://www.alaraby.co.uk/society/44f5eddb-6994-48cc-b03e-57b413c7e074
سكاى نيوز … أنطويو غوتيريش إلى التحذير من تنامي الشعبوية، في أوروبا خصوصا والعالم عموما.
الشرق الأوسط … مديرة “مركز مكافحة العنصرية في بروكسل” تحذر من تزايد العنصرية ضد المسلمين
يورونيوز … تقرير: ازدياد اعتداءات اليمين المتطرف وتراجع أعداد قتلى الهجمات الإرهابية
https://arabic.euronews.com/2018/12/05/report-terrorism-deaths-down-but-far-right-attacks-are-rising
الشرق الأوسط … بلجيكا: المتشددون من أنصار اليمين واليسار ضمن لائحة الإرهاب
الشرق الأوسط … دراسة بلجيكية تحذر من خطورة الربط بين الإرهاب والمسلمين في وسائل الإعلام