الهجرة ـ تعصف بتماسك الأتحاد الأوروبي من الداخل
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
إعداد: وحدة الدراسات و التقارير “2”
شهدت الدول الأوروبية دخول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر وطالب لجوء من تركيا عبر اليونان والبلقان حيث يريد القادة الأوروبيون تجنب تكرار أزمة عام 2015-2016 مع افتقار دول الاتحاد الأوروبي إلى آلية فعالة لتقاسم الأجئين، مما يهدد بتقويض مشروع التكامل الأوروبي .
موجات الهجرة إلى أوروبا
نشرت المنظمة الدولية للهجرة إحصاءات حول الهجرة إلى أوروبا في 5 يناير 2020 حيث بلغ عدد المهاجرين الغير شرعيين وطالبي اللجوء (123920) ألفاً، وتراجعت أعداد الوافدين منذ 2016 بثبات من أكثر من مليون عام 2015 إلى (390456) في 2016 إلى (186788) في 2017 إلى (144282) في عام 2018. وصل أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط في عام 2019 حوالي (105425)) ألف مهاجر وقد تضاعف عدد الواصلين من بحر إيجة إلى اليونان، مقارنة بالعام الذي 2018. بالنسبة للطريق الشرقي للمتوسط، وخاصة بين تركيا واليونان وقبرص، سلكه (66166) مهاجراً وهو ضعف الرقم في عام 2018 (33536).
غالبية المهاجرين الذين يسلكون دروب وسط المتوسط وغرب البلقان من الأفغان والسوريين. ويحتل الأفغان المرتبة الأولى بين الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي. كشفت”فرونتيكس” الوكالة الأوروبيّة لمراقبة وحماية الحدود الخارجيّة عن تراجع عدد المهاجرين غير شرعيين إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2020.وانخفضت عدد حالات العبور غير قانوني بنسبة (13%) بمقدار(124) ألف حالة وهو المعدل الأدني منذ عام 2013.
طريق البلقان
عبر أعداد هائلة من اللاجئين السوريين ومن أسيا وإفريقيا البلقان منذ أن فتحت دول غرب أوروبا عام 2015 أمامهم. وبعد الاتفاق التركي الأوروبي بشأن الهجرة عام 2016 تم غلق طريق البلقان رسميا. و يبقي طريق البلقان للهجرة الطريق الأكثر استخدامًا نحو أوروبا الغربية. فبحسب الإحصائيات الرسمية للنصف الأول من عام 2020 تمّ رصد (11300) على حدود الاتحاد عبر هذا الطريق وسجّل ارتفاعاً بنسبة (80% )مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019. الهجرة واللجوء ـ خلافات وانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي
اتفاقية الاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا
طالبت تركيا باتفاقية جديدة تحل محل اتفاقية 2016، ومن جانب أخر أعلن “بيتر ستانو” المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، استمرار المباحثات مع الجانب التركي حول “استكمال نواقص اتفاقية 18 مارس 2016 بشأن المهاجرين غير الشرعيين.” وألمح ” جوزيب بوريل ” وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في 2021، إلى إمكانية تجديد الاتفاق الأوروبي التركي لعام 2016 حول الهجرة. وطالبت ” يلفا يوهانسن” مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي أنقرة بتنفيذ التزاماتها بموجب الصفقة نفسها خاصة لجهة إعادة قبول المهاجرين الموجودين على الجزر اليونانية.
أتفق قادة الاتحاد الأوروبي على التمسك باتفاقية اللجوءعام 2016 مع تركيا، تعزيزالتعاون مع أنقرة لمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال حماية الحدود. ودفع مبالغ إضافية لتركيا وتحمل الاتحاد نفقات أكثر من (4) ملايين لاجئ سوري المتواجدين على أراضيها. كما خصص الاتحاد الأوروبي في عام 2020 مبلغ (535 ) مليون يورو إضافية لمساعدة اللاجئين المتواجدين في تركيا .
يقول “جيرالد كنوز”، من مبادرة استقرار أوروبا في 13 مارس 2021، إن اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي سيفشل، إذا لم يتم تحديثه أو التوصل إلى اتفاق آخر بدلاً منه. وإن على الاتحاد الأوروبي زيادة المساعدات للمهاجرين الموجودين في تركيا، والبدء في استقبال المزيد منهم. ويرى مراد أردوغان أنه إذا لم يحدث ذلك، فمن الممكن أن تميل أنقرة إلى السماح للمهاجرين بعبور حدودها الأوروبية واستخدام ذلك كورقة مساومة. هل نجحت وكالة “فرونتكس” بإيقاف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ؟
تدابير وإجراءات للحد من موجات الهجرة واللجوء
تبنى البرلمان الدنماركي في يونيو 2021 مشروع قانون يتيح للحكومة إرسال طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة، خارج التكتل الأوروبي، مع إمكانية إبقائهم هناك حتى بعد حصولهم على حق اللجو واقترح القانون إنشاء مراكز في دول أخرى، كرواندا أو إريتريا، لتستقبل طالبي اللجوء. كما أعلن مجلس الوزراء الفرنسي في أبريل 2021 عن استحداث منصب مفوض للهجرة، معني بإدارة تدفقات المهاجرين في منطقة “إيل دو فرانس” لمكافحة الهجرة غير النظامية عام 2020، وبحسب الأرقام الرسمية تم تقديم (81) ألف طلب لجوء في فرنسا عام 2020.. شددت السلطات المجرية من سياسات الهجرة واللجوء. فلم يعد بإمكان طالبي اللجوء تقديم ملفاتهم داخل البلاد، وبات عليهم المرور عبر سفارة مجرية في الخارج.
تداعيات أزمة الهجرة على الاتحاد الأوروبي
شهدت الأحزاب اليمينية المتطرفة نشاطًا ملحوظا منذ أزمة الهجرة واللجوء 2015. ساعدت هذه الأحزاب في إعادة تشكيل الجدل حول الهجرة في أوروبا، في بلدان مثل المجرواستخدم اليمين المتطرف في أوروبا أزمة اللاجئين لمصلحته من خلال توجيه الصور النمطية القائمة منذ عقود حول المهاجرين لحشد الدعم لقضيتهم وتحقيق مكاسب سياسية.
استغلت تركيا قضية الهجرة واللجوء كورقة ضغط ومساومة على الاتحاد الأوروبي وهددت بفتح حدودها حتى يتمكن اللاجئون السوريون من دخول أوروبا. ومن غير المرجح أن يستسلم الاتحاد الأوروبي لتهديدات تركيا لأن هذا من شأنه أن يمنح تركيا نفوذاً إضافياً تجاه الاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن تصبح هذه أزمة كبيرة أخرى بين الجانبين
مثلت أزمة اللجوء والهجرة الخطر الأكبر في أوروبا عبر تسلل عناصرمن داعش وسط اللاجئين وتنفيذ عمليات إرهابية كهجوم باتاكلان 2015 الذي نفذه عناصر من تنظيم داعش دخلوا أوروبا مع أفواج اللاجئين. وتؤكد الهجمات الإرهابية التى ضربت العواصم الأوروبية مؤخرا أن اللاجئين يمثلون فريسة سهلة لعمليات التجنيد في صفوف الجماعات الإرهابية فعلى سبيل المثال هجوم فيينا عام 2020 الذي نفذه لاجئ ألباني وسلسلة سلسلة الهجمات التى نفذها مهاجرون في فرنسا.
أدت أزمة الهجرة واللجوء إلى نشوب خلافات وانقسامات حادة بين دول أوروبا الغربية ، من ناحية ، ودول وسط وشرق أوروبا من ناحية أخرى. أثارت تلك الخلافات الجدل حول حول قضايا أخرى تتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية داخل التكتل الأوروبي. وتشجع المتشككين والقوميين في اليورو. ما يجعل الأمور أكثر سوءًا، مما يتسبب في “حلقة مفرغة” قد تعرض مستقبل الاتحاد الأوروبي بأسره ووحدة الاتحاد الأوروبي للخطر.
رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=75742
*جميع الحقوق محفوظة الى المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
الهجرة إلى أوروبا في 2019 … أرقام وحقائق
الاتحاد الأوروبي: محاولات الهجرة غير القانونية إلى أوروبا في 2020 هي الأدنى منذ 2013
سياسات أكثر تشددا.. الدنمارك تتبنى قانونا يتيح “ترحيل” طالبي اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي
تفاوض بطيء بين تركيا والاتحاد الأوروبي لتعديل اتفاقية الهجرة