الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الناتو وروسيا ـ هل تمهّد الانتهاكات الجوية لمرحلة جديدة من الردع المتبادل؟

nato
أكتوبر 26, 2025

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

الناتو وروسيا ـ هل تمهّد الانتهاكات الجوية لمرحلة جديدة من الردع المتبادل؟

أصبحت الانتهاكات الروسية المتكررة للمجال الجوي الأوروبي التابع لحلف شمال الأطلسي (الناتو) لافتة في الفترة الأخيرة، حيث تتزايد الاستفزازات الجوية الروسية بوتيرة مقلقة. وتشمل هذه الانتهاكات تحليق طائرات مسيّرة داخل أراضي دول أعضاء في الحلف، وتوغلات لطائرات مقاتلة روسية، وصولاً إلى عمليات تحليق فوق سفن حربية تابعة للناتو. فيما يلي عرض لأبرز هذه الحوادث التي شهدتها دول الناتو:

طائرات مسيّرة في الأجواء البولندية

وقع أول حادث في سبتمبر 2025، قبيل بدء المناورات الروسية البيلاروسية المعروفة باسم زاباد. اخترقت تسع عشرة طائرة مسيّرة المجال الجوي البولندي، بعضها توغل بعمق داخل البلاد. وأسقطت الدفاعات البولندية ثلاثًا منها. أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن هذا كان أول اختراق واسع النطاق لا يمكن تفسيره بأخطاء ملاحية أو استفزازات صغيرة، موضحًا: “أن جزءًا كبيرًا من هذه الطائرات جاء مباشرة من بيلاروسيا”. وكانت هذه المرة الأولى التي تسقط فيها طائرات روسية مسيّرة فوق أراضي حلف الناتو. على إثر ذلك، فعّلت بولندا المادة 4 من ميثاق الناتو، التي تُستدعى للتشاور عند تعرض أي دولة عضو لتهديد أمني يمس سلامتها أو استقلالها.

رصد طائرة مسيّرة فوق رومانيا

رُصدت طائرة مسيّرة في منطقة تولتشا بشرق رومانيا قرب نهر الدانوب. أطلقت القوات الجوية الرومانية مقاتلتين من طراز F-16، إلى جانب طائرتين ألمانيتين من طراز يوروفايتر. أكد الجيش الروماني أن الطائرة كانت روسية من طراز جيران، وهي من النوع المستخدم في الهجمات على أوكرانيا. وجاء في بيان رسمي أن “مثل هذه الحوادث تُظهر استخفاف روسيا بالقانون الدولي، وتشكل خطرًا على أمن المواطنين الرومانيين والأمن الجماعي للناتو”.

المقاتلات الروسية تنتهك أجواء إستونيا

بعد انتهاء مناورات زاباد في سبتمبر 2025، اخترقت ثلاث طائرات روسية من طراز ميغ-31 الأجواء الإستونية لمدة 12 دقيقة، قبل أن تعترضها مقاتلات إيطالية من طراز F-35. نفت موسكو الحادث، معتبرة أن الطائرات كانت في “رحلة تدريبية منتظمة”، لكن تالين أكدت انتهاك السيادة الجوية. وبدورها دعت إستونيا إلى مشاورات وفق المادة 4 من ميثاق الناتو، وأعلن الحلف أنه سيستخدم كل الوسائل العسكرية وغير العسكرية للدفاع عن أعضائه وردع التهديدات.

تحرك ألماني فوق بحر البلطيق

أطلقت ألمانيا طائرتين من طراز يوروفايتر بعد رصد طائرة مجهولة الهوية دون خطة طيران أو اتصال لاسلكي. وتبين لاحقًا أنها طائرة استطلاع روسية من طراز Il-20M، وتم التعرف عليها بصريًا. كما حلقت طائرات روسية مرتين فوق الفرقاطة الألمانية هامبورغ المشاركة في مناورات الناتو نيبتون سترايك. أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس: “بوتين يسعى لاستفزازنا، ويريد اختبار تماسك الناتو وكشف نقاط ضعفه لاستغلالها”. في أكتوبر 2025، تكررت عمليات تعطيل الرحلات في مطار ميونخ بسبب تحليق طائرات مسيّرة، مرتين خلال أسبوع واحد. اتهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس وزعيم حزب CSU ماركوس زودر روسيا بالوقوف وراء الحوادث، لكن الكرملين نفى أي علاقة. وقد أعلنت حكومة بافاريا عن إعداد قانون يتيح للشرطة إسقاط الطائرات المسيّرة.

طائرات مسيّرة فوق مطاري أوسلو وكوبنهاغن

شهدت العاصمتان الدنماركية والنرويجية من 22 إلى 23 سبتمبر تحليق طائرات مسيّرة كبيرة فوق مطاريهما، ما أدى إلى إغلاق المطارين لساعات وتعطيل مئات الرحلات. وصفت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن الحادث بأنه “أخطر هجوم على البنية التحتية الحيوية في الدنمارك”، مشيرة إلى احتمال تورط روسيا، رغم عدم وجود أدلة قاطعة. وتحدثت تقارير عن انطلاق الطائرات من سفن تُعرف باسم “الأسطول الروسي الخفي”. كما أوقفت الشرطة النرويجية شخصين أجنبيين في أوسلو للاشتباه بتصويرهما بطائرات مسيّرة داخل منطقة محظورة. أُغلق المجال الجوي فوق مطار ألبورغ في 24 سبتمبر 2025، بعد رصد عدة طائرات مسيّرة، كما تم رصد نشاط مشابه قرب مطارات إسبرغ وسوندربورغ وسكريدستروب، حيث تتمركز طائرات الناتو من طراز F-16 وF-35. وصف وزير الدفاع الدنماركي ترويلس بولسن هذه الحوادث بأنها “هجمات هجينة” تستهدف زعزعة الأمن. وفي 27 سبتمبر 2025، رُصدت أجسام طائرة لساعات فوق قاعدة كاروب الجوية، أكبر قاعدة عسكرية في الدنمارك، كما أبلغت النرويج عن نشاط مشابه قرب قاعدتها الجوية الكبرى في أورلاند.

جنود روس قرب الحدود الإستونية وانتهاك المجال الجوي الليتواني

رصدت إستونيا في أكتوبر 2025 تحركات لعناصر مسلحة روسية في منطقة حدودية تُعرف باسم حذاء ساتسي، وهي شريط ضيق من الأراضي الروسية يمتد داخل الأراضي الإستونية. أظهر مقطع مصور سبعة رجال مسلحين بزي عسكري وأقنعة، لا يبدو أنهم من حرس الحدود الروس، وفق السلطات الإستونية. في 17 أكتوبر 2025، أعلنت ليتوانيا أن طائرتين روسيتين، إحداهما من طراز SU-30 والأخرى طائرة تزويد بالوقود IL-78، اخترقتا مجالها الجوي قرب بلدة كيبارتاي. اعتبر المستشار الألماني ميرتس الحادث “استفزازًا روسيًا متعمدًا”، مشيرًا إلى أنه جاء بالتزامن مع قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل التي ناقشت دعم أوكرانيا والعقوبات الجديدة على موسكو. تُظهر هذه الحوادث المتكررة أن روسيا تستخدم المجال الجوي كوسيلة ضغط سياسية وعسكرية لاختبار جاهزية الناتو ووحدته. وفي المقابل، يحاول الحلف الحفاظ على توازن دقيق بين الردع وتجنب التصعيد المباشر مع موسكو.

النتائج

تتبع موسكو تتبع استراتيجية ممنهجة من “الاختبار والضغط” تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في إطار ما يمكن وصفه بـ”الحرب الرمادية”، أي استخدام أدوات غير مباشرة لإرباك الخصم دون الوصول إلى عتبة المواجهة العسكرية الكاملة. من المتوقع أن تستمر هذه الاستفزازات، بل وربما تتصاعد تدريجيًا في عام 2026، مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وتزايد الانقسام الأوروبي حول مستويات الدعم لأوكرانيا.

لا تستهدف روسيا فقط اختبار جاهزية الدفاعات الجوية للناتو، بل تسعى إلى إضعاف الثقة داخل الحلف وإظهار هشاشته أمام الرأي العام الأوروبي. فكل حادثة اختراق أو تحليق غير مصرح به، مهما كان محدودًا، تُستخدم لتوليد حالة من الإرباك السياسي، وإرسال رسالة مفادها أن موسكو قادرة على الوصول إلى أجواء الحلف متى شاءت. كما تهدف روسيا إلى إجبار بعض الدول الأوروبية على رفع كلفة الدفاع الذاتي، بما يرهق اقتصاداتها، ويفتح المجال أمام خلافات داخلية حول أولويات الإنفاق العسكري.

ستدفع هذه الانتهاكات الناتو إلى تسريع إنشاء “مظلته الجوية المتكاملة”. على طول جناحه الشرقي، مع تعزيز قدراته في مجال الدفاع ضد الطائرات المسيّرة والصواريخ منخفضة الارتفاع. ومن المرجح أن تشهد السنوات القادمة تكثيفًا لمهام المراقبة المشتركة في بحر البلطيق وبحر الشمال، وتفعيل خطط الاستجابة السريعة في بولندا ورومانيا ودول البلطيق. كما سيزداد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التتبع والتعرف على الأهداف الجوية المشبوهة، إلى جانب توسع مشاريع التعاون الصناعي الدفاعي بين ألمانيا، فرنسا، ودول شمال أوروبا.

أما على الصعيد السياسي، فسيواجه الناتو تحدي الحفاظ على وحدة الموقف في ظل تباين المواقف بين الأعضاء الشرقيين الذين يدعون للتشدد، والغربيين الذين يفضلون تجنب التصعيد المباشر. هذا التباين قد تستغله موسكو لزرع مزيد من الشكوك داخل الحلف.

بناءً على الاتجاهات، يمكن القول إن الانتهاكات الروسية تمثل مقدمة لمرحلة جديدة من الردع المتبادل المرن، حيث يسعى الطرفان إلى اختبار الخطوط الحمراء دون تجاوزها. إلا أن استمرار هذا النمط دون قنوات تواصل فعالة بين موسكو وبروكسل يرفع من خطر وقوع حادث عسكري غير مقصود، قد يشعل أزمة إقليمية واسعة تتطلب تدخلاً دبلوماسيًا عاجلًا لتجنب التصعيد العسكري المباشر.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110971

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...