الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الناتو وروسيا ـ بحر البلطيق كمنطقة استراتيجية ونقاط الاحتكاك

سبتمبر 15, 2025

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (3)

الناتو وروسيا ـ بحر البلطيق كمنطقة استراتيجية ونقاط الاحتكاك

يشكّل بحر البلطيق ممرًا بحريًا وجغرافيًا حاسمًا بين شمال وشرق أوروبا، ويمتد على طول سواحل دول البلطيق الثلاث “إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا”، إضافةً إلى بولندا، والسويد، وفنلندا، ويجاور مقاطعتي “كالينينغراد” وبيلاروسيا من جهة روسيا. هذا الموقع يترجم إلى حساسيات خاصة حول حرية الملاحة، أمن الموانئ، وسهولة نقل التعزيزات البرّية عبر معابر محدودة مثل ممر “سووالكي بين بولندا وليتوانيا”؛ ولهذا السبب تحوَّل بحر البلطيق إلى ساحة احتكاك عسكرية وسياسية بين حلف شمال الأطلسي وروسيا.

“كالينينغراد”: الجيب الروسي الذي يُقلق أوروبا

تُعد “كالينينغراد” منطقة روسية تقع على بحر البلطيق، منفصلة عن البر الرئيسي لروسيا، ويحدّها من الجنوب بولندا، ومن الشمال والشرق ليتوانيا. أصبحت جزءًا من الاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية، بموجب شروط اتفاقية “بوتسدام”. تبلغ مساحة هذه المنطقة الصغيرة (47) ميلاً فقط. تم تسليحها بشكل كبير من قِبَل روسيا، وتستضيف قوات برية روسية كبيرة، وأنظمة دفاع جوي، وأصولًا بحرية، بما في ذلك نشر صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، مما يمنح موسكو قاعدة عمليات متقدمة في المنطقة، ويزيد من مخاطر أي مواجهة عسكرية.

يوفّر الوجود الروسي في مقاطعة “كالينينغراد” قدرةً لروسيا على تهديد خطوط الاتصال البرّية والبحرية للحلف. شهدت المنطقة تكثيفًا في التحصينات البحرية “مدفعية ساحلية، صواريخ مضادة للسفن، غواصات، ووسائط بحرية صغيرة”، إضافةً إلى نشر عناصر منظومات مضادة للطائرات وقدرات إلكترونية، وتُستخدم هذه التعزيزات الروسية كآلية ردع واستعراض للقوة في المنطقة.

يشهد المشهد الأمني الأوروبي تحوّلات متسارعة نتيجة تعزيز روسيا لقدراتها الاستخباراتية والإلكترونية، لا سيما بناء منشأة استخبارات إشارات واسعة النطاق قرب “تشيرنيخوفسك” في جيب “كالينينغراد”. تمثّل هذه المنشأة، وفق التقديرات الاستخباراتية، خطوة نوعية تمكّن روسيا من جمع معلومات حساسة عن الاتصالات العسكرية والمدنية لدول الناتو، بما في ذلك ألمانيا وبولندا وليتوانيا، وربما التدخل في أنظمة القيادة والسيطرة في أوقات الأزمات. ما يجعل الجيب الروسي نقطة ارتكاز رئيسية للعمليات الاستخباراتية والحرب الإلكترونية ضد أوروبا.

يحذّر “كريستيان بويغر” من جامعة “كوبنهاغن” من دوّامة التصعيد في منطقة بحر البلطيق، ويضيف: “في نهاية المطاف، يختبر كل جانب كيفية رد فعل الآخر”. تابع “بويغر” في دراسته حول السياسة الدولية في مناطق المحيطات العالمية “سياسات مناطق المحيطات العالمية”، في يوليو 2025: “يجب على أوروبا أن تستعد لديناميكية استفزازية مع روسيا، لا تقتصر على البحر فحسب، بل أعتقد أننا سنشهد المزيد والمزيد من عمليات نشر الطائرات بدون طيار”. أمن دولي ـ هل تم تهميش دول أوروبا في مفاوضات ترامب وبوتين؟

لماذا تُعد فجوة “سووالكي” نقطة الضعف الأخطر في هيكل الناتو؟

تشير التقديرات إلى أن فجوة “سووالكي” تُعد “نقطة ضعف حلف شمال الأطلسي”، وهي تُعادل فجوة “فولدا” إبّان الحرب الباردة. يربط هذا الشريط الضيق من الأرض، بطول (65) كيلومترًا فقط، دول البلطيق ببولندا، وبالتالي بدول الناتو الأخرى. إلى الغرب منه تقع منطقة “كالينينغراد” الروسية، وإلى الشرق بيلاروسيا الموالية لموسكو. يكون من السهل نسبيًا عزل دول البلطيق عن حلفائها إذا هاجم بوتين هذه المنطقة، كما تُشكّل الصواريخ والمدفعية الروسية على جانبي الفجوة تهديدًا لأي محاولة من حلف شمال الأطلسي لتعزيز دول البلطيق برًا، بل قد تُقدم روسيا على خطوة عالية المخاطرة وعالية العائد، وهي محاولة سد الفجوة بالقوات البرية.Suwalki-Gap.-

مناورات البلطيق: رسالة ردع واستعداد متعدد الأبعاد

تهدف المناورات العسكرية “كوادريغا 2025” إلى إظهار جاهزية حلفاء الناتو للدفاع عن منطقة البلطيق ضد الهجمات الروسية، بما في ذلك التهديدات الهجينة. تُجرى هذه المناورات بقيادة البحرية الألمانية، بمشاركة الجيش والقوات الجوية، ويشارك فيها أكثر من (8000) جندي من (14) دولة، من بينهم جميع حلفاء الناتو المطلّين على بحر البلطيق، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا. أكدت القوات المسلحة الألمانية في 4 سبتمبر 2025: “أن (40) سفينة، و(20) طائرة، وأكثر من (1800) مركبة برّية تشارك في المناورات”. ومن أبرز هذه التدريبات المقررة:

(Grand Eagle): تمرين مخصص لتجربة مدى سرعة وكفاءة نقل القوات والمعدات العسكرية من ألمانيا إلى ليتوانيا، بما يشمل استخدام الوسائط البرية والجوية.

(Brave Blue): يركّز هذا التدريب على إنشاء شبكات الدعم اللوجستي داخل مناطق العمليات، بما في ذلك إدارة الإمدادات والتنسيق بين وسائل النقل المختلفة: البر، والسكك الحديدية، والبحر.

(Safety Fuel): يهدف هذا التدريب إلى ضمان استمرارية تدفّق الوقود والمواد الأساسية إلى القوات في الميدان، بما يعزّز من مرونتها واستعدادها في حالات الأزمات أو النزاعات الممتدة.

أرسلت روسيا (20) سفينة حربية في 31 مايو 2025 للمشاركة في تدريبات في بحر البلطيق، ضمن مناورات سنوية واسعة النطاق. يرى الخبير البحري “يوهانس بيترز” أن روسيا تحاول زيادة إمكانات التهديد التي تشكّلها، وخاصة في بحر البلطيق، ويضيف: “يستخدم الأسطول الروسي هذه المناورة للاستطلاع ومراقبة الجانب الآخر”. كما أشار إلى أنه “على الرغم من أن روسيا قد لا تشن هجومًا خلال التدريبات، إلا أن الاستفزازات واردة، فعلى وجه الخصوص، قد تُمنع سفن الناتو من مواصلة رحلتها، وقد تحلّق الطائرات الروسية فوقها”.

هل تشكّل الطائرات المسيّرة الروسية تهديدًا مباشرًا لدول الناتو؟

دخلت أكثر من (12) طائرة مسيّرة المجال الجوي البولندي خلال الهجمات الروسية على أوكرانيا في سبتمبر 2025، وأبلغت بولندا عن (19) انتهاكًا لمجالها الجوي. طلبت ليتوانيا من حلف شمال الأطلسي المساعدة في تعزيز دفاعاتها الجوية بعد أن كشفت عن أن طائرتين عسكريتين روسيتين بدون طيار حلّقتا فوق أراضيها قادمتين من بيلاروسيا في يوليو 2025.

أبلغت دول أخرى بالإضافة إلى ليتوانيا، على الجناح الشرقي مثل رومانيا ولاتفيا عن حوادث مشابهة، مثل انتهاك طائرات روسية بدون طيار لمجالها الجوي، وإطلاق صواريخ بالقرب من حدودها مع أوكرانيا. انتهكت طائرة حربية روسية المجال الجوي الإستوني في مايو 2025، بالقرب من شبه جزيرة “جوميندا” في خليج فنلندا، مما دفع حلف شمال الأطلسي إلى إرسال طائراته المقاتلة لمراقبة المجال الجوي ردًا على هذا الاختراق.

يرى “يان كريستيان كاك” المفتش البحري: “أن المخاطر تتزايد في بحر البلطيق”، ويأمر بتسريع عملية المراقبة، مؤكدًا: “أن الوضع في بحر البلطيق متوتر، ليس فقط بسبب انقطاع الكابلات، بل بسبب تحليق الطائرات بدون طيار”. مضيفًا خلال محادثات بحرية في برلين: “هناك تدمير، أي تخريب، على أكثر من وحدة، وقد تم اتخاذ التدابير المناسبة في أحواض بناء السفن”. التجسس ـ هل تمثّل الطائرات المسيرة خطرًا أمنيًا على البنية التحتية الألمانية؟

ما أهداف روسيا من تعزيز وجودها العسكري في بحر البلطيق؟

تريد روسيا تأمين مصالحها، ليس فقط في حوض بحر البلطيق، ولكن في المنطقة ككل، خصوصًا في ما يتعلق بـ”المكون العسكري”، واتخاذ خطوات أكثر واقعية للرد على الوجود المتزايد لحلف الناتو في بحر البلطيق. أصدرت روسيا تحذيرًا يندد بـ”الانتهاكات” المزعومة التي تقوم بها سفن تابعة لدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق، في 24 يناير 2025.

تُعدّ أحد الأهداف الرئيسية لإصلاح الدفاع والتحوّل العسكري الروسي في منطقة البلطيق هو تحسين جاهزية وفعالية قواتها المسلحة بشكل ملحوظ. ويُنصَب التركيز على التعبئة السريعة، والقدرة الفائقة على التنقل، بما في ذلك عبر المناطق العسكرية، والقوة النارية العالية. ففي حال نشوب أزمة أو صراع مع الناتو في منطقة البلطيق، ستعتمد روسيا على قدرتها على التعبئة والتحرّك وتركيز القوات بسرعة.

يقول “كاميل جراند” من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، والأمين العام المساعد السابق للاستثمار الدفاعي في حلف شمال الأطلسي، في 20 مارس 2025: “إن إستونيا ودول البلطيق الأخرى، تقليديًا، أكثر عرضة للخطر من بقية دول حلف الناتو، نظرًا لعزلتها الجغرافية عن أعضاء الحلف في أوروبا الغربية”. إن نقاط الضعف المتأصّلة، والحجم الصغير لدول البلطيق وجيوشها، يعني أنه على الرغم من جهودها غير العادية، فإنها غير قادرة على الدفاع عن المنطقة دون مساعدة التحالف بأكمله.

تسعى روسيا إلى تحقيق نفوذ والحفاظ على تأييد الرأي العام الروسي، كذلك تأييد الرأي العام للأقليات الناطقة بالروسية في دول البلطيق، من خلال وسائل الإعلام التقليدية ووسائل الإعلام الإلكترونية، وكلاهما أكثر شعبية بين الروس البلطيقيين مقارنةً بالقنوات الإعلامية الناطقة باللغات الوطنية في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. ووفقًا لدراسة استقصائية أجرتها وزارة الدفاع الإستونية، في حال وقوع هجوم خارجي، من المرجّح أن تدعم غالبية الأقلية الناطقة بالروسية (70%) المقاومة ضد أي هجوم روسي.

يعد تأمين ملاحة ناقلات النفط الروسية في بحر البلطيق أحد أسباب تعزيز الوجود العسكري في بحر البلطيق. صرّح “هيلج أدريانس” من معهد الشؤون الدولية والأمنية “SWP” في برلين: “إنه يتوقع زيادة كبيرة في مرافقة البحرية الروسية لناقلات النفط الروسية عبر بحر الشمال وبحر البلطيق”. ووفقًا لتحليله، فإن “تصعيدًا إضافيًا في الصراع مع روسيا في منطقة بحر البلطيق وشيك”. ويشير الخبير الأمني، من بين أمور أخرى، إلى حزمة العقوبات الأخيرة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على صادرات الغاز والنفط الروسية. أمن دولي ـ مفاوضات روسيا وأوكرانيا، الفرص والعقبات

تقييم وقراءة مستقبلية

– يشير الوضع في بحر البلطيق إلى تحوّله من مجرد ممر بحري هام إلى نقطة توتر جيوسياسي وعسكري قد تشهد تصعيدًا مباشرًا بين حلف شمال الأطلسي وروسيا.

– تعكس التحصينات الروسية في جيب “كالينينغراد”، وتكرار الانتهاكات الجوية، والمناورات المتزامنة من الطرفين تحول منطقة البلطيق إلى ساحة اختبار فعلي لردود الفعل الروسية أو لحلف شمال الأطلسي

– تكمن المخاطر المستقبلية في اتساع فجوة الثقة، وتزايد الحوادث المقصودة أو غير المقصودة مثل تحليق الطائرات بدون طيار أو اقتراب السفن، ما قد يشعل مواجهة غير محسوبة.

– بات متوقعًا مع تزايد الحديث عن فجوة “سووالكي”، أن تكون دول البلطيق من أكثر المناطق عرضة للانعزال العسكري في حالة إي هجوم روسي محتمل.

– يغيّر تطوير قدرات التجسس الروسية قواعد التوازن الأمني في المنطقة، ويضع الدول الأوروبية أمام تحديات مضاعفة، تتراوح بين التصدي للاختراقات الاستخباراتية وتعزيز الحماية الإلكترونية.

– من المرجّح أن يستمر سباق التسلّح والاستخبارات، خاصة مع تطور منشآت التجسس الروسي. أمّا من ناحية حلف شمال الأطلسي، فستزداد الاستثمارات في البنية التحتية الدفاعية.

– لا تزال المواجهة المباشرة غير مرجحة، لكن السيناريوهات مثل الهجمات السيبرانية أو الاستفزازات البحرية ستكون العنوان الأبرز خلال العام 2026.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=109113

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات 

الهوامش

Germany leads a military exercise in the Baltic as tensions with Russia simmer
https://tinyurl.com/nhaa3e8a

Poland calls NATO meeting after downing Russian drones
https://tinyurl.com/2vhtxt54

Polen findet Drohnen und Trümmer einer Rakete
https://tinyurl.com/y5trfuke

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث ؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...