خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
الناتو وروسيا ـ الطائرات بدون طيار، الأطر القانونية للتمويل الدفاعي
أكدت مصادر إن المفوضية الأوروبية تدرس ميزانيات الاتحاد الأوروبي الحالية والأطر القانونية القائمة لإيجاد المزيد من الأموال لصناعة الطائرات بدون طيار، والتي ستعطيها الأولوية على معدات الدفاع الأخرى. في حين أبدى العديد من زعماء جنوب أوروبا فتورًا بشأن المقترحات الخاصة ببناء “جدار الطائرات بدون طيار”، لا تزال المفوضية تبحث عن سبل لدعم صناعة الطائرات بدون طيار الناشئة في أوروبا. تقوم المفوضية تقوم بمراجعة كيفية تمكُّن دول الاتحاد الأوروبي من الاستفادة بشكل أفضل من الأموال والبرامج الحالية لتعزيز صناعة الطائرات بدون طيار.
ما هي الأفكار المطروحة؟
إحدى الأفكار المطروحة هي إنشاء صندوق للطائرات المسيّرة، على غرار قانون دعم إنتاج الذخيرة (ASAP)، حيث لا تزال الفكرة في مراحلها الأولى. ASAP هو صندوق تابع للاتحاد الأوروبي لمساعدة صناعات تصنيع الذخيرة والصواريخ على تجاوز الاختناقات. حصل على (500 مليون يورو) من ميزانية الاتحاد الأوروبي، وأُنشئ استجابةً لنقص حاد في الذخيرة في أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي عام 2023. ويهدف إلى زيادة الإنتاج إلى مليون قذيفة سنويًا.
يمكن لصندوق مماثل أن يزيد إنتاج الطائرات بدون طيار، لكنه يتطلب عملية تشريعية جديدة كليًا بدءًا من اقتراح المفوضية، وصولًا إلى اعتماده من قِبل الدول الأعضاء والبرلمان، وتحديد مصادر التمويل. وقد استطلعت المفوضية استطلعت آراء قطاع الطائرات بدون طيار لقياس مدى الاهتمام بمثل هذا البرنامج. قد تواجه صناعة الطائرات بدون طيار نفس المشكلة التي واجهتها شركات صناعة الذخيرة بعد حرب أوكرانيا في العام 2022 الطلب المتزايد يفوق بكثير القدرة الإنتاجية.
تُعد الطائرات بدون طيار من أحدث العناصر الضرورية للجيوش الأوروبية، كما يتوسع سوق أنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار بسرعة. شهدHGUHL 2025 موجة من حوادث انتهاك طائرات أجنبية بدون طيار، وخاصةً من روسيا وبيلاروسيا، للمجال الجوي الأوروبي. وأدت عمليات التوغُّل في بولندا وإستونيا إلى إجراء مشاورات مع حلفاء الناتو العسكريين. ,مع ظهور شركات ناشئة في مجال الطائرات بدون طيار ومصانع صغيرة في جميع أنحاء القارة، لا تزال هناك اختناقات ومشاكل في سلسلة التوريد. السوق مليء بشركات، معظمها في مرحلة البحث والتطوير. من بين الشركات الجديدة في السوق شركة “ستارك”، وصرّح المدير الإداري فيليب لوكوود: “أن الشركة ستتمكن من زيادة إنتاجها بشكل كبير العام 2026”. مضيفًا: “الانتقال من طاقة إنتاجية صفرية إلى آلاف الأنظمة سنويًا سيستغرق بعض الوقت”. تابع لوكوود قائلًا: “أن سلسلة التوريد هي نقطة التحول في هذه العملية”.
تمويل مبادرة ASAP للطائرات بدون طيار غير واضح
لا يزال تمويل مبادرة ASAP للطائرات بدون طيار غير واضح. ولم تتمكن المصادر من تحديد ما إذا كان التمويل سيأتي من ميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية أم من الأدوات المتاحة بالفعل. تشمل الأدوات المعتمدة التي يمكن أن تُساهم في هذا الأمر: صناديق التماسك، وقروض SAFE، وصناديق الجائحة المقرَّر فتحها للاستخدامات الدفاعية، وخطة الاستثمار الأوروبية التي سيتم اعتمادها. دعا مسؤولون من حلف شمال الأطلسي الدول إلى الاستثمار في الطائرات بدون طيار ومعدات مكافحة الطائرات بدون طيار، وليس فقط في الأسلحة القديمة مثل أنظمة الدفاع الجوي الأرضية المتطورة من طراز “باتريوت” أو الطائرات المقاتلة.
يقول الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في سبتمبر 2025: “ليس من الممكن إسقاط طائرات مسيرة تكلّف آلاف اليوروهات بصواريخ تتراوح تكلفتها بين نصف مليون يورو وعدة ملايين يورو”. وأضاف: “أنت بحاجة إلى صواريخ اعتراضية للطائرات المسيرة”. وفي إطار الانتشار الجديد للحلف ضد الطائرات المسيرة على الجناح الشرقي، أكد: “أنت بحاجة إلى صواريخ اعتراضية للطائرات المسيرة”. كانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت تمديد العمل باللائحة الأصلية في أقرب وقت ممكن، مع مشاركة البلدان، على الرغم من أن اللائحة انتهت رسميًا في يونيو 2025.
هل الاتحاد الأوروبي مستعد لحرب الطائرات بدون طيار
أثارت سلسلة الحوادث هذه تساؤلات حول عدم استعداد الاتحاد لمواجهة حرب الطائرات بدون طيار، على سبيل المثال، لجأت بولندا إلى استخدام صواريخ بمليارات الدولارات لإسقاط طائرات بدون طيار رخيصة الثمن، في حين اعترفت الدنمارك بأنها تفتقر إلى نظام دفاع جوي أرضي. أوضح لوند بولسن “لا توجد قدرة واحدة يمكنها أن تجعل هذا الأمر يختفي”.
وقد ركز الاجتماع يوم 26 سبتمبر 2025 في بروكسل على تحديد الفجوات المادية والمالية لتحديد الأصول المتاحة بالفعل للجدار والعناصر التي لا تزال مفقودة. أشار كوبيليوس إلى أن بعض القدرات الأساسية اللازمة لجعل هذا الأمر واقعاً ملموساً هي الرادارات وأجهزة الاستشعار الصوتية وأجهزة تشويش الإشارات والصواريخ الاعتراضية والمدفعية التقليدية. مضيفًا: “علينا أن نفهم أنواع الأنظمة التي نحتاج إلى تطويرها لتحقيق أقصى قدر من الفعالية. علينا أن ندرك أن فعاليتنا في مكافحة الطائرات المسيرة لم تكن بالمستوى المطلوب”.
هناك مسألة حاسمة أخرى فيما يتصل بجدار الطائرات بدون طيار، وهي مدى توافقه مع حلف شمال الأطلسي. لسنوات، عرقل حلف الأطلسي، الذي يدّعي اختصاصًا حصريًا في الشؤون العسكرية، مساعي الاتحاد الأوروبي لتشكيل اتحاد دفاعي أوروبي متكامل. لكن منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير من العام 2022 أعادت التوازن. تعمق الاتحاد الأوروبي أكثر فأكثر في سياساته الدفاعية، طارحًا أكبر برنامج له، وهو برنامج ” الاستعداد 2030″، بحزمة قروض منخفضة الفائدة بقيمة 150 مليار يورو.
مشروع أوروبي ـ أوروبي أم بمشاركة الناتو؟
رغم أن مشروع “جدار الطائرات بدون طيار” قد جذب اهتمامًا واسعًا في أوروبا وخارجها، فإن طبيعته تبقى أوروبية بحتة، إذ أطلقته المفوضية الأوروبية وشارك فيه عشر دول من الجناح الشرقي للاتحاد، مع دعوة أوكرانيا باعتبارها شريكًا تكنولوجيًا مهمًا. وقد حرص الاتحاد الأوروبي على أن يُقدَّم المشروع باعتباره مبادرة دفاعية أوروبية ـ أوروبية، ما يعكس رغبة متزايدة في تعزيز قدراته الذاتية وعدم الاكتفاء بالاعتماد الكلي على المظلة الأطلسية.
ومع ذلك، لم يُقصَ الناتو من المشهد، إذ شارك بصفة مراقب في الاجتماع الافتتاحي، في إشارة واضحة إلى أن المشروع لا يسعى إلى تجاوز الحلف أو استبعاده، بل إلى صياغة آلية دفاعية مكملة. فالاتحاد الأوروبي يدرك أن أي منظومة دفاعية فعلية لا يمكن أن تنفصل كليًا عن الناتو، لكنه في الوقت نفسه يسعى إلى اختبار مساحة للاستقلالية الدفاعية عبر هذا المشروع التجريبي. إن “جدار الطائرات بدون طيار” يمثل مبادرة أوروبية بالدرجة الأولى، لكنها محاطة بحساسية عالية في علاقتها مع الناتو، إذ تحاول أن تحقق توازنًا دقيقًا بين إظهار القدرة الذاتية من جهة، والحفاظ على مظلة الحلف كضمانة أمنية رئيسية من جهة أخرى.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110460
