المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
الناتو ـ تعزيز أمن البلطيق ضد تحركات السفن الروسية؟ (ملف)
1 ـ أمن دولي ـ البلطيق منطقة توتر بعد حرب أوكرانيا؟
أصبحت منطقة بحرالبلطيق بؤرة توتر متزايدة بعد اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2024، حيث تشهد منطقة بحر البلطيق هجمات هجينة متعددة تتعلق بتخريب كابلات الطاقة والاتصالات، مما أثار مخاوف حلف شمال الأطلسي والحلفاء. هذا ما دفع الاتحاد الأوروبي والناتو بتقديم دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا لدول البلطيق لتعزيز قدراتها على مواجهة التهديدات الهجينة الروسية.
لماذا يشكل القرب الجغرافي من روسيا عاملا في التصعيد؟
يحد بحر البلطيق تسع دول “الدنمارك والسويد وفنلندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وألمانيا وروسيا وبولندا” وهناك ما لا يقل عن 10 كابلات بحرية تربط هذه الدول ببقية أوروبا. حيث يعد بحر البلطيق هو أسهل مكان يمكن لروسيا مهاجمته لأنه يمكن الوصول إليه مباشرة من خلال الموانئ في سانت بطرسبرغ وجيب كالينينجراد شرق بولندا. تظل دول البلطيق “إستونيا ولاتفيا وليتوانيا” جزءا من ما يسمى بحلقة الكهرباء “BRELL” مع روسيا وبيلاروسيا لبضعة أشهر أخرى قبل فصلها في فبراير 2025.
زادت مخاوّف دول البلطيق الثلاث من أن تحاصرها القوات الروسية من عدة جهات، لا سيّما وأن اثنتين منهم ـ وهما إستونيا ولاتفيا – تملكان حدودا مباشرة مع روسيا. في حين تتشارك الدولة الثالثة في منطقة البلطيق ـ وهي ليتوانيا ـ شريطا حدوديا طويلا مع بيلاروسيا. تقدمت حكومات البلطيق بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وفي العام 2004 حصلت الدول الثلاث على عضوية الاتحاد الأوروبي. بين أعوام 2011 و2015 حصلت الدول الثلاث على عضوية حلف الناتو، ومنطقة اليورو.
تعد المسافات الجغرافية في منطقة البلطيق صغيرة، وإذا استولت روسيا على جزيرة جوتلاند ، فقد تتمكن من الهيمنة على منطقة بحر البلطيق. وهذا من شأنه أن يجعل من الصعب للغاية على الغرب توفير التعزيزات لدول البلطيق عن طريق البحر أو الجو.
كيف تمثل سفن التجسس الروسية تحدياً متزايداً للناتو ؟
بات “أسطول الظل الروسي” يشكل تحدياً متزايداً للناتو في بحر البلطيق حيث يشير هذا المصطلح إلى مجموعة من السفن التجارية ومنها ناقلات النفط، التي تستخدمها روسيا لتجاوز العقوبات الغربية المفروضة عليها خاصة في قطاع الطاق ةتلعب دوراً أكبر في عمليات ستخباراتية تهدد البنية التحتية الأوروبية والتجسس على الناتو.
كشفت التقارير عن وجود سفينة تجسس روسية قريبة من الساحل الألماني، ولكن خارج المياه الإقليمية الألمانية والدنماركية. تم اكتشاف السفينة “فاسيلي تاتيششيف” مابين منطقة “فيهمارن ومنارة كييل”. وهي تتمركز في ميناء أسطول البلطيق في جيب كالينينغراد الروسي وربما تم نشرها في دول البلطيق لمراقبة التدريبات بسبب مناورة الناتو. وجد تحقيق مشترك أجرته هيئات البث العامة في السويد والدنمرك والنرويج وفنلندا ما لا يقل عن (50) سفينة تجسس روسية مشتبه بها تعمل في تلك المنطقة.
يعتقد مسؤولو الاستخبارات الغربية أن جهود روسيا لمراقبة وبناء القدرة التقنية للوصول إلى هذه البنية التحتية الضخمة تحت الماء آخذة في التوسع وتنتشر حالياً بين عدد من الفروع المختلفة للأجهزة العسكرية والأمنية في البلاد، بما في ذلك البحرية الروسية والمديرية الرئيسية لأبحاث أعماق البحار (GUGI). أمن دولي ـ الإطار النظري للنظام الدولي الجديد وسياق التطرف والإرهاب
ما مدى التدخل السيبراني والهجين الروسي في بحر البلطيق؟
تعد الهجمات على كابلات الاتصالات خلال العام 2024 التي نسبها الناتو إلى روسيا هي جزء من النمو الكبير في التدخل السيبراني والهجين وغير ذلك من أشكال التدخل في أوروبا. ففي نوفمبر 2024 ، انقطع كابلان في بحر البلطيق بين السويد وليتوانيا وكابل آخر بين ألمانيا وفنلندا، مما أثار على الفور قلق الدول الأعضاء وحلف شمال الأطلسي بشأن احتمال تعرضها لعمليات تخريب.
يقول هنريك براكس، الباحث المقيم في إستونيا في المركز الدولي للأمن والدفاع (ICDS) “بالنسبة للدول المطلة على بحر البلطيق، فإن البنية التحتية تحت البحر مهمة للغاية، وخاصة بالنسبة للدول الواقعة على الشاطئ الشرقي لبحر البلطيق ودول البلطيق وفنلندا، لأن جزءًا كبيرًا من اتصالات البنية التحتية للبيانات والطاقة بين جميع دول الاتحاد الأوروبي تمر تحت بحر البلطيق: كابلات البيانات، والكابلات الكهربائية، وخطوط أنابيب الغاز”.
أوضح كيستوتيس بودريس وزير خارجية ليتوانيا “ننبه حلفاؤنا إن الهجمات ليست عشوائية؛ إنها جزء من العمليات العسكرية. نحن بحاجة إلى تحييدها ووقفها عند المصدر، والمصدر هو الاستخبارات العسكرية الروسية”. تشير الوقائع إلى أن المخاطر كبيرة بالفعل، إذ تمر 90% من بيانات الاتصالات الرقمية العالمية عبر كابلات بحرية، ويشكل بحر البلطيق، الذي يحده ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، منطقة استراتيجية تظل عُرضة للهجمات الهجينة.
هل يهدد برنامج “الأبحاث البحرية الروسية” تماسك التحالف؟
تنفذ روسيا برنامج منذ عقود ويطلق ليه اسم “برنامج الأبحاث البحرية الروسية” وهو تعبير عن هيكل شبه عسكري، ممول بشكل جيد للغاية، يرسم خرائط لجميع الكابلات وخطوط أنابيب الطاقة، يضم البرنامج مجموعة من الغواصات الصغيرة، وطائرات بدون طيار يتم التحكم فيها وغواصون ومتفجرات.
أوضح “يورجن يواكيم فون ساندرارت” الفريق السابق، ورئيس فيلق الناتو المتعدد الجنسيات في الشمال الشرقي ومقره شمال غرب بولندا، “هناك خيارات متعددة أمام روسيا لاختبار تماسك التحالف”، بما في ذلك الاستيلاء على أراض محدودة. وأضاف إن روسيا ماهرة في هذا النوع من الحروب، وحلف شمال الأطلسي يعرف ذلك جيداً. ويقول “جيمس أباتوراي” المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي المكلف بالتعامل مع الحرب الهجينة، إن هناك “احتمالاً حقيقياً” بأن تشن روسيا شكلاً من أشكال الهجوم غير التقليدي ضد التحالف وتتسبب في خسائر “كبيرة”.
التفكير الأمني الروسي قد يحقق عمق استراتيجي
تنامت التحذيرات من تزايد الهجمات الروسية في منطقة بحر البلطيق. خلال العام 2024، حيث أطلقت السفن الحربية الروسية طلقات تحذيرية على سفن الناتو، وعطلت أنظمة التشويش الروسية الحركة الجوية، ونفذت الطائرات المقاتلة الروسية مناورات خطيرة، بما في ذلك إلقاء الوقود على طائرات التجسس التابعة للحلفاء في سماء دول البلطيق.
بدأت البحرية الروسية في 30 يوليو 2024 مناورة كبرى لأساطيلها في المحيطين القطبي الشمالي والهادئ، بالإضافة إلى بحر البلطيق وبحر قزوين. شارك نحو (20) ألف بحار و(300) سفينة سطحية وغواصة و(50) طائرة في التدريبات القتالية والتدريب على تقنيات تشمل استخدام الصواريخ المضادة للطائرات والأسلحة المضادة للغواصات.
يعكس التفكير الأمني الروسي رغبة في تحقيق عمق استراتيجي ورغبة في إنشاء منطقة عازلة واحدة في أوروبا، من القطب الشمالي إلى بحر البلطيق والبحر الأسود، عبر البحر الأبيض المتوسط. وتساعد تقييمات التهديدات المحددة التي قدمتها مصادر حلف شمال الأطلسي على فهم سبب خطورة استنتاجات التقارير. وبحسب تقديرات حلف شمال الأطلسي، فإن الضربات الصاروخية الروسية ستستهدف هلسنكي. لكن الهجوم الرئيسي لروسيا سيكون في دول البلطيق. أمن ألمانيا ـ عسكرة السياسة الألمانية، التحول من سياسة الدفاع إلى الهجوم
ردود فعل الناتو والدول الأعضاء
بدأ حلف شمال الأطلسي في وضع استراتيجية جديدة لمواجهة الهجمات الهجينة لتحل محل سياسة عام 2015. ونشر حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه المزيد من طائرات الدوريات البحرية وطائرات الرادار طويلة المدى والطائرات بدون طيار في رحلات مراقبة واستطلاع، في حين جرى إرسال أسطول من صائدي الألغام إلى منطقة البلطيق.
تدرس الدول الأعضاء داخل الناتو اتخاذ تدابير إضافية لمواجهة التهديدات المحتملة للبنية التحتية الحيوية تحت الماء. وتشمل هذه الجهود الدعم من مركز حلف شمال الأطلسي البحري لأمن البنية التحتية الحيوية تحت الماء، والذي تم إنشاؤه في مايو من العام 2024.
كثف الاتحاد الأوروبي جهوده، في ديسمبر2024 بفرض عقوبات على أشخاص متهمين على وجه التحديد بالتورط في تهديدات هجينة موالية لروسيا. وفي نوفمبر 2024، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي إلى الاهتمام بتكتيكات الحرب الهجينة التي تستخدمها روسيا في أوروبا، وخاصة في بحر البلطيق.
دشنت ألمانيا في أكتوبر 2024 مركزا جديدا للقيادة البحرية لحلف الناتو في منطقة بحر البلطيق، الهدف من المركز “تنسيق الأنشطة البحرية” وتزويد الناتو بـ”صورة آنية عن الوضع” في المنطقة. يوظف المركز (180) شخصا، من بينهم ممثلون عن الدنمارك وإستونيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا وبولندا. كما ومن بين المشاركين في الفرقة فنلندا والسويد
يقول أندريه زفايجنه، الباحث البارز في معهد أنظمة الكمبيوتر التطبيقية بجامعة ريغا التقنية في ديسمبر 2024 يعاني بحر البلطيق من “ضعف الرؤية” بسبب “طبقات المياه” المختلفة، مما يجعل من الصعب رؤية ما يحدث، لكن بعض الطائرات بدون طيار تتغلب على هذا باستخدام أجهزة السونار. حتى مع وجود نظام قوي في مكانه، فما زال من الصعب على حلف شمال الأطلسي أو دول البلطيق التمييز بين الضربة العرضية للكابلات تحت الماء والتخريب المتعمد. مكافحة الإرهاب ـ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق النفوذ
**
2 ـ أمن دولي ـ الناتو يعزز وجوده في بحر البلطيق،ما حجم القوات؟
شهد بحر البلطيق تصاعدًا متسارعًا في التوترات الأمنية، مدفوعًا بالتحديات الجيوسياسية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو). هذا البحر، الذي يمتد بين شمال أوروبا وروسيا، أصبح مركزًا حيويًا للنشاطات العسكرية والدبلوماسية على حد سواء. مع استمرار الأزمة الأوكرانية وتصاعد القلق الأوروبي بشأن التهديدات الروسية، أعلن الأمين العام للناتو، مارك روته، في 27 ديسمبر 2024 عن خطط لتعزيز وجود الحلف العسكري في المنطقة. جاء هذا الإعلان على خلفية الاشتباه بتعرض كابلات بحرية حيوية للتخريب، مما يهدد بنية الاتصالات والطاقة الأساسية في أوروبا. وبينما لم يعلن الناتو عن تفاصيل محددة بشأن حجم التعزيزات، يتوقع أن تشمل زيادة كبيرة في القوات البحرية والجوية والدفاعات السيبرانية.
الأهمية الاستراتيجية لبحر البلطيق
يُعد بحر البلطيق شريانًا حيويًا للاقتصاد والأمن في أوروبا، حيث يربط بين دول البلطيق وشمال أوروبا بدول الاتحاد الأوروبي الأوسع. تعبر هذه المنطقة خطوط نقل رئيسية للطاقة والتجارة، إلى جانب الكابلات البحرية التي تحمل البيانات بين القارات. أهمية المنطقة ليست فقط اقتصادية، بل أيضًا عسكرية. دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، لاتفيا، وإستونيا) تُعتبر خط دفاع أول للناتو أمام روسيا، نظرًا لموقعها الجغرافي الذي يجاور الأراضي الروسية. كما أن البحر يشكل ممرًا استراتيجيًا لتحركات السفن العسكرية والمدنية، مما يجعله محورًا رئيسيًا للتوترات الأمنية. منذ الأزمة الأوكرانية عام 2014، تحول بحر البلطيق إلى نقطة مواجهة بين الغرب وروسيا. زادت موسكو من نشاطها العسكري في المنطقة، بما في ذلك إجراء تدريبات واسعة النطاق ونشر منظومات دفاع جوي متقدمة، مما دفع الناتو إلى اتخاذ خطوات لتعزيز وجوده العسكري بشكل دائم.أمن دولي ـ البلطيق منطقة توتر بعد حرب أوكرانيا
حجم قوات الناتو في بحر البلطيق: القدرات والتعزيزات المتوقعة
يمثل حجم قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بحر البلطيق مكونًا رئيسيًا لاستراتيجية الحلف في ردع أي تهديد محتمل من الجانب الروسي. وفقًا للتقارير المتاحة، فإن الناتو يحتفظ بوجود عسكري كبير قرب الحدود الروسية، يتكون حاليًا من حوالي 33 ألف عسكري موزعين بين دول البلطيق وبولندا، بالإضافة إلى وحدات دعم بحرية وجوية تعمل بشكل دوري في المنطقة.
القوات البرية
يشمل الانتشار البري للناتو حوالي 300 دبابة وأكثر من 800 مركبة مدرعة، يتمركز معظمها في قواعد رئيسية داخل بولندا ودول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، لاتفيا، وإستونيا). تعتمد هذه القوات على نظام التناوب الدوري لضمان بقاء القوات في حالة استعداد دائم، مع إجراء تدريبات منتظمة لرفع كفاءة التنسيق بين الدول الأعضاء. تُعتبر القوات البرية إحدى أبرز أدوات الردع التي يستخدمها الناتو، حيث تعمل كجدار حماية أولي ضد أي تقدم بري محتمل من الجانب الروسي. يتم دعم هذه القوات بوحدات مدفعية متقدمة وصواريخ قصيرة المدى، بالإضافة إلى تقنيات حديثة في المراقبة والاستطلاع.
القوات البحرية
تعتمد قوات الناتو، من الجانب البحري، على وجود سفن حربية حديثة، بما في ذلك المدمرات والفرقاطات، التي تعمل على تأمين الممرات المائية الحيوية في بحر البلطيق. في عام 2024، شاركت 14 دولة من أعضاء الحلف في مناورات بحرية كبرى بقيادة ألمانيا، مما يبرز أهمية التعاون البحري في المنطقة. تشمل هذه السفن أنظمة دفاعية متطورة، مثل أنظمة صواريخ سطح-جو، وأجهزة تشويش إلكترونية، بالإضافة إلى غواصات تعمل على مراقبة النشاط الروسي تحت سطح البحر. في الوقت نفسه، تعمل هذه القوات البحرية على حماية الكابلات البحرية وخطوط الطاقة التي أصبحت هدفًا رئيسيًا للتهديدات التخريبية.
القوات الجوية
القوات الجوية للناتو تلعب دورًا أساسيًا في دعم العمليات في بحر البلطيق. يتم نشر الطائرات المقاتلة بشكل دوري في قواعد جوية قريبة مثل قاعدة “شياولياي” في ليتوانيا، والتي تُستخدم كمنصة رئيسية لعمليات الاستطلاع والدوريات الجوية. تشمل التعزيزات الجوية مقاتلات من طراز “F-35” و”Eurofighter Typhoon”، بالإضافة إلى طائرات استطلاع مثل “AWACS” التي توفر صورة شاملة عن النشاط الجوي في المنطقة.
التعزيزات السيبرانية والبنية التحتية
مع تصاعد التهديدات التخريبية والهجمات السيبرانية، يعمل الناتو على تعزيز دفاعاته السيبرانية كجزء من استراتيجيته الأوسع. تشمل هذه الجهود نشر وحدات متخصصة في الأمن السيبراني، تعمل على حماية البنية التحتية الرقمية تحت البحر، مثل الكابلات البحرية التي تنقل معظم البيانات الدولية. أعلنت بعض الدول الأعضاء، مثل ألمانيا والولايات المتحدة، عن خطط لتوسيع استثماراتها في الدفاع السيبراني، مع التركيز على تطوير أنظمة متقدمة للكشف عن التهديدات وردعها.
التعزيزات المستقبلية
بالرغم من أن الناتو لم يُعلن عن تفاصيل دقيقة حول التعزيزات الجديدة التي أُعلن عنها في ديسمبر 2024، إلا أن التوقعات تشير إلى زيادة كبيرة في حجم القوات والمعدات. قد تشمل هذه التعزيزات إضافة وحدات بحرية جديدة، مثل غواصات وسفن حربية متطورة، وزيادة عدد الطائرات المقاتلة في المنطقة. كما يُتوقع أن تشمل التعزيزات إضافة وحدات برية خاصة، مثل قوات الانتشار السريع، التي تتميز بالقدرة على التحرك بسرعة في حال حدوث تصعيد مفاجئ. بالإضافة إلى ذلك، قد تشمل الخطط المستقبلية إنشاء بنية تحتية جديدة، مثل قواعد عسكرية دائمة أو منشآت تخزين للأسلحة والذخائر.أمن دولي ـ هل دول حلف شمال الأطلسي مجهزة للقتال في القطب الشمالي؟
المناورات العسكرية للناتو في بحر البلطيق
نفذ الناتو، في يناير 2024، واحدة من أضخم مناوراته البحرية في بحر البلطيق، بمشاركة 14 دولة، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا. هدفت هذه المناورات إلى تعزيز التنسيق بين القوات البحرية والجوية التابعة للحلف، بالإضافة إلى اختبار استجابتها لتهديدات متنوعة، بما في ذلك التخريب السيبراني والاعتداءات على البنية التحتية تحت البحر. ركزت التدريبات على تأمين الممرات البحرية وضمان سلامة السفن التجارية. كما تضمنت محاكاة هجمات على الكابلات البحرية وخطوط الطاقة، مما يعكس قلق الحلف من التهديدات الروسية. إلى جانب المناورات، عززت دول الناتو من وجودها العسكري الدائم في المنطقة. تشير التقارير إلى أن الحلف نشر حوالي 33 ألف عسكري، وحوالي 300 دبابة، وأكثر من 800 مدرعة بالقرب من حدود روسيا. يمثل هذا الانتشار جزءًا من استراتيجية الردع الموسعة التي تهدف إلى طمأنة الحلفاء وردع أي تصعيد روسي محتمل.
التحديات الأمنية في بحر البلطيق
أبرز التحديات التي تواجه الناتو في بحر البلطيق هو التهديد المتزايد للكابلات البحرية والبنية التحتية تحت الماء. تُعتبر هذه الكابلات شريانًا حيويًا للاقتصاد العالمي، حيث تنقل حوالي 97% من البيانات الدولية، بما في ذلك الاتصالات المصرفية والعسكرية. في الآونة الأخيرة، اشتبهت دول الناتو في تورط روسيا في تخريب كابلات بحرية بالقرب من بحر البلطيق، مما أثار قلقًا واسعًا حول إمكانية تصعيد هذا النوع من الهجمات. إلى جانب ذلك، يمثل التوسع العسكري الروسي تهديدًا كبيرًا. تضمنت أنشطة روسيا نشر غواصات متقدمة وتجهيزات تشويش إلكترونية، مما يعقد من مهمة الناتو في مراقبة وتأمين المنطقة. التحديات لا تتوقف عند الجانب العسكري فقط، بل تشمل أيضًا التهديدات السيبرانية. تتعرض المنشآت العسكرية والمدنية في دول البلطيق بشكل متكرر لهجمات إلكترونية يُعتقد أن روسيا تقف وراءها، مما يجعل تعزيز الدفاعات السيبرانية أولوية قصوى للناتو.أمن أوروبا ـ كيف يمكن لأوروبا والناتو مواجهة تحديات الأمن والدفاع؟
**
3 ـ أمن دولي ـ هل من مواجهة محتملة بين الناتو وروسيا في البلطيق؟
تعود منطقة بحر البلطيق في شمال أوروبا للواجهة من جديد، عقب تكرار حوادث إتلاف كابلات لنقل الطاقة والإنترنت تحت البحر، وتوجيه دول البلطيق الاتهامات لروسيا بارتكاب هذه الحوادث، الأمر الذي يشير إلى وصول التوترات بين روسيا والغرب إلى مرحلة الذروة، في ضوء دخول الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى مرحلة استنزاف، إذ يخوض الطرفان مواجهات شرسة من منطقة خيرسون الجنوبية وصولاً إلى خاركوف بالشمال الشرقي لأوكرانيا. ونظراً لأهمية بحر البلطيق الاستراتيجية للناتو ولروسيا، فإنه سيصبح في المرحلة المقبلة ضمن معادلة المواجهات المحتملة بين الجانبين، ما يثير المخاوف من أن يتحول إلى ساحة صراع وتمتد الحرب الأوكرانية إلى دول أوروبية أخرى.
أهداف روسيا في بحر البلطيق
يمثل بحر البلطيق فناء خلفي لروسيا، وتطل عليه عبر مقاطقة “كالينينغراد” بساحل طوله نحو (140) كم، وساحل يتوسطه ميناء سانت بطرسبرغ في أقصى الطرف الشرقي لخليج فنلندا. ويعد أحد المخارج الرئيسية للقوات البحرية الروسية إلى المحيط الأطلسي والبحر المتوسط وباقي بحار العالم، حيث ينقل التجارة المحمولة بحراً، إضافة لاحتوائه على احتياطات من المعادن مثل الحديد والمنجنيز والبترول والغاز، والبنية الأساسية لكابلات الطاقة والإنترنت، وعملت روسيا على ربط صادرات الطاقة لدول البلطيق “لاتفيا وليتوانيا وإستونيا” بشبكتها الوطنية وبيلاروسيا منذ 2001، ومن المتوقع أن يتوقف هذا النظام في فبراير 2025.
أشارت وثائق سرية للكرملين في 2021، إلى خطة روسيا للحفاظ على نفوذها في دول البلطيق، بتمويل منظمات غير حكومية مؤيدة لروسيا ومعارضة لهدم آثار الحقبة السوفيتية، ولكن حرب أوكرانيا في 24 فبراير 2022، غيرت أهداف هذه الخطة حتى 2030، بمنع خطط الناتو لنشر قاعدة دائمة في ليتوانيا والتصدي لنشر أنظمة مضادة للصواريخ والطائرات متوسطة المدى في ليتوانيا.
توسع الناتو في البلطيق، بعد ضم السويد وفنلندا إلى الأطلسي، جعل (8) دول من أصل (9) تحد بحر البلطيق أعضاء في الناتو باستثناء روسيا، لذا أطلق على البلطيق “بحيرة الناتو”، حيث يضم (10) كابلات بحرية تربط بين هذه الدول وباقي أوروبا، الأمر الذي يثير مخاوف روسيا من أن يتحول البلطيق لنقطة ضعف يشن الناتو عبره هجوماً ضدها، لتواجد قواته الخاصة وتمدد الجيشين السويدي والفنلندي، وأطلق الناتو في 2023 فرقتين لتنسيق الاستجابة للتهديدات ضد الكابلات البحرية في بروكسل ولندن.
الموقف الروسي من تحركات الناتو في البلطيق
تنظر روسيا إلى تحركات الناتو في البلطيق، كإجراءات عدائية أكثر منها إجراءات دفاعية، وتمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في 11 يوليو 2024، إن الأطلسي في نظر بلاده أداة للمواجهة والصراع، لتوسعه نحو الحدود الروسية.
رغم تفوق روسيا في تسليحها النووي مقارنة بباقي دول الناتو، فإن تنفيذ الحلف خلال مناوراته محاكاة لضربات نووية ضد مناطق روسية، وتدريب الغواصات والزوارق المضادة للغواصات على تدمير الغواصات الروسية في بحري بارنتس والبلطيق يستفز موسكو بشكل كبير، واعتبرت روسيا في 13 سبتمبر 2024، مناورات الأطلسي بالبلطيق تحول المنطقة لمكان للمواجهة الجيوسياسية.ملف أمن دولي ـ اسباب وتداعيات تصعيد التوتر في بحر البلطيق
أنْشِطَة روسيا في البلطيق
– أجرت روسيا مناورة بحرية في (5- 15 يونيو 2024) بمشاركة (60) سفينة حربية و(45) طائرة هليكوبتر و(10) آلاف جندي، بالتدريب على مهام البحث عن سفن السطح والغواصات المعادية وتدميرها في كالينينغراد.
– احتفلت روسيا في 30 يوليو 2023 بعرض عسكري، بسان بطرسبرغ المطلة على خليج فنلندا المتفرع من بحر البلطيق، وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن (30) قطعة بحرية جديدة ستنضم لأساطيل البحرية الروسية حول العالم.
– أطلقت روسيا مناورات “أوشن شيلد 2023″، بمشاركة أكثر من (30) سفينة حربية وزورقاً، و(20) سفينة دعم، و(30) طائرة طيران بحري ونحو (6) آلاف عسكري، وشملت (200) تمرين قتالي فرعي. ورصدت المناورات استعدادات القوات البحرية الروسية لحماية مصالحها بالبلطيق، في 2 أغسطس 2023.
– أنشئت روسيا في 26 فبراير 2024، المنطقتين العسكريتين في موسكو ولينينغراد، لموقع الأخيرة بالقرب من دول البلطيق، فهذا يؤكد على نقل روسيا مناوراتها مباشرة نحو حدود الناتو والجناح الغربي لها.
– نقلت روسيا قواتها للمشاركة بتدريبات مع بيلاروسيا في منطقة لينينغراد في 10 مايو 2024، رداً على مناورات “المدافع الصامد” للناتو.
– بدأت روسيا تدريبات لأسطولها البحري بالمحيطين الهادئ والمتجمد الشمالي وبحري قزوين والبلطيق في 30 يوليو 2024، وشملت (20) ألف فرد و(300) سفينة.
– أجرت روسيا مناورات “أوشين 2024” بالمحيطين الهادئ والمتجمد الشمالي والبحر المتوسط وبحري قزوين والبلطيق في(10-19 سبتمبر 2024)، بمشاركة (400) سفينة وغواصة و(120) طائرة مروحية و(7) آلاف قطعة من الأسلحة و(90) ألف عسكري.
ردود فعل الناتو ودول البلطيق إِزاء أنشطة روسيا
تسببت الحرب الأوكرانية في تكثيف الناتو والدول الإسكندنافية وجودها بالبلطيق، كرسائل ردع لروسيا وتحسباً لأي تحركات ضد مصالحها، وحذرت مصادر بالناتو من نوايا موسكو بشن هجمات ضد فنلندا ودول البلطيق، وأن يتقدم الفيلق الـ (14) للجيش الروسي من مورمانسك للساحل النرويجي بحراً وجواً وبراً، ويسعى الجيش الـ (16) الروسي لاختراق لاتفيا وإستونيا، وقد يلجأ للاستيلاء على ممر سوالكي ما يعرض ليتوانيا للخطر.
التقارير الاستخباراتية الغربية استندت على أن الاستراتيجية الروسية الأمنية مدفوعة بمسألة إنشاء منطقة عازلة، تمتد من المتجمد الشمالي والبحر المتوسط والبحر الأسود وبحر البلطيق، وقال رئيس القوات المسلحة السويدية السابق مايكل بيدن، إن الهدف بعيد المدى لموسكو قد يكون فرض السيطرة على البلطيق. في السياق نفسه ألمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى رؤيته لاستعادة الأراضي التاريخية للاتحاد السوفيتي.أمن دولي ـ ما هي الاستراتيجية الأمنية الجديدة للناتو في بحر البلطيق؟
أنْشِطَة الناتو في البلطيق
– أجرى الناتو تمرين “عاصفة الربيع” بإستونيا في 20 مايو 2023، وتميز هذه المرة بحجم ونوعية القوات والمعدات المشاركة، وضم (11) دولة.
– أجرى الناتو مناورة “إير ديفندر 23” أكبر مناورة جوية في تاريخه، بمشاركة (25) دولة و(250) طائرة و(10) آلاف مقاتل، وجرت فوق بحر البلطيق جنوب ألمانيا عدد من تمارين الدفاع ضد الأهداف الجوية في (12-23 يونيو 2023).
– قادت ألمانيا مناورات “الساحل الشمالي”، بنحو (3200) جندي و(15) طائرة ووحدات إنزال متعددة و(30) سفينة وغواصة، في 13 سبتمبر 2023.
– أبرمت ألمانيا اتفاقاً مع ليتوانيا، لنشر (4800) عسكري و(200) موظف مدني ألماني، في 18 ديسمبر 2023.
– أطلق الناتو أكبر مناورات عسكرية منذ (36) عاماً، واستضافت ألمانيا في 7 فبراير 2024 مناورات “المدافع الصامد 2024″، بمشاركة (90) ألف عسكري و(50) سفينة حربية متنوعة و(80) طائرة و(1100) مركبة.
– قاد الناتو مناورات “الاستجابة الشمالية 2024” بوجود (20) ألف جندي نُقل لشمال النرويج ولابلاند الفنلندية، في 4 مارس 2024.
– أطلق الناتو أكبر مناورات بحرية “بالتوبس 24” في بحر البلطيق في(4-26 يونيو 2024)، وضمت (14) دولة بالإضافة لفنلندا والسويد، و(45) سفينة وأكثر من (75) طائرة، و(7) آلاف و(500) مقاتل.
– أنشأت ألمانيا أول قاعدة عسكرية خارجية في ليتوانيا، لنقل المعدات الثقيلة للناتو، في 19 أغسطس 2024.
– دشنت برلين مركزاً جديداً للقيادة البحرية للحلف بالبلطيق في 21 أكتوبر 2024، وسيتولى أميرال ألماني إدارة فرقة القيادة في البلطيق المكونة من (11) دولة بالناتو.
– خططت ألمانيا في 18 ديسمبر 2024، لدمج مروحيات الجيش القتالية ضمن عمليات الأطلسي، لتعزيز جناحه الأيسر في 2025.
– عزز الناتو وجوده في البلطيق بعد تعرض كابلات تحت البحر للتخريب، وأطلقت إستونيا عملية بحرية لحماية كابل كهرباء آخر، وأعلنت دول البلطيق حالة التأهب القصوى تحسباً لـأعمال تخريب أخرى في 28 ديسمبر 2024.
قراءة لسيناريوهات المواجهة
تهديد البنية التحتية لدول الناتو
خلال العامين الماضيين، تعرضت عدة كابلات لحوادث إتلاف، ووجهت السلطات الغربية الاتهامات لروسيا، بهدف تعطيل إمدادات الطاقة والاتصالات بأوروبا. وحذرت أجهزة استخبارات غربية في 24 أكتوبر 2024، من تجسس روسيا ضد أوروبا، ورجحوا أن تكون ألمانيا في مقدمة المستهدفين، بعد رصد تحركات لسفن مشبوهة في البلطيق.
تعرض كابلان للإنترنت بين ليتوانيا والسويد، وفنلندا وألمانيا، للقطع تحت سطح البحر في البلطيق في 17 و18 نوفمبر 2024، ووجه الغرب الاتهام لروسيا بالوقوف وراء الحادث وشنها حرب هجينة ضد أوروبا، الحادث جاء بعد أيام من تحذير واشنطن بأن موسكو من المرجح أن تستهدف البنية التحتية تحت البحر، وعقب أشهر من تحركات سفن روسية بالمياه الأوروبية ومسح وحدة بحرية روسية قاع البحر.
تعرضت (4) كابلات اتصال تحت البحر للعطل في 25 و26 ديسمبر 2024، تربط (3) منها بين فنلندا وإستونيا، والآخر فنلندا بألمانيا، ما تسبب في احتجاز فنلندا ناقلة نفط روسية يشتبه بتخريبها كابلاً. وفي 7 يناير 2025 أعلن الناتو اعتزامه إرسال (10) سفن لحماية البنية التحتية لبحر البلطيق، وأعلنت بريطانيا أنها ستقود مهمة بحرية ضد أسطول الظل الروسي.
زيادة تحركات الناتو وروسيا
النفوذ الروسي في البلطيق يستهدف البنية الأساسية لدول أوروبا، باستغلاله المخاوف من انعدام الأمن في مجال الطاقة، والضغط على الحكومات الأوروبية، خاصة وأنها منشغلة بالحرب الأوكرانية ولا تمتلك القدرات العسكرية للدخول في حرب مباشرة مع الغرب في البلطيق، ويرجح مراقبون زرع روسيا ألغام داخل المياه الإقليمية لتعطيل حركة السفن، فهي تمتلك (250) ألف ذخيرة وتعلم أن الغرب ملزم بحظر استخدام الألغام. في المقابل تركز تحركات الناتو على جمع المعلومات عبر مركز “اندماج الاستخبارات التابع لقوات العمليات الخاصة بالبلطيق” لتوجيه الاتصالات، وبانضمام فنلندا للحلف رفع الناتو من قدراته للتصدي للهجمات الروسية ومكافحة المعلومات المضللة. ونشر الحلف صواريخ كروز مضادة للسفن، ليجعل المساعدة من خارج منطقة البلطيق نقطة مهمة.أمن دولي ـ جهود ألمانية للحد من احتمالات التخريب في بحر البلطيق
إجراءات متوسطة وطويلة المدى للناتو
توسع المناورات العسكرية للناتو وروسيا، يزيد سيناريوهات المنطقة الرمادية والعمليات الهجومية والدفاعية في البلطيق، ما يدفع الناتو لزيادة عملياته مع الاتحاد الأوروبي لتحييد قدرات روسيا من العمليات البحرية، في ظل وجود أسطول الظل الروسي، تلك ناقلات النفط المستعملة التي اشترتها شركات الشحن الروسية لإيصال النفط الروسي للدول التي لا تفرض حظراً على هذا النفط، وتقوم هذه السفن بتغيير الأعلام التي تحملها، وإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال حتى لا يتم تتبعها، وإرسال إشارات خادعة.
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– عززت روسيا من الوجود العسكري في بحر البلطيق من خلال المناورات العسكرية، واستخدام أساطيل بحرية متطورة، والغواصات النووية، والزوارق الحربية الصغيرة التي تتمتع بالقدرة على تنفيذ هجمات سريعة. و تنظر روسيا إلى الكابلات البحرية للاتصالات والإنترنت باعتبارها نقطة ضغط ضد أمن الدول الأوروبية والناتو.
– من المحتمل محاولة روسيا توسيع نفوذها في منطقة البلطيق وتطوير استراتيجيتها العسكرية في المنطقة، خاصة مع التدخلات المتزايدة من الناتو في البحر أو في الأجواء المحيطة.
– من المتوقع أن يستمر الناتو في تعزيز حضوره العسكري في بحر البلطيق، عبر نشر الأساطيل أو تكثيف تدريبات مشتركة مع الدول الحلفاء، وتعزيز الدفاع السيبراني كألية للردع في المنطقة ضد أي تصعيد روسي.
– بات متوقعا مع تنامي الأنشطة العسكرية الروسية، وتكثيف الناتو والدول الأعضاء داخله في مراقبة بحر البلطيق جويا وبحريا،ان يكون هناك عن مواجهات بين الطائرات الحربية الروسية والطائرات العسكرية للناتو، مما يضاعف المخاوف من تصعيد مستقبلي.
**
يعكس حجم قوات الناتو في بحر البلطيق التزام الحلف بالدفاع عن أعضائه في وجه التهديدات الروسية. ومع ذلك، فإن هذا الانتشار الكبير يثير مخاوف من تصعيد التوترات مع روسيا، التي تعتبر هذه التحركات تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. وفي ظل هذه الديناميكيات، يبقى تعزيز قوات الناتو في المنطقة مسألة توازن دقيق بين الردع الفعّال وتجنب تأجيج المواجهة العسكرية المباشرة.
يمثل إعلان الناتو عن تعزيز وجوده العسكري في بحر البلطيق خطوة استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة. بحر البلطيق ليس فقط ممرًا مائيًا حيويًا، بل أيضًا خط دفاع أساسي ضد التهديدات الروسية. بينما يحمل هذا التعزيز فوائد كبيرة من حيث الردع وطمأنة الحلفاء، فإنه قد يؤدي أيضًا إلى تصعيد التوترات مع روسيا. في ظل هذه الديناميكيات، يبقى مستقبل المنطقة رهينًا بقدرة الناتو وروسيا على إدارة الصراع بحكمة لتجنب مواجهة عسكرية مباشرة.
ويبدو إن المستقبل الأمني في بحر البلطيق سوف يتوقف على قدرة الناتو وروسيا على إدارة التوترات المتصاعدة بحكمة. يبقى الناتو بحاجة إلى الحفاظ على وجود عسكري قوي لتأمين مصالحه، لكن دون تجاوز الحدود التي قد تُفسر كتهديد مباشر من روسيا. على الجانب الآخر، تحتاج روسيا إلى التراجع عن استراتيجيات التصعيد المتكررة للحفاظ على قنوات دبلوماسية مفتوحة.
إذا استمر الطرفان في نهج التصعيد المتبادل، فقد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح خطير في المنطقة وزيادة احتمالية نشوب مواجهات غير محسوبة. في المقابل، يمكن أن يسهم الحوار الدبلوماسي في تخفيف التوترات.
يبقى على الناتو الاستثمار في تحسين التعاون بين الدول الأعضاء لتعزيز الاستجابة لأي تهديد، مع توسيع الجهود الدبلوماسية مع موسكو. في حال نجح الحلف في الموازنة بين الحشد العسكري والدبلوماسية، فقد يتمكن من تحويل بحر البلطيق إلى منطقة استقرار نسبي بدلًا من أن يكون بؤرة توتر دائمة.
يتوقع أن تركز استراتيجية الناتو المستقبلية في بحر البلطيق على ثلاثة محاور رئيسية:
تعزيز القوات البحرية والجوية: من المتوقع زيادة عدد الدوريات البحرية والجوية في المنطقة، بالإضافة إلى نشر مزيد من السفن الحربية والطائرات المقاتلة.
تحسين الدفاعات السيبرانية: ستعمل دول الناتو على تعزيز قدراتها في مواجهة الهجمات السيبرانية، خاصة تلك التي تستهدف البنية التحتية الحيوية.
توسيع التعاون مع دول البلطيق: يُعتبر تعزيز التعاون مع ليتوانيا، لاتفيا، وإستونيا أمرًا ضروريًا لتقوية الجبهة الشرقية للناتو.
**
– مع اقتراب الحرب الأوكرانية من دخول عامها الرابع، تتصاعد المخاوف من شن روسيا هجمات مستقبلية ضد دول الناتو، وحذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، إن بوتين قد يهاجم دولة عضو بالحلف، ويجب أن تكون أوروبا مستعدة للصراع المحتمل بحلول 2029. وهنا تتجه الأنظار نحو ألمانيا وفنلندا ودول البلطيق باعتبارهم الأكثر عرضة للخطر، لموقعهم الجغرافي وقربهم من الحدود الروسية وبحر البلطيق، ما يفسر زيادة المناورات والتحركات العسكرية للأطلسي الأشهر الأخيرة.
– استهداف البنية التحتية الحيوية ببحر البلطيق أصبح السيناريو القائم الآن، بالتشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي “GPS” فوق بحر البلطيق، ويمكن أن يتم عبر أجهزة إرسال روسية، وأزالت روسيا العوامات التي كانت تحدد الحدود بين إستونيا وروسيا، وبرر الكرملين الأمر إنه يريد تصحيح الخريطة البحرية هناك. وتعد هذه الحوادث امتداداً لسلسلة من انقطاعات كابلات الكهرباء وخطوط الاتصالات وأنابيب الغاز منذ 2022، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من هذه الحوادث، ما يؤدي لزيادة التحركات العسكرية للناتو بالمنطقة وتكثيف المناورات والتدريبات العسكرية لروسيا.
– رؤية الناتو وأوروبا للتصعيد المحتمل في البلطيق، دفعهما إلى إسناد مهمة قيادة الحلف وتأمين قواته هناك إلى ألمانيا، كونها الدولة المطلة على البلطيق الأكثر توازناً في التعامل مع روسيا، حيث لا ترغب في تأجيج الموقف وتتبع سياسات رصينة داخل الحلف تجاه التوترات الأخيرة، وخلال الفترة المقبلة ستتولى ألمانيا مهام عسكرية أوسع في البلطيق، بجانب قيادة المناورات العسكرية الدورية.
ـ رغم امتلاك روسيا أدوات للضغط على دول البلطيق، باستهداف كابلات النفط والاتصالات، فإن خريطة المنطقة تصب لصالح الناتو، ما يعني أن مسألة المواجهة العسكرية المباشرة بينهما ليست واردة، حيث لا تمتلك موسكو معدات وقوات كافية لنقلها من ساحة المعركة الرئيسية في شرق أوكرانيا وكورسك الروسية إلى البلطيق، وتخوف دول أوروبا من اندلاع صراع بالقرب من حدودهم وتداعياته على أمنهم القومي وأمن الطاقة، ولكن سيستخدم الطرفان بحر البلطيق كورقة ضغط في الحرب الأوكرانية، خاصة مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية بشكل رسمي وتأكيده على إنهاء الحرب.
ـ المتغيرات السياسية على الساحة الأمريكية والأوروبية، سواء بتولي ترامب الإدارة الأمريكية الجديدة لمدة أربع سنوات، وتغيرات مرتقبة لحكومتي ألمانيا والنمسا، وترقب لسياسات حكومة فرنسا الجديدة، وتخوف من انهيار حكومة هولندا، يضع سياسات الناتو وأوروبا بشأن البلطيق في مرحلة اختبار، لمدى قدرة هذه الحكومات على مواصلة دورها في الحلف وتحديداً في تأمين نفوذه بالبلطيق، وتوافق الرؤى مع رؤية واشنطن حول توزيع المهام داخل الحلف، في توقيت تستدعي روسيا كل قواتها لممارسة ضغوط على أوروبا هناك.
رابط نشر مختصر … https://www.europarabct.com/?p=99920
حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
هوامش
Concerns grow over possible Russian sabotage of undersea cables
https://tinyurl.com/bp5rnjpa
Russian navy begins major combat training exercises
https://tinyurl.com/4mx9f3fa
Putin’s designs on a Baltic island are leading Sweden to prepare for war
https://tinyurl.com/bah94rtj
**
NATO’s military presence in the east of the Alliance
?Is the Baltic Sea a NATO Lake
NATO to Kick Off Largest Baltic Operations Exercise to Date
NATO Is Dangerously Exposed in the Baltic
**
After Ukraine, Russia’s “Next Target” Is Full Control Of Baltic Sea; May Target NATO’s Easter Flank, Report Claims
غموض يلف قطع كابلين رئيسيين للإنترنت ببحر البلطيق واختلاف بين مسؤولين أمريكيين وأوروبيين
Russia blames Baltic countries for the severing of most ties
NATO to step up Baltic Sea patrols after Finland-Estonia power cable damage