أوروبا مازالت ترفض عودة المقاتلين الأجانب
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “3”
لا ترغب دول أوروبية، مثل فرنسا وبريطانيا، في عودة المقاتلين الأجانب من تنظيم “داعش”. و كشف تقرير أوروبي صدر في بروكسل فى 13 سبتمبر 2019 عن عدة حقائق مهمة مرتبطة بالمقاتلين الأجانب وزوجاتهم، وكذلك الذين سافروا إلى مناطق الصراعات، وعاد عدد منهم إلى أوروبا . وأشار التقرير إلى أن عدداً من المقاتلين الرجال الذين عادوا إلى بلدانهم الأوروبية، التي خرجوا منها منذ فترة، تولوا بعد العودة قيادة خلايا أو شبكات لتجنيد أشخاص آخرين، وهناك (38) قيادياً لخلايا إرهابية منهم من تبحث عنهم السلطات الأوروبية، كما كشف التقرير عن أن النساء اللاتي سافرن إلى مناطق الصراعات عاد عدد منهن إلى دول أوروبية وهناك أعداد أخرى تريد العودة . وفيما يلى أبرز استطلاعات رأى المواطن الأوروبى حول عودة المقاتلين الأجانب .
استطلاعات الرأى حول عودة المقاتلين الأجانب
فرنسا
أظهر استطلاع للرأي في فرنسا أجراه معهد “أوديكسا” لصالح “فرانس أنفو” وجريدة “لوفيغارو” وفقا لـ”فرانس 24 ” فى 21 أغسطس 2019 أن (%67) من الفرنسيين مع بقاء المقاتلين الأجانب و أطفال الجهاديين الفرنسيين في العراق وسوريا. وكشفت جريدة “ليبراسيون” عن وجود خطة شاملة لإجلاء الفرنسيين من سوريا، لكن قصر الإليزيه تراجع عنها بسبب موقف الفرنسيين الرافض .
بريطانيا
سحب وزير الداخلية البريطانية “ساجد جاويد” جنسية “شميمة بيجوم” قائلا إن الأولوية لأمن وسلامة بريطانيا ومن يعيشون فيها. وأشارت استطلاعات للرأي إلى أن الخطوة كانت مقبولة لدى غالبية البريطانيين، لكنها أثارت انتقادات من أحزاب معارضة ومحامين في مجال حقوق الإنسان وأزعجت بعض النواب بحزب رئيسة الوزراء السابقة “تيريزا ماي” الذين شعروا بأن بريطانيا تصدّر مشكلاتها إلى الخارج.وقال “فيليب لي” وزير العدل السابق والعضو في حزب ماي، إن القرار أثار قلقه الشديد وفقا لـ”رويترز فى 9 مارس 2019 . إذ أشارت استطلاعات الرأي، إلى أن أكثر من (70 %) من البريطانيين يرون أنه لا ينبغي السماح لها بالعودة. وفق لـ”BBC” فى 26 فبراير 2019 .
ألمانيا
كشفت دراسة تحت عنوان ما يقلق العالم” أجراها معهد أبحاث السوق (أي. بي. اس. أو.أس) النقاب عن مصدر قلق للألمان يتمثل في تنامي ظاهرة التطرف في المجتمع جراء عودة المقاتلين الأجانب . فقد قال (21%) أن الخوف ينتابه من تنامي التطرف في بلده وأن ذلك يشكل موضوعا مثيرا للقلق في ألمانيا. فقط بريطانيا تتقدم على ألمانيا (22%) فيما يخص زيادة نسبة القلق من التطرف. ورغم ذلك تبقى ألمانيا وبريطانيا في مقدمة الدول التي يزداد فيها القلق حيال هذه الظاهرة وفقا لـ”DW” فى 2 أغسطس 2019.
تظاهر نحو (30) شخصا من أقارب المقاتلين الأجانب الألمان في تنظيم “داعش” أمام وزارة الخارجية في برلين للمطالبة بإعادة نساء وأطفال محتجزين في سوريا. وأفادت وكالة فرانس برس بأن المتظاهرين طالبوا الحكومة بالتواصل مع القوات الكردية التي تحتجز أرامل وأبناء مقاتلين لقوا مصرعهم في سوريا وفقا لـ”روسيا اليوم ” فى 29 أبريل 2019.
طالبت ” كلاوديا دانتشكي” مركز مكافحة التطرف “حياة” في برلين فى 19 فبراير 2019 باستعادة الجهاديين الأوروبيين من سوريا “من الأفضل إيداع مقاتلي داعش السابقين السجن هنا في ألمانيا على أن يبقوا طلقاء في سوريا وتركيا أو أن يكونوا هدايا بيد الأسد”. وبررت الخبيرة، التي ترأس بأن ذلك يوفر “فرصة لإعادة إدماجهم في المجتمع”.
بلجيكا
سادت حالة من الجدل الحاد والخلافات في المواقف فى بلجيكا ، عقب إعلان الحكومة في بروكسل عن موافقتها على إعادة الدواعش خاصة عائلاتهم من النساء والأطفال ، وشن أنصار اليمين، واليمين المتشدد، هجوماً على الحكومة البلجيكية وفقا لـ”صحيفة الشرق الأوسط” فى 16 يونيو 2019. وعلل أنصار اليمين أن هذا الأمر قانونياً غير ممكن، و أن بعض الأطفال المقرر إعادتهم ليسوا من اليتامى، وهناك شكوك في وفاة والديهم، كما أن عدداً من أطفال «الدواعش» لا يحملون الجنسية البلجيكية، ما يفتح الباب لعودة الأمهات في مرحلة مقبلة، وبعدها يعود الآباء الذين قاتلوا في صفوف «داعش».
مخاوف المواطن الاوروبي من عودة المقاتلين الأجانب
تشكيل جيل جديد من المتطرفين : حذر أرمين شوستر،من حالة “هيستيريا” على خلفية ترحيل المقاتلين الأجانب المحتجزين فى تركيا إلى ألمانيا، موضحا بأن المشكلة الأكبر لا تتمثل في العائدين من أماكن القتال، ولكن في “المتطرفين الذاتيين”. كون الوضع خطيرا، عندما لا يتم مراقبة مثل هؤلاء الأشخاص”وفقا لـ”DW” فى 14 نوفمير 2019 . وتحذر منظمات غير حكومية بلجيكية وفقا لـ”صحيفة الشرق الأوسط” فى 1 أبريل 2019 من مغبة إهمال مصير هؤلاء الأطفال، الذين سيشكلون جيلاً جديداً من “الكتائب الإرهابية” ، في حال تم تركهم في مناطق خطرة.
تنفيذ أعمال انتقامية : وجّه وزير الداخلية “كريستوف كاستانير” كتاباً إلى المسؤولين الأمنيين في باريس وجميع المناطق الفرنسية وقادة الأجهزة وأهمها الإدارة العامة للأمن الداخلي يدعوهم فيه إلى ضرورة اليقظة المكثفةمن أجل مواجهة أي احتمال لأعمال انتقامية لمقتل زعيم داعش.. ويرى الوزير الفرنسي في كتابه أن الدعاية الجهادية التي يقوم بها “داعش” ، «يمكن أن تتضمن دعوات للقيام بأعمال انتقامية» الأمر الذي يُفترض به «أن يقود إلى الحذر الشديد خصوصاً بمناسبة النشاطات العامة» التي يمكن أن تجري على الأراضي الفرنسية فى 29 أكتوبر2019.
قصور الأجهزة الأمنية فى التعامل مع التهديدات الإرهابية : جاء في تقرير أمني حول أداء الشرطة الفيدرالية في بلجيكا، أعده مجلس الشرطة الفيدرالي أنه إذا ظهر تهديد إرهابي جديد أو أزمة أمنية كبيرة أخرى، فإن الشرطة الفيدرالية غير قادرة على التعامل معها وفقا لـ”صحيفة الشرق الأوسط” فى 14 أكتوبر 2019 .
التخطيط لهجمات إرهابية : كشفت أجهزة الاستخبارات البريطانية MI5 عن معلومات حول مخططات لتنظيم “داعش”، بتنفيذ هجمات في بريطانيا وأوروبا عبر ما تسمى “خلايا التمساح”.وأفادت صحيفة “تايمز” بأن الاستخبارات تحقق في خطط تنظيم “داعش” المزعومة، لشن موجة جديدة من الهجمات الإرهابية في أوروباوفقا لـ”روسيا اليوم” فى 28 أبريل 2019 . صرح جهاز مكافحة الإرهاب فى أسباينا حثُّ تنظيم داعش أتباعه التنظيم على تنفيذ هجمات إرهابية في إسبانيا. وأظهر مقطع مصور العباراتِ التي استخدمها “داعش” في حثِّ أتباعه على القيام بعمليات إرهابية في إسبانيا، والتي كان من بينها: الخلايا جاهزة والأهداف محددة وفقا لـ”مرصد الأزهر” فى 17 أبريل 2019.
منع “المساعدة القنصلية”عن رعايا دول أوروبا المتطرفين
أعلنت كوبنهاغن وفقا لـ”سكاى نيوز عربية” فى 17 نوفمبر 2019 عزمها على منع المساعدة القنصلية عن المتطرفين الدنماركيين الذين غادروا للقتال في الخارج وخصوصاً من انضموا لصفوف تنظيم داعش في العراق وسوريا.وكتب وزير الخارجية الدنماركي “جيبي كوفود” أن “للمقاتلين الأجانب الذين غادروا إلى سوريا والعراق للقتال مع تنظيم داعش، نحن غير مدينون لهم بشيء على الإطلاق”.وأضاف “لذلك، سنتخذ الآن إجراءات تمنع المقاتلين الأجانب من الوصول إلى المساعدة القنصلية التي تقدمها وزارة الخارجية والممثليات الدنماركية في الخارج”.
وتتمثل المساعدة القنصلية، ، بزيارات في السجن، ومقابلات مع السلطات بشأن شروط الاحتجاز. وإذا وافق البرلمان على هذا المنع، فسيطبق مستقبلا “على جميع المقاتلين الأجانب الذي سافروا وانضموا إلى تنظيم داعش أو تنظيمات إرهابية أخرى”. وترفض ألمانيا وفقا لـ”سبوتنيك” فى 16 أكتوبر 2019 رسمياً استعادة مقاتلي التنظيم وعائلاتهم لصعوبة “محاكمتهم فور عودتهم إلى ألمانيا”، مدعية أنه من الضروري “حصول تواصل مع القنصلية أو السفارة الألمانية في سوريا، وأن هذا الأمر غير ممكن كون السفارة أغلقت منذ سنوات بسبب الحرب”.
و أكد مسؤولون بالاتحاد الأوروبي وفقا لـ”مونت كارلو” فى 5 سبتمبر 2019 إن الاتحاد فتح سجلا مشتركا لمكافحة الإرهاب على أمل تسهيل مقاضاة وإدانة المتشددين المشتبه بهم والأفراد العائدين من القتال مع تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتستهدف الخطوة تبديد المخاوف المرتبطة بمصير مئات المواطنين الأوروبيين الذين قاتلوا في صفوف التنظيم وهم محتجزون حاليا في العراق وسوريا. وقد يعود كثير منهم إلى أوروبا ولا تتم محاكمتهم بسبب نقص الأدلة مما أثار قلقا في عدد من دول الاتحاد . وستجمع قاعدة البيانات الجديدة معلومات من كل دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين بشأن التحقيقات الجارية والمحاكمات والإدانات المتعلقة بالمتشددين، وستسهل التعاون بين أجهزة الادعاء.
الخلاصة
إن موقف الحكومات الأوروبية لم يتغير بشأن استعادة “الدواعش” ، والتى تتمثل فى محاكمتهم بالقرب من الأماكن التي شاركوا في القتال فيها وسحب الجنسية فيمن تورط فى عمليات إرهابية . وكشفت استطلاعات الرأي في معظم الدول الأوربية عن معارضة المواطنين الاوربيين بشدة استعادة مقاتلي داعش وأسرهم . وأن الرأي العام الأوروبى يتفق مع الحكومات على ضرورة إبقاء المقاتلين الأجانب بعيدًا عن الحدود الأوروبية وسحب جنسياتهم وعدم تقديم الخدمات القنصلية لهم.
ويعود رفض المواطن الأوروبى لعودة المقاتلين الأجانب إلى ثمة مخاوف ، عدم إدانة مقاتلى داعش العائدين بسبب نقص الأدلة والبراهين ومن ثم يتم إطلاق سراحهم . ما يؤدى إلى تزايد احتمال معاودة التنظيم لملمة شتاته فى أوروبا و انتشار التطرف داخل أوساط المسلمين فى دول أوروبا ، وتنفيذ مخططات إرهابية جديدة بالتعاون مع الخلايا النائمة .
وتعد خطوة الاتحاد الأوروبى فتح سجل مشترك لتسهيل مقاضاة وإدانة المتشددين خطوة غير فعالة على أرض الواقع ، لأن تشريعات عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة قد تسمح للكثيرمن المقاتلين الأجانب المتورطين بشكل مباشر بأنشطة إرهابية بالهروب من الملاحقة الجنائية لعدم كفاية الأدلة .
التوصيات
الحل الأمثل هو إعادة المتشددين إلى أوروبا لمحاكمتهم وتعديل التشريعات الخاصة بالتعامل مع المقاتلين الأجانب ،و تكثيف التعاون الاستخبارى بين دول أووربا وسوريا والعراق لجمع الأدلة والبراهين التى تثبت تورط العائدين و تقديم المساعدة المطلوبة في هذا الملف. نزع الأ فكار المتطرفة من العائدين الذين لم يتورطوا فى أعمال قتالية . تشديد مراقبة الحدود منعا لتسلل المقاتلين الأجانب الفارين جراء الغزو التركى لسجون ومخيمات الأكراد .
رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=56019
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات