مساعي المفوضية الأوروبية لمواجهة عودة المقاتلين الأجانب
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا –وحدة التقارير والدراسات “4”
وضعت المفوضية الأوروبية، عدد من الإجراءات التى تستهدف مكافحة الإرهاب ورصد تحركات المقاتلين الأجانب عبر الحدود ومن ابرزها اطلاق وثيقة لإقامة اتحاد للأمن في أوروبا فقد رأي رئيس المفوضية جان كلود يونكر أن الاتحاد الأوروبي يحتاج لاتحاد في مجال الأمن بالإضافة إلى الاتحاد الاقتصادي والنقدي، واتحاد الطاقة، واتحاد سوق رؤوس المال.
خريطة طريق أمنية لأوروبا
تحدد الوثيقة التى طرحتها المفوضية الأوروبية أولويات مكافحة الإرهاب والأمن الأوروبي التي توجب تبني التدابير التي أوصت بها المفوضية الأوروبية. ووفقا للوثيقة يجب على دول الاتحاد الأوروبي أن تنشط تبادل المعلومات حول تنقلات الإرهابيين الأجانب بما في ذلك عبر حدود دول الاتحاد وسيتم تبادل المعلومات في إطار نظام شنغن المعلوماتي ومركز مكافحة الإرهاب الأوروبي التابع لليوروبول.
وبعد انطلاق أعمال قمة قادة الاتحاد الأوروبى عام 2017 صدر بيان يقر بأن الإرهاب يشكّل واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وإن للاتحاد الأوروبي مصلحة حيوية في مواصلة العمل مع الشركاء على المستويات المختلفة وإقليمياً ومتعدد الأطراف لمواجهة هذا التهديد المتنوع. ولهذا اعتمد التحركات التالية:
ـ تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على تقوية التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بما في ذلك في وفود الاتحاد الأوروبي من خبراء لشؤون مكافحة الإرهاب أو خبراء في مجال الأمن.
ـ الربط الداخلي والخارجي لضمان زيادة التنسيق بين الإجراءات الداخلية والخارجية في مجال الأمن.
ـ تعزيز التعاون مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وغرب البلقان والساحل والقرن الأفريقي، وذلك من خلال تعزيز الحوار السياسي والمزيد من مشاريع مكافحة الإرهاب، ومن خلال الدعم المالي المخصص لهذا الغرض وأيضا لمكافحة التطرف العنيف ومنعه.
ـ تعزيز التعاون الدولي لا سيما مع الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين، مثل الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وشركاء «شنغن»، فضلا عن الهيئات الإقليمية والمتعددة الأطراف، خصوصاً الأمم المتحدة وحلف «الناتو» والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) والتحالف الدولي ضد داعش.
ـ تعزيز استجابة الاتحاد في الموضوعات الرئيسية، مثل منع التطرف ومكافحته، والحاجة إلى التصدي بفعالية للتجنيد والتشدد على الإنترنت، وأيضاً التصدي للتهديد الذي يمثّله عودة ما يُطلق عليهم لقب «المقاتلين الأجانب»، وأيضاً ملف أمن الطيران والاتجار بالأسلحة النارية وقضية تمويل الإرهابيين والروابط بين الجريمة والإرهاب.
عودة المقاتلين الأجانب
ما زالت قضية عودة المقاتلين الأجانب تمثل الشغل الشاغل لأجهزة الاستخبارات الأوروبية، وهي تسعى بمفردها أو من خلال المفوضية الأوروبية، لإيجاد سياسات وتعاون استخباراتي، لرصد وتتبع عودة المقاتلين الأجانب، والذي ما زال تحديا أمام أجهزة الاستخبارات، كون هذه الجماعات المتطرفة، لديها الخبرة باستخدام الوثائق المزورة، والإفلات من الإجراءات الأمنية التقليدية عبر الحدود والمطارات.
ومن جانبها لم تتردد الدول الاوروبية أبدا في الإعلان عن عدم رغبتها بإبقاء المقاتلين الأجانب من يحملون جنسيات أوروبية في سوريا والعراق وترفض استقبالهم، وترفض أيضا التحقق من وثائقهم وهوياتهم أو التحقيق معهم.
كشفت دراسة أعدها مركز الدراسات الألماني “فيريل”، خلال شهر فبراير 2017 أن عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيات أوروبية وأميركية بلغ 21500، وأن عدد العائدين منهم إلى دولهم بلغ 8500 شخص.وقدرت دراسة أخرى عدد العائدين الدواعش على النحو التالي: أقل من 100 إلى كل من البوسنة والدنمارك والنمسا، وحوالي 100 إلى السويد ونحو 200 إلى ألمانيا و250 إلى فرنسا و350 إلى بريطانيا.
وبينما تشير التقديرات إلى أن عدد “الأوروبيين الدواعش” أكثر من 5 آلاف شخص، بعضهم قتل في المعارك بسوريا والعراق، وبعضهم ما زال يقاتل، بينما عاد قرابة 1750 منهم إلى بلادهم، وفقا لتقرير لمنسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دي كيرشوف.وينص التقرير، الذي لم يتضمن أرقاما محددة بشأن العائدين، بوضوح على أن الدواعش العائدين ينتمون إلى فئتين محددتين، الفئة غير المؤذية، والفئة عالية التدريب التي تشكل تهديدا محتملا للأوروبيين.
إجراءات أوروبية لمواجهة عودة المقاتلين الأجانب
اتخذت دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ببعض الإجراءات الاحترازية لمكافحة عودة المقاتلين الأجانب إلى الغرب منها : مراقبة حدود دول الاتحاد الأوربي الخارجية وكذلك مابين دول الاتحاد خاصة فضاء “الشنغن”، وفرض إجراءات أمنية مشددة على المطارات والمعابر الحدودية وتبادل البيانات والمعلومات حول المسافرين عبر نظام الكتروني يسمح بالدول الأعضاء الدخول إليه.
وتفاوتت الاجراءت التي تتخذها الحكومات الاوروبية ضد عناصر داعش العائدين من القتال، فلا توجد معايير موحدة، على سبيل المثال:
فرنسا : تعتبر جميع من سافر إلى سوريا والعراق متورط بعمليات قتالية وجرائم داخل صفوق تنظيم داعش وفصائل وتنظيمات متطرفة أخرى وممكن أن تصدر بحقهم عقوبة سجن تتجاوز العشر سنوات.
ألمانيا : تختلف بإجراءاتها عن فرنسا، وهي لا تخضع العائدين للقتال، إلا بعد ثبوت الأدلة القضائية، التي تثبت تورطه بالقتال مع تنظيم داعش، لذا هي مضظرة الى اخضاعهم للمراقبة الشديدة ومن تثبت تورطه بالقتال مع تنظيم داعش، ربما من خلال الشواهد او صور او ادلة جنائية، يعاقب بعقوبة تمتد مابين ثلاث الى خمس سنوات فقط، مع تقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية.
السويد : تختلف ربما عن بقية الدول، بعدم اخضاع العائدين من القتال، وتقديم الدعم والرعاية الاجتماعية والنفسية. هذا يعكس اختلاف فلسفة اجهزة الاستخباراتت ورؤيتها الواحدة عن الاخرى بتعاملها مع المقاتلين الاجانب، ومكافحة الإرهاب. دول أوروبا ربما تتفق مابينها بوجود سياسات متقاربة لمحاربة داعش، مع غياب استراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب والتطرف.
هولندا: أصدرت قانونًا يجرم التوجه للقتال في سوريا، وبموجبه منعت عددًا من المقاتلين من العودة إلى هولندا، وأسست وحدة أمنية لتعقب العائدين ومحاكمتهم.
التوصيات
يفترض أن يكون هناك إجراءات قنصلية واستخباراتية مع الموقوفين من عناصر وعائلات الدواعش من أجل التحقق من هويات الموقوفين جنائيا ومعلوماتيا منها استخدام فحص الــ”DND” أو فحوصات البايومتركس، المسح أو بصمة العين وغيرها من الفحوصات الجنائية والتحقيقات من أجل استقبال هذه العناصر وإخضاعهم للمحاكمات. إن إبقاء هذه العناصر في سوريا وفي مناطق أخرى من العراق يمثل إشكالا، خاصة في شمال سوريا، كون “الإدارة الذاتية” لا تتمتع بالشرعية. إن ترك هذه العناصر في مناطق النزاع يعني تدوير هذه العناصر من جديد داخل مجموعات مسلحة متطرفة تعيد العنف من جديد.
رابط مختصر ... https://www.europarabct.com/?p=45546
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات