خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
اللجوء والهجرة ـ الاتحاد الأوروبي يخطط لتوسيع برنامج “إيراسموس”
أعلن الاتحاد الأوروبي في 16 أكتوبر 2025 أنه يريد من الطلاب من جيرانه الجنوبيين الانضمام إلى برنامج التبادل إيراسموس، وذلك كجزء من خطة أوسع لتعزيز حضور أوروبا في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ويعد إدراج الطلاب من خارج الاتحاد الأوروبي من دول أفريقيا والشرق الأوسط جزءًا من “ميثاق البحر الأبيض المتوسط”، والذي يتضمن اقتراحًا بمضاعفة ميزانية الاتحاد الأوروبي لهذه المنطقة إلى 42 مليار يورو.
شركاء وميزانية “ميثاق البحر الأبيض المتوسط”
يضم شركاء الكتلة في منطقة البحر الأبيض المتوسط: الجزائر، ومصر، وإسرائيل، والأردن، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وفلسطين، وسوريا، وتونس. حددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأقسام الثلاثة للاتفاق: الأفراد، والاقتصاد، والرابط بين الأمن والاستعداد والهجرة. أكدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الاتفاق يشمل أكثر من 100 مشروع.
التعليم والهجرة في الميثاق
كما صرحت دوبرافكا سويكا، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط: “أن الاتفاقية تهدف إلى ربط الشباب وتوسيع نطاق برنامجي إيراسموس بلس وأفق أوروبا”، واصفةً إياها بـ “جامعة البحر الأبيض المتوسط”. كما ستساعد الاتفاقية جامعات المنطقة على تطوير شهادات وبرامج مشتركة مع نظيراتها في الاتحاد الأوروبي. أضافت سويكا: “سنعمل أيضًا على توسيع نطاق شراكات المواهب مع المغرب وتونس، وتسهيل إصدار التأشيرات بشكل خاص للطلاب من هذه البلدان”. فيما يتعلق بالهجرة، وصفتها سويكا بأنها “التحدي المشترك الأكبر” و”الفرصة المشتركة” للطرفين. وأضافت: “أن الاتفاقية ستدعم الجهود المبذولة لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة المهربين في الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي جنوبًا، مع توفير مسارات قانونية لتلبية احتياجات أوروبا من العمالة”.
تابعت سويكا: “إن تعاوننا الأعمق هو خيار استراتيجي، ويتجلى ذلك في إنشاء المديرية العامة الجديدة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، وكذلك في اقتراح المفوضية بمضاعفة ميزانية هذه المنطقة إلى 42 مليار يورو في فترة البرمجة المقبلة”. ووصفت فون دير لاين البحر الأبيض المتوسط بأنه “جسر بين القارات للناس والسلع والأفكار”. وأضافت: “الحقيقة هي أن أوروبا والبحر الأبيض المتوسط لا يمكن أن يعيشا بدون بعضهما البعض”.
تأجيل اتفاق الهجرة الأوروبي الجديد
أكد مفوض الهجرة ماجنوس برونر حدوث تأخير، ولم يقدم أي إشارة إلى موعد التوصل إلى اتفاق. من المتوقع أن تفشل المفوضية الأوروبية في الوفاء بالموعد النهائي القانوني الذي حددته لنفسها للإعلان عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ينبغي أن تتلقى المساعدة في قضايا الهجرة، وهي ليست قلقة بشكل خاص. ينص قانون الاتحاد الأوروبي الجديد الذي ينظم اللجوء والهجرة على أن المفوضية يجب أن تقرر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تتعرض لضغوط بسبب الهجرة، وتقترح كيفية توزيع ما يسمى بتدابير التضامن. أكد دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي أن المفوضية، على ما يبدو، ستفشل في الالتزام بموعدها النهائي، رغم أنه ليس من الواضح إلى متى سيستمر التأخير. وعندما سُئل عن مدة تأجيل المقترحات في 14 أكتوبر 2025، لم ينكر مفوض الهجرة ماغنوس برونر التأجيل، ولم يبدُ عليه الانزعاج. وأكد: “أنا متأكد من أننا سنتمكن من التوصل إلى اتفاق، ولا أعتقد أن الأمر يهم سواء كان ذلك قبل أو بعد يومين؛ المهم أن ينجح”. أقر برونر: “أن الموعد النهائي محدد في القانون”. مضيفًا: “إن هذه المرة الأولى التي نقوم فيها بهذا، الأمر ليس بهذه السهولة، لأنها المرة الأولى”.
سياق التأجيل والخلافات القائمة
اجتمع الوزراء في لوكسمبورغ في 14 أكتوبر 2025 لمناقشة سلسلة من خطط الاتحاد الأوروبي لتهدئة السخط العام المتزايد بشأن الهجرة. وتأتي هذه المناقشات قبل اجتماع قادة الاتحاد السبعة والعشرين في المجلس الأوروبي ببروكسل خلال أكتوبر 2025. ويأتي قرار التأجيل في ظل الفوضى السياسية في فرنسا، ومع اقتراب الانتخابات في هولندا، وهما بلدان تتصدر فيهما قضية الهجرة الأجندة السياسية.
بموجب نظام التضامن، المتفق عليه كجزء من ميثاق الهجرة الرائد للاتحاد الأوروبي، يمكن لحكومات الاتحاد الأوروبي اختيار قبول المهاجرين من بين أولئك الذين يعانون من صعوبات الهجرة، أو دعمهم بالمال والموظفين. لكن بعض دول الاتحاد الأوروبي غير راضية عن إيطاليا واليونان، اللتين يُرجَّح أن تُصنَّفا ضمن الدول المستفيدة من هذا الدعم، لعدم وفائهما بالتزاماتهما ورفضهما التعامل مع قضايا الهجرة وفقًا لما يُسمى بقواعد دبلن. تُحدد هذه القواعد الدولة التي ينبغي أن تتولى معالجة طلبات اللجوء، وهي عادة بلد دخول مقدم الطلب إلى الاتحاد الأوروبي.
أكدت وزيرة الهجرة البلجيكية آنيلين فان بوسويت في 14 أكتوبر 2025: “نجاح ميثاق اللجوء والهجرة، حيث تشكل دورة التضامن أحد ركائزه الأساسية، يسيران جنبًا إلى جنب”. وبحسب وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، تلقت إيطاليا (42,807) طلبات من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي لإعادة قبول طالبي اللجوء أو تولي مسؤولية طلباتهم في عام 2024، لكنها قبلت (60) طلبًا فقط. وتلقت اليونان (17,163) طلبًا لكنها قبلت (26) طلبًا فقط.
النتائج
يعكس تأجيل المفوضية الأوروبية لاتخاذ القرار بشأن مساعدات الهجرة استمرار حالة الارتباك في تنفيذ ميثاق الهجرة واللجوء الجديد للاتحاد الأوروبي، والذي يمثل أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا داخل التكتل. فبينما يهدف الميثاق إلى تحقيق توازن بين المسؤولية والتضامن، ما تزال الخلافات بين الدول الأعضاء قائمة حول كيفية توزيع الأعباء، خاصة بين دول الخط الأمامي مثل إيطاليا واليونان من جهة، ودول الشمال والشرق الأوروبي من جهة أخرى.
التأجيل الحالي لا يعكس مجرد تعقيدات إجرائية، بل يُظهر عمق الانقسام السياسي داخل الاتحاد حول مفهوم “التضامن الإجباري” الذي تراه بعض الحكومات تقويضًا لسيادتها الوطنية. وتُعد هذه الخلافات مؤشرًا على هشاشة الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس في 2023، خاصة مع تزايد الضغوط الداخلية في عدد من الدول الأعضاء التي تواجه صعودًا لليمين الشعبوي المعارض للهجرة، كما هو الحال في فرنسا وهولندا وألمانيا.
سياسيًا، يشير تأجيل القرار إلى أن المفوضية الأوروبية تحاول كسب الوقت لتفادي الخلافات قبل اجتماعات المجلس الأوروبي المقبلة، خصوصًا في ظل التجاذبات الانتخابية في دول محورية. وقد يكون هذا التأجيل محاولة لإعادة صياغة الترتيبات الفنية لتوزيع المساعدات بحيث تبدو أكثر قبولًا سياسيًا وأقل استفزازًا للرأي العام الأوروبي، الذي بات يرى في الهجرة تحديًا أمنيًا واجتماعيًا متصاعدًا.
أما على المدى المتوسط، فإن استمرار التأخير في تنفيذ “دورة التضامن” قد يؤدي إلى فقدان الثقة في فعالية الميثاق الجديد، وربما يعرقل تطبيقه الكامل قبل نهاية الدورة التشريعية للبرلمان الأوروبي. وهذا يعني أن أزمة إدارة الهجرة قد تظل ملفًا مفتوحًا في الأجندة الأوروبية خلال عامي 2025 و2026، مع احتمال تصاعد التوترات بين المفوضية والدول الأعضاء.
وفي المقابل، قد يدفع هذا الوضع المفوضية إلى تبني نهج أكثر مرونة يعتمد على الحلول الثنائية أو الإقليمية المؤقتة، لتخفيف الضغط عن دول الخط الأمامي دون الدخول في صدام مباشر مع المعارضين. غير أن غياب الحسم في هذا الملف يهدد بإعادة الاتحاد الأوروبي إلى نقطة البداية في واحدة من أكثر قضايا القرن الحادي والعشرين حساسية وتعقيدًا.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=110691
