قمة بروكسل.. إنقسامات بين دول أوروبا حول ملف الهجرة الشرعية وتوزيع اللاجئين
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا-وحدة الدراسات والتقارير “2”
توصّلت القمة الأوروبية إلى اتفاق وسط حول مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى التخفيف من حدة التوتر المتصاعد حول ملف الهجرة،واتفق زعماء دول الاتحاد الأوروبي على نتائج القمة ومنها قضية الهجرة، كانت إيطاليا أعاقت فالتوصل إلى أي اتفاق خلال القمة ما لم ينفذ الشركاء الأوروبيون مطالبها بشأن الهجرة.
توزيع اللاجئين داخل دول الاتحاد
تشير إحصاءات الأمم المتحدة فى يونيو 2018 ، إلى أن (41) ألف لاجئ ومهاجر فقط دخلوا الاتحاد الأوروبي عبر البحر فى عام 2018 ،وجاء برنامج توزيع اللاجئين التابع للاتحاد الأوروبي عام 2015 كرد فعل على تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وسعى إلى توزيع اللاجئين بشكل تضامني بين دول الاتحاد. كان هدف البرنامج في سبتمبر 2015 هو توزيع (160) ألف لاجئ في إيطاليا واليونان بنسب معينة على بقية بلدان الاتحاد الأوروبي، لم يتحقق البرنامج إلا بنسبة (18%).
وتتعدد أسباب فشل البرنامج في أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تتقيد باللوائح والأنظمة بهذا الخصوص، كما أنها لم ترضَ بنصيبها من اللاجئين، فقد تحدَّت هنغاريا وسلوفاكيا وبولندا قرارات الاتحاد الأوروبي في محكمة العدل الأوروبية، فيما توقفت جمهورية تشيكيا عن استضافة اللاجئين بعد استضافتها فقط لـ (12) لاجئاً، من أصل (2600)هم حصتها من اللاجئين. أما النمسا فقد تعهدت باستضافة (50) لاجئاً فقط من إيطاليا من أصل (2000) لاجئ.
ويعد السبب الرئيسي وراء عدم فعالية برنامج التوزيع هو تركيز الاتحاد الأوروبي على اتفاقية اللاجئين مع تركيا ، التي حدت من تدفق اللاجئين بشكل كبير إلى اليونان، ناهيك عن استفادة الكثير من طالبي اللجوء من برامج العودة الطوعية إلى بلدانهم.
تطبيق اتفاقية دبلن
أعلنت دول الاتحاد الأوروبي فى 15 مارس 2017 ، إعادة تفعيل اتفاقية دبلن بشكل كامل دون أي استثناء ، بينما كانت الاتفاقية سابقاً تُسقط بصمة اليونان واحياناً في عدة دول منها ألمانيا و السويد وأنشئ نظام دبلن الخاص باللاجئين بموجب معاهدة دبلن التي أقرت فى 15يونيو1990وتتناول معاهدة دبلن في مضامينها الكثير من المعايير القانونية والإجراءات العملية المنظمة لتعاطي الدول الأعضاء فيها مع قضايا اللجوء.
دعت المانيا لإلغاء الإتفاقية على لسان المستشارة الألمانية “ميركل” بسبب عدم تحمل دول كثيرة في أوروبا المسؤلية تجاه اللاجئين ، ورفضت استقبال اللاجئين على أرضها أو استقبلت أعداد قليلة وعاملتهم معاملة لا تليق بحقوق الإنسان وتركت أعباء اللاجئين على دول أوروبية أخرى مثل المانيا والسويد،جائت الدعوة الى تدعوا إلى الغاء اتفاقية دبلن من قبل المستشارة الألمانية والعمل على قانون أو اتفاقية جديدة أفضل من الموجودة التى أثبتت عدم جدوتها،
اتفاقية الشنغن وقوانين الاتحاد
أكدت المفوضية الأوروبية فى مايو 2017 إنه على ألمانيا والنمسا والدنمارك إضافة للنرويج، رفع القيود التي تفرضها على الحدود ،وقال “ديميتريس أفراموبولوس” مفوض الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي “حان الوقت لاتخاذ الخطوات الملموسة الأخيرة للعودة تدريجيا إلى العمل الطبيعي بمنطقة شنغن”،وأضاف أن “شنغن واحدة من أكبر إنجازات المشروع الأوروبي. ينبغي أن نفعل كل شيء من أجل … حمايته”.
قمة بروكسل
احتضنت بروكسل فى 28 يونيو 2018 قمة الاتحاد الأوروبي، حيث نوقشت قضايا الهجرة وإعادة توزيع اللاجئين،وكان من المتوقع أن يحاول قادة دول الاتحاد الأوروبي، الاتفاق على نهج متكامل لمشاكل الهجرة، وتقوية دعم السلطات الليبية في مسألة خفر السواحل، ودعم الدول الأعضاء والشركاء، بالإضافة إلى دول المنشأ والعبور، بما في ذلك طرق غربي وشرقي البحر الأبيض المتوسط.
وهددت إيطاليا بمنع تبني نص مشترك خلال القمة الأوروبية، إذا لم تحصل على تضامن الدول في مواجهة تحدي الهجرة الذي يحكم “مصير” أوروبا،وأكدر رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” إن بلاده “لم تعد بحاجة إلى إشارات كلامية بل تنتظر أفعالا تضامنية وملموسة”، وسمعت الكثير من مظاهر التضامن، ولكن إذا كان النص الختامي الذي يفترض أن يتفاهم حوله القادة لا يرضي روما فلن تكون هناك نتائج مشتركة في نهاية القمة”، مشيرا إلى أن ذلك احتمال لا يريد أن يتخيله.
توصل قادة دول الإتحاد الأوروبي بعد محادثات إلى اتفاق حول ملف الهجرة الشائك، ويتضمن الإتفاق بنودا ومقترحات تتعلق بإقامة مراكز داخل أوروبا وفي دول بشمال أفريقيا لاستقبال وترحيل اللاجئين،خاصة وأن معظم دول شمال أفريقيا عبرت في وقت سابق عن رفضها للفكرة. لكن، هل رفض الدول المعنية إقامة مراكز للمهاجرين واللاجئين على ترابها رفضاً نهائياً أم أنها ستعدل عن رفضها في حال تلقيها لدعم أوروبي كبير؟.
ويُوزّع طالبو اللجوء على الدول الأوروبية التي تتطوّع لاستقبالهم،ولكل بلد أوروبي أن يقرر طوعاً استضافة أحد هذه المراكز، مما يلغي نظام الحصص الإلزامية لتوزيع المهاجرين التي نصّ عليها اتفاق دبلن، ويرضي الدول التي ترفض استقبال أي لاجئ أو مهاجر غير شرعي.
وجاء في نص الاتفاق أن المهاجرين الذين يُنقَذون في عرض البحر بموجب أحكام القانون الدولي، ينبغي أن تُقدَّم لهم العناية اللازمة عبر مجهود مشترك، لتوزيعهم على مراكز تُقام في البلدان الأعضاء، بشكل طوعي، حيث يخضعون لإجراءات سريعة وآمنة، بدعم من الاتحاد الأوروبي، للتمييز بين اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين.
واتفق زعماء أوروبا في إطار القمة على تعزيز السيطرة على الحدود الخارجية لمنطقة اليورو مع توفير التمويلات لتركيا ودول شمال أفريقيا لجهودها في إغاثة اللاجئين،ودراسة إمكانية إقامة “منصات إنزال” تستهدف التصدي لعصابات تهريب البشر، وذلك من خلال إدارة عملية إخراج اللاجئين والمهاجرين من منطقة اليورو ، كذلك إتخاذ إجراءات داخلية في دول الاتحاد الأوروبي تحول دون تنقل المهاجرين بين دول المنطقة، وهو ما وصفه الاتفاق بأنه يقوض سياسة اللجوء والتنقل بحرية بموجب تأشيرة الشنغن.
وصرح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك فى يونيو 2018 أن الجدل حول حركات الهجرة يزداد حدة” مبديا مخاوفه في حال عدم التوصل إلى حل، من أن يؤدي الوضع إلى “تعزيز حجج” حركات شعبوية تبدي “ميلا واضحا إلى التسلط”،وحذر توسك في رسالة الدعوة الموجهة إلى قادة الدول الـ28 بأن “الرهانات عالية جدا، والوقت يدهم”، مشيرا إلى أن حركة وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية تراجعت بشكل حاد بالمقارنة مع التدفق الذي سجل في خريف 2015.
يسعى قادة الاتحاد الأوروبى للبحث في مقترحات جديدة تهدف إلى إيجاد آليات جديدة للتعامل مع مشكلة الهجرة ، في وقت تنذر مشكلة الهجرة واللجوء بتفاقم الخلافات بين دول الاتحاد وبالتالي تهدد وحدته ، وأصبح ملف رالهجرة هو الموضوع الرئيسي للأحزاب اليمينية والمناهضة للهجرة والتي تحصل على السلطة في العديد من الدول الأوروبية، وهو في حد ذاته السبب وراء عزوف العديد من حكومات دول الإتحاد الأوروبي عن الحديث بشأن سياسة مشتركة لمواجهة الهجرة .
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر :https://wp.me/p8HDP0-c1Y